صفقة مع الريح
الشاعرة ضحى بوترعة تسافر قبل أنتكتب قصائدها خارج نفسها ، تحلق خارج طينها بأجنحة الريح ، تلغي زمانها ومكانها لتتلفعبالسرد والحروف المتشظية خارج نطاق الحلم ، وخارج زيف الكلمات العادية ، يأخذهاالتوق للنصف الحقيقي خارج نطاق كبت الرغبة ، وانعدام الاختيار ، بعد انكشاف زيفالاختيار السابق ورعونته وتسرع الإرادة فيه بضغط الرغبة المسعورة ، وتساقط ورقالتوت عن بشاعة الواقع بعد ذوبان ثلج الزيف ، تقول :
لم أزل كما أنا أتزين بالسردوالنثر
لكن الغيب الذي هوى في جسدي
يتأرجح في ذاكرة النصوص
ويرصد الحبر/ مدينة الأقنعة
الريح تتشعث بين أصابعي فجر
الحقيقة الطافحة فوق الكلام
أرتب تفاصيل الجسد المنحني علىنزوة تثير شهية النقيض للنقيض
أتذكر أني لا أحسن حكمة تدفعني إلىأريكة يسكنها العشاق !!
فالخطيئة في نظر ضحى أن يبثىالآخرون هم جحيم منع التوحد مع رذاذ الرجفة عند التقاء نصفي القمر ، والتلاشي فيشبق السفر كل في الآخر ، وهي تصر على أنه لا بد من وجود فرصة أخرى لإعادة الاختياروتعويض السير عكس الرغبة والارتعاش في عنف العاصفة التي تحرك الموج عكس الشاطيءالخطأ وعدم التنازل عن السباحة ضد الذات وأوهام سلاسل المجتمع الموروثة ، وعكستيار اتجاه سقوط التفاحة بجاذبية انبثاق اللحظة من عمق شرارة الاندماج .
تبحث شاعرتنا عن جغرافيا الذات فلاتجد الوطن ولا تجد الذات ، فالجميع يقتسمون أحلام المواطنين ، ويسرقون خبزهم ،فالوطن في ذاكرة الشعراء غيره في تسابق التجار والفجار والمتسلقون والانتهازيون ،وملتقطي الفرص ، وراكبي الموجة العبية الغبية المسافرة عكس رغيف الفقراء باتجاهالمجهول المتخفي وراء الستار ، زيف الستارة يوحي بالرغيف وقرص الدواء ، فيجدونالرغيف مصنوعا من نشارة الخشب وقرص الدواء من الكذب وترتيب الوهم ليرى الفقراء ظلالكذابين حقيقة تحت شمس البسطاء ، ليرتووا بسراب الواقع ، ولا يتأوهون ، يريدونللفقراء أن يتمتعوا بلوك الريح ويشبعون باجترار الوهم ، والسير عكس سهم يشيرللمستقبل الحقيقي ، الوطن والحب والرغبة والجسد متوحدة كلها تحت ثياب الوطن ثم يجدالمرء نفسه أمام صليب الواقع المر المصنوع بعناية كطعم يرش للعصافير البلهاءالغبية التي تظن من رشه يريد إطعامها رأفة بها لا ليوقعها في حبائله ، لتصبح مشويةعلى مائدة السلطان المتفنن بتسويق الوهم على البسطاء المضللين ، تقول الشاعرة :
أكانت جميع الأصابع تنضج غضبا.......
وهم يقتسمون حلمك
بلاد أسميها نبوءة الريح....
