بربرية الغرب سابقة لهمجية داعش
بقلم: محمود خليفة
إن ما قامت به حركة تنظيم الدولة (داعش) من تفجيرات دموية في باريس في ليلة السبت الماضي 14/11/2015، وما أسفر عن تلك التفجيرات من مقتل أكثر من 170 قتيلا و300 جريح حتى الآن لهي علامة كبرى على همجية هذا التنظيم الذي يضرب ضربات عشوائية وتحت الحزام وضد المسالمين الأبرياء، وليس في ميدان المعركة!
فربما كان بعض العرب بين هؤلاء الضحايا، وربما كان منهم بعض السوريين الذين هاجروا من قصف التنظيم الدموي الذي يحكم سوريا المحتلة...
إن دين الإسلام يمنع أن نضرب النساء والأطفال والشيوخ والرهبان في صوامعهم...
أخرج أبو داود بسنده عن أنس بن مالك رضي الله عنه: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان إذا بعث جيشًا قال: «انطلقوا باسم الله، لا تقتلوا شيخاً فانيًا، ولا طفلاً صغيرًا، ولا امرأة، ولا تغلوا، وضموا غنائمكم، وأصلحوا وأحسنوا، إن الله يحب المحسنين"[1]...
أما دين الدواعش فلا يعرف هدي دين الإسلام ولا أي عُرف أو دين سوى دين الهمجية!...
*****
ولكن الغرب:
هل يلتزم بدين المسيحية التي يقول فيها المسيح: 3«طُوبَى لِلْمَسَاكِينِ بِالرُّوحِ، لأَنَّ لَهُمْ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ. 4طُوبَى لِلْحَزَانَى، لأَنَّهُمْ يَتَعَزَّوْنَ. 5طُوبَى لِلْوُدَعَاءِ، لأَنَّهُمْ يَرِثُونَ الأَرْضَ. 6طُوبَى لِلْجِيَاعِ وَالْعِطَاشِ إِلَى الْبِرِّ، لأَنَّهُمْ يُشْبَعُونَ. 7طُوبَى لِلرُّحَمَاءِ، لأَنَّهُمْ يُرْحَمُونَ. 8طُوبَى لِلأَنْقِيَاءِ الْقَلْبِ، لأَنَّهُمْ يُعَايِنُونَ اللهَ. 9طُوبَى لِصَانِعِي السَّلاَمِ، لأَنَّهُمْ أَبْنَاءَ اللهِ يُدْعَوْنَ. 10طُوبَى لِلْمَطْرُودِينَ مِنْ أَجْلِ الْبِرِّ، لأَنَّ لَهُمْ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ. 11طُوبَى لَكُمْ إِذَا عَيَّرُوكُمْ وَطَرَدُوكُمْ وَقَالُوا عَلَيْكُمْ كُلَّ كَلِمَةٍ شِرِّيرَةٍ، مِنْ أَجْلِي، كَاذِبِينَ. 12اِفْرَحُوا وَتَهَلَّلُوا، لأَنَّ أَجْرَكُمْ عَظِيمٌ فِي السَّمَاوَاتِ، فَإِنَّهُمْ هكَذَا طَرَدُوا الأَنْبِيَاءَ الَّذِينَ قَبْلَكُمْ"[2]...
أين الرحمة التي يطبقها الغرب من تعاليم المسيح -عليه السلام- حينما قامت كبرى دوله بمذبحة "هيروشيما وناجازاكي الغير مسبوقة في تاريخ البشر كله؟!
أين رحمة المسيح حينما استعمر الغرب بلادنا وبلاد غيرنا وما أسفر عنه من استنزاف موارد الدول المستعمرة لسنوات طويلة وعديدة وقتل الشعوب؟!
هل الغرب الذي وقف موقف المتفرج (بلذة) على مذابح الصرب الجزارين في البوسنة والهرسك من عام 1992 إلى 1995صانع سلام، كما يقول المسيح عليه السلام؟!
هل الغرب الذي صمت بتلذذ أمام الإبادة الجماعية في سربرنيتسا في البوسنة والهرسك في يوليو 1995 وراح ضحيتها حوالي 8 آلاف شخص، يُدَعى أبناؤه "أبناء الله" كما قال المسيح؟
اقرأ عن هذه المذبحة في موسوعة ويكيبيديا في هذا الرابط:
هل الغرب الذي استعمر الجزائر لمدة 130 سنة وقتل أكثر من مليون شهيد متحضر ويطبق تعاليم المسيح عليه السلام؟
هل الغرب الذي زرع لنا الكيان الصهيوني الذي طرد وقتل أهلنا في فلسطين وفي مدن قناة السويس ودفن آسرانا أحياء في حرب 1956 و 1967متحضر؟!
هل الغرب الذي قام بمساعدة وتأييد الثورات المضادة ضد كل دول الربيع العربي متحضر؟
هل الغرب الذي صمت الصمت المطبق عن مذبحة فض اعتصام رابعة والنهضة وما أسفر عنها من ذبح الآلاف متحضر؟!
