دراسات تربوية

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • السعيد ابراهيم الفقي
    رئيس ملتقى فرعي
    • 24-03-2012
    • 8288

    دراسات تربوية

    1
    التعليم فى الألفية الثالثة
    د.شـــبل بــدران
    أســتاذ أصـول التــربية
    وعميد كلية التربية – جامعة الاسكندرية
    يشهد العالم المعاصر العديد من المتغيرات والمستجدات على الساحة الاقتصادية والاجتماعية والسياسة والثقافية ، وهذه المتغيرات التى يعيشها عالمنا المعاصر غيرت وبدلت العديد من المفاهيم والثوابت التى كانت مستقرة فى أذهاننا لسنوات طويلة مضت . ولقد ترتب على ذلك العديد من المشكلات ، أبرزها عدم القدرة على ملاحقة تلك التطورات وفهم وتفسير دوافعها الحقيقة . وكذا التكيف معها ، مما أدى الى الكثير من سوء الفهم واحالة تفسير العديد من تلك التغيرات والمستجدات فيما يتعلق بوطننا العربى بؤصفه مؤامرة كبرى من العالم الغربى على وطننا .

    ولعل من أهم تلك التغيرات على الصعيد الاقتصادى والتى تمثلت فى تراجع دور الدولة فى القيام بمسئولياتها الوطنية والقومية والإعلاء من شأن القطاع الخاص وتعظيم دور النشاط الفردى وإطلاق كافة الفرص أمام المشروع الفردى بوصفه أحد سمات وخصائص العالم المعاصر فى الألفية الثالثة .
    والتعليم بوصفه أحد مهام الدولة الوطنية، تعرض للعديد من الانتقادات والطروحات التى حاولت أن ترفع يد الدولة كاملة عن القيام بعبء التعليم وتركه كاملا عرضاً وطلباً لآليات السوق ، والتعامل معه بوصفه سلعة وليس خدمة أو حق إنسانى للإنسان المعاصر ، ودور وطنى على الدولة أو توفره أمام الراغبين فيه والقادرين عليه علمياً ، وغير القادرين على تحمل تكلفته فى أى مستوى من مستوياته ومراحله ونوعايته.

    وعلى الرغم من كل ذلك تعددت الرؤى والكتابات التى أبرزت أن دور الدولة فى التعليم هو حافظ لكيان الأمة وحافظ لهويتها وثقافتها من الانقراض والذوبان وسط الثقاقات الطاغية والمهيمنة . وهذه الدراسات والكتابات لم تظهر فى مجتمعنا فقط، بل ظهرت وتكرست فى المجتمعات الرأسمالية المتقدمة ، باعتبار التعليم هو أحد أهم روافع التنمية فى المجتمع ، وأن المجتمع الحديث والمعاصر لا يمكن أن تتم فيه أية تنمية فى ظل غياب التعليم أو خلق المجتمع المتعلم القادر على التعامل مع المستجدات العلمية والتكنولوجية التى تستلزم الحد الأدنى للتعليم والثقافة ، وهو التعليم العالى والجامعى وليس ما دونه . وتكفى هذه الاشارة الى تقدم دولة مثل اليابان ودول جنوب شرق آسيا ( النمور الاسيوية ) حديثا من خلال تعزيز وتعظيم دور التعليم فى تلك الدول.

    من هنا فان مظاهر أزمة التعليم فى عالمنا المعاصر ، هى كيف يستطيع التعليم أن يفى بحاجات ومتطلبات المجتمع نحو التنمية والتقدم ، وكذا حاجات ومتطلبات الافراد الراغبين فى العلم والمعرفة ، فى ظل آلية السوق، وإعتبار التعليم سلعة من السلع تخضع لقوانين العرض والطلب ، وليس بوصفه حقاً إنسانيا أقرته الدساتير المعاصرة والمؤسسات الدولية ، لأنه لايمكن تصور إنسان يعيش فى الألفية الثالثة ولم ينل حظا من التعليم حده الادنى التعليم العالى والجامعى للاشتباك والتعامل مع المستجدات العلمية والتكنولوجية التى تعد مفتاح التقدم الانسانى نحو التنمية...، تلك هى المعضلة ؟

    والتغيرات والمستجدات التى يعيشها مجتمعنا تتمثل فى العديد من التحديات التى ظهرت على الساحة خلال الربع الاخير من القرن العشرين ومطلع الالفية الثالثة ،


  • السعيد ابراهيم الفقي
    رئيس ملتقى فرعي
    • 24-03-2012
    • 8288

    #2
    1. تحدى الثورة العلمية والتكنولوجية والمعرفية :

    والتى تستلزم تزويد الافراد بالمهارات والمعارف التى تتطلبها تلك الثورة فى كافة أشكالها وصورها . المعرفة لم تعد أسيرة جدران الكتب ودوائر المعارف ولكنها أصبحت متاحة عبر شبكات الانترنت أمام الجميع ودون تفرقة ، واصبحت المعرفة أيضاً نسبية وليست مطلقة ومتغيرة بتغير العالم ومناهجه وطرائقه وأصبحت متراكمة ومتنامية بصورة مذهلة ، حيث أصبحت تلك المعرفة التى يعرفها البشر خلال القرن الماضى يمكن تحصيلها خلال الأسابيع وأيام معدودة فى تضاعفها وتناميها.