ملجأ الندى والغبار
بلاد تؤجل دفن موتاها
لتنمو الأحلام الصغيرة تحت سياجالحدائق
تونسي هذا الزمان يفتح نافذتيالبدء
واحدة للفقراء .... وأخرى للمكتئبين
قد يكون للشاعرة أجنحة محلقةيمكنها الطيران بها لما بعد الكائن ليجعل من المحال ممكنا ، تقول الشاعرة :
الظل الذي يغتسل بالقلق
من صنع العشاق
يبدد الأرض ثم يقف فوقها
هذا الذي أضاع محتوى الحلم والحبر
هو طعم الحلم الأول وممحاة الحلمالأول
حين تركض اللغة فوق التأويل
وتفتح الجهات المتاحة للمشهدالمستعصي
إنني كل الاحتمالات الممكنة
والذي يصف الأشياء ويتقمصها
سأدمن عشقك وأصعد
فلا أراني كي أراك وأفوز بمرحالبكاء
باعتصام الأحلام في ساحة النوم
لكانت الأرض بئر يوسف !!
تقول الشاعرة :
كنت رائحة الأنثى بعتيق شوقها
كأنه الأفق على طرف يدي
لم أكن تدربت على صنع النهايات
ولا مراقبة ما سيحدث
يمضي حلم
والجسد يزداد سوءا في لون الغيوم
حلم يجيء
يراق من دمه طفلة
تعيدني إلى مائها الأول
أكثر ما يشغل بال شاعرتنا معرفةالقادم المنتظر ، واستشراف أحداث ما بعد الرحيل ، تتساءل بمرارة العاجز حينا ،وبطريقة توسيع حدقة البصيرة علها تجد الإجابات ، فهي تضع في مخيلتها أنه لا بد منحل اللغز ، فهل يصنع لنا الآخرون من القادم زيفا علينا أن نأكل منه الخبز ونشربمنه سجائر التكوين ؟؟
هي تصطدم بالإجابات المبتورة ، وهيترى أن (نحن) ترتطم بـ (نحن) ، والبسطاء مطايا ينفخ لهم الحواة والسحرة والزعماء ،ومزيفو الفكر بالونات ملونة تخلب البصر تتعلق بها أعينهم في الأفق البعيد ،يحاولون التحليق لها بلا أجنحة فتجذبهم الأرض ، فالطين لا يطير فينسجون من الخيالأجنحة وينسلخون عن الطين بالحلم والتحول إلى طيف ، فتقرصهم الحاجة للرغيف وقطرةالماء فيهوون في سحيق مصيرهم : ضعف طينهم البشري أمام الرغبة وحدة الغريزة ،يختنقون ، يملأ الغبار رئاتهم ، تقيدهم سلاسل المنتهزون للفرص ، ترمي بهم في عتمةانكسار الإرادة لجبروت قارورة الزجاج المغلفة لكينونتهم ، والمحددة لفضاءاتقدراتهم ، إنه زجاج غير قابل للكسر ، ولكنه قابل لنفاذ الحلم من خلاله مع بقاءالطين في الأسر ، يؤجلون تحقيق الحلم للحياة التي تأتي بعد نهاية الحياة وأحلاماتتحقق بعد أن يعاد الطين لتراب الأرض ، ويتعب خيال الشاعرة إرادة أن تحس أو ترىأحدا يعود ويقول لها إنه الآن في الماوراء يعيش الحلم الذي وصف له قبل انطفاء النور في حدقتيه !
تقول الشاعرة :
هذا الذي يتوسط بين أرض تكتملبعشاقها
والمشهد الضيق بصرخة في اتجاهالتوابيت الوردية
أطفال يسرعون
ملوك تتفقد آخر نافذة في حفل ختامي
وصديق يتفقد بعضا من الخيانات
بلاد ... أشجارها
فقراؤها
بلاد تبدأ الآن ....
في آخر الممر
التوق للتجربة الكاملة التي تستغرقالشعور هو ما دفع حواء لإقناع آدم بذوق شجرة (المابعد) محاولة استشرف الماوراء تلك غريزة لا تقهر عندالشاعرة التي ورثت أمها حواء تماما ، فهي أنثى إلى نهاية الخط البياني من الأنوثة، والأنوثة لا الذكورة هي وعاء الحياة ، وظرف حدوثها ، والأنوثة تكامل النفسوالروح والطين ، تفاعل سحري يتجاوز حجر الفلاسفة بكثير ، تفاعل بحرارة الرغبةولهيب الشهوة لما بعد للوصول للذروة التي تلي الذروة السابقة ، الرغبة في استكشافما بعد الأمس وما بعد غد الغد ، البحث عن التجديد متجذر في طين حواء قبل أن تخرجمن ضلع آدم ، تحلم أن تذوب وتتلاشى في رجفة الكمال التي تأخذ الأنوثة لما وراءالزمكان ، لذروة لم تصلها أنثى من قبل ، تريد الوصول للمطلق حيث ينظر المرء فيالمرآة ولا يرى نفسه بل يرى وهج الرعشة وانفجار طاقة الاندماج .
