العادات والتقاليد :-
هناك قيود أخرى في مجتمعنا تسلّط على كاهل الاسرة كمنظومة أجتماعية تساعدها في عملها التربوي أو تعيق عملها أو تحبطه تماما أحيانا. وكذلك فأن تاثيرها على الفرد وعلى تكوينه كفاعل اجتماعي يكون مؤثرا جدا..وهذه القيود تسمى العادات والتقاليد.. وهي قيود تأتي من نظام القيم والتنشئة الاجتماعية ودور الأشكال المختلفة من الرقابة القهرية التي تمارس باسم الدين والسياسة والأعراف الأجتماعية، والتي تحدد هيكل العادات السائد في المجتمع.
بعض من هذه القيود هي ضوابط أجتماعية لا بد منها لتنظيم حركة ونشاط الافراد داخل المجتمع وتحديد علاقاتهم مع الاخرين وبدونها فأن المنظومة الأجتماعية لا تستقيم, ولكن بعض منها هي قيود وأغلال تقيّد حركة الاسرة والفرد وتحد من نشاطهما الأجتماعي وتثبط من عزيمتهما. لذا لا يمكننا أن نهيء مجتمعا مدنيا قادرا على صنع حضارة نفتخر بها مالم نطوّر تلك الضوابط لخلق أنسان بمستوى عال من الاداء الحضاري و نحرره من القيود التي تخنقه وتحد من عطائه. وقد تحدّثنا عن السلوك الحضاري في حلقة ماضية وكيف أننا يجب أن نعوّد الانسان على ممارسة السلوك الحضاري بكل تفاصيله من اداب عامة وتفاني في العمل وأحترام للوقت وتقبّل للأخر وغيرها ونجعل هذه القيم والضوابط جزء مهم من عاداتنا وتقاليدنا لأنه لا حضارة بدون ضوابط حضارية.
أما القيود والتقاليد الخانقة فمنها الأستبداد الاسري والتمييز ضدالمرأة. فالمراة في مجتمعنا هي الشريك الأضعف, وهي الشريك المغبون والذي لابد له أن يبجل ويحترم شريكه القوي سواء رضي أم لا , وسواء أخطأ شريكه أم أصاب. وبما أن المرأة هي نصف المجتمع فأذا قيّدناها فأننا سنقيّد نصف المجتمع وأن حررناها فأنناسنكسب نصف المجتمع.
لقد خلق الله المرأة مثلما خلق الرجل وكلفهما بالتكاليف الشرعية حسب القابليات التي منحها لهما ولم يجعل الرجل سيدا لها ولم يجعلها عبدة له وأنما حدد لكل منهما وظيفته ولكن الجهل والتخلف الذي ضرب أطنابه في صميم مجتمعنا قد غيّر المفاهيم وجعل المرأة تابعة ذليلة للرجل يأمرها فتفعل وينهاها فتنتهي وهي صاغرة لا حول لها ولا قوّة. لقد تحول الأستبداد والتمييز ضد المرأة الى عادات وتقاليد موروثة لابل تحول الى ثقافةأجتماعية مدعومة بتقاليد وقيم أجتماعية ,عائلية وعشائرية, وحتى سياسية ضاربة في عمق المجتمع .
لقد خلق الله المرأة مثلما خلق الرجل وكلفهما بالتكاليف الشرعية حسب القابليات التي منحها لهما ولم يجعل الرجل سيدا لها ولم يجعلها عبدة له وأنما حدد لكل منهما وظيفته ولكن الجهل والتخلف الذي ضرب أطنابه في صميم مجتمعنا قد غيّر المفاهيم وجعل المرأة تابعة ذليلة للرجل يأمرها فتفعل وينهاها فتنتهي وهي صاغرة لا حول لها ولا قوّة. لقد تحول الأستبداد والتمييز ضد المرأة الى عادات وتقاليد موروثة لابل تحول الى ثقافةأجتماعية مدعومة بتقاليد وقيم أجتماعية ,عائلية وعشائرية, وحتى سياسية ضاربة في عمق المجتمع .
ويقابل ذلك الأستبداد أو يعاكسه تماما هو التسيب وعدم تعامل الأسرة والمجتمع مع المراهقين والشباب الذكورتعاملا منضبطا, وهو نوع اخر خطير لا يعطي لأي منهما حيزا ملائما لممارسة نشاطاته الانسانية الحقيقية لأنه يسمح لأي منهما بممارسات ونشاطات غير مجدية . فالمراهقين والشباب بحاجة لمجالات أنسانية وممارسات أجتماعية مدروسة وليس لتسيب أسري ولا مبالاة مجتمعية تدفعهمالتجمعات عشوائية مثل المقاهي والشوارع تفسد أخلاقهم وتبدد أوقاتهم.
