القصة الذهبية الثانية "الممسوس" للمبدعة عائدة محمد نادر لشهر ديسمبر

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • عائده محمد نادر
    عضو الملتقى
    • 18-10-2008
    • 12843

    القصة الذهبية الثانية "الممسوس" للمبدعة عائدة محمد نادر لشهر ديسمبر

    الممسوس!

    أي ريح صرصر عصفت اليوم
    الشمس مبتورة الخيوط، وشبح القادم ينسل خفية يغطي وجهه غروب أصهب.
    لم أكد أعرفه لولا وشم أنزله على كفه في ليلة دهماء غاب عنها القمر، أريق فيها الكثير من دمه وحبر صبه فوق الجرح، يدمغ يده فيه ويئن مبتلعا وجعه.
    لم تك ملامحه تشبه ذاك الشاب الجسور الذي ملأ حيطان الشارع برسومه، وأنا صبي ألاحقه مثل ظله/ مفتونا بما تخط أنامله العجائبية على الجدران، لتلك الصبية التي عشقها، فصارت داءه الذي ضرب أوتار فؤاده، فأعطبها، ليوصم بالممسوس ويهجر البلدة بعد أن عصفت بجسمه ركلات الرجال وهراواتهم، وهرس أحدهم بحنق يده اليمنى بقدمه.
    شقوق باب حجرته تتيح لي فسحة ضيقة كي أرقبه وهو يناجيها دامعا، تنفلت منه الآهة حرى وهو يبثها لوعته وحرقة قلبه في غيابها! وفرشاته كفراشة تنتقل بين الألوان ودمعه بسرعة عجيبة، ترسم عينين كحيلتين، وفما مكتنزا، يكاد ينطق لتصيبني لوثته بفضول غريب لم أفهمه حد اللحظة.!
    وتطاردني تينك العينان كأني أعرفهما.!
    رنا إلي كأنه مغيب حين اقتربت منه أحييه، وعيناه المحمرتان كالجمر أرعدتني وأنا أستشعر خيفة منهما، ثم أشاح بوجهه عني متمتما بلهجة معاتبة:
    - أهذا أنت!؟ أ بعد كل تلك ...!
    لم تُعنّي بسمتي البلهاء الحذرة، وخانني صوتي يتعثر بحنجرتي، فأطرقت رأسي خجلا.
    دس يده الموشومة بين كومة أوراقه ورمى بإحداها أمامي، لأجدني أمام صورة الفتاة ذي العينين الكحيلتين، والفم المكتنز!
    زاحمتني الملامح، تصارعت أمامي وتكومت كل الصور في لحظة بهذا الوجه، والريح تتلاعب بالورقة وأنا أركض خلفها لاهثا يدفعني شغفي القديم، أن أعرف صاحبة الصورة.!
    ذات صباح شقشقي العصافير كان يقف قرب شجرة التفاح المزهرة يحادثها، يبثها عشقه الموسوم بالمس، يغرف من جمرات الشوق ويعاتبها أنها تتأخر كل مرة عليه، فيغلي دمه ليتفجر ينابيع من أوردته، ويكشف لها عن رسغه الذي ينزف بدفق وشدة، لتمتد يدها البيضاء الناصعة نحوه تجمع الدماء المنتفضة في كفها، تذروها إلى السماء وتمسح كفه بكمها تقبل الجرح فهربت مذعورا أصرخ:
    - الممسوس قطع رسغه، الممسوس شربها من دمه.!
    تلقفتني أمي من أول الشارع وأقسمت أغلظ الإيمان أن الممسوس لن يبقى بيننا بعد اليوم، فقد بات خطرا على الأبناء.
    توسلت إليها ألا تفعل لأنه مسكين لم يؤذ أحدا غير رسغه، لكن إصرار أمي كان أقوى وحيرة عينيها وهي تبحث في أرجاء المنزل تفتح بابا وتغلق آخر، لتعود وتلطمني صفعة على وجهي، أخرستني.
    رسمها ذاك اليوم على جدران المدرسة فمًا وعينين، وشجرة تفاح مزهرة تغفو مبتسمة قرب الساقية، وقمرا ثلجيا يتراقص دوائر مهتزة قربها.
    نسجت الحكايات عنه وعن مس الشيطان الذي تلبسه، فأغلقت أبواب الدور على بناتها والممسوس يرسمها بغلالة شفافة تظهر جسدها الضبابي متوهجا بالنور المتسرب من مسامات القماش، وألبسها النجوم تيجاناً فضية كأنها شعاع يبهر العيون وعلق اللوحة على غصن شجرة التفاح الموردة!
    تبعت أبي ليلتها والرجال معه محملين بوقود الغضب الجحيمي تقدح العيون شررا يتطاير ، ومشاعل النار تضيء وجهه القانع وهم يواجهونه، أنه لطخ سمعة الفتيات!
    تمتم بيتم، راكعا:
    - ليس بيدي عشقي لها يدفعني زوجوني إياها.
    انهالت الأيدي تصب جام الجحيم عليه، تمزق الجسد والرسوم، وهو يحتضن إحداها فوق صدره يحميها منهم غير عابئ بسواها، حتى أغمي عليه فغادروه، وورقة مكتوبة بدمه ألصقوها على الجدار مواجهته، غادر وإلا...!
    لم أتزحزح من مخبئي أتابعه بشغف محموم، وهو يزحف واللوحة بيده يصب فوق كفه المهروس حبرا يدمغها.
    بعدها, لم يره أحد, حتى اليوم..
    ولم تعرف البلدة سره وصاحبة العينين والفم، وأجنحة الريح مازالت تدفع بالرسمة أمامي تطير وتحط وقلبي يكاد ينخلع خوفا من رذاذ المطر المنهمر، أن يمحو الأثر.
    دفعت جسمي بأقصى ما أستطيع كي ألتقطها وأكتشف الوجه الذي طال زمن سره.
    غيرت الريح وجهتها تدفع بالصورة نحوي لتطعنني ألف سكين عمياء، وصورة أختي التي أغمضت عينيها منذ سنين تتشبث يدها البيضاء المتخشبة فرشاة بلون الزهر، تحت شجرة التفاح..
    قبل أن تثمر!


