إبتكار مدرسة فنون الرّسمبالأشكال الهندسيّةبقلم: حسين أحمد سليممنذ كنت طفلا على مقاعدالدّراسة الأولى, حيث نسّبني أبي يومها لمدرسة إبتدائيّة حديثة التّأسيس, حليتلأصحابها إقامة بنايانها في حيّ للفقراء, شرقي مطار بيروت بصحراء الشّويفات, بالقربمن نهر الغدير... حيث لجأنا هروباً من القهر والحيف والحرمان اللاحق بنا في قريتناالرّيفيّة البقاعيّة, ولجأنا يحدونا الأمل المرتجى بالأحلام العِذاب لحياة أقلّحرماناً وأقلّ فقرا وقهرا, ولجأ الفقر معنا والقهر والحرمان, وسكنّا سويّا نعضدأزر بعضنا البعض في بالضّاحية الجنوبيّة لعاصمة الوطن بيروت مدينة الغدّ... وأطلقعلى المدرسة يومها, إسم الفيلسوف العربي الإمام الغزالي... وفي نهايات المرحلةالإبتدائيّة في تلك المدرسة, أيّ الصّفّ الخامس إبتدائي, وفق منظومة الجهاتالتّربويّة الرّسميّة في تصنيف صفوف ومراحل التّعليم... نشأت بيني وبين كتابالحساب, الذي إخترته بإرتياح وقناعة نفسيّة من بين مجموعة الكتب الدّراسيّة, حالةحبّ وشغف, وصداقة مميّزة وفريدة من نوعها, تميّزت بعلاقة وطيدة, ترسّخت بالوفاءوالإخلاص فيما بيننا لبعضنا البعض, وما زالت سارية المفعول حتّى هذه اللحظة, لمتخمد جذوة نيرانها المتّقدة, وما زال كتاب الحساب للصّفّ الخامس إبتدائي, يُرافقنيفي محفظتي القماشيّة الخاميّة, البديلة عن المحفظة العصريّة الفخمة... فأوراقوصفحات النّصف الثّاني من كتاب الحساب, تحتوي على دروس وشروحات لأسس وقواعد حسابيّةوهندسيّة, وتزيّنها الصّور والأشكال التّوضيحيّة, التي تُعنى بالنّقطة وماهيتهاالإفتراضيّة, والخطّ وأنواعه وتحديداته, والأشكال الهندسيّة المنتظمة وغيرالمنتظمة وكيفيّة تقسيماتها, وأشكال الحجوم والمكعّبات المختلفة, وكيفيّة التّعامل معها وحساباتالمساحات لجميع الأشكال الهندسية المغلقة...وبإنتقالي للمرحلة المدرسيّةالمتوسّطة, وقطع مراحل صفوفها بنجاح وتمييز في الموادّ العلميّة خصوصا, لأرود بعدهارحاب المرحلة المدرسيّة الثّانويّة, والإهتمام أكثر بالنّواحي الهندسيّةوالفنّيّة, وبعدها المرحلة الجامعيّة, فالإختصاص الذي إختارني قدرا, بمجال فنّيّهندسيّ وتشكيلي... وتوطّدت علاقتي بكتابيّ فنون وعلوم الهندسة الوصفيّة وفنونوعلوم الحساب التّحليلي, وغدوت من العشّاق المدمنين على الإبحار في بطون الكتبالهندسيّة والفنّيّة, والمواظبين على القيام بممارسات دائمة ومتواصلة, لحركات فعلالتّشكيل والتّحليل والإبتكار والرّسم, والإنشاء والوصف للأشكال الهندسيّة, ومايُمكن أن يتفرّع عنها من فنون الرّسم الهندسي والزّخرفي والمعماري والإنشائيوغيرها... بدأت مسارات رحلتي الفنّيّة التّشكيليّةوالهندسيّة, إنطلاقاً قدريّا من رحم النّقطة الهندسيّة الإفتراضيّة, بتحديداتهاومواصفاتها وسماتها وتجريديّاتها, مرورا بتكويناتها الشّكليّة الإفتراضيّةالمجرّدة حينا والسّورياليّة أحيانا... فإذا ما تحرّكت بإنتظام وتتابع لرسم وتشكيلالخطّ بأنواعه وأشكاله ومواصفاته, ثمّ دورانها