أن القيود الاجتماعية ولا أقصد الضوابط هي أحد أهم العوامل المدمرة لإمكانات الأنسان في مجتمعاتنا . حيث أن مشاكل الأنسان البنّاء عندنا تتلخص في التناقض بين ما هو مسموح له وفق الضوابط والقيود الأجتماعية والسياسية والدينية وبين حاجاته الأساسية كإنسان صانع للحضارة. وهذه الفجوة الكبيرة بين المسموح والممنوع من جهة وبين الحاجات الملحة للانسان قد سببت أحباطا أنسانيا وعجزا اجتماعيا وعدم قدرة على مسايرة العصر. فالحاجة الى اشباع الغرائز الجنسية التي تشكّل عائقا أمام ألأنسان في مجتمعاتنا مثلا, تصطدم عندنا بنفوذ السلطات القهرية الثلاث , الدين والدولة والمجتمع حيث يخرج الانسان من هذه المواجهه معظم الاحيان مكبوتا و منهزما أمام قوة هذه السلطات ويبقى يعاني من قيد الكبت الذي لا يستطيع التحرر منه الاّ بثلاث خيارات أحدهم أصعب من الاخر.الأول هو الزواج الذي يحمّله الكثير من الأعباء, والثاني وهو سلوك طريق المحرمات الباهض, أما الثالث فهو الكبت الذي يضع غلا في رقبته ويقيده ويمنعه من العمل البنّاء. أن الاسلام قد أنتبه الى هذه المسألة واختار الطريق الصحيح والاصلح وهو الزواج وشجّع على الزواج المبكر ويسّر تكاليفه وخفف أعباءه والحديث النبوي ( أقل النساء مهورا أكثرهن بركة) يبرهن على ذلك ولكن العادات البائسة التي وضعتهاعقول متخلفة قد حلّقت بالمهورعاليا ورفعت التكاليف مما جعل الزواج حالة يمارسها المترفون..
أما الحضارات المعاصرة فقدأباحت الجنس نوعاما ورفعت عنه القيود وسنّت القوانين لحماية المرأة التي قد تقتل أحيانا في مجتمعاتنا. وأصبح الأنسان الغربي أو حتى الياباني مخير بين خيارين سهلين أولهما الزواج الميسّر الخالي من التكاليف حيث انه يستطيع أن يتزوج بمجرد شراء خاتم فقط ,انتقال المرأة الى سكنه بدون مبالغة في التأثيث أو الأحتفال, أوثانيهما العيش كأنسان متزوج بدون زواج رسمي بدون قهر السلطات الثلاث طيلة حياته.
نحن ضد الانفلات والتسيب الذي يقود الى الانحراف ولكننا ضد التسلط والقسوة والتمييز الذي يقود الى شل الفرد وتحجيم طاقاته المبدعة وتحويله الى كائن محبط كسول متواكل . نحن ضد أشباع الغرائز بالشكل الغربي ولكننا ضد التكاليف الباهضة للزواج في مجتمعاتنا.
الولاء للطائفة والمدينة والعشيرة:-
من ضمن عاداتنا وتقاليدنا المتهرئة والتي ساقتنا الى متاهات أجتماعية وفوضى سياسية وتخلف حضاري هو الأيمان ومن ثم الألتزام بالولاءات الضيقة مثل الولاء للمدينة والحزب والطائفة وقرابة الدم وقرابة العشيرة. لقد سادت تلك القيم المتهرئة سابقا وفرضها المستبدون بالقهر والقوة وورثها المتخلفون والوصوليون ومارسوها وأصبحت لها القيادة والريادة في مجمل التعاملات على مستوى الشارع . وبالتالي فأن الفعالية الحياتية جميعها أصبحت مرهونه بتلك الولاءات والقرابات التي باتت تقود التعاملات بين الناس بدلا من التعامل الانساني الذي تسيره الاخلاق ويحفظه القانون. لقد أصبحت هذه الولاءات تتحكم بكل مرافق الحياة ومنها بأدارة العمل الذي هو أساس الحضارة وأصبحت العلاقات بين العاملين والمتعاملين مرهونة بها, حيث أصبح المدير لايستطيع السيطرةعلى موظفيه, و قائد الوحدة العسكرية لايستطيع السيطرة على ضباطه وجنوده بحكم الولاءات والقرابات, وحتى الوزير أصبح عاجزا عن محاسبة أي مقصّر في وزارته خوفا من الولاءات والقرابات التي يستند اليها ذلك الموظف. وحتى رئيس الوزراء أصبح بلا حول ولا قوة أمام تقصير أي من وزرائه ..وبات من يريد أن يعمل فليعمل ومن يريد أن يسرق فليسرق ومن يريد أن يفسد فليفسدلأنه محمي ولا يستطيع أحد أن يحاسبه في ظل سيادة ثقافة القرابات والولاءات.