    نحن والنصوص القصصية/ وحديث اليوم
    مساء النصوص القصصية عليكم أحبتي فكرت ألف مرة قبل أن أبدأ معكم رحلة أعيشها مع نصوصي القصصية قلت في نفسي من سيستفيد من تجربة ربما تكون مجنونة، وربما تكون هذيانات محمومة نتيجة الصراعات والأحداث التي عشتها في حياتي، وكانت الكفة الراجحة بسؤال طرحته على نفسي: - ماالذي سأخسره لو شاركت كل من أعرفهم هنا من زميلات وزملاء، وماالذي سيستفيد
    التعديل الأخير تم بواسطة ربيع عقب الباب; الساعة 17-12-2011, 21:38.
    الشمس شمسي والعراق عراقي ..ماغير الدخلاء من أخلاقي .. الشمس شمسي والعراق عراق
  • أحمد عيسى
    أديب وكاتب
    • 30-05-2008
    • 1359

    #2
    يا لهذا العاشق وهو يطارد صورتها ، فيرسمها بألوانه في كل شارع وحارة ، يتخيلها قمراً ثلجياً أو شجرة تفاح ، يبحث عنها يحمله العشق والجنون
    أتعبتني وأنا أطارده وأطاردها ، أبحث عنكما متلاحق الأنفاس
    أدهشني أنه لم يعرف ، ولم يفهم حقيقة ذاك الحب الغامض ، وتلك الحبيبة المجهولة ، رغم أن خبراً كهذا لابد سيعرف في مجتمعاتنا
    أهذا أنت!؟ أ بعد كل تلك ...
    كل تلك السنين أم الركلات أم ؟؟
    التساؤلات والدهشة لم تفارقني ، ربما قراءة ثانية أو ثالثة تزيل بعض غموض ..
    كعادتك أديبتنا البارعة
    روعة العنوان ، وجمال البداية ، مع تلاحق في السرد تميزه لغة شاعرة مدهشة ، وصولاً الى الذروة
    ثم القفلة المذهلة ، التي تحمل كل مرة مفاجأة !
    لعل هذه المدهشة ، هي ما نبحث عنه للأسبوع القادم
    ونحن من سنستفيد ..

    مودتي كلها ممن يحب قلمك ، ويلاحقه في كل مكان
    فيراه كأنه قمرٌ ثلجيٌ
    أو شجرة تفاح مثمرة
    أو أكثر ....


    تحيتي

    " كتبت رداً سابقاً وعندما ضغطت ارسال طار
    لا أعلم لماذا يشاكسني النت اللعين ، وتطير الردود فقط عندما أنسى نسخ النص قبل ارساله "
    ” ينبغي للإنسان ألاّ يكتب إلاّ إذا تـرك بضعة من لحمه في الدّواة كلّما غمس فيها القلم” تولستوي
    [align=center]أمــــوتُ .. أقـــــاومْ [/align]

    تعليق

    • ربيع عقب الباب
      مستشار أدبي
      طائر النورس
      • 29-07-2008
      • 25792

      #3
      أهلا بكل ممسوسي العالم هنا
      و بك عائدة
      قرأت و استمتعت
      ربما وجدت قيسا أو جميلا هنا
      لكني ما وجدت ليلى أو بثينة !
      ما وجدت غيرك على اللوحة !

      لي عودة لأكتب بعض الأشياء الحلوووة

      محبتي و احترامي
      التعديل الأخير تم بواسطة ربيع عقب الباب; الساعة 17-12-2011, 21:42.
      sigpic

      تعليق

      • صالح صلاح سلمي
        أديب وكاتب
        • 12-03-2011
        • 563

        #4
        المداخلة لكتاباتك شيء صعب اجده
        اذا اردنا ان نوفيها حقها
        اسجل اسمي هنا ولي ان شاء الله بعد قرائات و.. عودة
        تحياتي واحترامي سيدة العراق البهيه.
        شكرا لك

        تعليق

        • محمد سلطان
          أديب وكاتب
          • 18-01-2009
          • 4442

          #5
          إنه العشق سيدتي.. وليس المس..