    1. تحدى المنافسة العالمية :

    ففى ظل اتفاقيات الجات والتجارة الحرة بين الدول ، سيصبح الاقتصاد والمهيمن والمسيطر على المؤسسات الدولية ، هو الاقتصاد القادر بصناعاته وتجارته على غزو الاسواق باقل كلفة ممكنة ، وباجود صناعة ممكنة ايضاً . ففى ظل المنافسة العالمية ، يستلزم الامر إعادة النظر فى هيكل وبنية النظام التعليمى ومناهجه وطرائق التدريس فيه وغاياته وأهدافه أيضا.

    أن المنافسة المفروضة علينا تستلزم _ ضمن ماتستلزم _ الأخذ فى الإعتبار معايير الجودة الشاملة فى التعليم وكذا معايير الجودة فى مخرجات هذا التعليم والمستجدات العلمية والتكنولوجية ونقل مفهوم التعليم من ( التعليم البنكى ) الى ( التعليم الحوارى ) من التعليم القائم على الحفظ والإستظهار ونقل العلوم والمعارف من المعلم الى المتعلم الى فهم جديد يسعى الى تعظيم دور الابداع وتمكين المتعلم من طرائق وسبل الحصول على المعرفه بوصفها معارف نسبية وليست مطلقة ولا مقدسة ومتغيرة بالتغيرات الحادثة فى مجال العلم نفسه ومناهجه ونتائجه. وإذا كان مفهوم التعليم سيتغير من الحفظ والتلقين إلى الإبداع والمغايرة فإن دور المعلم سيتغير أيضاً من حامل المعرفة إلى المرشد والموجهة والقائم على تدريب المتعلم على طرق الحصول على المعرفة والسعى إليها بمعاونة المعلم.


    3- استقلالية القرار الوطنى:
    وسيترتب على تحدى المنافسة الدولية وسطوة المؤسسات الدولية(البنك والصندوق الدوليين) وكافة المؤسسات المانحة للمعونة والقروض لدول العالم الثالث على إستقلالية القرار الوطنى على كافة الأصعدة، وذلك الأمر يتطلب من التعليم أن يلعب دوره التنويرى والتثقيفى بالقضايا العالمية والمحلية وتمكين الأفراد من القدرة على اتخاذ القرار الرشيد فى ضوء المصالح الوطنية العليا وفى ضوء الاعتبارات الموضوعية والبعد عن الجوانب الذاتية التى تؤثر على اتخاذ القرار.


    ومن هنا سيظل التعليم رغم كل تلك التغيرات فى الألفية الثالثة يلعب دوره الوطنى والذى سبق أن لعبه فى فترات سابقة إبان الإحتلال البريطانى لمصر فى مطلع القرن العشرين وذلك يتطلب تعزيز وتعظيم دور العلوم الانسانية التى تعين المتعلم على الفهم والتفسير للقضايا الكبرى التى يعيشها (العولمة... النظام الرأسمالى العالمى، اتفاقيات الجات... الغزو الثقافى... التبعية الثقافية، الاعتماد المتبادل والمتكافىء) كل تلك القضايا هى التى تشكل الوجدان والاطار المرجعى والموسوعى للفرد لكى يستطيع أن يقف موقفاً واضحاً فى إطار من الفهم للقضايا العالمية والمحلية المعاصرة والمعيشة.


    4- الموجه الثالثة – المعرفة قوة:
    ومن أبرز التغيرات التى يشهدها عالمنا المعاصر، هو ثورة الاتصالات والمعلومات – الموجه الثالثة – وهى الانتقال إلى عصر الانتاج كثيف المعرفة، لأن المعرفة أصبحت هى القوة فى هذا العصر، ولم يعد السلاح أو الثروة المادية، هى القوة، المعرفة قوة، ولكن المعرفة المتجددة القادرة على فعل كل ذلك، هى القوة، والانتاج كثيف المعرفة سيجعلنا نرى زراعات دون زراع، وصناعات دون عمال، ونستطيع عن طريق الهندسة الوراثية والتخليق الحصول على سكريات أعلى بكثير من تلك التى نحصل عليها من الأشجار والثمار وقصب السكر، وسيجعلنا ننتج السيارات دون الحاجة إلى الانسان، وسيصبح فى الموجه الثالثة – عصر الانتاج كثيف المعرفة – الصراع ليس بين الانسان والانسان، ولكن الصراع سيكون بين الانسان والآلة فى السعى نحو الحصول على فرصة عمل، سيتغير الصراع فى شكله وأهدافه وآلياته.. صراع جديد قائم علي المعرفة وستتغير المهـن والوظائف كل ثلاث سنوات علي الاقل و ستتغير المعارف المرتبطة بتلك المهن و الوظائف في اقل من ثلاث سنوات...