تحاول أن تفصل أجزاءها حتى لا تعودطينا أو ترابا عاديا ، تريد أن توصف بأنها ليست من نفس تراب التكرار والمللوالروتين ، وتراب الناس الغارقين في وحل الجهالة لا نور التجربة وحرارة الانشطارأو الاندماج لا فرق ، تتسلق شعاع الرغبة ، وتتوقع اللاخيبة من بعد إفراغ الشحنة ،وانطفاء الرغبة ، تبحث عن التجدد في تلك الثانية تماما ، وتتوقع الصعود بعكسالانطفاء ، أن تجعل الابتداء في لحظة الانتهاء والصعود عكس لحظة الهبوط ، تسافرعكس مرارة حقيقة الواقع ، فهي تعاني من أنانية الرجل لحد الاشمئزاز ، وهي تريدالانعتاق خارج حد جاذبية الأرض ، تحاول فيخذلها شريك الفعل ، فتريد الطيرانفتخذلها أجنحة الخوف ، تكرر محاولة السفر بعكس عقارب الزمن وإعادة الاختيارات لطيفتتشارك معه رقصة النحلة أو تحليق الفراشة ، وتوهم حقيقة تجسيد الوهم ، مع طيف يعرفالعزف على مفاتيح تمرد أنثى ترفض أن تسقط في حمأ الخيبة والانطفاء بعد انتهاءالحميمية مباشرة ، فتنسحب للخلف وتتكور على ذاتها لتضاجع كلمات حمقى لتدفيء سريرجليدها ، فتضحك منها أسلاك القفص وتقول : لن تنجح طبعا ، وستسقط في قيود الأبدية !
وتكرر لا أتوقع شيئا ، فتكرارالحميمية بذات الإيقاع يجعل الملل سيد الموقف ، ويجعل من إدارة الظهر لأنانيةالشريك أمرا لا مفر منه ، فأكل التراب لا يجعل في الفم إلا الرغبة في التقيؤ !!!
والشاعرة أنثى إلى أبعد حدودالأنوثة ، تتمرد على الامتلاك وتبحث عن الشراكة ، ترفض موقع رد الفعل وتبحث عنمعادلة الفعل والانفعال ، تحاول أن تفاضل وتكامل معادلة العلاقة الأبدية بين الرجلوالمرأة ، وتحاول تخطس سوء التفاهم أو سوء الفهم المزمن بينهما ، تجعل من نفسها كلالنساء ، وتحاول التمرد العنيف على أنانية الطرف الآخر ، فالأنوثة تكامل أو كمالأداء النفس والروح والطاقة والطين اللازب ، تفاعل بلهب الشهوة ، والرغبة في تكراروتعدد رحلات التجديد المتجذر في حواءمنذ خرجت من ضلع آدم ، تحلم أن تصل رجفةتستوعب كل ذراتها ، تريد ارتعاشة تحملها للذروة المطلقة ، تستوعبها ، تحملها خارجعالمها تجعلها لا طينا لازبا بعدها ، تحاول أن تفصّل أجزاءها خارج منطق الترابالبشري ، وخارج الانغماس في الوحل للزج ، تتسلق شعاع خيالها المتناوب الصراعالمرير بين الواقع والحلم ، الواقع والرغبة ، الخيبة بعد لحظة النهاية وشرارةالتجدد ، تسافر برهاب الواقع لأرجوانية مرسومة على صفحات روحها المعذبة بمحدوديةالقفص ، تسبح عكس مائ الشلال المتساقط بعنف وتصر أن تصل للمنبع فوق الهاويةالسحيقة ، فالرجل أناني إلى أبعد حد أناني إلى حد انكسار زجاج الشريك ، الشريكالماهر في تمتين جدران الامتلاك يقضي على حميمية الاندماج ، والأنانية تلف خيوطعنكبوتيتها حول الفريسة التي تظنها أصبحت ضمن رقعة أنانيتها المطلقة ، عنكبوتيتحرك بحرية ويتلذذ بأن فريسته مقيدة يمتصها حين يشاء أرادت تلك الفريسة ام لايجعل من فعل اللذة تعذيبا ومرارة وانكسارا وهروبا للداخل لحمياة عذرية الرغبةالحقة .
