مفتاح التواصل بين الأمم " لسان الأب آدم عليه السلام"-لغة العالم-

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • حاتم سعيد
    رئيس ملتقى فرعي
    • 02-10-2013
    • 1180

    مفتاح التواصل بين الأمم " لسان الأب آدم عليه السلام"-لغة العالم-

    الجزء الأول من الكتاب:
    1- منطلقات البحث:
    2-تقديم عامّ:
    3-كيف نشأت اللغة؟
    أ.نشأة البشريّة:(الكتب الدينيّة)
    ج. نشأة اللغة:

    مفتاح التواصل بين الأمم
    لسان الأب آدم عليه السلام
    المحور الأوّل: التاريخ الانساني

    1- منطلقات البحث:

    اجتهد الكثير من العلماء لبحث كيفية نشأة اللغة وسبب تعدّد اللهجات والألسن التي نطقت بها الأمم السابقة وتواصل نطقها بين المجموعات البشريّة إلى اليوم، فذهب بعضهم إلى اعتبارها نتاجا بشريّا خالصا، بدأ بالتخاطب عن طريق الإشارات والرموز وبعض الأصوات أو الصيحات التي لا تختلف كثيرا عن تلك التي تطلقها الحيوانات للتجمع أو التفرّق أو التعبير عن الفزع، فقد كان الإنسان الأوّل من منظورهم هذا، لا يختلف في شيء عن تلك الأجناس إلاّ بالعقل المفكّر، ولكنّه تمكّن من اكتشاف قدرة ذاتيّة هائلة تتيح له التحكّم في أطرافه السفليّة والعلويّة ويكفيه أن يأمرها بفعل أي شيء لتلبّي ما فكّر فيه فاستغلّها ليرسم على جدران الكهوف، حياته اليوميّة التي اعتمدت على الصيد، وبها تمكّن من تلقين خبرته للأجيال التي بعده ليستمرّ الحياة وتشهد الأطوار المعرفيّة اللاحقة.
    واستمرّ اكتشاف الإنسان لإمكانياته فبرع في تقليد الكثير من الأصوات التي يسمعها من عالمه فأصبح يعبّر بها عن تلك الأشياء، فيكفي أن يصدر ذلك الصوت ليعلم المحيطون به أنّه يقصد حيوانا أو شجرة أو جمادا، إلى أن تطوّر الأمر ليكتشف عديد الحروف التي بإمكانه أن يردّدها فاخترع لهجته الأولى التي عبّرت عن حاجته وهو ما سمّي ب:
    (الحاجة أمّ الاختراع)، وتواصل اكتشاف هذا الإنسان لمواهبه فجعل لكل حرف ينطقه رسما فاكتمل انجازه باختراع الكتابة.
    وذهب آخرون للقول والتدليل أن اللغة نشأت مع نشأة الإنسان وظهوره على سطح البسيطة من خلال الرّجل الأوّل وزوجه، حيث انتقل هذا العلم إلى الأولاد والأحفاد على مرّ العصور من خلال التلقين، لكنّه شهد تطورات وتغيّرات بحسب المحيط والحاجة إلى استعماله، ذلك أن هذا العلم بدأ بسيطا ليكبر ويتفرّع بتقدّم المعارف، أي أنّ الإنسان كلما اعترضه جديد أطلق عليه اسما مختلفا فتعددت اللغات من (زمان ومكان) إلى آخر.