    كـل ذلك يلقي بأعباء جـديدة و متجددة علي التعليم و أهدافـــه ووظائفه وغاياته ... ان تغير المهـن رهن بتغير فحـوي ومحتوي التعليم ومناهجة بشكل دائم و مستمر .



    5- موت المدرسة : مجتمع بلا مدارس:

    كذلك سنري عن طريق شبكات " الانترنت " البديل الرسمي عن المدرسة و المعلم ، فعن طريق تلك الشبكات نستطيع ان نحصل علي المعارف و العلوم التي نريدها في اقل وقت ممكن و باقل جهد ممكن دون الحاجة الي الذهاب الي المدرسة ، و ذلك طالما انحصرت مهمة المدرسة الرئيسية في تلقين العلوم و المعارف فقط . و السؤال الذي يطرح نفسة ، كما سبق ان طرحة القس " ايفان ايلتش " فى مطلع السبعينات " مجتمع بلا مدارس و" مــوت المدرسة " و ان المـدرسة يمكن ان تستبدل بوكالا ت وأليات جديدة تقوم بدورها ، بدل الدور الذى نمارسة حيالها بوصفها " صنم " يُعبد ، هل حقا ستموت المدرسة و تهمش و يلغي دورها من خلال الثورة العلمية و التكنولوجية و المعرفية ؟ سؤال في حاجة الي جواب بل أجوبة ؟.


    سيشهد القرن الحادي و العشرين وفرة كبيرة في عدد الذين يعيشون من شبكة المعلومات " الإنترنت " و سيكون هناك نقص دائم و متزايد في عدد الذين يعلموننا أين الصواب و الخطا في أسلوب حياتنا و علاقتنا مع الآخرين ، وليس معني ذلك ، أي تهوين من أهمية علوم ( كيف تكسب لقمة العيش ) مثل ( إدارة الأعمال و الإتصالات و الأنظمة الهندسية ...الخ ) ولكننا نود أن نحذر من أن عقارب الساعة قد دارات بأسرع من اللازم في إتجاة العلوم و التكنولوجيا ، و قد آن الأوان لإعادتها نحو علوم الانسانيات التي تبحث في أسرار الكون و الهدف من حياتنا.


    لن يكون في إستطاعة " الانترنت " او شبكات التليفزيون التعليمية أن تزرع في نفوسنا القيم الإنسانية النبيلة ، و سوف نحتاج دائما الي دفء الاتصال الشخصي ، أولا : عن طريق الاسرة ، ثانيا : من خلال وجود معلم يثير في نفوس طلابة معاني القيم و الرموز الغالية التي تضيء العقول والقلوب و تدفع مسيرة الانسان نحو التقدم الحقيقي ، ستظل المدرسة والمعلم هو الحافظ علي القيم الانسانية و الثقافة الوطنية و الهوية في مجتمعة ، و لا شك أن تلك وظيفة غالية الثمن والقيمة ولن تستطيع التكنولوجيا أو التقدم العلمي تجاوزها.


    من هنا لابد أن تؤدى إستراتيجيات تطوير التعليم إلى الإهتمام الكافي بالمعلم و المدرسة و بعث الحياة الديمقراطية الحرة في نفوس الطلاب ، وذلك من أجل الوصول إلي قدر من التنمية الحقيقية الذي يرقي بالمستوي الاجتماعي للحياة الانسانية .


    1. ماذا نعلم في ضوء انفجار المعرفة ، و كيف نعلم في ضوء انفجار السكان ؟!


    في الماضي القريب كانت القدرة علي السيطرة علي الطاقة مفتاحا للقوة ، أما الآن فاستخدام المعلومات هو السبيل الي السلطة ( المعرفة قوة ) و سيكون الفقراء و الضعفاء أولئك العاجزين عن إستغلال المعلومات أكثر من كونهم أولئك الذين تعوزهم موارد الطاقة و الثروة المادية . و سيثبت ان دور التعليم في تنمية القدرة علي الوصول الي المعلومات اكثر اهمية من دوره في تقديم المعلومات الاساسية ، حيث ان وسائل الاتصال و الحاسبات تعد امتدادات للجهاز العصبي و الدماغ عند الإنسان ، و علي هذا فهي اكثر أهمية من الأدوات الميكانيكية التي هي إمتدادا للعضلات و الذراعين والساقين .

    و في الالفية الثالثة ، فان الشخص المتعلم و العاجز عن الوصول الي المعلومات عن طريق الحاسب قد يكون معاقا كالأمي في مجتمع صناعي، و خلال جيل من الآن فان المنزل الذي يخلو من أجهزة الحاسب الآلي سيكون مماثلا للمنزل الخالي من الهاتف في أيامنا هذه . كما ان مكتبة ايامنا هذة ستكون في متاول يد الفرد في المنزل .

