يتقلب على حصير يكوي قلب كرامته، وصوت بكاء ابنه الرضيع يقض مضجعه الغير موجود، يعصف بكيانه بهذه الصحراء.
لم يعد يفاجئه شيء بعدما حجبت عن عينيه وفكره الرؤيا الواضحة، في ليل لا يرى فيه من القمر غير وجه رغيف ساخن بعد نهار حالك . بحاله المبتور، يبحث عن مخرج، يتسلق على جبال همومه التي لطالما رُجم بصخرها وكأنه الشيطان الأكبر !.. يتنقل مرهقا بين أفكاره المهزومة بالبؤس، الذي اقتات على قوت هذا اليوم، أشهر مضت وهو يرزح تحت وطأة جبال أرق اللاعمل؛ سُدت جميع أبواب التحرر من الخوف, كل شيء يكبر وتعلو قيمته إلا إنسانيته العاطلة عن الهواء ....
يسمع في أعماقه صخب ومواء جهل يرتدي قبحاً، يرتع في كل مكان ظلم ساحق للعدل يطويه تحت عجلته, يلتقط أنفاسه ويجري, الأفكار تتزاحم في رأسه، وكلما ارتفع بكاء ابنه هبط هو في بئر مظلم قطع حبله.. كل شيء لا يساعده على إيجاد عمل؛ حتى الدولة، لا تمنح شابا إلا العقاب على كسل يستحق قطع يده اليمنى ثم الثانية، إذا سولت له نفسه الاقتراب لتقديم طلب إعانة من صندوق يحتاج للعبة الأيدي الخفية !
وحده الكسل يسرق منه عمر عطاء كان يحلم أن يودعه الكثير
عالمه الفضي لم يكن لينتظر.. ورث أحلامه, وأبقى على القليل من انكساراته والكثير من خسارته .. يلتفت بعنف لزهرة ملقاة إلى جانبه كان قد اقتطفها من أحد طرقات المدينة ، كأنه وقتها أراد أن يثبت لأصابعه قدرتها هي أيضا على القطف.. التملك.. البتر !
فكر في الجمال ومدى قابليته للتحول إلى القبح، وكيف أن منظرها سيكون مفزعا إذا تخلل ورقها شيء من يبس، يتأمل مجموعة من النمل تلعق رضاب ما تبقى من أنفاسها.... يبدو أن لا قيمة للزهر في حياة النمل ,بدأ عقله يتجه لمملكة النمل ..
هل يعاني النمل الفقر السلب والنهب ؟ .. من ارتفاع الأسعار نتيجة لارتفاع ضريبة مبيعات تفرض على تجار النمل، عبر ضريبة الاستهلاك التي تكدس الأموال في جوف فضاء يسرق في كل ثانية، وفي كل لحظة والنمل يبتسم !
هل يعاني النمل الأفواه التي تتغذى على جثث الأبرياء.. دماء الأطفال .. دموع الأرامل؟
هل يتسول في الطرقات؟
هل يعاني القهر.. الأرق.. المرض.. الفكر الكاذب.. الأمل.. الحلم.. الحب الكاذب ؟
هل هناك نمل عاطل عن العمل.. الحياة.. الحرية ؟
هل يحزن.. يبكي.. يصرخ ؟
هل يسرق النمل.. يغتصب.. يحتال.. يقتل ؟
هل في مملكة النمل عدالة.. أخلاق.. شرف.. دين ؟....
بحرقة توقف متسمرا أمام كم هائل من الاستفهامات.. لكن صراخ وليده جعله يعود عن شروده ودهشته.. لا بد أن ينهض ليجلب لرضيعه حليب العمر.
في الحي الذي يقطنه دكان صغير.. تسلل إليه خفية وهو يقلب عينيه الممتلئتين بالخوف !كل الأشياء هنا تصيبه بكآبة مفرطة.. لا يستطيع أن يحمل منها أي شيء، تذكر النمل.. الوردة ..وليده ، أخذ نفسا غنيا بالخزي والعار.. تناول (علبة ) حليب ووضعها تحت ذراعه، وكان خارجا بها.. لكن البائع اليقظ ذا العيون العُقابية انقض بيده على يده كَكُلاب تناوله فجأة من شرود فأصابه بالذهول والاِرتباك.. وبصوت مرتفع : أخرج هذا الذي !!.
وكأنما أوقع قوي كلامه بالضربة القاضية على أرض حاول أن يجمع منها ما يستر الموقف الصادم ..
تلعثم.. صاح : .. ليس .. أنا .. هم ..
وهو يحاول التفلت والإفلات بلا نتيجة
استخرج البائع (علبة ) الحليب وهو يوسعه شتما وسبا: يا فاسق! يا متخلف! سوف أقطع يدك بعد أن أسلمك ليد العدالة
هذه الكلمة سقطت عليه كزلزال أصابه بهلع شديد، جعله يتخبط كطائر لم يذبح جيدا، فأفلت من البائع وهرب مطلقا لساقيه العنان لتسبقا الريح، إلى أن استلقى على فراشه، والمشاهد في رأسه تصرخ به ، بعجزه وصراخ وليده يعلو ويعلو..
سقطت صرخة مدوية في أعماقه، صعقته.. تحرك..وخلال لحظات، كان البكاء في مكان لا يسمعه !! .. لكنه لا يزال مستمرا ....
