صمود

كلُّ الكهوفِ واقفةٌ ولاءً للمدينةِ تُخبِّئُ وراءها من لم يعبر بعدُ الآخرةَ، تُخبِّئُ في تجاويفها بندقيتَه وبعضَ رغيفه، وبعضَ ما يبعثُ على البقاءِ على قيدِ الحياةِ. وتنحني تحت صخرةِ الوقتِ، تصغي لخطى الغائبين تعودُ، تحمل ظلَّ الحلمِ فوق أكتافها، وتُضيءُ للريحِ دربَ الصمودِ. هي المدائنُ حين تغفو على جرحها، تنسج من الطينِ أجملَ أغنيةٍ، وتُخبِّئُ في صدرها نارَ الانتظارِ، وصوتُ الأمهاتِ يُلَوِّحن بالغيمةِ العاريةِ. يا أيها العابرون على خُطى الضوءِ، لا تسألوا الأرضَ عن سرِّ هذا البكاءِ، فالدمعُ فوق وجناتها أغانٍ تحرس الحدودَ بين الموتِ والرجاءِ. في الكهفِ طفلٌ خبَّأ…

Read More

فوضى في المدى هناك أسرار لا تسأل عنها. غرفة ضيقة بين الأزمنة. نافذة تطل على سراب بعيد. شمس تتوهج من خلف السحاب. سماء لا تعرف الطيور. أحلام بلا وجه. و العابرين على الرصيف. هناك شق في هذا الوجود في قلب يحترق بصمت. هناك هذا الحزن الذي لا يغادر. هذا الاشمئزاز من الوجوه المألوفة. هناك حبل زمنيٌّ متوتر وهناك اللحظات التي تموت قبل أن تولد وتعود في كل مرة بلا ذاكرة. هناك المثالية التي تهرب والخواء. الخواء الذي يكشف الوجود ويزلزل الأوهام ويقتل الزهور في حدائق الخيبة. هناك الرياح الرياح العاتية…

Read More

الشاعرة التونسية كوثر بلعابي في قصيدة بعنوان * في هَيكلِ الحُزنِ *

** في هَيكلِ الحُزنِ ** حزينٌ مَسائِي.. لأنّك لست فيه و لكن تشفعُ لي عِندَ حُزنِي.. مَعانِي الحَياةِ الكَريمَه.. فَخُزنِي أبِيٌّ.. يُصَافِي عِنَادِي و قَلبِي وَفِيٌّ.. و لكن يَظلّ قويَّ الشّكِيمَه فَلا تَعتَقِدْ أنّك هَازمِي تلك مُجرّدُ جَولةٍ تَدورُ علَيك الدّوائِرُ بَعدَها تُجَرِّعُكَ مِن مَرارِ الهَزيمَه.. حَزينٌ ما بقِيَ مِن زَمانِي.. لأنّك ما عُدتَ فِيه وللحُزنِ عِندي طَقسٌ فَرِيدٌ تَسابِيحُهُ مِن قِطافِ حُروفِي وسرِّ تَعافِي النُّفوسِ السّقِيمَه.. أنا الحرنُ عِندي صَلاةٌ تُذيبُ الصّبابَةَ في لَهيبِ الخُشُوعِ.. تُذيبُ الأَلمَ و ترتُقُ جُرحَ الغِيابِ بِخَيطِ الدّمُوعِ و حِبْرِ النّدَم.. و تَغسِلُ ما…

Read More

نشيدُ ريلكه للشاعرة والكاتبة سليمى السرايري

ا……………….ا كأنّكَ سكبْتَ الحدائقَ على راحتيَّ فأطبَقْتُ كفّي على الأُرْجوانِ المُمتدِّ إلى أوَّلِ بابٍ أعماهُ القِدَمُ أنتَ وحْدكَ ترى الأشجارَ حقائبَ لهجْرَتِنا الصغيرةِ تُشعِلُ أرضي همساتٍ غريبةً وَتشْعِلُ المعجزاتُ بيتاً لأسمائنا الأولى يَغْزِلُ لنا الضّبابَ في لُغةٍ تأْخذُنا نائمينَ إلى ليلٍ أقلَّ تُلوِّنُ الأَبْجديّةَ بشمُوسٍ مُنسكبةٍ منْ عينيْكَ وَتقتَرِفُ لُغة َ العُشَّاقِ تَعْلو خفيفاَ إلى السماءِ التي أوْرَثـَتـْكَ جِزْيةَ المَجَرَّاتِ يُبلّلُني مَطرٌ أسْوَدُ مِثلَ شَهوةٍ قديمةٍ أيْقظَها مِعْولٌ عَاشِقٌ ذبَحَتْهُ المَرايا … جَمْرٌ يَعْزِفُ نَشيدَ الجَسَدِ. أَهْمُسُ لِلاشيء ، وأُشيرُ إلى حَجر ٍ يَسْقطُ في البئرِ ولا يَصِلُ… هَلْ عَادتْ…

