كانت الحقول تضحك بأصابع الضوء
وكانت الريح تمشط شعر الندى
وترتّق فساتين الورد للعيد القادم من أكمام الغيم
كنا نخبّئ ضحكاتنا
في جفون الرمان
ونرسل أحلامنا
كطائرات ورقية
تلامس وجنة الشمس في الغروب.
قبل أن تبكي السنابل
كان لليلِ دفءُ أمهاتٍ
يطرزن من صمته وشاحاً للأحبة
وكانت المواويل
تخرج من أفواه التنور
تحمل طَعمَ الخبز والنار
حتى الطريق…
كانت تحنو على أقدامنا
وتبلل خطواتنا
بروائح الزعتر والبنفسج الجبلي
قبل أن يتيه الغيم
وتختنق الفصول بغبار المنافي
كانت النوافذ تنام مفتوحة
كقلوب القرويين
وكانت النجوم
ترضع من صدر الجبال
حليب الأساطير القديمة
لكن بعد بكاء السنابل
انكسر الناي
في حلق الراعي
وجفّت بئر القصيدة
في فم الحجر
صارت الأشجار عرجاء
تسأل عن ظلّها المسجون
وصار الضوء
يبكي خلف زجاج الأخبار
والطفل الذي كان يرسم
سفينة من حلوى
بات يرسم مقبرة
ويكتب فوقها: “هنا سقط العيد”
أيها الزمن المتسرب من بين أصابع الزيت
عدْ…
ولو مرة
كي نعلّق حزننا
على مشجب الرمان
ونعود أطفالاً
نقطف أسماءنا من عنقود الضياء