كلُّ الكهوفِ واقفةٌ ولاءً للمدينةِ
تُخبِّئُ وراءها من لم يعبر بعدُ الآخرةَ،
تُخبِّئُ في تجاويفها بندقيتَه وبعضَ رغيفه،
وبعضَ ما يبعثُ على البقاءِ على قيدِ الحياةِ.
وتنحني تحت صخرةِ الوقتِ،
تصغي لخطى الغائبين تعودُ،
تحمل ظلَّ الحلمِ فوق أكتافها،
وتُضيءُ للريحِ دربَ الصمودِ.
هي المدائنُ حين تغفو على جرحها،
تنسج من الطينِ أجملَ أغنيةٍ،
وتُخبِّئُ في صدرها نارَ الانتظارِ،
وصوتُ الأمهاتِ يُلَوِّحن بالغيمةِ العاريةِ.
يا أيها العابرون على خُطى الضوءِ،
لا تسألوا الأرضَ عن سرِّ هذا البكاءِ،
فالدمعُ فوق وجناتها أغانٍ
تحرس الحدودَ بين الموتِ والرجاءِ.
في الكهفِ طفلٌ خبَّأ اسمَه تحت العاصفةِ،
وأنشدَ للحجارةِ آخرَ ترنيمةٍ،
رسم على الجدرانِ قمرًا من كفوفِه،
وأقسم أن لا يسقطَ الحلمُ من فوق الحافةِ.
صهيلُ البنادقِ يشقُّ السكونَ،
والنارُ تكتب حكايةَ الساهرين،
كلُّ كهفٍ محرابٌ، كلُّ ظلالٍ قصيدةٌ،
وكلُّ شظيةٍ تُنبت ألفَ مدينةٍ!