اللّهم اكفني شرّ أصحابي
***
***
الغيرة نوعان ؛ محمودة ، ومذمومة . فأمّا المحمودة ؛ فغيرة المرء على دينه وعرضه ووطنه ( مثلاً ). وأمّا المذمومة ؛ فمرض نفسي ، وعلّة في القلب والأحشاء ، واختلال في الدّماغ ( كما يراه بعض الأخصّائيّين والعلماء ). وهي – الغيرة - لا تفرّق بين الجنسين ، ولا بين الصّديقين .
( أم يحسُدون النّاس على ما أتاهم الله من فضله )
كل ذي نعمة محسود ، والحسد هنا ، مرضٌ عضالٌ ونارٌ في الفؤاد الذي هو مصدر كل المشاعر والأحاسيس ، سواء الجميلة المحمودة ،أو تلك الخبيثة المسمومة ، وليس القلب العضو الطّيني الذي ينبض بالحياة .والفؤاد هنا معناه الرّوح الجريحة ، " ومن عساه يداوي الرّوح الجريحه حين الفراق " وهي (النّفس التي تبكي على الدّنيا وقد علمت ** إن السّلامة فيها ترك ما فيها ) كما ورد في قصيدة للإمام علي - كرّم الله وجهه - ، و يحلو للبعض تسميّتها. والغيرة المذمومة ، بمعنى الحسد ، من السّرطانات الخبيثة التي لا يقدر عليها طبيب مداوي ، ولاينفع معها دواء ، ولا يستطيع العلم بوسائله الحديثة وصفها أو تشخيصها، فهي تسري في شرايين الفؤاد " كالنّار في الهشيم "، حتّى إذا لم تجد ما تأكله أكلت صاحبها ، وقديمًا قال الشّاعر:
فالنار تأكل بعضها *** ان لم تجد مــــــا تأكله
ماذا عساك تفعل لو علمت أن صديقك الذي تحبّه وتحترمه يغار منك لا عليك ؟يقول المثل الفرنسي :
Dieu me garde de mes amis! Mes ennemis, je m'en charge
ومعناه :
(اللّهم اكفني شرّ أصحابي أمّا أعدائي فأنا كفيلٌ بهم)
ماذا عساك تفعل لو علمت أن صديقك الذي تحبّه وتحترمه يغار منك لا عليك ؟يقول المثل الفرنسي :
Dieu me garde de mes amis! Mes ennemis, je m'en charge
ومعناه :
(اللّهم اكفني شرّ أصحابي أمّا أعدائي فأنا كفيلٌ بهم)
وهذا مثال آخر على وجود الغيرة المذمومة حتّى بين الأصدقاء ، وليس كلّهم. ووجه آخر للصّداقة المسمومة ، والتي تُشعر المرءَ بمرارة اللّقاء طول الوقت الذي يقضيه مع رفيقٍ له أو صديقٍ مزعوم ، من جرّاء ما يتعرّض له من نّقدٍ أوسخريةٍ . واقصى ما يمكن فعله مع أمثال هؤلاء هو نصحهم بالعلاج والتّداوي لإعادة تأهيل المشاعر النّبيلة فيهم . والتّخلّي عن الغرور والأنانيّة والاستعلاء، وتلك المشاعر التي تمنعهم من الرّاحة والإطمئنان . كما يجب عليهم أن يصغوا للآخرين ، ولا يأخذهم العُجب ، أويتعصّبوا لرأيهم ، استعظامًا لأنفسهم . ولا نطلب من هؤلاء أن يكونوا متطابقين دائماً مع الرّأي الآخر ولا أن يطلبوا من الآخرين أن يكونوا نسخة منهم .
تعليق