تريد الانعتاق خارج حدود الجذبالأرضي في كل مرة فتسقط فراشات المحاولة في نار الإخفاق ، وتحاول فتخذلها شراكتها، تريد كسر حاجز الخوف ، فتخذلها أجنحة شرقية المرأة وقفص الامتلاك ، وخيوط شرنقةغير قابلة للتمزق !!
تقول الشاعرة :
لم أكن أهيت هفواتي وشيئا يشبهالذي لا ينتهي
وللحلم وهم أسمعه أحيانا
أستوقف أطراف أصابعي كي أصدق
آثام الليل والذي كان
هكذا ........
أبعد ظلي السفلي
لأرى امرأة تستر عري الشهوة
ترتجل الجسد وتختفي
وكنت أراك .... أنت تخيط الماء
وتركع .....
لا أتوقع شيئا .....
الفعل والانفعال وجها الحميميةالرقيقة الحالمة ، تنشيط الخيال هو ما يجعل مياه الشبق الإنساني يرسل قطراتالتجاذب الأرضي للاندماج ، تحاول الشاعرة ممارسة إلغاء العبث الوزني للوصولللانعتاق اللاوزني مع جعل كثافة الطين صفرا ، فتهب العاصفة لتطير غثاء التكرارالممل اللاطعم واللالون واللاتناغم وتضعها أمام الواقع المنسوخ عن الماضي فتتحولالأرض المعشبة ليباب ، ويتحول الوهم لخيبة أمل وتنتهي اللحظة في جب الانسلاخ كليحقق ذاته ، يخفق مشروع التوحد بعد خيانة الشريك وتطلعه للارتواء بعطش شريكه !
ففي مقهى الخيبة يجلس على كراسيه المصفوفة نفاق الأقنعة وزيف الوجوهالخشبية التي تهمس زيف الحب أو تمارس الحب الزائف ، تقول أحبك ، أعشقك وتخفي خلفالكلمات أريد جسدك لأطفيء رغبتي ، ولا يهمني بعد ذلك أن تتلوي كحية مقطوعة الرأسحديثا !
تتساءل كطفلة لم تطمثها يد : لماذا زيف الأشياء الجميلة ولماذا تزييف الفلالأبيض ؟ ولماذا التلون هو سيد الموقف في كل حال ؟ ولماذا يجب أن ننعتق لنعيد رجوعالطين إلى التراب ؟ ألا يمكن أن نصل لحد الانعتاق من الجسد بدون خلع الجسد ؟
تقول الشاعرة وتستعير مغنٍ فرنسي جوجو ليتكلم عنها :
مقود الريح .... أسئلة برال الأخيرة
عن رغوة الوقت ، عن ذهول الأصدقاء
جوجو .......
هل مت فعلا ..... أم أن الروح تغير ذاكرتها
جوجو .... أيها الحصان الذي يركض فوق
رائحة الجنس الملكي
هكذا كنت تعبث بشعر امرأة تخطت العشب والمسرة
هكذا كنت تعبث بالريح والأغنيات المستعصية
هل كنت تحمل غير شغب الخمارات والعابر المشغول
بتفكيك السرااااااااب ؟
هذا الجذع المقطوع حين يبوح بسر الأنوثة
تتناوب عليه الأمطار
يلهو بالمطر وحيدا
وهذا القمر يرصد العشاق
يقع في شهوة
القبلة المرتبكة
كان الجذع يكبر في الليل وأنا أبصر
المرأة المولعة بالمعجزات تغفو تحت الجذع اليابس
لكأنها تلد قبل البدء !!
