مدير المستشفى جاءه لتوّه إلى الصّالة متسلّلاً عبر الأروقة والأبواب ( يبدو أن الممرّض هو من زفّ الخبر ) .
بادره بالترحيب فورًا حتى لا يلومه على الإخلال بنظام المستشفى ، ثمّ ترجّاه لعلّه يجد حلاً لمعاناة الخال أحمد:
-" تشرّفنا بحضوركم بيننا سيّدي … كما ترى فالخال أحمد أصبح يعاني أكثر من ذي قبل بسبب تزايد الألم ، هو في حاجة ماسّة لمسكنات لعلّه بها يهدأ وينام "
- " بارك الله فيك على نصيحتك وعلى تضامنك وتفانيك ... لكن أمره استعصى عليّ ولا أجد ما أقدّمه له خلال كل الشهور ومنذ أن توافدوا به إلى هذا المستشفى غير زجاجات أقوم باحضارها له من عند بعض الزملاء وعلى حسابي الخاص " .بادره بالترحيب فورًا حتى لا يلومه على الإخلال بنظام المستشفى ، ثمّ ترجّاه لعلّه يجد حلاً لمعاناة الخال أحمد:
-" تشرّفنا بحضوركم بيننا سيّدي … كما ترى فالخال أحمد أصبح يعاني أكثر من ذي قبل بسبب تزايد الألم ، هو في حاجة ماسّة لمسكنات لعلّه بها يهدأ وينام "
كان لقدوم المدير إلى الصالة أثرًا إيجابيًا على معنويات المرضى، وعلى حالة زوجة الخال أحمد خاصة بحيث تحرّرت المرأة وراحت تخدم مريضها المحجور بأريحية كبيرة . ونجح من جهته في هذه المهمّة النبيلة فنال احترام جميع المرضى الذين رأوا فيه صورة الملك المنقذ .جاءه الممرّض الجبان ( من كان وراء الأخبار التي تصل إلى المدير) يطلب منه شيئًا لم يكن في الحسبان:
- " أريد أن ترقي لي "
- " لكنني لست مرقّي ولا أحمل من الكتاب سوى بعض آيات أصلي بها "
لم يفلته الرجل وراح يصرّ عليه ويتوسّل إليه .جن اللّيل و أرخى سدوله على المستشفى والمرضى جميعهم نيّام و ليس سواهما بقى حيًّا .تسلّلا إلى مكتب المراقبة والمناوبة الطبية ، هناك جرى حوار بينهما ، عرّفه الرجل بنفسه وأنّه من قرية اسمها المراهنة تقع في الحدود التونسية . ( هو يعرفها أشد المعرفة لكنه لم يبد له ذلك ) ، عن ظروفه الخاصة وأسباب قدومه من العاصمة ليعمل كمراقب بسوق أهراس ، وأنّه ممّن يعتقدون كثيرًا في عالم الغيب والرّوحانيّات ، كما أنّه وثق به من أوّل نظرة رآه فيها ...وزاد عليها :
- " شوف يا صديقي المحترم أنا عندي أربع جنّيات يعملن لحسابي الشخصي ، اقوم بارسالهن فيأتونني بالأخبار التي أريد … وأنت ماذا لديك ؟ "
- " انا عندي جنرال كبير لا يقدر عليه أحد "
- " أعرف ذلك "
- " أمره غريب هذا الأحمق ؟! "
تساءل المسكين .
لم يجد ما يرد به عليه ، فاختلق له خزعبلة لعل وعسى يتركه يعود الى سريره أو على الأقل يغمض عينيه قليلاً .لكن الرجل تمادى في كلامه حرصًا على إبقائه حيًّا طول الوقت إلى أن حان وقت الجد:
- " هناك مكان في هذا المكتب أرقيك فيه .؟ "
من المؤكّد أن تجد مريحًا لدى المناوبين مكانًا للاسترخاء وحتى للنوم خلال أوقات المناوبة الليلية ، وعندما يشعرون بالنعاس فيقومون بهتك الواجب والأخلاق المهنية بعيدًا عن كل رقابة . طلب منه أن يسترخي على الأريكة ثم وضع يده فوق جبينه وعصب عينيه .بدأ بالبسملة ثم تجاوزها بالفاتحة ، أناخت عليه البقرة بكلكلها فتلعثم وتوقّف ؛تراه أنهى رقيته أم أنّه قد نسي ؟و للحادث اللعين الذي كاد أن يودي به ،أثره السلبي على ذاكرته .تدارك الممرّض المعتوه حاله بعد طول انتظار ، وقام إليه بعينين معصوبتين:
- " لا عليك ..أعرف أنّك تعبان بسبب المرض .. ما رأيك في مقايضة ؛ تقوم بزيارتي الى البيت ترقي عائلتي وأقوم من جهتي بتقديمك العلاج اللاّزم ؟"
.- " بالبيت ؟! "
- " أنا ممرّض مناوب وكما لا يخفى عليك هههه "
شيّعها بضحكة طويلة تخترق بصداها عرض الأجواء، وختمها بكشف المستور:
- " عندي مايكفي من قارورات مضادّات الالتهاب "
- " ومن أين جاءتك ؟"
- " نقوم بتسريبها ليلاً والناس نيام " .