    كل ذلك يقودنا الي ضرورة إعادة النظر في النظام التعليمي في معاهدنا و مدارسنا ، لانة نظام قائم علي ثلاثية (التلقين ، و التذكر و الذكاء) و هي ثلاثية غير قادرة بصورتها الراهنة للاستجابة للتحديات التي تواجهنا في الالفية الثالثة .

    وعند إعادة النظر ستظهر أمامنا إشكالية قائمة بين انفجار المعرفة وانفجار السكان . فانفجار المعرفة نقلة كيفية بينما انفجار السكان نقله كمية. وهنا يثار السؤال الاتي :

    • ماذا نعلم في ضوء انفجار المعرفة ؟


    • وكيف نعلم في ضوء انفجارالسكان ؟

    تعليق

    • السعيد ابراهيم الفقي
      رئيس ملتقى فرعي
      • 24-03-2012
      • 8288

      #3
      2
      " أدوار ومسئوليات المعلم في عالم متغير "

      أ.د.سعيد أحمد سليمان*

      بدلاً من مقدمة:
      بداية لعلك تتفق معي على أن جميع الدلائل، المتوافرة أمام أنظارنا والمتواترة في جميع مناشط حياتنا، تؤكد في دلالة واضحة أن الحضارة التي تعيش البشرية اليوم في ظلالها، محكومة في الأساس بالعلم وموجهة بالتكنولوجيا. ولعلك تتفق معي كذلك على أن المجتمعات التي تحتل مكان الصدارة اليوم في قيادة عمليات تشييد صرح هذه الحضارة والتحكم في مقدراتها تمتلك نظماً تعليمية متقدمة، أقل ما يمكن أن توصف به أنها نظم تعليمية عالية الجودة مرتفعة الفاعلية، حيث يستحيل أن نجد مجتمعاً متقدماً ونظامه التعليمي متخلف، وبنفس القدر يستحيل أن نجد مجتمعاً متخلفاً ونظامه التعليمي متقدم. ومن ثم فلعلك تتفق معي ثالثاً على أن كفاءة وفعالية أي نظام تعليمي اليوم تقاس بمدى قدرته على إكساب المتعلمين فيه المهارات والقدرات التي تمكنهم من الإسهام الفاعل في بناء نهضة مجتمعهم وتحقيق نهضة أمتهم، حيث يصبح الهدف الأساسي، الذي تتمحور حوله كافة الأهداف الأخرى لمثل هذا النظام، يتمثل في إعداد الفرد المنتج للمعرفة، المبدع للتكنولوجيا، باعتبار الإنتاج المعرفي، كماً وكيفاً، والإبداع التكنولوجي، إنتاجاً وتوظيفاً، باتت الأدوات الأساسية لبناء أية نهضة مجتمعية، فضلاً عن كونها أضحت من أبرز المعايير التي يقاس على ضوئها تقدم أية أمة.
      وفي سياق هذا الطرح يبرز الدور المحوري للمعلم في تحقيق كفاءة وفعالية النظام التعليمي، باعتباره الركيزة الأساسية لتحقيق جودة هذا النظام، نظراً لحيوية دوره في الارتقاء المستمر بمستوى أداء المتعلمين، الذي يمثل الغاية الأساسية التي يسعى إليها أي نظام تعليمي، بغض النظر عن حالة مدارسه، وكثافة حجرات الدراسة بها، وطبيعة المناهج الدراسية المستخدمة فيه، ونوعية التكنولوجيا ومصادر التعلم التي يعتمد عليها، ومقومات البيئة المحيطة، أو أي عامل من العوامل المرتبطة ببيئة التعلم التي ينتظم فيها التلاميذ. فبالرغم من أهمية ذلك كله لضمان جودة وفاعلية النظام التعليمي، إلا أنها ستظل عديمة الجدوى قليلة الفاعلية ما لم يتوافر المعلم القادر على/ الراغب في توظيفها بفاعلية وتوجيهها بحكمة صوب الأهداف التربوية التي يسعى النظام لتحقيقها.
      وهكذا فلقد بات من الأمور المتفق عليها بين جميع المهتمين بالشأن التربوي على اختلاف توجهاتهم الفكرية أن ثمة ارتباط قوي بين نوعية الأداء في أي نظام تعليمي ونوعية أداء المعلمين العاملين فيه، حيث يمكننا التسليم بالقول: "أنه لا يمكن لأي نظام تعليمي أن يرتقي أعلى من مستوى معلميه " (Higginson, F.L.1996 - في الكندري وفرج:2001). ذلك أن المعلم يمثل محور الارتكاز في تحقيق الأهداف التربوية التي يتبناها النظام التعليمي وعلى عاتقه تقع مسئولية تحويل الأفكار والرؤى التجديدية التي يطرحها القائمون على هذا النظام وواضعو خططه وراسمو سياساته إلى نواتج تعليمية تتمثل في صورة معارف ومهارات واتجاهات تتبدى في سلوك المتعلمين.
      ومن هنا يمكن القول بأنه إذا كان الدور المتوقع من المعلم على هذه الدرجة من الأهمية في جميع الأوقات، فإن الاستقراء الواعي للتجربة البشرية يجعلنا نقرر أن قيمة هذا الدور تتعاظم على نحو خاص في مراحل التحولات الكبرى التي تشهدها المجتمعات والتي تنتقل بموجبها من نمط حضاري إلى نمط حضاري آخر، نظراً لما تفرضه هذه التحولات على النظم التعليمية من ضرورة إحداث تغييرات جذرية عميقة، كيفية ونوعية، تتناول فلسفتها وأهدافها وما يرتبط بها من مفاهيم وأفكار وممارسات تعليمية، حيث يصبح المعلم أحد الدعامات الرئيسة التي يعتمد عليها النظام التعليمي في تحقيق أهداف التغيير وبلوغ غاياته التي ترمي، في المقام الأول، إلى تمكين النظام التعليمي من ترسيخ مقومات ثقافة تربوية جديدة تتناسب ومقتضيات النمط الحضاري الجديد، بحيث يفضي ذلك كله في نهاية المطاف إلى تنمية المتعلم وإكسابه القدرات والمهارات التي تمكنه من التعايش الآمن مع ما تفرضه هذه الصيغة الحضارية من تحديات، والمشاركة الفاعلة مع بني وطنه لتمكين مجتمعهم من الإسهام الإيجابي في تشييد صرح هذه الصيغة الحضارية.
      وهكذا يمكن تفسير هذا الاهتمام المتنامي الذي توليه نظم التعليم في البلدان المتقدمة تعليمياً في الوقت الراهن لتطوير برامج إعداد المعلمين قبل الخدمة، وتوفير الفرص الكافية والمناسبة للتنمية المهنية المستديمة لهم أثنائها، وتبني كافة السُبل لتحسين أوضاعهم المادية والاجتماعية والصحية، والانطلاق في هذا كله من النظر إلى المعلم باعتباره أحد أهم الدعائم التي يمكن الركون إليها في تحقيق الجودة الشاملة في النظم التعليمية في ظل التحديات التربوية التي تمليها المقتضيات التربوية للصيغة الحضارية التي تعيش البشرية اليوم في ظلالها والتي تعرف بمجتمع المعرفة.
      وانطلاقاً من هذه الرؤية التي أرجو أن تكون قد تبلورت لدينا عبر الطرح المتقدم، فقد تشكلت مجموعة من المعتقدات التربوية الأساسية التي باتت تقود وتوجه نظم التعليم في البلدان النابهة نحو الاهتمام بالتنمية المهنية المستديمة للمعلمين لضمان جودة أدائهم المعلمين، بما يضمن تحقيق الجودة الشاملة لهذه النظم، ولعل أبرز هذه المعتقدات تتمثل فيما يلي:

      المعتقدات التربوية الأساسية لمعايير الجودة في أداء المعلم لأدواره:
      1. النظر إلى مستقبل المجتمع – أي مجتمع- باعتباره صناعة تربوية.
      2. أن المنافسة العالمية اليوم وفي المستقبل ما هي في جوهرها ومظهرها إلا منافسة تعليمية، ومكان حسمها هو المؤسسة التعليمية.
      3. أن النظام التعليمي الفاعل اليوم وفي المستقبل هو الذي يحرص القائمون على تخطيط برامجه ورسم سياساته ومراقبة عملياته على توجيه الممارسات التعليمية التي تتبناها مؤسساته لتصبح أكثر انفراجاً نحو تدريب المتعلمين على الأصول العلمية للإنتاج المعرفي والإبداع التكنولوجي.
      4. أن ضمان الفعالية لأي نظام تعليمي يجب أن تنطلق من تطبيق مبادئ ومعايير للجودة الشاملة، تعكس روح العصر وما يحكمه من ثورات وتغيرات مختلفة تشكل في مجملها القوى والعوامل التي تقود وتوجه حركة المجتمعات في عالمنا المعاصر.
      5. أن تأكيد جودة النظم التعليمي، أي نظام تعليمي، رهن بطبيعة أداء المعلمين الذين يعتمد عليهم هذا النظام، بيد أن ضمان جودة أداء هؤلاء المعلمين، رهن بتوافر معايير محددة معلنة ومتعارف عليها يتم الركون إليها في كل ما يتعلق بعمل المعلم والارتقاء بمستوى أدائه وممارساته المهنية.