    أمّا الرأي الأخير، فهو ديني واعتقادي بالأساس، ويعتبر أن اللغة كتلة واحدة، نشأت مع الإنسان الأوّل، لم يخترعها ولم يستحدثها ولا اكتشفها ولا زاد فيها شيئا ولا أنقص(أي أنّه لم يسمّي شيئا كان موجودا من عنده) ، بل تعلّمها من خالقه لتكون وسيلته لتحقيق الاستخلاف في الأرض وعبّروا عنها باللغة الأم، ويلتقي هذا الرّأي مع الرّأي الثاني ليسمّي الرّجل الأوّل (آدم) ومنه تخلق الأنثى (حواء) ومنهما ينشأ الأجيال، جيلا بعد جيل، ولكنّ الأبناء يخترعون لغات أخرى مختلفة، قد تشترك مع اللغة الأمّ في بعض كلماتها ولكنها تختلف في الكثير من التفاصيل كطريقة الكتابة، من اليمين أو اليسار أو من الفوق إلى أسفل، ويؤكدون أن اختلاف الحروف بين اللغات هو الدليل على تمكن الإنسان من اختراع لغات جديدة ويستشهدون أن الكثير من اللغات تنطق نفس الكلمات (ماما- بابا)، وهنالك من يعارض هذا الرّأي ويجعل جميع اللغات من خالق الإنسان.
    غير أنّ بحثنا هذا ورغم تبنيه للرأي الأخير في وجود اللغة الأمّ ويسمّيها (لغة الأب الأوّل)، يعتبر أن الإنسان لم يخترع أي اسم أو لغة بل يتناقل إلى اليوم نفس الأسماء والكلمات بصيغة مشوّهة، وبالتالي فهو يعتبر أن اللغات تتكلّم لسانا واحدا، ولذلك سيسمّي اللغة الأولى (لغة النشأة) وهي في الحقيقة لغة الأب الأوّل، ويحدّدها (باللسان العربيّ المبين) أما غيرها فسيعتبره (اللسان الأعجمي) الذي حدث فيه التغيير والتبديل في عدد من الحروف والنقص والزيادة في عدد من الكلمات، لأسباب مختلفة، فكانت النتيجة، اتّساع الهوّة بين هذه اللغات وبين أصلها، أما بالنسبة للكتابة فتعدّد أشكالها، لا يقيم الدليل أنها لغات مختلفة، فبالامكان مثلا كتابة اللغة العربية من اليمين إلى اليسير أو بالعكس وأيضا من الأعلى إلى الأسفل أو العكس، فالمهمّ هو الاتفاق، أماّ اختلاف رسم الحروف فهو من اختراع البشر بقدر الجمالية والذوق الذي يمتلكه الكاتب، ويكفي التدليل أن خطّ أي فرد يمكن أن يكون طريقة مستقلّة بذاتها في الكتابة.
    لابدّ من الإشارة إلى أنّ هذا البحث يتطلّب جهدا غير مسبوق في التعرّف على الكلمات من خلال اللغات والجذر العربي الذي أنتجها ما يعترض ذلك من اشكاليات، تكمن أساسا في فقدان بعض الحروف في عدّة لغات ولكن ما يجعلنا نؤمن أن هذا البحث يمكن أن يصل إلى نتيجة مقنعة وهو أن تلك اللغات الجديدة قامت بتعويض النقص من خلال صيغ لا تزال واضحة رغم اختلاف طريقة كتابة تلك اللغة، وللتدليل على هذا الرّأي سنحاول أن نأخذ أمثلة حقيقية من الناطقين بما نعتبره الأصل (العربيّة) وبين لهجات قبائلها وشعوبها لندرس اللهجة التونسية والبربرية ببيان بعض تفاصيلها وتعريب منطوقها، وكذلك بعض اللغات الأخرى القائمة التي أصبحت عنوان تحضّر وامتلاك للمعرفة كالفرنسية والانجليزية، وذلك منتهى الجهد الممكن لأن اللغات الشرقيّة كالصينية أو اليابانية لا نعرف عنها الكثير، وهي بذلك تتطلب بحثا مستقلا..
    2-تقديم عامّ:

    يطلق على علم اللغات اسم "علم الفيلولوجيا" وهو حب الكلمات والحروف والأدب ولكن هذه الكلمة الهجينة يمكن أن تعني واقعا يمكن التعبير عنه (علم الفلول واللجوء)، الفلول بمعنى الانفصال والتناثر والتفرق، واللجوء بمعنى الالتصاق ، وهو علم يدرس اللغات ويعرفها بأنّها أصوات يعبّر عنها كل مجموعة وكل جيل من الناس عمّا يدور حولهم وما يختلج في وجدانهم، وهي اللسان الذي يشير إلى المصطلحات التي وقع الاتفاق عليها بين قوم من الأقوام للتعبير عن شيء ما.
    تشير بعض الدراسات إلى أن اللغة الأصليّة الأولى يمكن أن تكون اللغة البابليّة، وبذلك يعتبرونها أقدم لغة تكلّم بها بنو البشر، وتعود حسب استنتاجاتهم إلى أزيد من خمسة آلاف سنة.
    أمّا في عصرنا هذا فإنّ هناك أكثر من ثلاثة آلاف لغة يتكلم بها أهل الأرض، ومنها مئة لغة يتحدّث بها أكثر من مليون شخص، ومن هذه المئة لغة هناك تسع عشرة لغة يتحدّث بها ما يزيد عن خمسين مليون نسمة.
    في عصرنا الحالي هناك خمس لغات أساسيّة يتحدث بها أكثر سكان دول العالم كلغة رسميّة أو ثانويّة، وهذه اللغات هي: اللغة العربيّة، واللغة الإنجليزيّة، واللغة الفرنسيّة، واللغة الإسبانيّة، واللغة البرتغاليّة.
    كل قارة من قارات العالم فيها لغات خاصّة بها، ففي أوروبا هناك اللغة الروسية والإيطاليّة، والألمانيّة، أمّا في آسيا فهناك اللغة الصينيّة والهنديّة والإندونيسيّة واليابانيّة، وغيرها.
    أمّا اللغة العربيّة فهي تنقسم إلى قسمين أساسيين: اللغة العربية الفصحى وهي لغة القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، وهي مشتركة بين جميع الدول العربيّة، وهناك اللغة العربيّة العاميّة والتي يتكلّم بها سكان الدول العربيّة، لكن كلّ دولة عربيّة لها لهجتها ولكنتها الخاصّة، فلهجات البلدان العربيّة الافريقية تختلف عن تلك الحجازيّة أو الخليجيّة.