          أوقفني لغز عائدة .. أو نقطة :

          * والدة الراوي تشبثت بضرورة أن يغادر الممسوس البلاد .. صح؟؟

          فهل كانت تعلم السر وحدها؟؟ هل كانت تعلم أنه يعشق ابنتها المتوفية منذ سنين ؟؟

          نص ممتع عائدة وبنهاية قاتلة.. أحييك و:

          أرشحه للغرفة الصوتية هذا الإسبوع..

          أرشحه للذهبية..

          وأنشره في مدونتي الموقعة أدناه..
          صفحتي على فيس بوك
          https://www.facebook.com/profile.php?id=100080678197757

          تعليق

          • دينا نبيل
            أديبة وناقدة
            • 03-07-2011
            • 732

            #6
            أستاذتي الكبيرة .. عائدة نادر ..

            لقد جعلتني قصتك سيدتي أقول بعد أن أنهيتها .. هل هذا حقيقة ؟!!

            .. هل يمكن أن يعمل العشق عمل المسّ لقلوب الرجال ! . .

            صدقيني إن لغتك الشاعرية الراقية وبراعة التصوير جعلتني أتخيل حال هذا العاشق الولهان ..

            ذكّرني بمجنون ليلى الذي كان يتتتبع أثرها والأماكن التي كانت تزورها ، لكن هذا حاله أشد ! .. كم أنتِ ماهرة أستاذتي في استثارة مشاعر القارئ ؛ لقد كدت أبكي على حال هذا الممسوس !

            كان لعنصر اللوحة التي تتقاذفها الرياح دور قوي رائع في تصوير المشهد ..

            وكأنني أمام فيلم سينيمائي ، تخرس فيه كل الأصوات سوى صوت الرياح والورقة التي بدأت تتغير ملامحها بفعل الهواء والزمن وصوت احتكاكها بالأرض ، وكأنه ذلك الحب الدفين في قلب العاشق الممسوس وذكرى الحبيبة الميتة ( كم أوجعتني هذه الكلمة وأنا أقولها !! ) .. تحاول السنين والتقاليد من حوله اقتلاعه ولكنه لا يزال يتشبث بالأرض ، فيحتك بها ويخدش قلبه فينزف مع صوت احتكاكها .. وتتفجر الدماء !

            رسمتِ هنا سيدتي لوحة بارعة تمثل عشقا أسطوريا ! .. ليت الحياة بها نصف هذا الوفاء .. وكفى!

            تقديري لقلمك المبدع أستاذتي

            تحياتي لك

            تعليق

            • ريما ريماوي
              عضو الملتقى
              • 07-05-2011
              • 8501

              #7
              نعم لغة جميلة فخمة,
              ذهبت هي إلى العالم الآخر
              وبقي هو يرسمها بدمه.. لوحات
              ولا أجمل.

              الأستاذة عائدة استمتعت معك هاهنا
              بلغة شاعرية قوية ونص غنيّ بالإحساس
              قرأت قصّة تستحق أن توصف بأنّها إحدى
              قصص الحب الخالد بالفعل..

              شكرا لك ويسلموا الأيادي,
              مع تقديري واحترامي.
              تحياااتي.


              أنين ناي
              يبث الحنين لأصله
              غصن مورّق صغير.

              تعليق

              • عائده محمد نادر
                عضو الملتقى
                • 18-10-2008
                • 12843

                #8
                المشاركة الأصلية بواسطة أحمد عيسى مشاهدة المشاركة
                يا لهذا العاشق وهو يطارد صورتها ، فيرسمها بألوانه في كل شارع وحارة ، يتخيلها قمراً ثلجياً أو شجرة تفاح ، يبحث عنها يحمله العشق والجنون
                أتعبتني وأنا أطارده وأطاردها ، أبحث عنكما متلاحق الأنفاس
                أدهشني أنه لم يعرف ، ولم يفهم حقيقة ذاك الحب الغامض ، وتلك الحبيبة المجهولة ، رغم أن خبراً كهذا لابد سيعرف في مجتمعاتنا
                أهذا أنت!؟ أ بعد كل تلك ...
                كل تلك السنين أم الركلات أم ؟؟
                التساؤلات والدهشة لم تفارقني ، ربما قراءة ثانية أو ثالثة تزيل بعض غموض ..
                كعادتك أديبتنا البارعة
                روعة العنوان ، وجمال البداية ، مع تلاحق في السرد تميزه لغة شاعرة مدهشة ، وصولاً الى الذروة
                ثم القفلة المذهلة ، التي تحمل كل مرة مفاجأة !
                لعل هذه المدهشة ، هي ما نبحث عنه للأسبوع القادم
                ونحن من سنستفيد ..

                مودتي كلها ممن يحب قلمك ، ويلاحقه في كل مكان
                فيراه كأنه قمرٌ ثلجيٌ
                أو شجرة تفاح مثمرة
                أو أكثر ....