Read More

موال الريح

كالنسر الجبلي… لا يسكن القمم الخانعة، وإن شاءت السماء، شق الغيم بجناحيه المفتوحين. حفيف العشب الظامئ، يُرتل نشيده في الوديان، ويزفر في الأفق ريحًا تحمل وشوشة الأرض. يا كل التيه والصحو… يا أغبر، لا تبحث عن ظلٍّ يربّتك، فالريح فوق كتفيك تحملك مواويلها مجانًا. كالبرق إذ يخترق الظلمة، لا يستأذن الليل في عبوره، وإن زمجرت الريح، شق السكون بصوته الجبلي. هدير النهر العتيق، يحمل في جوفه حكايا الصخر، ينحت في الضفاف مساره، ويعانق البحر بلا تردد. يا عابر الدروب البعيدة، لا تنشد راحة في السراب، فالأفق يفتح ذراعيه لك، والريح…

Read More

فواكه/ سليمى السرايري- تونس

فواكه حين يباغتنا العشق ترقص مواجعنا فوق بيارق السّماء قد تأتي النجوم من قلعتها البعيدة قد نبصر ضِحْكةً مسافرةً في قمصاننا تَفسح لتورّطنا الاِحتراقَ بين الجمر والطوفان ذاهلة قوافلنا تضجّ الحقائب بالملح وبين اللحظات الهاربة، بقايا صفير. يبعثرني سؤال ثمل يعتصرُ عنبَ الصّمتِ هل أنهتْ الكأسُ وجعها؟ آلهة الخصب أنا، وهذا صوتي فصولٌ وهذي روحي السّكرى تتفتّح على بتلات الأقحوان فتزهرُ أسرارُنا فوق الماءْ. تعال إذن لك قليل من الضحِكاتِ قليل من العشب لك ثريّات جمر تُطلّ من سماءِ الخطيئةِ هناك تركتُ دموعي للمنفى هناك، اقترفتك عرسا هل ما زلت…

Read More

انتظار

انتظار سأنتظر القمر حافيًا على عتبة المساء، كي أرى ظلّ أحلامي يتكئ على غيمةٍ وحيدة، تسأل الريح عن خطاي. في قبضتي رمادُ الوقت، وفي عيني قنديلُ الشوق، أشعل به درب الحنين، لكنّ المسافة ظلّتْ تتقافزُ كطيفٍ لا يلوي على رجوع. جسدي، يذرع الذاكرة يركض خلف ومضةٍ قديمة، تغفو هناك، في زوايا الدهشة. سأنتظر الفجر عاريًا إلا من نبض الريح، أرتّق من ضوء الغياب ما تبقى من ملامحي، وأرسم للحلم نافذة في جدار الليل. في راحتيّ أثرُ طريقٍ شاحبة، وفي قلبي ريحٌ هاربة، تبعثر ما كنتُ أُخبئه من ندى الذكريات. خطايَ…

Read More

عالم الرماد

عالم الرماد لا منفذ لأفلت من سطوة العدم، من شظايا الوقت المتناثرة على أرصفة النسيان، لأقنع الدخان بأن يكفّ عن رسم ملامح الموت على وجه المدن. أضراس الحرب تلوك الجثث و الجدران، والشمس تتثاءب على أعمدة الخراب، والشوارع تمدّ يديها للريح تسألها عن آخرالعناوين التي لم تسقط بعد. حتى الكلمات خانتني، تركتني عارياً من حروفي، كسرت صوتي، وأهدتني للريح كندبة على خدّ الأرض لا تبرأ أبداً. الآن أجمع ما تبقى من نبضي، أخيط الصمت بحبال حروفي، وأكذب على وحدتي، أقنعها أن الغد ليس مقبرة أخرى، وأن الرايات الممزقة ما زالت…

Read More

امرأة تخترق باب البيت/محمد هادي عون- تونس

امرأة تخترق باب البيت استيقظت قبله، وهزمت كعادتها ديك الحي المغرور. الفجرُ ملكها، وبردُ الصباحِ والدثارُ لنا، وللديكِ المهزوم. استيقظت قبله، وتحسست بكفها المتجعّد الفراش، تبحث عن غطاء رأسها، تحسب الظلامَ يخشى من نورها، هاربًا من شمسها. إنها تشرق مع الشمس، فتحجب الظلمة في أحشائها. استيقظت قبله، ووقفت أمام المرآة، تنظر إلى أطفالها، إنهم مبعثرون على جسدِها، ينهلون الحياة من روحها. خجلت من حسنها المرآةُ، فرفضت أن تعكسَ تجاعيد وجهها وحروق يديها. هي حتى لم ترَ انعكاسها، ولم ترَ أثر السنين، لأنه لا يوجد لها مجال للحنين، لا يوجد لها…

Read More

غبار المساء

غبار المساء بعد أن ينطفئ وهج السنين في عينيّ… بعد أن يكتمل الفراغ في ظلّي، لا مانع… إن عوى الحنين في ممرات القلب المهجورة، أو نزف الوقت على عتبات انتظاري. للمطر أن يبعثر وجهي في مرايا البرك ، وأن يحصي الغياب خطاي المتعبة، في الممرات الضيقة لا مانع … إن تهدمت بناية الأحلام فوق هيكلي ذات عاصفة، أو ذات حرب أو صار الحزن صدىً لخطاب الرحيل. فلتنثر الريح رماد الذكريات في سلال الصمت، ولتتسلل الموسيقى الخافتة من ثقوب المساء المثقل بكحل الليل علّنا نصبح ظلًّا خفيفًا في ذاكرة الغياب… بعد…

Read More