غسيل في المدرسة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • أسعد جماجم
    أعمال حرة
    • 24-04-2011
    • 387

    غسيل في المدرسة

    قراءة في الانثربولوجيا و مرحلة استفاقة أهل الكهف , واسترجاع الذاكرة الجماعية لكتاتيب ابن باديس في خطة بن غبريط الجديدة, واقع الواقع وأفاق المواقع , قبل نصف قرن من التجديف جنب التيار , تأسست المدرسة الجزائرية على أنقاض وهياكل المدرسة الاستعمارية وانطلقت بمناهج هي اقرب إلى المناهج الفرنسية , ولولا التكالب السياسي الذي جر البلاد إلى جملة التناقضات و الاختلافات التي عصفت بالمواقف و الآراء والتوجهات فجر الاستقلال , و كان النهج الراديكالي لمجموعة وجدة الذي انتزع غطاء الشرعية السياسة عن الحكومة المؤقتة والتحف النهج الانقلابي للماضي و المستقبل ضد الحاضرليصبح رهينة التوجه الناصري و أسير وحيه على جميع المستويات , بما فيها المستقبل التربوي للأمة الجزائرية , فخضع التعليم لتجارب مريرة , بدأت بفتح أبواب التوظيف للمعلمين العرب ذوي الكفاءات الضحلة و التأهيل البسيط والثقافات المحصورة بين حدود ملغمة يصعب تجاوزها أو تخطيها , و اختلفت المصادر و تنوعت المناهج التربوية و لغة التدريس و الكتاب المدرسي أيضا , في تحديد مواقف و مواقع نتوافق عليها جميعا , و سارت المدرسة برأسين فرانكفوني يتزعمه ورثة الفرنسية من أبناء القياد و ضباط لاكوسط الذين التحقوا بالثورة في دقائقها الأخيرة , و الثاني يتزعمه ورثة المدرسة الباديسيه بتوجهاتها الإديولوجية القائمة علي التأصيل و التعصب اللغوي والديني والنزعة الوطنية و معاداة الغرب , والتصادم مع الحداثة و التغيير و التطور الاجتماعي و الثقافي القائم , وما توصل إليه الغرب في مجال الحريات الفردية و الجماعية و حقوق الإنسان ثم جاء التعريب كمرحلة مكملة لتوحيد الصفوف و تحييد الخصوم , و إسناد الأفكار السياسية القائمة على المنهج الاشتراكي كنهج ثوري لمواجهة ما كان يسمى حين ذاك بالامبريالية , ولم يكن التعريب إلا الوجه الأخرس والأبكم لعملية معقدة ارتبطت أساسا بتكوين الفرد و تأهيله , وإعادة هيكلة المجتمع وفق النمط الذي يمرر أهداف السلطة و توجهاتها والتأثير على إنضاج الفكرة السياسية المقصودة المستوحاة من تجارب عربية أخفقت هي الأخرى , بعدما استنزفت الكثير من الإمكانيات وحين جاء مشروع المدرسة الأساسية , لم يكن سوى لخلط المواقف و الأهداف بالطرق البداغوجية القائمة على التلقين و الحشو , وتكليف مشرفين ومفتشين ذوي التوجه السياسي من غير تأهيل أو مستوى تعليمي مقبول , كانوا في الواقع ممرنين استنجدت بهم المدرسة الأساسية في أيامها الأولى , للإشراف عليها وتنفيذها , وترقية أهدافها , و قد تعاقب على وزارة التربية أشخاص من ذوي العاهات النفسية و العقد الثقافية, والتوجهات و المعتقدات و الفلسفات المرتبطة أساسا بمصالح الأقلية المنتفعة من الاستقلال و الممتدة تاريخيا بعلاقات وارتباطات مشبوهة , و قد اجتهدوا على تعليم أبناءهم في الخارج , لاعتقاداتهم بغير جدية ما تقدمه المدرسة الجزائرية للمجتمع , وهي في الواقع موجهة للطبقات الدنيا , و لم تكن إلا فسحة لتأخير النضج , اعتمدت أساسا على التسيير التقني إلى حين فجئت السلطة بنكسة انتخابات 1991 وما ترتب بعدها من تفكيك لمجموعة القيم و الأخلاق و الموروث الثقافي للعلاقات الإنسانية الممتد عبر الأجيال , لتكتشف مرة أخرى أن تأثير المدرسة على المجتمع جاء مخالفا لتصوراتها ومقاصدها و أهدافها , و لتقف عند وعيها بحجم المخاطر المتربصة بكيانات الفئة الممتازة من الريع المالي و امتيازاته , و المناصب المتشعبة من هذا الريع , و أصبحت السلطة كالمجنون الذي يصارع أشباحا لتقويم اعوجاجا لا يراه إلا هو و الحاشية التي تحيطه حفاظا على المكاسب الموروثة , وبدل التوجه إلى الإصلاح المعرفي واستحداث الطرائق البداغوجية الصحيحة والملائمة , توجه الإصلاح إلى تهميش الأهداف الحقيقية و الدور الإستراتيجي للمدرسة , و أصبحت النتائج السنوية المضخمة لمختلف المستويات التعليمية عامل تهدئة لمسار الفشل السياسي والاقتصادي والاجتماعي , و تكالب الاتجاهات أدرج المدرسة إلى ذيل الأولويات على مستوى المجتمع ككل , و لم تعد الأسرة تعول كثيرا على تحصيل أبنائها و على نوعية المحاصيل العلمية والمعرفية , مادام الإخفاقات والمخاطر تتكرر و تتراكم , في حين تتزايد الحاجيات والطموحات المادية للأسر و هي من صنعت الهشاشة في علاقات المحيط المدرسي , وتحولت المدرسة إلى دار للحضانة , تسندها احتجاجات جمعيات أولياء التلاميذ خلال الإضرابات المتعاقبة للمعلمين , بالمواقف المعادية لها في الأخير اعتقد أن المستوى الذي يحرر المدرسة الوطنية ويطلق لجامها صوب الفضاء الرحب , لم يحن بعد و لن يحين أيضا , في ظل الغموض والتكتم , و في ظل الإفرازات و الضغوطات الإقليمية الجديدة و ما ترتب عليها من هواجس و تخوفات أفقدت الثقة بيننا جميعا , وحتى الوزارة لم تفصح عن الخطة المقبلة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه بعيدا عن المساومات والتسويق لجهات على حساب أبنائنا و مستقبل بلادنا , ولا يمكن التأسيس للمرحلة القادمة بالهفوات السابقة لجملة المناهج والأخطاء المترتبة عنها , ليشتد العداء بين القائمين والمقيمين أو القادمين الجدد و كأن جاء بهم للانتقام من الذين يمارسون المهام خارج لعبة الموالاة , أو لبعث روح الاختلاف وتأجيج الصراع بين مدرسة وطنية و أخرى موازية بحكم الإرث التاريخي لإحياء مشروع قسنطينة ونفخه بأرواحه الشريرة , و العبث بأحلام أجيال الاستقلال
    أسعد جماجم
يعمل...
X