                تحيتي

                " كتبت رداً سابقاً وعندما ضغطت ارسال طار
                لا أعلم لماذا يشاكسني النت اللعين ، وتطير الردود فقط عندما أنسى نسخ النص قبل ارساله "
                الزميل القدير
                أحمد عيسى
                وأنا أيضا أتعبتني نفسي
                لم أنم منذ ليلتين
                جفا الوسن عيوني فاحمرت والنص يطاردني كالمجنون
                وضعت رأسي على وسادتي وقلت لأريح نفسي من هذا العناء لكنه أبى إلا أن ينقر جمجمتي بإصرار عجيب
                أدرت رأسي للناحية الأخرى بكل سذاجة علني أتهرب منه, لكن
                لا مهرب, ولا مكان للإختباء
                البيت مظلم إلا من فانوس فلورنسي شحيح والكلمات تتزاحم وتدوي برأسي, فأنشأت أكتب على قصاصة ورق تركتها ابنتي رويدة.
                وانطفأت الكهرباء

                وعدت أكمل ردي على مداخلتك أحمد من خلال التعديل
                لكن حبل أفكاري انقطع وتبخرت كلماتي
                أحببت مداخلتك الرقيقة زميلي فقد كانت صادقة ونابعة من قلبك فعلا
                أحسست كأني أمسك بمشاعرك لأن من القلب للقلب رسول
                والمدهش أنكم تدهشوني بهذا الكم الهائل من الإعجاب والحب
                ربما سأصبح مغرورة بعدها هاهاهاها
                شكرا بعدد النجمات
                ودي ومحبتي لك أخي وصديقي أحمد

                الشمس شمسي والعراق عراقي ..ماغير الدخلاء من أخلاقي .. الشمس شمسي والعراق عراق

                تعليق

                • آسيا رحاحليه
                  أديب وكاتب
                  • 08-09-2009
                  • 7182

                  #9
                  جميلة القصة عائدة..
                  أعجبتني اللغة و النهاية غير المتوقّعة .
                  دمتِ و دام لنا قلمك .
                  محبّتي.
                  يظن الناس بي خيرا و إنّي
                  لشرّ الناس إن لم تعف عنّي

                  تعليق

                  • سمية البوغافرية
                    أديب وكاتب
                    • 26-12-2007
                    • 652

                    #10
                    المشاركة الأصلية بواسطة عائده محمد نادر مشاهدة المشاركة
                    ألممسوس!

