(ق،قصيرة )(رحلة للجنوب )كلما ألقت بىّ الظروف ودبت قدمايّ في بوح الطريق ،أغمضت عيناي واحتسيت جرعة من كأسيّ المر ،ألم ما كنت أود أن يعاودني،ولا أنا بمنتظر له .! ،جُبٌ لعَينٌ وشجرة لم تمت ،يرتع في ظلها الشيطان ويسكن وعقود أربعة ،وشبح الصورة مازال ماثلاً في الأذهان ، تجر ي الأيام تلو الأيام لميتليء الدن من عكر هذا الدلو ، كل شيء كان يمضي للزوال ،ما عدا تلك الصورة التي لم تنس .! والمرارة في الروح تسكن الحلقوم ، كأن هناك من يحاول يخلدها أو لتبقي معلقة ،يرغمنا علي رؤاها . شيء ما يصير بنا إلي العودة ،والصورة تحتل عنق زجاجة الذكري، آه من تلك المرأة التي اجتمع كل سكان القرية علي صوتها ،صرختها كانت مُرعبة ، ونداءها كان نداء مستغيث ، (فإذا هم من كل حدب ينسلون ) جاءوا ليفترقوا ، ليتناحروا ،وليظل التناحر معمول به حتى حين ،هُدِمَ السكون بصوت المرأة وخدش الصمت علي صراخها المستغيث ،الماء الذي يجري في الأنهار يجري دائماً ناحية المصب يتغير ويتجدد بالجريان ،أما هذا الجب لم يتغير ماءه ولم يجر التغير عليه منذ أن رفع الدلو من فوق رأسه ،فتعفن ماءه وتبدلت رائحة هواه المنبعث من جوفه المكظوم ،كان هو النهر الذي يجري ليسقي العطشى ، وهو الغيث الذي يرتوي من ماءه الأحياء ، ثقل علي سواعدها أن ترفع دلوها كالعادة ، أنه لا يستجيب؟ تغرز أحداقها غرزاً في غور الجب ، تلتقط رؤية وسبباً ،ماذا هذا ؟ وما ذا به ليرتفع ؟يجهدها التعلق (بالكرك )،تركته يهوي ليغوص بما هو عالق به ،لجأت لبوح الطريق الذي شح وافتقر من المارة تنظر الآتي أو القادم ..! علي عجلة من أمرها ووهن يكاد يصيبها ، تأتي الطريق وتفصح عن سواعد فتي قادم ،ظن أنه قادر علي أن يأتي بالدلو ويعين المرأة الملهوفة ،لم يعرف أن يوسف ألقي بالجب ، وأن إخوته تأمروا علي قتله ،لكن يوسف خرج حياً ولم يمت ، فمن الذي مات وألقي به وتعلق ؟ ،ما زال أخوة يوسف علي قيد الحياة يرتعون وينعمون،ومازال قابيل ماثلاً ، لم يخزه أنه جاهل ليواري سوءة أخيه ،هابيل لم يخطئ ، قتل مظلوماً وأسيل دمه ، أما قاتله امتطي زورقاً للهروب ،لم يتنبأ بوجوده أحداً من البشر، هذه هي لوحتي المرعبة التي تمثل في عنق ذاكرتي ،لم تنفك يوماً عني ، الجثمان حين ينزلق من أربطته ليهوي مرة ثانية منتصفاً ومرفقاً ،لتطفوا قطعاً وأشلاء علي وجه المياه الراكدة ،بعد أن تحلل بعوامل الكيمياء وطول مدة مكوثه ،صورة تقشعر لها الأبدان ، وتلهب المشاعر بالحزن والأسى ، توطد الثأر ، وتعزز الخوف ،وتصب الشبهات علي الناس ويتمادي الوضع ويتفاقم ، وتنعدم البراءة علي الألسن وتمنعها الشفاه ،وتموت البراهين ،حين تموت الضمائر ،عسي أن لا يقابلك قاصدك المجهول ..!، في هذا الطريق الذي لم يتغير ،أنها لمفارقة عجيبة ،أن يكون البئر مدرسة ،في حلقة مفقودة ،يُأخذ ُالبريء جاني حتى يموت ،وال جاني بريء ولو أتيت بمليون شاهد موثوق ، تمنيت ألا أعود ، ولا أصدق خصماً في وعود ، ولو أتي وأقسم وأعطي كل العهود ، يتحرك شبحي ،ينظر وجهي ، لم أسمع أنفاساً ،إلا ويدا ًتقبض علي دبر قميصي ،ً ما كنت أأمل له عودة ، السياف يشهر سيفه ،ارحم ضعفي ، لا،،! قد حان القطاف ..! بقلم الكاتب سيد يوسف مرسي @@@@@@@
يعمل...
😀
😂
🥰
😘
🤢
😎
😞
😡
👍
👎
☕