" النّهج المر " واقع التهميش
*********************
*********************
كل الأمكنة في المدينة وضواحيها لم تعد تتسع للمثقّفين الذين لم يجدوا بديلاً عن الجلوس في المقاهي على الرّغم من آفاتها السّلبيّة ، في بلدتي التي تناهز السبعين ألف ساكن. لكنّها تفتقر إلى أدنى المرافق ، الثقافيّة والترفيهيّة على وجه الخصوص ، عدا من دار شباب لا تلبّي طاقة الشباب التّائه في غياهب الجهل والادمان ، يعاني من الانحراف والحرمان ، بسبب التهميش وتلكم الأنانية ، والتي أصبحت " حالة ذهنيّة " تميّز بعض " الانتهازيين " الذين استغلّوا موضوع الانتخابات لتحقيق مآربهم الشخصيّة ، بدليل عدم إشراك من انتخبوهم على الأقل في بعض القرارات التي تهمّهم كمواطنين معنيّين، أو كإطارات بإمكانها تقديم إضافة للمجالس المنتخبة ، ناهيك عن تغييب دورهم في إنعاش الحياة الاجتماعيّة والثقافيّة ، رغم أن القانون المتعلّق بالبلدية يمنحهم هذا الحق . وتنصّ (المادّة 26 من القانون رقم 11 – 10 مؤرّخ في 20 رجب عام 1432 الموافق 22 يونيو سنة 2011 ) صراحة على أن جلسات المجلس الشعبي البلدي علنية وتكون مفتوحة لمواطني البلدية ولكل مواطن معني بموضوع المداولة .وهو ما ينم عن الخلفيات وسوء النّوايا المضمرة ، وبعض الأشياء " الخطيرة " التي هي من اختصاص أجهزة الرّقابة على كل حال. لكن ذلك لا يعني بالضّرورة تهميش المواطن الذي له حق الرّقابة على هذا المرفق العام ، والذي أضحى وسيلة للانتفاع الذّاتي، وملجأ للرّاحة والاستجمام . الأمر الذي انعكس سلبًا على بعض البلديّات التي تعاني من التخلّف والحرمان رغم كل الخيرات الطّبيعية والكفاءات البشرية المتوفّرة ، لكنّها مهمّشة وبصورة متعمّدة . ومن أثار هذا التهميش تغيب الرؤية الواضحة للمستقبل ، ويترجمه الخلل الكبير في كيفيّة توزيع المشاريع على المناطق والأحياء ؛ والحي العتيق الذي أقطنه ، ويُكنّى بـ " النّهج المر " ، كأن قدره مرٌّ بالفعل ، يعاني قاطنوه من تهميش جلي واضح، ولعدّة أسباب أذكر من بينها على وجه الخصوص : تحويل الطريق الوطني رقم ( 16) الذي تسبّب له في عزلة . وكذلك السكّة الحديديّة التي هي كالخنجر المسموم ، نظرا لخطورتها على المواطنين ، و تقويضها لكل الجهود الرّاميّة إلى تزويد الحي بمختلف المشاريع التنمويّة ، والتي أصبحت تشكّل عائقًا أمام كل محاولات فك العزلة .ثم لتنكلّم عن سوء توجيه هذه المشاريع التنمويّة ، وقد نجم عنه اختلال كبير في القوى والموازين ، بحيث يوحي للذي يتجوّل في أرجاء البلدة وشوارعها ، كأنّه يتنقّل من مدينة إلى أخرى . لذلك يستوجب إشراك ممثّلين عن مثل هذه الأحياء الشّعبيّة العتيقة ، للمساهمة بدورهم في تحقيق العدالة الاجتماعيّة ، ومن خلال آرائهم ومقترحاتهم ، وليس في ذلك عيب ، و " قد تجد في النّهر ما لا تجده في البحر" كما قال بعض الحكماء .