                    أي ريح صرصر عصفت اليوم
                    الشمس مبتورة الخيوط, وشبح القادم ينسل خفية, يغطي وجهه غروب أصهب.
                    لم أكد أعرفه, لولا وشم أنزله على كفه, في ليلة دهماء غاب عنها القمر, أريق فيها الكثير من دمه, وحبرا صبه فوق الجرح, يدمغ يده فيه, ويئن مبتلعا وجعه.
                    لم تك ملامحه تشبه ذاك الشاب الجسور, الذي ملأ حيطان الشارع برسومه, وأنا صبي ألاحقه مثل ظله, مفتونا بما تخط أنامله العجائبية على الجدران, لتلك الصبية التي عشقها, فصارت داءه الذي ضرب أوتار فؤاده, فأعطبها, ليوصم بالممسوس, ويهجر البلدة, بعد أن عصفت بجسمه ركلات الرجال وهراواتهم, وهرس أحدهم بحنق يده اليمنى, بقدمه.
                    شقوق باب حجرته, تتيح لي فسحة ضيقة كي أرقبه وهو يناجيها دامعا, تنفلت منه الآهة حرى, وهو يبثها لوعته, وحرقة قلبه على غيابها! وفرشاته, كفراشة تنتقل بين الألوان ودمعه بسرعة عجيبة, ترسم عينين كحيلتين, وفما مكتنزا, يكاد ينطق, لتصيبني لوثته بفضول غريب لم أفهمه حد اللحظة.!
                    وتطاردني تينك العينان كأني أعرفهما.!
                    رنا إلي كأنه مغيب, حين اقتربت منه أحييه, وعيناه المحمرتان كالجمر, أرعدتني وأنا أستشعر خيفة منهما, ثم أشاح وجهه عني متمتما, بلهجة معاتبة:
                    - أهذا أنت!؟ أ بعد كل تلك ...!
                    لم تٌعنّي بسمتي البلهاء الحذرة, وخانني صوتي يتعثر بحنجرتي, فأطرقت رأسي خجلا.
                    دس يده الموشومة بين كومة أوراقه, ورمى بإحداها أمامي, لأجدني أمام صورة الفتاة ذي العينين الكحيلتين, والفم المكتنز!
                    زاحمتني الملامح, تصارعت أمامي, وتكومت كل الصور في لحظة بهذا الوجه, والريح تتلاعب بالورقة وأنا أركض خلفها لاهثا, يدفعني شغفي القديم, أن أعرف صاحبة الصورة.!
                    ذات صباح شقشقي العصافير, كان يقف قرب شجرة التفاح المزهرة, يحادثها, يبثها عشقه الموسوم بالمس, يغرف جمرات الشوق, ويعاتبها أنها تتأخر كل مرة عليه, فيغلي دمه ليتفجر ينابيع من أوردته, ويكشف لها عن رسغه الذي ينزف بدفق وشدة, لتمتد يدها البيضاء الناصعة نحوه, تجمع الدماء المنتفضة في كفها, تذروها إلى السماء, وتمسح كفه بكمها, وتقبل الجرح, فهربت مذعورا, أصرخ:
                    - الممسوس قطع رسغه, الممسوس شربها من دمه.
                    تلقفتني أمي من أول الشارع, وأقسمت أغلظ الإيمان أن الممسوس لن يبقى بيننا بعد اليوم, فقد بات خطرا على الأبناء.
                    توسلتها أن لا تفعل, لأنه مسكين, لم يؤذ أحدا غير رسغه, لكن إصرار أمي كان أقوى, وحيرة عينيها وهي تبحث في أرجاء المنزل تفتح بابا, وتغلق آخر, لتعود وتلطمني صفعة على وجهي, أخرستني.
                    رسمها ذاك اليوم على جدران المدرسة, فمًا وعينين, وشجرة تفاح مزهرة, تغفو مبتسمة قرب الساقية, وقمرا ثلجيا, يتراقص دوائر مهتزة, قربها.
                    نسجت الحكايات عنه, وعن مس الشيطان الذي تلبسه, فأغلقت أبواب الدور على بناتها, والممسوس يرسمها بغلالة شفافة, تظهر جسدها الضبابي متوهجا بالنور المتسرب من مسامات القماش, وألبسها النجوم تيجان فضية, كأنها شعاع يبهر العيون, وعلق اللوحة على غصن شجرة التفاح الموردة!
                    تبعت أبي ليلتها والرجال معه, محملين بوقود الغضب الجحيمي, تقدح العيون شررا يتطاير , ومشاعل النار تضيء وجهه القانع وهم يواجهونه, أنه لطخ سمعة الفتيات!
                    تمتم بيتم, راكعا:
                    - ليس بيدي, عشقي لها يدفعني, زوجوني إياها.