    3-كيف نشأت اللغة؟

    مثلما أشرنا منذ البداية فإن اللغة بحسب الدارسين نشأت على قولين:
    إما بتعليم مباشر من الله ثم كان هذا التوليد البشري الكثير والثري، أو بتقليد لأصوات الطبيعة أو بالمواضعة أي التفاهم بينالمجموعات البشرية الأولي.
    ونحن ننطلق من القول الأوّل لأنّنا ملتزمون دينيا وقبل كلّ شيء ولمن يريد أن يعود لأقوال الفلاسفة والباحثين الأثريين أو أساتذة اللسانيات أن يراجع ما قاله افرام نعوم تشوميسكي العالم الأمريكي بخصوص المدرستين، فنحن نعتبر أن اللغة الأولى نشأت مع الخلق الأوّل بتدخل إلهي.


    4.نشأة البشريّة:

    أ- في الكتب المقدّسة عند اليهود:

    أورد لنا الكتاب المقدس عند اليهود الذي يعتبر أكبر موسوعة معرفيّة للأمم السابقة تفصيل خلق العالم ونشأة آدم و حواء. فقبل أن يخلقهما الله قال في تكوين 1: 26 "وقال الله نعمل الإنسان علي صورتنا كشبهنا فيتسلطون علي سمك البحر وعلي طير السماء و علي البهائم و علي كل الأرض" فهنا أوضح الله السبب الذي من أجله خلق الإنسان و أيضا الشكل أو المثال الذي خلقه عليه. و قد أكد الله طبيعة خليقته و الغرض منها فقال أيضا في الأعداد التالية 27 "فخلق الله الأنسان علي صورته. علي صورة الله خلقه. ذكرا و أنثي خلقهم 28 وَبَارَكَهُمُ اللهُ وَقَالَ لَهُمْ: «أَثْمِرُوا وَاكْثُرُوا وَامْلأُوا الأَرْضَ وَأَخْضِعُوهَا وَتَسَلَّطُوا عَلَى سَمَكِ الْبَحْرِ وَعَلَى طَيْرِ السَّمَاءِ وَعَلَى كُلِّ حَيَوَانٍ يَدِبُّ عَلَى الأَرْضِ». 29وَقَالَ اللهُ: «إِنِّي قَدْ أَعْطَيْتُكُمْ كُلَّ بَقْلٍ يُبْزِرُ بِزْراً عَلَى وَجْهِ كُلِّ الأَرْضِ وَكُلَّ شَجَرٍ فِيهِ ثَمَرُ شَجَرٍ يُبْزِرُ بِزْراً لَكُمْ يَكُونُ طَعَاماً. 30وَلِكُلِّ حَيَوَانِ الأَرْضِ وَكُلِّ طَيْرِ السَّمَاءِ وَكُلِّ دَبَّابَةٍ عَلَى الأَرْضِ فِيهَا نَفْسٌ حَيَّةٌ أَعْطَيْتُ كُلَّ عُشْبٍ أَخْضَرَ طَعَاماً». وَكَانَ كَذَلِكَ" ثم فصّل الكتاب المقدس خليقة آدم في الأصحاح الثاني من سفر التكوين فقال "7وَجَبَلَ الرَّبُّ الإِلَهُ آدَمَ تُرَاباً مِنَ الأَرْضِ وَنَفَخَ فِي أَنْفِهِ نَسَمَةَ حَيَاةٍ.
    فَصَارَ آدَمُ نَفْساً حَيَّةً" أما عن خلق حواء فقال الكتاب المقدس في نفس الأصحاح "21فَأَوْقَعَ الرَّبُّ الإِلَهُ سُبَاتاً عَلَى آدَمَ فَنَامَ فَأَخَذَ وَاحِدَةً مِنْ أَضْلاَعِهِ وَمَلَأَ مَكَانَهَا لَحْماً. 22وَبَنَى الرَّبُّ الإِلَهُ الضِّلْعَ الَّتِي أَخَذَهَا مِنْ آدَمَ امْرَأَةً وَأَحْضَرَهَا إِلَى آدَمَ. 23فَقَالَ آدَمُ: «هَذِهِ الْآنَ عَظْمٌ مِنْ عِظَامِي وَلَحْمٌ مِنْ لَحْمِي. هَذِهِ تُدْعَى امْرَأَةً لأَنَّهَا مِنِ امْرِءٍ أُخِذَتْ»"
    ب. في القرآن الكريم:
    أشهرَ ما جاءَ في القرآن عن رواية خلق الإنسان وأكثره تفصيلاً، ما قاله الخالق سبحانه وتعالى في سورة "المؤمنون": "ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين (12) ثم جعلناه نطفة في قرار مكين (13) ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاما فكسونا العظام لحما ثم أنشأناه خلقا آخر فتبارك الله أحسن الخالقين (14)". وفي سورة السجدة: "الذي أحسن كل شيء خلقه وبدأ خلق الإنسان من طين (7) ثم جعل نسله من سلالة من ماء مهين (8) ثم سواه ونفخ فيه من روحه وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة قليلا ما تشكرون (9)".

    ج. نشأة اللغة:

    التاريخ الانساني (البشريّ) لا يزيد عن كونه تاريخ أمّة من الناس كانت مجتمعة وتفرّقت في أرض الله الواسعة، وأنّ هذه الأمّة كانت تملك لسانا واحدا فتحوّل إلى لهجات ولغات مختلفة مصداقا لقوله تعالى في كتابه العزيز:
    كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أوتوه مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْياً بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ(سورة البقرة: 213).
    وقوله تعالى ( يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة ).
    وقوله تعالى: ( وهو الذي أنشأكم من نفس واحدة )
    وقوله تعالى: (وَمَا كَانَ النَّاسُ إِلَّا أُمَّةً وَاحِدَةً فَاخْتَلَفُوا ).
    وقوله تعالى: (وَلَوْلَا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَجَعَلْنَا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفاً مِنْ فَضَّةٍ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ )(سورة الزخرف: 33).
    فلا مجال للقول أن الإنسان اخترع اللغة لأنّها تتناقض مع قوله تعالى:
    ( وعلم آدم الأسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة فقال أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين ( 31 ) قالوا سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم ( 32 ) قال يا آدم أنبئهم بأسمائهم فلما أنبأهم بأسمائهم قال ألم أقل لكم إني أعلم غيب السماوات والأرض وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون ( (33 ) ِ.
    آدم عليه السلام هو تلك النفس الواحدة ومنه وجدت كلّ النفوس البشريّة حتّى الأم حوّاء، قال تعالى:
    (هو الذي خلقكم من نفس واحدة وجعل منها زوجها ليسكن إليها فلما تغشاها حملت حملا خفيفا فمرت به فلما أثقلت دعوا الله ربهما لئن آتيتنا صالحا لنكونن من الشاكرين (189)فلما آتاهما صالحا جعلا له شركاء فيما آتاهما فتعالى الله عما يشركون ( 190 ) )سورة الأعراف.
    ينبه تعالى على أنه خلق جميع الناس من آدم عليه السلام ، وأنه خلق منه زوجه حواء ، ثم انتشر الناس منهما ، كما قال تعالى:
    ( يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم ) الحجرات : 13 )).
    وقال تعالى:
    (يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء (1)الآية ( النساء) .