لم يعد يفاجئه شيء بعدما حجبت عن عينيه وفكره الرؤيا الواضحة، في ليل لا يرى فيه من القمر غير وجه رغيف ساخن بعد نهار حالك . بحاله المبتور، يبحث عن مخرج، يتسلق على جبال همومه التي لطالما رُجم بصخرها وكأنه الشيطان الأكبر !.. يتنقل مرهقا بين أفكاره المهزومة بالبؤس، الذي اقتات على قوت هذا اليوم، أشهر مضت وهو يرزح تحت وطأة جبال أرق اللاعمل؛ سُدت جميع أبواب التحرر من الخوف, كل شيء يكبر وتعلو قيمته إلا إنسانيته العاطلة عن الهواء ....
يسمع في أعماقه صخب ومواء جهل يرتدي قبحاً، يرتع في كل مكان ظلم ساحق للعدل يطويه تحت عجلته, يلتقط أنفاسه ويجري, الأفكار تتزاحم في رأسه، وكلما ارتفع بكاء ابنه هبط هو في بئر مظلم قطع حبله.. كل شيء لا يساعده على إيجاد عمل؛ حتى الدولة، لا تمنح شابا إلا العقاب على كسل يستحق قطع يده اليمنى ثم الثانية، إذا سولت له نفسه الاقتراب لتقديم طلب إعانة من صندوق يحتاج للعبة الأيدي الخفية !
وحده الكسل يسرق منه عمر عطاء كان يحلم أن يودعه الكثير
عالمه الفضي لم يكن لينتظر.. ورث أحلامه, وأبقى على القليل من انكساراته والكثير من خسارته .. يلتفت بعنف لزهرة ملقاة إلى جانبه كان قد اقتطفها من أحد طرقات المدينة ، كأنه وقتها أراد أن يثبت لأصابعه قدرتها هي أيضا على القطف.. التملك.. البتر !
فكر في الجمال ومدى قابليته للتحول إلى القبح، وكيف أن منظرها سيكون مفزعا إذا تخلل ورقها شيء من يبس، يتأمل مجموعة من النمل تلعق رضاب ما تبقى من أنفاسها.... يبدو أن لا قيمة للزهر في حياة النمل ,بدأ عقله يتجه لمملكة النمل ..
هل يعاني النمل الفقر السلب والنهب ؟ .. من ارتفاع الأسعار نتيجة لارتفاع ضريبة مبيعات تفرض على تجار النمل، عبر ضريبة الاستهلاك التي تكدس الأموال في جوف فضاء يسرق في كل ثانية، وفي كل لحظة والنمل يبتسم !
هل يعاني النمل الأفواه التي تتغذى على جثث الأبرياء.. دماء الأطفال .. دموع الأرامل؟
هل يتسول في الطرقات؟
هل يعاني القهر.. الأرق.. المرض.. الفكر الكاذب.. الأمل.. الحلم.. الحب الكاذب ؟
هل هناك نمل عاطل عن العمل.. الحياة.. الحرية ؟
هل يحزن.. يبكي.. يصرخ ؟
هل يسرق النمل.. يغتصب.. يحتال.. يقتل ؟
هل في مملكة النمل عدالة.. أخلاق.. شرف.. دين ؟....
بحرقة توقف متسمرا أمام كم هائل من الاستفهامات.. لكن صراخ وليده جعله يعود عن شروده ودهشته.. لا بد أن ينهض ليجلب لرضيعه حليب العمر.
في الحي الذي يقطنه دكان صغير.. تسلل إليه خفية وهو يقلب عينيه الممتلئتين بالخوف !كل الأشياء هنا تصيبه بكآبة مفرطة.. لا يستطيع أن يحمل منها أي شيء، تذكر النمل.. الوردة ..وليده ، أخذ نفسا غنيا بالخزي والعار.. تناول (علبة ) حليب ووضعها تحت ذراعه، وكان خارجا بها.. لكن البائع اليقظ ذا العيون العُقابية انقض بيده على يده كَكُلاب تناوله فجأة من شرود فأصابه بالذهول والاِرتباك.. وبصوت مرتفع : أخرج هذا الذي !!.
وكأنما أوقع قوي كلامه بالضربة القاضية على أرض حاول أن يجمع منها ما يستر الموقف الصادم ..
تلعثم.. صاح : .. ليس .. أنا .. هم ..
وهو يحاول التفلت والإفلات بلا نتيجة
استخرج البائع (علبة ) الحليب وهو يوسعه شتما وسبا: يا فاسق! يا متخلف! سوف أقطع يدك بعد أن أسلمك ليد العدالة
هذه الكلمة سقطت عليه كزلزال أصابه بهلع شديد، جعله يتخبط كطائر لم يذبح جيدا، فأفلت من البائع وهرب مطلقا لساقيه العنان لتسبقا الريح، إلى أن استلقى على فراشه، والمشاهد في رأسه تصرخ به ، بعجزه وصراخ وليده يعلو ويعلو..
سقطت صرخة مدوية في أعماقه، صعقته.. تحرك..وخلال لحظات، كان البكاء في مكان لا يسمعه !! .. لكنه لا يزال مستمرا ....
تعليق