                    انهالت الأيدي, تصب جام الجحيم عليه, تمزق الجسد والرسوم, وهو يحتضن إحداها فوق صدره, يحميها منهم, غير عابيء بسواها, حتى أغمى عليه فغادروه, وورقة مكتوبة بدمه ألصقوها على الجدار مواجهته, غادر وإلا...!
                    لم أتزحزح من مخبأي, أتابعه بشغف محموم, وهو يزحف واللوحة بيده, يصب فوق كفه المهروس حبرا, يدمغها.
                    بعدها, لم يره أحد, حتى اليوم,
                    ولم تعرف البلدة سره وصاحبة العينين والفم, والريح مازالت تدفع بالرسمة أمامي, تطير وتحط, وقلبي يكاد ينخلع خوفا من رذاذ المطر المنهمر, أن يمحو الأثر.
                    دفعت جسمي بأقصى ما أستطيع كي ألتقطها, وأكتشف الوجه الذي طال زمن سره.
                    غيرت الريح وجهتها تدفع بالصورة نحوي, لتطعنني ألف سكين عمياء, وصورة أختي التي أغمضت عينيها منذ سنين, تتشبث يدها البيضاء المتخشبة, فرشاة بلون الزهر, تحت شجرة التفاح..
                    قبل أن تثمر!
                    غاليتي الرائعة عائدة
                    تحية تقدير وإعجاب ما بعده إعجاب
                    صنعت هنا سيدتي الدهشة من العنوان حتى آخر كلمة في قصتك الآسرة والمحبوكة ببراعة تدهش العين وتبهر النفس
                    الذهب يا سيدتي يخجل أمام وهج قصتك
                    أهنئك سيدتي على هذه الرائعة المتقنة لغة وتصويرا واختراقا لعوالم غريبة.
                    لك أن تفخري بها وتضميها إلى روائع كثيرة ابتدعها قلمك الوهاج...
                    تستحق أن تكون قصتك الممسوس وقصة ديجافو لأخينا أحمد عيسى: قصتا هذا الشهر وبامتياز
                    فهنيئا لكما..

                    تعليق

                    • عائده محمد نادر
                      عضو الملتقى
                      • 18-10-2008
                      • 12843

                      #11
                      المشاركة الأصلية بواسطة ربيع عقب الباب مشاهدة المشاركة
                      أهلا بكل ممسوسي العالم هنا
                      و بك عائدة
                      قرأت و استمتعت
                      ربما وجدت قيسا أو جميلا هنا
                      لكني ما وجدت ليلى أو بثينة !
                      ما وجدت غيرك على اللوحة !

                      لي عودة لأكتب بعض الأشياء الحلوووة

                      محبتي و احترامي

                      ربيع الغالي
                      لو تدري كم أتعبني هذا النص
                      وما زاد الطين بلة هذه الكهرباء اللعينة التي تأتي نصف ساعة وتغيب خمس
                      وصاحب المولدة لا يشغل مولدته إلا بعد الواحدة ظهرا بتوقيت بغداد ويطفيها الواحدة بعد منتصف الليل, لنغرق بالظلام حتى الصباح!
                      فأي مأساة نعيشها ونحن في عصر التكنلوجيا!
                      فرحت لأن النص أعجبك وأنتظر رؤيتك الأخرى وكلي شوق فقد كان النص كالمارد يصول ويجول داخل جمجمتي ويعبث بعقلي الذي سأفقده جراء مثل تلك الحالات هاهاهاها
                      وسأصبح الممسوسة بدل البطل.. ما رأيك هاهاهاها
                      ودي ومحبتي لك ربيعي أينما كنت
                      الشمس شمسي والعراق عراقي ..ماغير الدخلاء من أخلاقي .. الشمس شمسي والعراق عراق

                      تعليق

                      • وسام دبليز
                        همس الياسمين
                        • 03-07-2010
                        • 687

                        #12
                        المشاركة الأصلية بواسطة عائده محمد نادر مشاهدة المشاركة
                        ألممسوس!