    وقال تعالى :
    (وجعل منها زوجها ليسكن إليها ).
    كما قال تعالى :
    ( ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة)
    (الروم : 21 )).
    لكنّ الأحداث التي شهدتها الإنسانية على مرّ الزمان، لعبت الدور الأبرز في تشكيل (ألسن) لغات أعجميّة مختلفة بتفاوت عن اللسان الذي نطق به التلميذ الأوّل (آدم عليه السلام) يوم الامتحان العظيم أمام الملائكة عند عرضه للأسماء التي تعلّمها، فقد ورد في تفسير تلك الأسماء أنها لكلّ شيء مما نراه ونلمسه ونسمعه في الحياة الدنيا، قال مجاهد عن قوله تعالى ( وعلم آدم الأسماء كلها) أي : علّمه اسم كل دابة ، وكل طير ، وكل شيء).
    وعبثا يحاول اللسانيّون والباحثون في تاريخ الحضارات أن يقنعونا أن هذا اللسان هو لسان قريش أين بدأ تنزّل الوحي على رسوله الكريم لأنّه لسان جميع الأنبياء مصداقا لقوله تعالى:
    ( فَبَعَثَ اللَّه النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ) وقوله عن القرآن: ((وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِّسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَظ°ذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُّبِينٌ(103النحل)) لأنّ الله قد تحدّى جميع الخلائق أن يأتوا بمثله:
    ( أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ(يونس 38)).
    وقال تعالى:
    ( قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا).
    وقوله جلّ جلاله:
    ( أم يقولون افتراه قل فأتوا بعشر سور مثله مفتريات وادعوا من استطعتم من دون اللّه إن كنتم صادقين)((هود)).
    وقوله تعالى:
    (أم يقولون افتراه قل فأتوا بسورة مثله وادعوا من استطعتم من دون اللّه إن كنتم صادقين).
    حتّى تأويل القرآن كانوا عاجزين عنه فتحدّاهم الله أيضا بقوله:
    (بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه ولما يأتهم تأويله).
    ويعود السبب في عجزهم عن تأليف ما يشبه القرآن أو حتّى تأويله رغم أنهم (عرب قريش) لجهلهم عديد الأسماء التي لا يعلمها إلاّ هو تبارك وتعالى ومن علّمهم من النبيين لأنّهم حملة علمه.
    يقول تعالى:
    (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ * وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * قُلْ لَكُمْ مِيعَادُ يَوْمٍ لا تَسْتَأْخِرُونَ عَنْهُ سَاعَةً وَلا تَسْتَقْدِمُونَ).
    (سورة سبأ:28-30).
    ويقول تعالى: (قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا)(سورة الأعراف:158).
    وكذلك:( تَبَارَكَ الَّذِي نزلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا) (سورة الفرقان:1).
    أمّا ادعاء هؤلاء العرب (الأعراب) من (قريش) أن هذا الرسول الخاتم هو جاهل (أمّي) لا يقرأ ولا يكتب فذلك أنّهم هم الأمّيون بصريح الآية:
    ( هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ). (الجمعة3).
    وقوله تبارك وتعالى مخاطبا نبيه الكريم صلى الله عليه وسلّم:
    ( اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ(1)خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ(2)اقْرَأْ وَرَبُّكَ ْالأَكْرَمُ(3)الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ(4)عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ(5)). (سورة العلق).
