
لا ندري ما تبقى ولم ينهدم .
في إحدى ليالي ثمانينات القرن المنصرم ، التقى الرئيس الأمريكي ( رونالد ريغان ) بالفرنسي ( فرانسوا ميتران ) بغواصة فرنسية كانت ترسو في مياه البحر المتوسط ؟ا
هل ضاقت حتى يجتمعا في مياه البحر .؟ا
توالت الأحداث بعدها، عاصفة، تعبث الحروب والانقسامات بالأرض، فتغيّر أديمها.
- كم كنا يومها نخوض ونلعب ، تلوك الألسنة الكلام ، لا تهضم أفئدتنا معانيه ؛ نتغنّى بالشعارات الفضفاضة ، نكتبها ثم نلحّنها ، نندّد بالامبريالية : تسقط أمريكا وإسرائيل ، ننادي بالجهاد في فلسطين ، النظام الذي يدفع بنا ، هو من يملى لغته على شعب ، نصفه حيران والنصف الآخر تملؤه السجون .
افتتح العالم ألفيته الثالثة بحملاته الصليبية، وكم كانت مدوّية، دفع المسلمون الثمن غاليًّا، لم تتوقّف حملاته المغرضة ضد الإسلام، وكل يوم ننهض فيه يكون معجزة ، ترى الموتَ أعيننا، تعتري صفوفنا ووحدتنا الأقدار، أخبارنا المؤلمة ، من أولها الى آخرها ، مؤسفة ومروّعة ، قتل واغتصاب... لأجلها أصبحنا نكره العالم الذي يحمّلنا كل المصائب التي تحدث . الصبر صار حليفنا الوحيد ، و المواقف الجريئة ، لبعض الغرباء أمثالنا ، تؤازرنا ، وما يحاوله الصهاينة الكلاب ، من إرهابٍ لتشويه صورتنا ، غايته التضييق على أناس اهتدوا وتبيّن لهم الرشد والصواب ، تطلّعوا إلى الأخلاق الأصيلة لمحمّدٍ – صلى الله عليه وسلّم - وصحبته ، لم يتوان الناس ،ولو لحظة بعدها ، في تفويت النطق بالشهادتين ، ودخلوا الإسلام ، كافّة ، جملة ودفعة واحدة ، كانوا قد وجدوا الهناء ومستقر العيش فيه ، فتخلّوا عن الرفاهية المترفة ، وحياة الفجور الكاذبة ، و راحوا ينشدون السعادة ، ما لم يجدوه في القصور الفخمة ، ولا في الوسائل الفاخرة ، ولا حتى في ترانيمهم القديمة ... فتنامى البغض والحسد في قلوب الكارهين للإسلام ، فاختلوا يديرون المكايد، يدقّون نواقيس الخيانة والغدر ، واستنفروا معلنين الحرب ، فكان الاجتماع بين الرئيسين بداية خيوط المؤامرة ، ويوم الحادي عشر المشؤوم من نهاية القرن الماضي ، أعلنوا الغزو ، فدمّروا أفغانستان ، ثم العراق بعده ، وسوريا الآن تغتصب ، والأمل ضاع في فلسطين ، يبكي اليمن السعيد ، وليبيا من ورائه تنقسم . بالكاد ندرك أحوالنا ، لا ندري ما تبقى ولم ينهدم.