حين تصير الأحلام مادة للسرد

Spread the love

أقترب من نشر “أحلام مستعملة“، مجموعتي القصصية الأولى، بوصفها تجربة سردية ولدت عند تخوم الذاكرة والحلم، حيث لا يعود السرد مجرد حكي، بل مساحة اختبار: اختبار الفقد، والغياب، وإمكانية البدء من جديد.

تنقسم المجموعة إلى جزأين متكاملين في الرؤية ومختلفين في النبرة.. في الجزء الأول، “أصوات الرحيل”، تتقدم الحكايات كأصداء بعيدة لتجارب الفقد، حيث يحضر الموت لا كنهاية مغلقة، بل كباب موارب للتفكير في معنى العيش، وفي ما يبقى من الإنسان بعد الغياب. هنا، يشتغل السرد على اليومي، على هشاشته وصمته، وعلى تلك التفاصيل التي تمر عابرة لكنها تترك أثرها العميق.

أما الجزء الثاني، “صدى الأحلام الضائعة”، فينفتح على تخييل ‘فانتازي’ شفاف، لا ينفصل عن الواقع بقدر ما يعيد صياغته بلغة الرمز والانزياح. مدن بعيدة، حدائق من عناكب وظلال، ذاكرات زجاجية، وبوابات أخيرة تعبر نحو المجهول؛ عوالم لا تبنى للدهشة وحدها، بل لتوسيع أسئلة الوجود، والهوية، والمصير.

بين هذين المستويين، الواقعي والغرائبي، تتحرك النصوص في مسافة دقيقة، تحاول التقاط ما يتسرب منا في صمت الحياة اليومية: أحلام صغيرة، قديمة، مستعملة، لكنها ترفض الفناء.. لحظات مشتهاة وأخرى موجعة، تتجاور دون ادعاء، وتترك للقارئ حرية إكمالها بتجربته الخاصة.

أحلام مستعملة” ليست وعدا بالكمال، بل اقتراح سردي أول، كتب بوعي الصعوبة وحلاوة الاكتشاف معا، تجربة تعلمت من تعثرها بقدر ما تعلمت من لحظات انسيابها، وتؤمن بأن الحكاية لا تنتهي عند الصفحة الأخيرة، بل تبدأ من جديد في خيال من يقرأ.

Related posts

Leave a Comment