في ليلٍ دامس، حيث يختلط السكون بنبضات القلب، تظل الأرواح تتلمس بعضها في صمتٍ عميق، تبحث عن لمسة، عن همسة، عن كلمة حلوة تُعيد الحياة إلى زوايا الأنفاس المتعبة. الحب، حين يصبح أغنية لا يُسمع لحنها، يظل يتألم في الصمت، يحاول أن يتسلل بين الحروف التي لا تُكتب، بين لحظات اللامبالاة التي تقتل فيه الوميض الأول.
يا حبيبي، في عالمٍ مليء بالضوضاء، حيث لا يجد الصوت نفسه بين الكلمات العادية، أبحث عن صوتك، عن تلك الهمسات التي تترك أثرًا في روحي، تجعلني أعيش على شرفة الحياة في انتظار إشراقة تُعيد لي الأمل. ولكن ماذا يفيد انتظار الحب من طرفٍ واحد؟ هل يكفي أن أترك روحي تذوب في العدم، بينما أنت تتجاهل نداءها؟ هل يمكن أن تعيش الأزهار دون ماء؟ وهل يمكن للقلب أن يظل ينبض، بينما تتجاهل ألوانه؟
في كل لمسةٍ أضعها على جلدك، في كل كلمةٍ تخرج من فمي، أضع فيها جزءًا من روحي، أخشى أن يموت هذا الجزء في صمتك، أخشى أن تتناثر هذه اللمسات في الهواء دون أن تجد مكانًا لها في قلبك. هل هذا هو الحب؟ هل الحب أن أظل أشتعل في ليلك، وأنت تغلق النوافذ على قلبي، تاركًا إياي في ظلمة لا تنتهي؟ أبحث عنك في كل تفصيل، في كل لحظة، ولكن لا أجد سوى سرابٍ يبتعد، ثم يعود ليختبئ خلف سحابةٍ كثيفة.
لكني لا أستطيع أن أعيش في هذا السكون الأبدي. قسوة الحياة أهون من قسوة اللامبالاة. فهل من رقةٍ تُسقط عنك هذا الجفاء؟ هل من كلماتٍ تُغني قلبي المنهك؟ أم أن حبك أصبح فقط ذكرى ضبابية، تُسقط عنها أشعة الشمس كلما اقتربت؟
سأظل أبحث فيك عن تلك اللمسات الحارقة التي تشعل جسدي، عن تلك العيون التي تفتح لي أبواب السماء. هل لا يزال هنالك ما يُشعل العواطف في قلبك؟ أم أن الحب قد صار مجرد ذكرى في فوضى الحياة؟