فعل الحشيش بمن ظن الطبل- فرخة شيش-

[رشيدة فقري]

الى احمد الأرمد
صبرنا عليك عن طيبة قلب
فظننت ان صمتنا عن رعب
والحقيقة انني لما شكوت سحركم للواحد القهار
جاءتكم المصائب من كل صوب وبلغت عقر الدار
ولما دخلت المستشفى قلت لعله من شره يشفى
مددت يد الصلح البيضاء فقابلتها بمخالب سوداء
وقد بلغتني اخبارك وان ليلك كنهارك
سواد في سواد وارق وسهاد
وانت تحت البنج اخذت باسمي تلهج
كنت تصيح رشيدة رشيدة رشيدة
والعرق متصبب وحالة ضعفك شديدة
ولما تسال الطبيب من اكون
قيل له ان حديثها ذو شجون
هذه اخت طيبة حنونة اساء لها مريضك بكل رعونة
ولما ردت له الصاع صاعين اصبح من رعبه ذا قرنين
فضاعف لك البنج لتغيب انعم به واكرم من طبيب
ولو اني عليه عاتبة اذ لم يخدر اعضاءك قاطبة ويخلص البشر من هذا الشر المسمى احمد الارمد من بعد منه يسعد ومن قرب منه ينكد ....

[د/ أحمد الليثي]

قال عبد الله السالك -نجاه الله من المهالك-: سبحان من برأ النسمة وجعلها من النفس محببة، وخلق رشيدة وجعلها كالعقربة، فله -جل وعلا- في خلقه شئون، هذا عاقل وتلك يلبسها الجنون. وما هو إلا لحكمة بديعة، من جميل الصنعة والصنيعة، يستبينها الراشد، المؤمن بالإله الواحد، ويجهلها ساكني المزاود.

ومن الناس من يجري على ألسنتهم الصدق كالماء الزلال، ومنهم من لا يعرفون الحرام من الحلال، ولا يدركون السهل من المحال، فتغويهم عقولهم القاصرة على مناطحة الجبال، وتمنيهم بالظفر ورفعة الحال. ولا يدركون أن مصيرهم الرجم والبقاء في الأوحال، فلا يُعلَم أن من حدثته نفسُه بالوهم ظفر، ولا من نخرت عقلَه الديدانُ انتصر. وهكذا الحال مع من تسمَّت برشيدة، وهي في الرشدِ مثل الكفرِ في العقيدة. مسَّتها الشياطين في ليل بئيس، وسكنت رأسها الأوهام فملئت رأسها بكل خسيس، ولم ينفع معها ريجيمٌ ولا تخسيس. فهي لا تزال في التيه حائرة، ولحبوب الهلوسة زائرة. نجَّا الله شرار خلقه من التيه بعد أربعين سنة، وهي لا تزال في تيهها في محنة مزمنة؛ فهذا مما يحدث للبُغاة والعصاة، فنسأل الله الهداية لمن خافه واتَّقاه، وليأخذ العبرة من أحب المصطفى وسار على هداه.