    ونختم بقوله تعالى:
    وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً عَلَيْهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَجِئْنَا بِكَ شَهِيداً عَلَى هَؤُلَاءِ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ( سورة النحل)89.
    والسؤال الأوّل:"كيف يكون الرسول شهيدا على الأشهاد إذا كان لا يعرف لغتهم وكانوا أمما مختلفين في لهجاتهم؟"، بل إنّنا لا نستغرب أن يستحدث الناس لسانا جديدا مختلفا أو لسانا يجمع جميع اللهجات الموجودة في العالم إذا كانت الكلمة والاسم والفعل من إنتاج البشر لا يعرفه إلا المتكلّمون به.
    السؤال الثاني:"إذا سلّمنا أنّ القرآن محفوظ من قبل الله تعالى، فهل أنّ العرب الذين تنزّل القرآن بلسانهم قد جاءهم وعد من السّماء أن يكونوا باقين ما بقي هذا القرآن فهما وعلما بما جاء فيه وبمفرداته ومعانيه وأنّهم لن يتركوا هذا الدّين إلى غيره من الأديان الأخرى سواء قهرا أو عن اقتناع أو أن يبادوا عن بكرة أبيهم، هل ستصبح تلك الآيات نصوصا تاريخيّة لقوم آخرين يجعلونها في متحف الذكريات؟".
    تنبيه: وجب التنبيه أن البلدان العربية اليوم جميعها تتكلّم لغات أجنبية وتمارس الحياة المدنيّة وتطلع على جميع الحضارات فتتبدّل تقاليدها وعاداتها ومعاملاتها وسلوكاتها ولباسها في كل يوم يمرّ (وتلك سنة الحياة) وحتّى الكلمات لم يبق من معانيها إلا ما هو ضروري للمعاملات اليوميّة.
    السؤال الثالث:"إذا كان الخلق المعمّر لهذه الأرض من نفس واحدة هو "آدم عليه السلام" وهو قد تلقّى العلم من ربّه فاستخلفه فيها فكتب الله له من العمر ما جعله أبا وجدا لجميع الخلائق البشريّة، ألا يجدر بنا أن نقول أنّه كان المعلّم فأخذوا عنه علم الكلام كما يأخذ أطفالنا منّا ، فكيف ندّعى أن اللغة لم تكن موجودة واستحدثتها الضرورة؟".
    تنبيه: يمكننا أن نفترض أن هنالك من البشر من نسي علم هذا الكلام فأحدث لغة جديدة، والاجابة عن هذه الاشكاليّة تكون منطلقاتها دينية بالأساس والعلم الحديث يمكنه تأكيدها بما لا يدع مجالا للشكّ، حين نستشهد بآيات القرآن أن الله لم يترك الخلق من غير معلّم على طول الأزمنة سمّاهم الأنبياء والرسل فجاؤوا لتصحيح المسارات الخاطئة لأنّه من الواجب تذكير الانسانيّة بسبب وجودها وتعريفها بأوامر الله ونواهيه وهو ما نسميه المعرفة التامّة بالتشريع الإلهي وهذا بديهي عند المتدينين الذين لا يختلفون أنّ الهدف من بعثة الأنبياء هو: التعليم والتربية وإقامة العدل والقسط في المجتمع وهداية الناس إلى جادة التوحيد، وبالتأكيد فإنّ مثل هذه المسؤوليّة تعتبر مهمة شاقة وعسيرة وتحتاج إلى معرفة تامة واطّلاع واسع بأحوال النّاس لكي يتسنّى للنبي أن يقوم بالمهمة الخطيرة الموكلة إليه على أحسن وجه وأيضا بالسنن الإلهية.
    نحن لا يمكننا أن نتصوّر أنّ اللّه سبحانه وتعالى يكلّف طائفة من الناس ويرسلهم للقيام بمهمة خاصة وتحقيق هدف معين ولا يزودهم في الآن ذاته بالوسائل والإمكانات الضرورية التي يحتاجون إليها لتحقيق وإنجاز ما يراد منهم.
    ومن الممكن معرفة ولمس حقيقة علم الأنبياء من خلال مراجعة الآيات الكثيرة التي تحدّثت عن علومهم (عليهم السلام) نذكر نماذج منها:
    1. ما ورد في حقّ داود (عليه السلام) :( ...وَآتاهُ اللّهُ الْمُلْكَ وَالحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمّا يَشاءُ).
    2. وقال سبحانه في حقّ يوسف (عليه السلام) :(وَلَمّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْناهُ حُكْماً وَ عِلْماً... )
    3. وأمّا لوط(عليه السلام) فقد وصفه سبحانه بقوله:( وَلُوطاً آتَيْناهُ حُكْماً وَعِلْما.ً...(
    4. وقال سبحانه واصفاً موسى (عليه السلام): ( وَلَمّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوى آتَيْناهُ حُكْماً وَعِلْماً...)
    كل هذه الآيات وغيرها تمكّننا من التأكيد أن هنالك سرّا الهيا ومفتاحا للتواصل بين الخالق سبحانه وجميع أنبيائه وكذلك خلقه وهذا البحث يعتبرذلك المفتاح (اللغة الأمّ) وهو بالنسبة إلينا (اللسان العربيّ المبين) الذي تفرعت عنه جميع الألسن في كامل أرجاء الأرض، وسنحاول أنّ نؤكد تبعا لذلك أنّه يحمل جميع الأسماء والمعاني الصالحة لحياة البشر في كل المجالات ليتكلّموا به عن أنفسهم وما حولهم، مع التأكيد أننا لا نعلم بوجود مثل هذا اللسان إلا لدى من اختصهم الله تعالى بعلمه من الأفراد وليس من الشعوب أو الأمم والقبائل ونقصد بهم (المبعوثون من الأنبياء والرسل عليهم السلام) وهو ما يجعلنا نخلص إلى أن علمنا ناقص بالكثير من مفردات وكلمات واشتقاقات هذا (اللسان العربي المبين) الذي تنزّل به الوحي على خاتم المرسلين وسمّي القرآن الكريم، بعد أن أصبح الخلق شعوبا وقبائل تختلف حاجاتهم بحكم ممارساتهم اليوميّة وطريقة عيشهم والعناصر الطبيعية التي تحيط بهم وهو ما يحقق مقولة (فاقد الشيء لا يعطيه والذي لا يحتاج إلى شيء ينساه)، ومن الإعجاز الموجود في القرآن (ذلك اللسان العربي المبين) الذي هو نتاج (اللغة الأب) ، أنّه قادر على الوصف بطرق لا يمكن لعقل بشري ناقص أن يستوعبه كلّه، فطرق المشي والّأكل واللباس والمعاملات وما يختلج في العقل والأنفس وأسماء الحيوانات والكواكب والتراب والنبات قد تمكّن من وصفها والحديث عنها بأيسر السبل وأقل الكلمات فقال عنه تعالى:(ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين(الآية) وقد فسّر الإمام جعفر الصادق هذه القولة بقوله:"فيه ( أَى في القرآن ) خبر السماءِ ، وخبر الارض ، وخبرَ ما يكون ، وخبر ما هو كائن (فيه تبيان كل شيء)".فكيف يمكن التدليل على هذا البيان وهذا الاعجاز من خلال قوم من الأقوام لم يعرف عندهم علم كثير تسمّوا قبائل عربيّة.
    نحن نقرأ في هذه الآية أنالبشرى تهم المسلمين وهؤلاء أجناس كثر قد نجد فيهم من لا ينطق بهذا اللسان.
    لا شكّ أنّنا في حاجة لمعرفة جديدة تقيم الدّليل أن اللسان واحد تفرعت عنه عدّة ألسن مختلفة بنسب، مع الأخذ بعين الاعتبار أن لسان العرب هو الأقل إعجاما (تغيّرا) من الألسن الأخرى لأنّه حافظ على اللسان الذي نزلت به كلمات القرآن كما تقرأ وتنطق، وغيرها قد حدث فيه تبديل وتغيير كبير حتّى أصبح كأنه لغة جديدة مع كتابة تختلف من حيث الرسم
    .
    نتابع ان شاء الله


    مميزات اللغة العربية عن غيرها:







    حاتم سعيد

    من أقوال الامام علي عليه السلام

    (صُحبة الأخيار تكسبُ الخير كالريح إذا مّرت بالطيّب
    حملت طيباً)

    محمد نجيب بلحاج حسين
    أكْرِمْ بحاتمَ ، والإبحارُ يجلبُهُ...
    نحو الفصيح ، فلا ينتابه الغرقُ.

يعمل...
X