ماالحل ؟
الحل هو أن ننبذ تلك القيم البالية ونستبدلها بقيمة عظيمة وهي قيمة الولاء للوطن فقط والقرابة للحق قطعا, ولاشيء غير الوطن والحق.
وعلى جميع المعنيين من سياسيين وأعلاميين ورجال دين ومعلمين ومؤسساتهم أستئصال تلك القيم وزرع قيمة الولاء للوطن بدلها في نفوسهم أولا لكي يستطيعوا أحياء قيمة المواطنة في نفوس الناس. لأن تلك القيم متغلغلة في نفوس الكثيرين فعلينا أذن ان نبدأ مع الاطفال في المدارس وعلى المعلمين أن يحاولوا بكل ما أستطاعوا من قوة عقل ووضوح منطق أن يحيوا قيمة الولاء للوطن وباقي القيم النبيلة في نفوس التلاميذ ولكن المشكلة هي أن معظم المعلمين هم من الشباب الذين هم بحاجة لمن يعلّمهم ويوجههم ويزرع تلك القيم بنفوسهم.
فلنستفد أذن من حكمة كبار السن في تعليم أجيالنا الجديدة .. ولنجعل وظيفة المعلم مقصورة على كبار السن من حملةالشهادات الجامعية فقط وممن تخطوا الخمسين عاما لأنهم يمتلكون خبرة حياتية متراكمة ممتازة, ولنجعل مرتباتهم أعلى من مرتبات أي موظف في الدولة مثلما أشرنا حين تحدّثنا عن التجربة اليابانية.
وفي دراسة اجتماعية – ميدانية مهمة للأستاذ (عدنان مطر ناصر) جامعة المثنى – كلية التربية حول المكانة الأجتماعية لكبار السن من وجهة نظر عينة عشوائية من طلبة الجامعة ,أشارت تلك الدراسة:-
1- الى قوة الضبط الاجتماعي لكبار السن في الاسرة والمجتمع ، ويعزى ذلك لطبيعة التنشئة الاسرية المستمدة من تعاليم الدين الاسلامي والقرآن الكريم والعادات والقيم الاجتماعية التي تحث على طاعة كبير السن وتعزز قيمته في النسق الاسري ، وان كلا الجنسين ( الذكور والاناث ) ومن مختلف البيئات الاجتماعية يبدون اهمية مرتفعة للقيمة الضبطية التي يحملها كبير السن .
2- ان افرادالعينة ( ذكور واناث ) ينظرون نظرة احترام وتقدير للمسن ذي الوضع الاقتصادي الجيد، وهذا انعكاس مباشر لطبيعة التغيرات الاجتماعية والاقتصادية التي اصابت النسق الاجتماعي ، وانتشار المعيار المادي في المجتمعات المعاصرة عامة ، التي بدورها اثرت على نظرة الطلبة.
3- أشارت الدراسة الى ان كبير السن ما زال يلعب دور المرشد والموجه بالنسبة لأفراد العينة (ذكور وإناث ) ويعزى ذلك لأيمان أفراد العينة بأهمية التجارب والخبرات التي مر بها كبير السن في فهم أمور الحياة الاجتماعية ، ويرون بأن كبير السن قادر على تقديم حلول جيدة للمشاكل بحكم خبرته الطويلة في الحياة ، واسداء النصح والمشورة لهم .
4- اثبتت نتائج الدراسة بأن افراد العينة ( ذكور واناث ) يقدرون كبير السن ذا المستوى التعليمي الرفيع ، فمكانه كبير السن من وجهة نظر الطلبة تتحدد من خلال المركز الذي يؤديه في المجتمع ويعزى ذلك لثقافة المجتمع التي تعطي اهمية للتعلم والعلم ، فمن وجهة نظرافراد العينة ان كبير السن يحظى بأحترام الجميع وتقدير الاخرين ، مما يدفعنا للقول أن هناك علاقة بين المكانة التي يحظى بها كبير السن وبين درجة تعليمه .