امرأة تخترق باب البيت/محمد هادي عون- تونس

Spread the love

امرأة تخترق باب البيت

استيقظت قبله،

وهزمت كعادتها ديك الحي المغرور.

الفجرُ ملكها،

وبردُ الصباحِ والدثارُ لنا،

وللديكِ المهزوم.

استيقظت قبله،

وتحسست بكفها المتجعّد الفراش،

تبحث عن غطاء رأسها،

تحسب الظلامَ يخشى من نورها،

هاربًا من شمسها.

إنها تشرق مع الشمس،

فتحجب الظلمة في أحشائها.

استيقظت قبله،

ووقفت أمام المرآة،

تنظر إلى أطفالها،

إنهم مبعثرون على جسدِها،

ينهلون الحياة من روحها.

خجلت من حسنها المرآةُ،

فرفضت أن تعكسَ تجاعيد وجهها

وحروق يديها.

هي حتى لم ترَ انعكاسها،

ولم ترَ أثر السنين،

لأنه لا يوجد لها مجال للحنين،

لا يوجد لها مجال للأنين.

استيقظت قبله،

واخترقت بابَ البيت.

إنها تخترق الزوابع والأنواء،

والحرّ والجليد.

إنها امرأة من حديد.

استيقظت قبله،

وخرجت تعمل يوم العيد،

عيد المرأة،

الذي يعود لنا من جديد.

هي تعمل صباحًا مساء،

ويوم السبت والأحد ويوم العيد،

فهي إن سكنت،

لن تجد رغيفًا ولن تجد ثريد.

مكافحةٌ امرأةُ السبتِ والأحدْ،

حبها للبلادِ تلِدٌ تلِدْ،

رغم أنها في وطنٍ يشقيها

صباحًا مساءً ويوم الأحدْ.

ما بكِ، حبيبتي، تسرعين؟

ما بكِ تهرولين؟

هل على خبز طفلكِ تنتفضين؟

أم على دواء ابنكِ تلهثين؟

تلك المرأةُ العنيدةُ،

امرأة تهوى التحدي،

وتعشق الحريةَ ولا تلين.

سيدتي العنيدةُ، إنكِ تذوبينَ

في كأسِ التضحيةِ والأنينْ،

تتجاهلينَ نفسكِ

وتستمرينَ في الذوبانِ،

وتذوبينْ.

المرأةُ في بلادي مرآةُ السنين،

إنها عنوانُ المجاهدِ الأكبر،

بل أكبرُ المجاهدين.

ليصمت كل أفّاقٍ،

كل متزلّفٍ مَهين،

يرقصُ على جثثِ النساءِ والأمِ والابنة،

لَعينٌ، يتشدّق بالأوهامِ،

يقفز على الأحداثِ،

إنه كاذبٌ،

بل أكبرُ الكذّابين.

المرأة في بلادي

تبحث عن ابنها،

عن حبيبها،

عن والدها،

عن أخيها،

تبحث عن وطنٍ يحبها ويحييها.

تنظر إلى رجولةٍ تحترمها وتحتويها،

في غابةٍ ظلماء،

في عالمٍ لئيم.

أيا امرأة رأيتها في خيالي،

جسدها ممشوقٌ ممدود،

تتوهّج نورًا،

تطفو على بحيرةِ الكونِ،

تُشرق الدنيا من داخلها،

تنشرُ العالمَ حُبًا بلا حدود،

وتتوق للحريةِ والوجود.

هي ملاك، بل طائرُ سلام،

خُلقت من روحٍ معطاءة، ونقاء الإنسان،

وهي للرجل عقل واتزان.

المرأة العربيةُ

فخرٌ وعلمٌ وجمال،

لكن في زماننا ما زالت تُستباح،

ما زالت مُنتهكة،

حقوقها تُغتال.

سلام عليكِ أيتها المرأةُ،

أنتِ الأمُ والزوجة،

والأختُ والابنة،

أنتِ العائلةُ والأسرةُ والاستقرار.

سلامٌ، نساء بلادي، سلامٌ،

وأتمنى أن أرى كل امرأةٍ

في وطنها أميرةً، سعيدةً،

حرّةً تنعمُ بالحريةِ والسّلامْ.

 

-الشاعر محمد هادي عون- تونس

اختيار سليمى السرايري

Related posts

Leave a Comment