      ومن جانبنا فسوف نتمثل هذه المعتقدات كإطار مرجعي يوجه معالجتنا للموضوع الذي يحمله عنوان هذا الفصل وهو " أدوار ومسئوليات المعلم في عالم متغير" فلعل ذلك يساعد القائمين على نظم التعليم في مجتمعنا على تطوير رؤية أكثر نضجاً تسهم في الارتقاء بمستوى أداء معلمينا، كمقدمة منطقية لضمان جودة أداء نظامنا التعليمي، وإقداره على تبني ممارسات تعليمية جديدة تتمكن من خلالها من تقديم نوعية تربوية تكون أكثر مناسبة لإكساب أبنائنا المهارات التي تمكنهم من التعامل الواعي مع التحديات الجديدة التي يعيشها عالمنا المعاصر الذي بات يتغير ويتبدل بسرعة لم تشهد البشرية مثيلاً لها من قبل، حيث صار اللايقين واللاتحدد، واللانظام بل والفوضى، سماته البارزة.

      1. الأداء المتوقع من المعلم في إطار عالمنا المتغير

      يشهد عالمنا المعاصر جملة من التحديات التي تمثل إفرازات منطقية للمنعطف المعرفي الحاسم الذي يمر به عالم اليوم والذي بدأت ملامحه تتشكل منذ منتصف القرن العشرين الماضي، وما رافقه من تطورات تكنولوجية متسارعة في كل الميادين، دشنت بدورها لبروز إمكانات غير محدودة أمام الإنسان وزودته بقدرات هائلة، فتحت الباب على مصراعيه أمام إبداعاته لتعبر عن ذاتها في ارتياد آفاق جديدة لتفسير الظواهر المختلفة والتنبؤ بسلوكها والتحكم في مساراتها، بل والسيطرة عليها وتوجيهها لخدمة أغراضه وتحقيق أحلامه وتفجير طموحاته وتوسيع نطاق تطلعاته.
      وبالرغم مما حققته البشرية، على أثر هذا المنعطف المعرفي بما رافقه من تطورات علمية وتكنولوجية، من نقلة حضارية غير مشهودة من قبل، إلا أنه بات واضحاً أن البشرية تعيش نوعاً من الحيرة والبلبلة الفكرية. حيث أضحى واضحاً، وبنفس القدر، أن هذه الصيغة الحضارية بقدر ما تحمل من وعيد فهي حُبلى بالكثير من أنواع التهديد، وأنها بقدر ما أسهمت به في تحقيق الكثير من تطلعات الإنسان وطموحاته وتلبية العديد من آماله وأحلامه، بقدر ما جلبت له الكثير من المصاعب وأملت عليه أنواع جديدة من المتاعب، وفرضت عليه خوض أشكال لم يعهدها من قبل من المعارك.
      وبصفة عامة فقد أصبح شاخصاً أن الصفة البارزة لهذه الصيغة الحضارية التي تعيش فيها البشرية اليوم أنها حولت هدف العلم من السيطرة على الطبيعة إلى السيطرة على الإنسان، ومن السعي للتحكم في إيقاعات الحياة الطبيعية إلى التحكم في إيقاعات الحياة الاجتماعية للبشر دون استثناء عرقي أو ديني أو قومي، بحيث يمكننا القول بأن هذه العملية تمثل نقلة تاريخية في حياة العلم تم بموجبها الهيمنة على الإنسان أينما كان.
      وفي إطار هذه الحيرة التي عاشتها – ولم تزل - المجتمعات المعاصرة، توجهت الأنظار صوب نظم التعليم، بعواصف من النقد الحاد الذي طال كافة مدخلاتها وعملياتها ومخرجاتها، كانعكاس طبيعي لنظرة المجتمعات إليها باعتبارها طوق النجاة الذي يمكن أن تتعلق به إما لإنقاذها من عثرتها أو لتحقيق الآمال والطموحات التي تتعلق بها الجماهير. وقد رافق هذه النظرة عمليات مراجعة شاملة لنظم التعليم حظي المعلم من خلالها باهتمام غير مسبوق، طرحت على آثاره العديد من التساؤلات التي تناولت طبيعة وحدود دوره الجديد في إطار بيئة التعلم الناشئة، ... والتي من أبرزها تساؤلات كالتالية :
      • ما النوعية التعليمية الجديدة التي يتوجب على نظم التعليم المعاصرة أن تسعى إلى تقديمها لطلابها في ظل التحديات الجديدة المفروضة على هذه النظم؟.
      • وإلى أي مدى يمكن للمعلم أن يسهم في تقديم هذه النوعية التعليمية في إطار من المحافظة على تحقيق الجودة المطلوبة للنظام التعليمي ورفع كفايته في ظل تلك التحديات؟.
      • وما طبيعة الدور الذي يمكن أن يلعبه في هذا الصدد؟ وما حدود الحرية التي يجب أن تتاح له في إطار هذا الدور؟.
      • وما المعايير التي يمكن الركون إليها في الحكم على أداء المعلم لذلك الدور في إطار بيئة التعلم الجديدة التي دشنتها التطورات المصاحبة للثورة العلمية والتكنولوجية التي تحكم وتتحكم في شكل ومضمون الصيغة الحضارية التي تعيش فيها البشرية اليوم؟.
      • وهل يصدق الرأي القائل بأن التطورات الهائلة الواقعة والمتوقعة في تكنولوجيا التعليم تنبئ بإمكانية الاستغناء عن المعلم كلية في المستقبل؟ وهل هذه التكنولوجيا يمكن أن تفرز معلماً آلياً يحل محل المعلم الإنسان؟.
      • أم أن هذه التطورات تستلزم فقط تعديل وتغيير في أدوار المعلم ومسئولياته المهنية ليتمكن من الاستجابة لمنطق ومتطلبات تلك التطورات؟ وفي أي اتجاه سيكون هذا التغيير؟.
      • وإذا كان الأمر كذلك، فما حدود الدور المستقبلي للمعلم؟ وما التغيرات المطلوبة في نظم اختياره وبرامج وخطط إعداده قبل الخدمة وتنميته مهنياً في أثنائها؟.
      • وهل سيظل للمعلم نفس المكان والمكانة في مدرسة المستقبل وفي مجتمع القرن الحادي والعشرين؟ أم أن هذا المكان وتلك المكانة سينالهما التغيير ؟ وإذا كان الأمر كذلك ففي أي اتجاه سيكون؟.