على إيقاع لا يزول
عادتي صارت سقف لطيش الرّيح
هل كان ينبغي
أن أقتفي خطوات سلالة المارقين
واللهو في مساحات غير عابئة بفراغات
تفصلني عن الذاكرة
الشعراء ....... الغيوم .... والفقراء
بكاء دافيء في تشكيل الضجر
وكلام لا يكفي
عليّ أن ألج مفكرة الغرائز
عليّ أن ألج بلادا تناوبني الفراغ .... ثمّ أكمل
وأتخفف من دمي .....
ترى ضحى بوترعة في نظرية التوحد الكوني مجالا لاستمرار وجودها ، فهي تخافحد السكين من العدم ، خوفا فوبيائيا ، كخوف لعضنا من الأماكن المرتفعة أو أوالضيقة ، ترى أنها ستكون مستمرة الوجود في شجرة باسقة بعد انتهاء وجودها في ترابالإنسان ، فهي تقول بلا مواربة :
طفلة تموت لتغفو في أرض وأخرى
في قاع الشمس تبزغ
في دمي شجرة
عندما يقول الدهر :
كم الحلم الآن ؟
تخاف العدم حد الرجفة المستوعبة كل ذرة فيها ، تفكر في معنى الدهر والأبديةفتكاد تقع في حفرة ذاتها ، فالأرض اليباب التي أخافت ت . أس . إليوت وجعلته يصيحفي الأسد في الغابة : يا أخي !
هي ذات اللحظة التي تحاول فيها الشاعرة السفر للغد قبل مجيئه ، وإخبارناماذا فيه ، وكتابة الغد في صحيفة اليوم وإخبارنا عما ينتظرنا من أحداث ، فالمجهولعند الشاعرة دائما مرعب ، والفناء أكثر رعبا من تعذيب الخلود في الجحيم ، أحياناتسبح في الزمان بأجنحة الفكر والتجريد وريش اللغة كيلا تسقط في حفرة عدم اليقين ،فالبصيرة لا تغني عن البصر ، تقول الشاعرة حالمة :
لمحت خطاك في الريح
تساءلت
ألقادم أنت ؟
أم ما تبقى من أرض إليوت ؟
إحذر من ظل تعلق على جدار الظلام
وليل يدفعك إلى مدن تغادر شوارعها
ترتجل المدى ..... ثم تنسى باب غرفتك مقفلا
تسقط من حيث سقطت
ثم تبكي في العراء وحيدا
أقفال الليل تشاكس كفّك
وتعلو على البياض
ذاك أنت تنجو من العزلة
تحرك الفراغ ثم بجمر من اللغة تقطع مسافات الكون
وحدك والريح ..... وأنت الأقوى
ما أجمل أن ترتدي قميص طائر الليل
وتسير إلى زهرة في السفوح
ككل اليتامى
لا أنتبه لصوت الهواء في شراييني
مشيا أذهب للآخرة وأنسى بابي مفتوحا
من غير سوء .... نعبر الظهيرة تفضي لظهيرة أخرى
أكثر سوءا ........
أردت أن أستعيد ملامحي في شوارع تستيقظ فجأة
يحصدني تعب العابرين
أسمي الرّيح مكنسة النعاس
واليقين عند اندلاع الحلم
لم أكن امرأة الماء كما يدعي الراوي
ولا مصيدة العطر في العراء
لا وظيفة للزمن
لا وظيفة للحلم
وذاك الجدار ينسج حلما في غرفة الخيال
وأقصد إساف ونائلة
أبصرتك في عري لا أميز ملامحه
هيث طعنة العشق تفر
هي عداوتي لي
تراودني عن نفسها
منذ خطيئة في باطن حدقتي
وأنا ألهو بلون يثير شهيتي للغناء
لا شيء يعيدني إليك وقد لوثت العناق !!
