" فاروق " تاجر الفتنة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • مصباح فوزي رشيد
    يكتب
    • 08-06-2015
    • 1272

    " فاروق " تاجر الفتنة


    " فاروق "
    تاجر الفتنة

    ، ليس من باب الصدفة ولكن لما يُروّج عنه من أخبار تجعلك تتوق إلي معرفته، كنت أعرفه لكن ليس بتلك الشهامة والخصال، ورغم صغر سنه، ونحن نكبره بسنوات، ورغم تواضع مستواه، وعنه يقول الخبير المحنّك " مصطفى " عميدنا :
    - " فاروق " هذا الذي تغالون فيه؛ تاجر " فتنة " ومستوى " أرد واز "، لا يلزمني.
    من كثرة ما أفقده الصواب .
    وكذلك صديقنا الطبيب، والذي صار لا يصبر ولو لحظة عنه، ويتغيّب باستمرار عن أنظار المرضى، ليلتحق بدكّانه الذي يتواجد على مسافة من العيادة، قد روي لنا عندما قام " فاروق " بإحضار والدته العجوز كي يعالجها وكانت تعاني من ضعف شديد وتعب مزمن ، وسألها الحكيم:
    - " تناولتِ " الأوميغا " التي اشتراها لك " فاروق " يا خالتي ؟
    وكان جوابها الذي لم يتوقعه " سالم " الطبيب:
    - " فأروقكم " هذا يا بني يعجز عن جلب مثقال ذرّة " سميد " ، فكيف يستطيع أن يوفّر لي " الدّامغة " أو " الأوميفجا " هذه التي لا أعرفها وذكرتها أنت .
    " فاروق " صاحب موهبة و ذاكرة قوية ، بإمكانه تقليد من يريد و متى يشاء ، خاصّة أولئك الذين و يجالسونه وترتاح نفوسهم إليه ، يتخلّصون من الأثقال اليومية المنهكة ، يجاريهم ويسحرهم ، ويعيد على مسامعهم ومرآهم كل السلوكيات المريضة فيضحكهم حتى ينتشوا .
    فاروق هذا ليس بصاحب مستوى كبير ، فالظروف الصعبة التي عاشها حرمته من مواصلة التعليم ، كما صرح لي بذلك عندما اختليت به في أحد الأيام ، وليس بالعبد المنافق ، لكنه متربّص ومخادع ، شديد الملاحظة ، يخفي ملامحه المزيّفة ونظراته الثاقبة من وراء عدستي نظارته القاتمة ، وحتى لا يرى الآخرون تقلّباته وانفعالاته ، كلامه كله إغواء وإغراء ، وشهاداته افتراء ، كيّس فطن، كالجمل في صبره ، صاحب أخلاق وهمّة ، وبعد كل تهريج يكرم ضحيته بشيءٍ من الملذّات وما تشتهي النفس ، رغم الضيق الذي تعاني منه الأسرة ، ورغم كل المال الذي جمعه وما عرف من الرجال ، ولم يكن ضمن اهتماماته الغنى ، ولا يستهويه جاه ولا يطمع في سلطة ، عشرته دواء ، لا يتكلم في أعراض ، صاحب ظلٍّ خفيف ، وروحٍ جميلة ( وجمال الروح هو الشيء الوحيد الذي يستطيع الأعمى أن يراه كما قال " جبران " ) .، كوميدي بامتياز ، يستهويك بتمثيلياته فلا تشعر معه بالوقت الضيّق وهو يمر ، ولا تتعب ولا تمل من الجلوس معه مطوّلاً، طيب المعاشرة ، يستطيع أن يجعل من قلبك موطنًا يليق بمقامه ؛ فالحياة بالنسبة إليه مدرسة ، والناس بهائم مبهمة ، والزمن أسئلته محيّرة ، استمدّ خبرته من رحم المعاناة ،
    فلا الشهادات تكسب الذكاء بالنسبة إليه، ولا مراتب التعليم تعكس المستوى لديه، ولا يستطيع أصحاب الأموال الذين يعتقدون في نجع الرفاهية الاستغناء عنه، ما جعل هذا " المشاكس " مثابة إكسير ، ومطلبًا للحصول ولو على أوقية من السعادة التي يفتقدونها .
    الطيبة والتواضع ميزتان لا يشترط معهما صاحبنا المفدّى مالا ولا سلطة ، بهما استطاع أن يسترقّ القلوب ويستلطف الميول والعواطف ، يجسّد بحق تلك الأمثلة الجزائرية التي تتكلّم عن بعض الظواهر الاجتماعية ، كالتي تقول مثلاً :
    " اللي ما همل وما هام ما يعرف قداش من ليلة في العام " و " جيب ولدك فاهم قرا ولا تجعلوا باش قرا "
    التعديل الأخير تم بواسطة مصباح فوزي رشيد; الساعة 20-09-2016, 19:16.
    لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ
يعمل...
X