      إلى غير ذلك من التساؤلات التي سيطرت – ولم تزل تسيطر – علي الفكر التربوي المتعلق بالمعلم، ومن الطبيعي أن تتعدد الرؤى وتتباين المداخل حول هذا الموضوع، حيث تتفق الآراء تارة وتختلف تارات.
      وفي محاولة للإجابة عن هذه الأسئلة علينا أن نقترب أكثر من خصائص ومقومات بيئة التعلم التي سيعمل في ظلها المعلم حيث تتحدد أدواره ومسئولياته المهنية ويتم توجيهها بمعطيات هذه البيئة وما يعتمل فيها من قوى وعوامل، وما ينتظر أن يصاحبها من تداعيات وتحديات ومطالب جديدة تلقى على عاتق المعلم.

      (2/1)- خصائص ومقومات بيئة التعلم الجديدة:
      التفكير الشامل، الطريق السريع للمعلومات، الواقع الافتراضي، وحدة المعرفة، حرية تبادل المعلومات، التعلم عن بعد، التعليم المتكرر، شخصنة التعليم، التعليم المنتج معرفياً، البيئة التفاعلية، الفيديو التفاعلي، الحقائب التعليمية، الوسائط المتعددة، قاعات التدريس الذكية... الخ. كل هذه المفاهيم وغيرها تمثل إفرازات لما بدأ يتواتر حول شكل وطبيعة بيئة التعليم والتعلم الجديدة في إطار مجتمع المعرفة.
      يقول " بيل جيتس " صاحب شركة مايكروسوفت العملاقة في عالم الكمبيوتر، في كتابه "المعلوماتية بعد الإنترنت : طريق المستقبل" : "إن طريق المعلومات السريع سوف يساعد على رفع المقاييس التعليمية لكل فرد في الأجيال القادمة. فسوف يتيح ظهور طرائق جديدة للتدريس، ومجالاً أوسع بكثير للاختيار، وسيكون بالإمكان توفير مقررات دراسية عالية الجودة بتمويل حكومي مجاناً وسيتنافس البائعون من القطاع الخاص على تجويد المواد التعليمية، وسيصبح الطريق السريع للمعلومات وسيلة فعالة تختبر المدارس من خلالها مدى صلاحية المعلمين الجدد للعمل أو تستخدم خدماتهم من خلالها عن بعد، وسوف يجعل الطريق السريع للمعلومات التعليم المنزلي أكثر سهولة، وسيتيح للآباء فرصاً أكثر للتدخل في تعليم أبنائهم، وسيمثل التعليم باستخدام الكمبيوتر نقطة الانطلاق نحو التعليم المستمر والمتكرر، وسوف يقوم معلمو المستقبل الجيدون بما هو أكثر من تعريف المتعلمين بكيفية العثور على المعلومات عبر طريق المعلومات السريع، فسيظل مطلوباً منهم أن يروا متى يختبرون ومتى يعلقون أو ينبهون أو يثيروا الاهتمام، وسيظل مطلوباً منهم كذلك أن ينموا مهارات الطلاب في مجالات الاتصال الكتابي والشفهي، كما سيستخدمون التكنولوجيا كنقطة بداية أو كوسيلة مساعدة . إن المعلم الناجح في المستقبل سيعمل بوصفه مدرب وشريك وكمنفذ خلاق وجسر اتصال بالعالم".
      هذه بعض مشاهد من الصورة التي بدأت تتشكل لبيئة التعليم والتعلم الجديدة في مجتمع المعرفة. والآن إلى بعض تفاصيل هذه الصورة كما يتوقعها المهتمون بمستقبل التعليم .
      1-نظراً لما تتسم به حضارة مجتمع المعرفة من حاجة الفرد إلى الجميع بين القدرة على التفكير الشامل وبين الإحاطة بما وراء حدود التخصصات الرئيسية، فسوف يؤدى ذلك إلى زيادة الاتجاه نحو "وحدة المعرفة" وتقارب العلوم والاختصاصات. مما يعنى زيادة الحاجة إلى تدريس الإنسانيات للعاملين في المجالات العلمية التكنولوجية، وتدريس العلوم الأساسية والتطبيقية للعاملين في المجالات الإنسانية . ومن ثم فسيكون على معلم المستقبل أن يرتد مرة أخرى إلى العمومية أكثر من التخصص.
