نحو اعلام استراتيجي فاعل - المستشار : د. نزار نبيل أبو منشار الحرباوي

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • د نزار نبيل الحرباوي
    أديب وكاتب
    • 16-08-2014
    • 76

    نحو اعلام استراتيجي فاعل - المستشار : د. نزار نبيل أبو منشار الحرباوي

    نحو اعلام استراتيجي فاعل
    المستشار : د. نزار نبيل أبو منشار الحرباوي
    إعلامي وأكاديمي - اسطنبول

    بين يدي هذه القراءة أرغب بطرح مجموعة من الأسئلة الهامة .

    كم عدد القنوات العربية أو شبه العربية أو عربية الأصل التي تغطي ولو جزءاً من الولايات المتحدة وروسيا والصين وأوروبا ؟

    كم عدد القنوات الفضائية الموجودة للدول العربية بالإطار الرسمي الحكومي أو من وراء حجاب ؟ وهل يلمس الانسان العربي عاقلا أو جاهلا ما هي استراتيجية أو رؤية هذه القناة أو تلك ؟

    هل باتت القنوات الخاصة أو قنوات الأحزاب السياسية ومواليهم أسيرة الدعم المادي وسطوة التوجهات المربحة بحيث إن المتابع لها يشاهد دعاية بين كل دعايتين ؟

    لو سألنا كثيراً من القائمين على وسائل الإعلام المطبوع والمقروء والمسموع ما هي أولويات البناء المعرفي التسلسلي للمواطن الفرد ؟ فهل من إجابة منطقية موضوعية تلبي طموح أصغر باحث في مراكز الدراسات ؟

    الحقيقة ، أرغب فعلاً بالإقرار بأن الإعلام هو السلطة الرابعة ، والسلطة التأثيرية الأولى في العقل الجمعي ، ولكن في الغرب وليس لدينا .

    في الغرب الذي ربيناه صغيراً يحبو على يد كبار علماء الإنسانية ، ودعمناه في يومنا هذا بخيرة العقول العربية لتعمل في كل مؤسساته طباً وفلكا وسياسة وفكرا وزراعة ، هناك فقط تلمس معنى استراتيجية الإعلام وجديته والرقابة الذاتية للعاملين فيه لتطوير مجتمعاتهم .

    لا يصدر هذا الحكم من مفتون بالغرب ، بل من عاشق للمشرق الإسلامي العظيم تاريخا ومستقبلا .

    هناك ، الإعلامي لا يظهر على الشاشة ، ولا يسمع صوت مذيع ، ولا تقرأ كلمات مؤلف أو صحافي إلا بعد خضوعه لسلسلة من الدورات والخبرات والمعارف ، ليست دورات تأهيلية جوفاء ، ولا حصاد ساعات من التدريب العشوائي ، بل صياغة لشخصية إنسان قادر على خطاب مجتمع، وإن لم يكن الجميع كذلك ، فالنخبة الإدارية تتقن بدرجة عالية صناعة التوجه الذي يتفق مع المخططات الاستراتيجية لدولهم أو تياراتهم الفكرية ، وهذا الأمر هو الذي يجعل الثانية الدعائية في عالم الاعلام تقدر بالملايين من الدولارات .

    نريد الحرية ، نريد الكرامة ، نريد العدالة الاجتماعية ، نطالب بحماية الجيل من القلاقل والفتن ، نريد جيلا يفهم التكنولوجيا ويتعامل معها باحترافية تمكنه من خدمة بلاده وحمايتها ، نريد نريد نريد ... ولكن هل فعلا وضعنا مخطط الوصول إلى ما نريد ؟
    أم هل اتفقنا أصلا على ما نريد ؟
    وهل يمكن لي أن أقبل وجهة نظر مخالفي إذا طرح ما أريد أو ما لا أريد ؟

    الإشكاليات موجودة فينا نحن بالأصل .

    لا أستغرب كثيرا عندما أتابع عبر الإعلام العربي ( المشهور منه والمطمور ) رجال السياسة أو الاقتصاد يهذون بما لا يعرفون ، ويقولون ما يدينهم ويسوء شعوبهم ، العيب ليس فيهم أبداً ، العيب بمن سمح لجهلاء القوم أن يسودوا بسبب ضبابية الفهم الجمعي .

    نعم ، نحن في مجتمعات تلقينا فيها أصول العلم عن جداتنا في قصص ما قبل النوم ، أو من شاشات التلفزة الرسمية ، أو من خلال حوارات الشبان في الأزقة ، أو من توجهات آبائنا ،او من خلال خطيب الجمعة ، فاختلطت في عقولنا صالحات الأمور بطالحاتها ، وبتنا أقرب في تشبيه عقولنا الباطنة لصحن السلطة من أن تكون أدمغة مبرمجة لمعارف تراكمية في مجالات تخصصية .

    الخيانة أصبحت وجهة نظر ، وبيع الأوطان ورهن الشركات للغرب بات وعياً اقتصاديا ، والشراكة مع البنك الدولي وصندوق النقد الدولي والشركات العابرة للقارات باتت مشروعات نقيم لها أكبر الاحتفالات ، في حين أننا لو شاهدنا طفلا يسير في الشارع يفقأ عينه بيده لقلنا عنه إنه مجنون !!!

    الإعلام . هو الخطوة الأولى ولا شك ، والإعلاميون في المجالات المكتوبة والمسموعة والمرئية مطالبون بتحمل مسؤولياتهم تجاه المهنة العظيمة التي يتصدرون لها ، فكلهم على حدّ للوطن ، إذا قصر أو ضيع الأمانة سينفذ الشر من خلاله إلى أطفالنا ، وهو محاسب أمام الله والناس عن كل كلمة صادقة قالها ، أو فتنة وقلاقل وكذب يقوله أو يفعله .

    وأمام هذه التحديات ، أين الدولة والمؤسسات والمجتمع من متابعة الإعلام ومتابعة الإعلاميين .

    صدقوني ، كإعلامي ، لو وجدت في الشارع طفلا ينتقدني لفكرت في كلامه ولو كان تافها ، ولو خاطبني متعلم واع لاطرقت له مسمعي ، فربما سمعت منه نصيحة ، أو توجيها ، أو فكرة ، حتى لو جاءتني في ثوب مذمة وانتقاد .

    هذا هو الإعلام ، ليس تكسباً ومنصباً وجاهاً ، بل أمانة ومسؤولية ، وواجب للوطن والإنسان والقيم ، هكذا نصنع الإعلام ، وهكذا نتوجه به نحو مراحل متقدمة ، وصولاً لبناء الاستراتيجيات الاعلامية وسياسات الإعلام الحربي والإعلام النفسي والإعلام الاقتصادي ونحو ذلك .

    طريق الألف ميل تبدأ بخطوة .. وطريق بناء الاستراتيجيات العظمى تبدأ بتحليل الإيجابيات والسلبيات بتجرد وموضوعية ومسؤولية .
يعمل...
X