                        أي ريح صرصر عصفت اليوم
                        الشمس مبتورة الخيوط, وشبح القادم ينسل خفية, يغطي وجهه غروب أصهب.
                        لم أكد أعرفه, لولا وشم أنزله على كفه, في ليلة دهماء غاب عنها القمر, أريق فيها الكثير من دمه, وحبرا صبه فوق الجرح, يدمغ يده فيه, ويئن مبتلعا وجعه.
                        لم تك ملامحه تشبه ذاك الشاب الجسور, الذي ملأ حيطان الشارع برسومه, وأنا صبي ألاحقه مثل ظله, مفتونا بما تخط أنامله العجائبية على الجدران, لتلك الصبية التي عشقها, فصارت داءه الذي ضرب أوتار فؤاده, فأعطبها, ليوصم بالممسوس, ويهجر البلدة, بعد أن عصفت بجسمه ركلات الرجال وهراواتهم, وهرس أحدهم بحنق يده اليمنى, بقدمه.
                        شقوق باب حجرته, تتيح لي فسحة ضيقة كي أرقبه وهو يناجيها دامعا, تنفلت منه الآهة حرى, وهو يبثها لوعته, وحرقة قلبه على غيابها! وفرشاته, كفراشة تنتقل بين الألوان ودمعه بسرعة عجيبة, ترسم عينين كحيلتين, وفما مكتنزا, يكاد ينطق, لتصيبني لوثته بفضول غريب لم أفهمه حد اللحظة.!
                        وتطاردني تينك العينان كأني أعرفهما.!
                        رنا إلي كأنه مغيب, حين اقتربت منه أحييه, وعيناه المحمرتان كالجمر, أرعدتني وأنا أستشعر خيفة منهما, ثم أشاح وجهه عني متمتما, بلهجة معاتبة:
                        - أهذا أنت!؟ أ بعد كل تلك ...!
                        لم تٌعنّي بسمتي البلهاء الحذرة, وخانني صوتي يتعثر بحنجرتي, فأطرقت رأسي خجلا.
                        دس يده الموشومة بين كومة أوراقه, ورمى بإحداها أمامي, لأجدني أمام صورة الفتاة ذي العينين الكحيلتين, والفم المكتنز!
                        زاحمتني الملامح, تصارعت أمامي, وتكومت كل الصور في لحظة بهذا الوجه, والريح تتلاعب بالورقة وأنا أركض خلفها لاهثا, يدفعني شغفي القديم, أن أعرف صاحبة الصورة.!
                        ذات صباح شقشقي العصافير, كان يقف قرب شجرة التفاح المزهرة, يحادثها, يبثها عشقه الموسوم بالمس, يغرف جمرات الشوق, ويعاتبها أنها تتأخر كل مرة عليه, فيغلي دمه ليتفجر ينابيع من أوردته, ويكشف لها عن رسغه الذي ينزف بدفق وشدة, لتمتد يدها البيضاء الناصعة نحوه, تجمع الدماء المنتفضة في كفها, تذروها إلى السماء, وتمسح كفه بكمها, وتقبل الجرح, فهربت مذعورا, أصرخ:
                        - الممسوس قطع رسغه, الممسوس شربها من دمه.
                        تلقفتني أمي من أول الشارع, وأقسمت أغلظ الإيمان أن الممسوس لن يبقى بيننا بعد اليوم, فقد بات خطرا على الأبناء.
                        توسلتها أن لا تفعل, لأنه مسكين, لم يؤذ أحدا غير رسغه, لكن إصرار أمي كان أقوى, وحيرة عينيها وهي تبحث في أرجاء المنزل تفتح بابا, وتغلق آخر, لتعود وتلطمني صفعة على وجهي, أخرستني.
                        رسمها ذاك اليوم على جدران المدرسة, فمًا وعينين, وشجرة تفاح مزهرة, تغفو مبتسمة قرب الساقية, وقمرا ثلجيا, يتراقص دوائر مهتزة, قربها.
                        نسجت الحكايات عنه, وعن مس الشيطان الذي تلبسه, فأغلقت أبواب الدور على بناتها, والممسوس يرسمها بغلالة شفافة, تظهر جسدها الضبابي متوهجا بالنور المتسرب من مسامات القماش, وألبسها النجوم تيجان فضية, كأنها شعاع يبهر العيون, وعلق اللوحة على غصن شجرة التفاح الموردة!
                        تبعت أبي ليلتها والرجال معه, محملين بوقود الغضب الجحيمي, تقدح العيون شررا يتطاير , ومشاعل النار تضيء وجهه القانع وهم يواجهونه, أنه لطخ سمعة الفتيات!
                        تمتم بيتم, راكعا:
                        - ليس بيدي, عشقي لها يدفعني, زوجوني إياها.
                        انهالت الأيدي, تصب جام الجحيم عليه, تمزق الجسد والرسوم, وهو يحتضن إحداها فوق صدره, يحميها منهم, غير عابيء بسواها, حتى أغمى عليه فغادروه, وورقة مكتوبة بدمه ألصقوها على الجدار مواجهته, غادر وإلا...!
                        لم أتزحزح من مخبأي, أتابعه بشغف محموم, وهو يزحف واللوحة بيده, يصب فوق كفه المهروس حبرا, يدمغها.
                        بعدها, لم يره أحد, حتى اليوم,
                        ولم تعرف البلدة سره وصاحبة العينين والفم, والريح مازالت تدفع بالرسمة أمامي, تطير وتحط, وقلبي يكاد ينخلع خوفا من رذاذ المطر المنهمر, أن يمحو الأثر.
                        دفعت جسمي بأقصى ما أستطيع كي ألتقطها, وأكتشف الوجه الذي طال زمن سره.
                        غيرت الريح وجهتها تدفع بالصورة نحوي, لتطعنني ألف سكين عمياء, وصورة أختي التي أغمضت عينيها منذ سنين, تتشبث يدها البيضاء المتخشبة, فرشاة بلون الزهر, تحت شجرة التفاح..
                        قبل أن تثمر!
                        استاذة عائدة جميلة هي حروفك في رحيلها نحو الإبداع تجر معها أحرفا من ألق في إبحارها
                        بلغة تلبس الشعر رداء لها وحب يأخذنا معه ونتابع بشغف لنصل إلى قفلة صادمة
                        بخصوص الكهرباء "تم دمج شركة الكهرباء وشركة الإطفاء لتصبح شركة إطفاء الكهرباء "هي طرفة لا أكثر لكثرة قطع الكهرباء
                        دام نزيف قلمك
                        لك باقة من ياسمين

