هَلِ النِّهَايَاتُ لَذِيذَةٌ؟
نَحْنُ مَنْ نَرِثُ السَّمَاءَ ذَلِكَ الْمَاء
وَنَنْزَلِقُ كَطِفْلَيْنِ فِي الْاحْتِرَاقِ
دَعْ عَنْكَ مَا يُقَالُ فِي الْجَلَسَاتِ السِّرِّيَّةِ
وَلَا تُصْغِي لِلْأَفْوَاهِ الْهَوْجَاءِ
كُلَّمَا أَسْكَرَنَا الشَّوْقُ نَبِيذًا
وَغَرَقْنَا فِي الْعَطَشِ…
قُلْ شِعْرًا وَتَعَالَ حَبيبِي،
اِنْتَبَذْ مِنَ النَّثْرِ نَخِيلًا يُغَنِّي
فَأَنَا لَا أُحْصِي عَدَدَ الثِّمَارِ الَّتِي….
وَلَا أُدْرِكُ جُنُونَ الرُّومَنْسِيِينَ
الَّذِينَ اِجْتَاحَهُمْ الْحُبُّ
أَنْتَ بُسْتَانٌ مُتَّسَعٌ فِي مَدَاِيَ
وَأَنَا هَمْسَةُُ مَسَاءٍ عَلَى شُرْفَةِ التِّيهِ
أَضَاعَتْ طَرِيقَ عَوْدَتِهَا إِلَيْكَ…
أَنَا لَحْنٌ أُسْطورِيٌّ مِنْ سِيمْفُونِيَّاتِ الْفُصُولِ
رَاقَصْنِي إِذَنْ، كإلَاهَةٍ شَبَقِيَّةٍ،
تَرَكَتْ شُمُوعًا تَذُوبُ فِي كَنَائِسِ التَّمَنِّي
كَأُرْجُوحَةٍ مُلَوَّنَةِ مِنْ زَمَنٍ مَا.
كُنْ أَنْتَ فَقَطْ،
كُلُّ الْمُشَاهِدِ وَكُلُّ الْأَشْرِطَةِ وَكُلُّ الْأَسَاطيرِ
وَالْخُرَافَاتِ الْقَدِيمَةِ…. والحَدِيثَةِ
وَقَصَائِدُ السُّكَّرِ الَّتِي فَاضَتْ مِنْ كُؤُوسِ المُنَى
وَانْسَابَتْ كَحَبيْبَاتِ ضَوْءٍ فِي الْأَرْوِقَةِ…
ضُمَّنِي أَكْثَرَ، كُلَّمَا اشْتَدَّ الْفَرَاغُ
وَاِقْتَبَسَتِ الْقُبُلَاتُ حَرَارَةَ الشِّفَاهِ
خُذْ مِنْ أَلْوَانِ عَيْنِيْ مَا يَكْفِي لِلْعَتَمَاتِ
وَمَا يَجْعَلُ اللَّيَالِي مُتَلَأْلِئَةًً
لَا تَكْتَرِثْ إِنْ قُلْتُ لَكَ سَأَرْحَلُ
مُتَأَهِّبَةً لِلضَّيَاعِ
لِعُنْوَانٍ بِلَا شَارِعٍ وَلَا رَقْمٍ
فَأَنَا لَمْ أَكَنْ أَشْتَهِي الذَّهَابَ قَبْلًا
وَلَمْ أُفَكِّرْ…
فَهَلِ النِّهَايَاتُ لَذِيذَةً حَبيبِي؟
كَرَائِحَةِ الْوَرْدِ الَّذِي انْتَشَرَ؟
كَالْعِطْرِ الَّذِي فَاضَ مِنْ إِنَاءِ الكَوْنِ؟
كَشَجِرِ الْمِسْكِ الَّذِي عَبَقَ؟
اِقْتَرَبْ أَكْثَرُ مِنْ حَفِيفِ ثَوْبِي
وَمِنِ اللَّهْفَةِ الشَّاهِقَةِ
أَنْتَ مَنْ يُدْرِكُ مَا تَبَقَّى مِنْ فَرَحٍ
فِي جُيُوبِ الْأَمْنِيَةِ.
أَيَّ هَذَيَانٍ أَجْمَلَ مِنَ أَنّنَا هُنَا
اثْنَانِ، نُؤَدِّي طُقُوسَنَا الْمُخْتَلِفَةَ
عَلَى أَرَضٍ لَا تَعْتَرِفُ بِالْحُبِّ
وَلَا تُؤْمِنُ بِالْمَشَاعِرِ الَّتِي تَكْبُرُ كَالْسَّنَابِلِ
تَطِيرُ فِي السَّمَاءِ كَالْيَمَامِ
وَتَحُطُّ عَلَى الْأَشْجَارِ الْبَعِيدَةِ…
ثُمَّ تُغْتَالُ كَالْشُّهَدَاءِ
عَلَى التِّلَالِ وَالسَّاحَاتِ الْخَالِيَةِ.
لِتَتَحَوَّلَ إِلَى عَصَافِيرَ خَضْرَاءَ
تُؤْمِنُ أَنَّ السَّمَاءَ قَرِيبَةً.
–
قصيدة الشاعرة سليمى السرايري – تونس