
نرى اليوم كيف أدار العالم " البراغماتي المتنوّر " ظهره للمبادئ والأخلاق والقيّم، وراح يبحث بملايين السنين الضوئية عن كوكب آخر أكثر صلابة من الأرض يلائم عنجهيته ويتأقلم فيه، حتى ولو انعدمت فيه صور الحياة الجميلة وخلا من المشاعر الإنسانية البريئة.
هل يجدر بنا أن ننعت هذا العالم المتعجرف بأقبح النعوت؟
كيف ونحن نراه يتقدّم بخطوات رهيبة نحو المستقبل؟
لكنه تطوّر مشوب بالعواقب.
بصورة غير مسبوقة، يقبل العالم على تعزيز فلسفته المادّيّة ويرفع من مكانتها، ويقتل لأجلها، ويسفك الدّماء، ويشرّد، ويهلك النّسل ويدمّر، ويُخرّب، ويسلب الحريّة باسم قوانين جائرة، وبراغماتية لا تحترم شعيرة، لا كبيرة ولا صغيرة، ولا تعترف بالدين ولا بحرمة مقدّساته، وتنظر إليه – الدين -على أنّه مجرّد طقوس وممارسات تُغيّب المنطق والعقل والصّواب.
وتماهت البشرية مع السياسة الغاشمة التي تخلو من المبادئ والقيّم، وعادت الجاهلية القديمة بوسائل معاصرة، لتنشر العنصرية وتثير البغض والكراهية في القلوب ومعها كل الأمراض النفسية والرّوحية وحتى العضوية ... ورغم توفّر أسباب الرّاحة والترفيه أكثر من ذي قبل ، إلاّ أنّ الطمع، والجشع ، وكثرة الحرص على الدّنيا ، والخوف من القادم المجهول ...أصاب الناس في مقتل ، ولم يعد يجدي مع أمراض القلوب علاج ، لا في المساجد ولا خارجها ، لأن الوعّاظ بدورهم طلّقوا الآخرة و أقبلوا على الدنيا ، وصاروا يفتون للسلطان الجائر ، ولا يرقبون الله – عزّ وجل - ، ولم تعد لديهم شجاعة ولا نجاعة كافية لتشخيص أمراض ضحاياه رجال في أعلى هرم السلطة ، من حكومات ومنظومات فاسدة تمارس الضّحك والكذب على الذقون والعقول واللّحى .
وترانا نحن العرب خاصّة، وبما لدينا من نفط ومعادن لا تقدّر بثمن، لا نملك أسباب التكنولوجيا ولا الوسائل المعرفية التي من شانها ترفع التحدّي، وتفتح أمامنا الآفاق والأبواب، وتخرجنا من دوائر التخلّف...سوى ما نقوم بتوريده من أغراض باتت مفضوحة ووسائل تقتل النّخوة والإرادة، مثل تلك التي تُهيّج عواطفنا وتحرمنا من نعمة العقل والتفكير.
ونبقى نعاني من الجهل والحرمان، ومن الأنظمة التي تخشى من الحريّة والديمقراطية، وعلى رأسها حرية التفكير والتعبير، وتتصرّف بحريّة مطلقة دون حسيب أو رقيب، وتُعامل شعوبها مثل القطيع؛
والجهلُ يُفقد الحياة بريقَها،
وأمّا الأخلاق فتُميّز البشر عن بقية الأنعام.