                        تعليق

                        • أحمد على
                          السهم المصري
                          • 07-10-2011
                          • 2980

                          #13
                          الأستاذة القديرة عائدة محمد نادر

                          قصة رائعة كالعادة
                          لقد تحول هذا العاشق لممسوس رغما عنه
                          وبدافع العشق تخلى أيضا عن كل شيء في سبيل ليلاه
                          حتى موطنه هجره مع قسوة المحيطين به
                          ليهيم في الأرض على وجهه .


                          كل الشكر لك على هذه القصة الثرية بالمفردات
                          والغنية بالتعبيرات الجميلة
                          ولك سلاما يا بنت الفرات .

                          أخيك،
                          السهم المصري



                          تعليق

                          • أمل ابراهيم
                            أديبة
                            • 12-12-2009
                            • 867

                            #14
                            المشاركة الأصلية بواسطة عائده محمد نادر مشاهدة المشاركة
                            ألممسوس!

                            أي ريح صرصر عصفت اليوم
                            الشمس مبتورة الخيوط, وشبح القادم ينسل خفية, يغطي وجهه غروب أصهب.
                            لم أكد أعرفه, لولا وشم أنزله على كفه, في ليلة دهماء غاب عنها القمر, أريق فيها الكثير من دمه, وحبرا صبه فوق الجرح, يدمغ يده فيه, ويئن مبتلعا وجعه.
                            لم تك ملامحه تشبه ذاك الشاب الجسور, الذي ملأ حيطان الشارع برسومه, وأنا صبي ألاحقه مثل ظله, مفتونا بما تخط أنامله العجائبية على الجدران, لتلك الصبية التي عشقها, فصارت داءه الذي ضرب أوتار فؤاده, فأعطبها, ليوصم بالممسوس, ويهجر البلدة, بعد أن عصفت بجسمه ركلات الرجال وهراواتهم, وهرس أحدهم بحنق يده اليمنى, بقدمه.
                            شقوق باب حجرته, تتيح لي فسحة ضيقة كي أرقبه وهو يناجيها دامعا, تنفلت منه الآهة حرى, وهو يبثها لوعته, وحرقة قلبه على غيابها! وفرشاته, كفراشة تنتقل بين الألوان ودمعه بسرعة عجيبة, ترسم عينين كحيلتين, وفما مكتنزا, يكاد ينطق, لتصيبني لوثته بفضول غريب لم أفهمه حد اللحظة.!
                            وتطاردني تينك العينان كأني أعرفهما.!
                            رنا إلي كأنه مغيب, حين اقتربت منه أحييه, وعيناه المحمرتان كالجمر, أرعدتني وأنا أستشعر خيفة منهما, ثم أشاح وجهه عني متمتما, بلهجة معاتبة:
                            - أهذا أنت!؟ أ بعد كل تلك ...!
                            لم تٌعنّي بسمتي البلهاء الحذرة, وخانني صوتي يتعثر بحنجرتي, فأطرقت رأسي خجلا.
                            دس يده الموشومة بين كومة أوراقه, ورمى بإحداها أمامي, لأجدني أمام صورة الفتاة ذي العينين الكحيلتين, والفم المكتنز!
                            زاحمتني الملامح, تصارعت أمامي, وتكومت كل الصور في لحظة بهذا الوجه, والريح تتلاعب بالورقة وأنا أركض خلفها لاهثا, يدفعني شغفي القديم, أن أعرف صاحبة الصورة.!
                            ذات صباح شقشقي العصافير, كان يقف قرب شجرة التفاح المزهرة, يحادثها, يبثها عشقه الموسوم بالمس, يغرف جمرات الشوق, ويعاتبها أنها تتأخر كل مرة عليه, فيغلي دمه ليتفجر ينابيع من أوردته, ويكشف لها عن رسغه الذي ينزف بدفق وشدة, لتمتد يدها البيضاء الناصعة نحوه, تجمع الدماء المنتفضة في كفها, تذروها إلى السماء, وتمسح كفه بكمها, وتقبل الجرح, فهربت مذعورا, أصرخ:
                            - الممسوس قطع رسغه, الممسوس شربها من دمه.
                            تلقفتني أمي من أول الشارع, وأقسمت أغلظ الإيمان أن الممسوس لن يبقى بيننا بعد اليوم, فقد بات خطرا على الأبناء.
                            توسلتها أن لا تفعل, لأنه مسكين, لم يؤذ أحدا غير رسغه, لكن إصرار أمي كان أقوى, وحيرة عينيها وهي تبحث في أرجاء المنزل تفتح بابا, وتغلق آخر, لتعود وتلطمني صفعة على وجهي, أخرستني.
                            رسمها ذاك اليوم على جدران المدرسة, فمًا وعينين, وشجرة تفاح مزهرة, تغفو مبتسمة قرب الساقية, وقمرا ثلجيا, يتراقص دوائر مهتزة, قربها.
                            نسجت الحكايات عنه, وعن مس الشيطان الذي تلبسه, فأغلقت أبواب الدور على بناتها, والممسوس يرسمها بغلالة شفافة, تظهر جسدها الضبابي متوهجا بالنور المتسرب من مسامات القماش, وألبسها النجوم تيجان فضية, كأنها شعاع يبهر العيون, وعلق اللوحة على غصن شجرة التفاح الموردة!
                            تبعت أبي ليلتها والرجال معه, محملين بوقود الغضب الجحيمي, تقدح العيون شررا يتطاير , ومشاعل النار تضيء وجهه القانع وهم يواجهونه, أنه لطخ سمعة الفتيات!
                            تمتم بيتم, راكعا:
                            - ليس بيدي, عشقي لها يدفعني, زوجوني إياها.
                            انهالت الأيدي, تصب جام الجحيم عليه, تمزق الجسد والرسوم, وهو يحتضن إحداها فوق صدره, يحميها منهم, غير عابيء بسواها, حتى أغمى عليه فغادروه, وورقة مكتوبة بدمه ألصقوها على الجدار مواجهته, غادر وإلا...!
                            لم أتزحزح من مخبأي, أتابعه بشغف محموم, وهو يزحف واللوحة بيده, يصب فوق كفه المهروس حبرا, يدمغها.
                            بعدها, لم يره أحد, حتى اليوم,
                            ولم تعرف البلدة سره وصاحبة العينين والفم, والريح مازالت تدفع بالرسمة أمامي, تطير وتحط, وقلبي يكاد ينخلع خوفا من رذاذ المطر المنهمر, أن يمحو الأثر.
                            دفعت جسمي بأقصى ما أستطيع كي ألتقطها, وأكتشف الوجه الذي طال زمن سره.
                            غيرت الريح وجهتها تدفع بالصورة نحوي, لتطعنني ألف سكين عمياء, وصورة أختي التي أغمضت عينيها منذ سنين, تتشبث يدها البيضاء المتخشبة, فرشاة بلون الزهر, تحت شجرة التفاح..
                            قبل أن تثمر!
                            عيودتي وغاليتي مساؤك عسل
                            وسكر
                            قصةٍ توهتني وأحترت بأختياري لها بطلاً بهذا الحب الجنوني
                            رائعةٍ وعاشقةٍ والمس يضع هنا يضع قصةٍ رائعة للحب
                            سلم القلم ودمتي بأبداعك غاليتي
                            باقات من الورد تزين تحيتي وودي
                            درت حول العالم كله.. فلم أجد أحلى من تراب وطني

                            تعليق

                            • ربيع عقب الباب
                              مستشار أدبي
                              طائر النورس
                              • 29-07-2008
                              • 25792

                              #15
                              نعم الموضوع ليس جديدا عائدة
                              و لكن لكل كاتب بصمته
                              انه ضارب الجذر في عمق التاريخ
                              و في الحديث كان
                              و قد تناوله الكثير من الكتاب الكبار شكسبير
                              و الي اسماعيل فهد اسماعيل
                              ربما بنفس القسوة
                              في التعامل
                              فدماء العاشقين مباح
                              ليكن .. و لكن الجديد هنا أنه يأتي من خلال عين بدت حيادية
                              تواقة لأن ترى حلم الحب متحقق
                              و فجأة و حين ترى نفسها في الدائرة .. يكون التوقف عن الحلم و ربما التبرؤ منه !

                              كانت اللغة حلوة و لذيذة و تحمل سمات قصص الحب و العشق !

                              شكرا لك سيدتي
                              sigpic

                              تعليق

                              يعمل...
                              X