هل الغرب الذي تآمر على أول رئيس منتخب في عصرنا الحديث بمصرنا الحبيبة متحضر أو حتى يعرف الرقي والعدالة واحترام إرادة الشعوب؟!
هل الغرب الذي يبث الصور المسيئة لنبي دين الإسلام متحضر؟!
أين الغرب ومنظمات حقوق الإنسان من قتل أكثر من 250 مليونا من إخوتنا السوريين على يد نظام الجزار في سوريا المحتلة؟
أين الغرب وبراميل الوقود تصب على رؤوس أهلنا في سوريا؟
أين الغرب والغاز السام يقذف على المدن المحررة من نظام السفاح في سوريا الجريحة؟!
أين الغرب ومليشيات الحشد الشعبي تقوم بالتطهير العرقي ضد أهلنا السنة في العراق؟!
أين الغرب وأكثر من 70 ألف معتقل في مصرنا المحتلة وتحويل المدنيين والطلاب إلى المحاكم العسكرية؟
أين الغرب من قتل أكثر من 35 مليونا من المسلمين في تركستان الشرقية المحتلة من قبل جمهورية الصين الشعبية؟
أين الغرب مما يحدث للمسلمين في ميانمار أو (بورما) سابقا؟
وهذه صورة لما يحدث فيها كما يقول الأستاذ إسماعيل خلف الله في ساسة بوست في 11 8/2015:
"فانتهاكات حقوق الإنسان في أراكان متعددة الأساليب والأشكال، فمن التقتيل بأبشع الصور إلى التطهير العرقي والتهجير والطرد الجماعي والترحيل القسري إلى خارج أراكان وبورما، وطمس الهوية الإسلامية وهدم كل الآثار والتراث الإسلامي للمنطقة، وحرمان أبناء المسلمين الروهينغا من مواصلة التعليم في الكليات والمدارس العليا والجامعات، والعمل القسري في بناء الثكنات والمنشآت العسكرية والحكومية بدون مقابل، والحرمان من الوظائف الحكومية مهما كانت المؤهلات العلمية، والمنع من السفر إلى الخارج مهما كانت المبررات ولو لأداء فريضة الحج.
ومن القوانين الظالمة والمجحفة في حق المواطن الروهينغي المسلم والسالبة لأبسط مظاهر الحرية، أنّه لا يجوز له أن يستضيف أحدا في بيته حتى وإن كان من أفراد عائلته، إلا بإذن مسبق، وأما المبيت فهو جريمة كبرى عقوبتها هدم المنزل والسجن والطرد من البلاد"!...
وأين الغرب من المجازر التي تتم للمسلمين في أفريقيا الوسطى على يد المليشيات الإرهابية المسيحية " أنتي بالاكا "؟
فبور مذبحة سربرنيتسا
بيوت قرية لوتا المحترقة جنوب العاصمة البوسنوية سراييفو
جامع أهينيش المدمر شمال غرب سراييفو
قتلى وجرحى في سراييفو
انظر إلى ملف هذه المذابح في هذا الرباط:
فقبل أن نلوم تنظيم داعش أو تنظيم القاعدة، نلوم الغرب نفسه.
فالغرب يحصد ثمار العلقم التي زرعها بنفسه بسبب سوء تصرفاته وإرهابه وهمجيته وبربريته وظلمه لدولنا ولكثير من دول العالم...
*****
وبالنسبة للدواعش:
هل هذه التفجيرات ستزيل تدخل الغرب في بلادنا؟
ألم تكن تفجيرات 11 سبتمبر 2001 ذريعة لتدخل الولايات المتحدة في أفغانستان وفي العراق؟!
لقد دمر العراق وأفغانستان، ودمر جيش العراق الكبير وقتل الآلاف من العراقيين والأفغانيين أمام تدمير برجين للتجارة في الولايات المتحدة!
ألم يكن ما يسمى بالإسلاموفوفوبيا واضطهاد الغرب للمسلمين ثمرة من ثمار تفجيرات 11 سبتمبر؟
فما العائد الذي سيعود على 56 مليونا من المسلمين يعيشون في الغرب من هذه التفجيرات سوى النفخ في وقود محاربة الإسلام والمسلمين والإسلاموفوبيا؟!...
المسلمون في الغرب هم الذين سيدفعون ثمنا غاليا يا دواعش...
كفى غباء يا قوم...
ما فعلتموه في باريس غدر وخسة ونذالة ولا علاقة له بالجهاد ولا بالإسلام ذاته!
الغدر عاقبته أليمة في الدنيا قبل الآخرة.
احترموا الدول التي أعطتكم تأشيرة وأمان للعيش فيها.
وجهوا أسلحتكم لمحاربة الصهاينة وعصابة جزار سوريا ولكل منْ يقتل شعبنا في سوريا وغيرها من البلدان المسلمة...
الجهاد في الإسلام لم يترك لحماس أهوج، إنما له فقه وأصول...
[1] سنن أبي داود برقم 2614
[2] إنجيل متى إصحاح 5 الآيات3- 12