وإلتفافاتها وإنكساراتها, لإنبثاقتكوينات الأشكال الهندسيّة المختلفة, بدءا بالمثلّث وأنواعه, فالمربّع والمضلّعاتالمنتظمة وغير المنتظمة, وصولا لأشكال وأنواع المكعّبات والحجوم الفراغيّةوقواعدها الإنشائيّة, والتّوغّل المنطقي بفلسفات تعابيرها ورموزها وإشاراتها ودلالاتها,وليس إنتهاءً بمنظومة لا نهاية لها من الأشكال والمصطلحات والأيقونات الهندسيّةالمنتظمة وغير المنتظمة, والتي يزخر بها هذا الكون الفسيح الممتد, الذي أبدعالخالق حكمة وعدالة في صنعه, بحيث غدت جميع عناصره التّكوينيّة, تدلّ على عظمة هذاالكون وما فيه لتؤكّد بما لا يقبل الجدل على عظمة الخالق ووحدانيّته...وخلال ريادتي والولوج في مساراتيالممنهجة في أرحبة المعالجات التّحليليّة للأشكال الهندسيّة اللامتناهية, وأناأمارس مهنتي القدريّة يوميّا كرسّام فنّي وتشكيلي, وكرسّام هندسي عام وناشط,بإحترافيّة دقيقة وتقنيّة عالية, وجودة متقدّمة, للمكوّنات والعناصر الهندسيّةالمستحدثة... ومن خلال تعاملي اليومي مع هذه الأشكال الهندسيّة المعروفة والمختلفةوالمتنوّعة, والتي كانت تنشأ معي بها الكثير من اللوحات, وتتوالد مشهديّات كثيرةمتنوّعة, يتمّ فيها التّزاوج والإقتران والتّكامل بالمحاكاة بين العديد من هذهالأشكال الهندسيّة, وتداخلاتها ببعضها البعض إلى جانب الخطوط المتشابكة والمتقاطعةوالمتداخلة, وبلمسات فنّيّة تشكيليّة مميّزة التّوزيع, وذات جماليّات فنّيّة ترفللها العين المكحوة بعلم وفنون الجمال, لتوزيع المساحات بين اللونين الأبيض الضّوئيالنّاصع والأسود الليلي القاتم المتحندس, سيّما إذا ما إمتلأت مساحاتهاالتّسطيحيّة أو الحجوميّة الفراغيّة أو التّكعيبيّة, بالألوان الطّيفيّة المنبثقة من تشتيت اللون الضّوئي, والمتجانسةوالمتناسقة والمنسجة في تجاورها أو المتنافرة في تماسّها, لتعكس عملا فنّيّاهندسيّا في مواصفاته, تشكيليّا في سماته وإخراجه, ينبض بما يُثير أحاسيس المشاهدأو يُحرّض الفضول الإيجابي عند المتلقي, ويدفعه إلى الوقوف طويلا أمامه, لتمتليءعينه بما يُثيرها رافلة بالدّمع للخلق والإبداع والإبتكار...من رحم هذه المحاكاةاليوميّة للأشكال الهندسيّة المختلفة, ومن قلب التّجارب المتلاحقة على مدار ساعاتالنّهار مع الحاسوب الشّخصي والبرامج الفنّيّة والهندسيّة, لمعت في البعد الخياليلوجداني, فكرة إبتكار مدرسة فنون الرّسم بالأشكال الهندسيّة, فعكفت على وضع وتصميموضبط أسسها وقوانينها, وإرساء ثوابتها الفنّيّة والهندسيّة والتّشكيليّة, معالتّركيز على أسلبة منهاجها وقوننته, لتتواكب وبقيّة إبتكاراتي الفنّيّةالتّشكيليّة الأخرى, فكانت الولادة التي يسّر أمرها الخالق حكمة ورحمة من لدنه,وزاد عدد إبتكاراتي إبتكارا جديدا وميمونا ومباركا, مع ولادة الإبتكار الجديد ليتحت مسمّى "مدرسة فنون التّشكيل والرّسم بالأشكال الهندسيّة", ليضاف هذاالإبتكار الفنّي التّشكيلي إلى منظومة مدارس فنون الرّسم والتّشكيل المنتشرة...
يعمل...
😀
😂
🥰
😘
🤢
😎
😞
😡
👍
👎
☕