الليل يرغمنا على التأويل
كان يغسلني الضوء والعطش وغبار الحبر
وكنت أجلس في طرف الريح
وذاكرة الأصابع
شاعر .....
يفتح أصابعه لحبر مبتل بالخوف
هكذا يمر اليوم سريعا بين شهوة العشاق
واقتناص المعنى
هذه الأرض تستعيد ملامح الإثم
وجه أمي يغمرني
لم أزل
أنتظر عاشقا يصعد في رئتي !
ما أحتاجه الآن
قليلا من الاحتضار العذب
لا أرى دمي إلا وثائقا (ربما أرادت جمع وثاق ) تخرج من العتمة
ذاك ليل سيجيء يجمّ الوقت البطيء
وجمرة تضيء للصبايا المرايا
وتلك أنا .....
في ارتجاف تفاصيلك المخفية
صوبت شراييني اتجاه القلب وتركت مخاوفي
وعدتني بالمجيء
وكلام لا يخشى التفاصيل
لا معنى لظلي تحت بلاغة الندى
ذاكرتي يأس المدن
تعبي وسآمة الهزيمة
ترغمني اللغة على الوقوف طويلا
قبل أن يقبل الماء ....
يقول أن الليل خطيئة
يلوثه همس العشاق ....
أحيانا أن أبتكر وطنا أكثر بهجة من الشهوة
هكذا أنا ....
أحاور نفسي ولا أراني
أقتنص سمائي من سهو الندى
بعد الطلقة الأخيرة
وكان قلبي يحمل خضرة قميصي وحرية العبارة
يمكن أن تذهب بي الريح إلى درب الحلم
أو إلى درب الوهم
سأكون في المرآة أجمل
بالهفوات أستضيف جنون أصابعك إلى مساحة غير عابئة
هناك قرب الوقت السري أستدرج الأنوثة إلى المعنى
كم يمكن أن أنثر سحابة هنا ؟
بحجم الرحيل فتحت المدى تحت يديك
سفر أعيد فيه ظلّي وصفة الأنثى
يفيض دمي الملون بالدهشة
أفتح للماء الناعم ذاكرة أخرى
لم أزل كما أنا
غيمة في اللغة بكر
أفتح غيمة الرغبات
كصيحة تفيض عن المدى
كان الماء خفيفا
تحتمي به حين تخونك ملامحك لحظة البوح
تدخل العشق من باب المساء
هكذا يكون التردد ساحة للغيوم
والليل فخ العاشقين
كنت وحدي أعبث بالفيض
أخترع صباحا لأسرار أنوثة تبادلني الحلم
تقول الشاعرة :
في شوارع تتزين بآخر وجه يحاصرني
أركض في الهفوات المؤجلة
حين تأكدت أن الوهم خلف تفاصيل الفراغ
فخا يختزل حلم العشاق
علمني الصدى كيف أعيد ترتيب نوافذ السمع
هل يزهر القميص الأنثوي بين أصابعك
ويسقط سقف الربيع
يسقط غصنك المنحني فوق غيم خفيف
يطفو من مخيلة ليلتك لون الرّوح الرمادي
لي حلم يستلقي على ضفة صدري
يشتهيني وأشتهيه
عرفتك قبل أن ألتقيك
هناك في المدى تقبض على القلب
الذي أهملته اللغات
نشتهي الفاكهة في الجمر
نعبر النرجس الشبقي
نعبر القاموس القديم للحب
في صمتنا نبدأ بالكلام
وأنت تؤسس في شهية الآلهة لثمرة التمرد
تتشعث الريح على صباحاتك
تنتفض الغيمة المعلقة في خلوة البكاء
هكذا إذن ، هي كما تقول :مثل القبلات الجريئة يخرجون من قاموس اللغو السريفتنتهي أحزانهم ثم تبدأ !!