      2- يفرض مجتمع المعرفة اتجاهاً متزايداً نحو الدراسات متعددة التخصصات مثل الكيمياء الحيوية، الكيمياء التوفيقية، والبيوتكنولوجيا، الهندسة الوراثية، هندسة البروتينات، هندسة الاتصالات والمواصلات، الصناعات الطبية، الإلكترونيات الدقيقة وعلوم البيئة ... وما على شاكلتها، وهو ما يفرض على المعلم أدواراً مغايرة ويلزمه بأداء وممارسات من نوع جديد.
      3- كما يفرض هذا المجتمع على النظام التعليمي سرعة الاستجابة للتغيرات المتوقعة في هيكل العمالة وبنية المهن والناشئة بدورها عن وحدة المعرفة وترابط العلوم وتداخلها وسرعة تغيرها، حيث سيفرض ذلك على النظم التعليمية المستقبلية أن تخرج نوع جديد من المتخصصين هو "العامل ذو التخصص العريض" أو "متعدد التخصصات" كبديل عن العامل ذو "التخصص الضيق" أو "التخصص الواحد" . وبديهي فإن عملية إعداد هذا المتخصص وتعليمه سوف تختلف عن عمليات الإعداد والتدريب الحالية، وهو ما يتطلب بدوره تغييرات في مفهوم التخطيط التعليمي وفلسفته وأهدافه، ومن ثم أدوار المعلم ومسئولياته.
      4- وكنتيجة طبيعية للارتباط المتزايد بين "التعليم" و "العمل الإنتاجي" أصبح على "المؤسسات التعليمية" ضرورة الارتباط والتفاعل بل والاندماج مع "مواقع العمل" مما يفرض بدوره على المعلمين ضرورة تبني طرائق وأساليب تعليمية جديدة يتم من خلالها:-
      • شخصنة التعليم وتفريده، بهدف إتاحة الفرص المناسبة والكافية أمام كل فرد ليتعلم حسب السرعة والعمق التي تتفق وقدراته وبأفضل شكل ممكن، وبما يسمح لإمكاناته الكامنة أن تظهر وأن تعبر عن نفسهما.
      • إتاحة درجات عالية من المرونة تتيح للأفراد الدخول إلي النظام التعليمي والخروج منه والانتقال من مستوى تعليمي إلى آخر ومن تخصص إلي آخر - في ضوء ما تميله ظروف الفرد وحاجاته التعليمية المتنامية والمتغيرة - بيسر وسهولة وبلا تعقيدات مبالغ فيها.

      5- ساعدت تكنولوجيا المعلومات والتقانات التعليمية الحديثة والمتطورة في إحداث تغييرات جذرية ونوعية على مجمل بيئة التعليم بما يؤدى إلى الانتقال إلى نمط جديد من التعليم يتسم بتعدد الوسائط التعليمية وتزامنها، وتغير أساليب التعليم والتعلم وتعددها مما أدى إلى إثراء هذه البيئة وإلى اتساع مفهوم التعليم في المساحة الزمانية والمكانية وفي المدار الموضوعي. الأمر الذي رسخ لبروز مفهوم "مجتمعات التعلم" "Learning Communities" ، والذي يتسم بزيادة قابلية أفراده للتعلم وللمزيد منه كذا تنشيط دور المتعلم في عمليات التعليم من خلال تفاعله الحي والواعي مع مصادر التعلم والمشاركة الإيجابية بينه وبين الوسيلة في عملية التعلم.
      6- سيظل للتطور التكنولوجي المستمر دوره البارز في ظهور أدوات تعليمية إلكترونية عديدة ومتنوعة يساعد استخدامها على:
      • مواجهة الطلب المتزايد على التعليم وما يصاحبه من مشكلات الأعداد الكبيرة من المتعلمين متفاوتي المستويات والنوعيات والميول والرغبات.

      • إتاحة مصادر متعددة للتعلم مما يعنى عدم الاقتصار على الكتاب المدرسي كمصدر وحيد للتعلم والانتقال بالدور التقليدي للمعلم من كونه "ناقل للمعرفة" إلى دور آخر جديد يصبح فيه المعلم مرشداً وموجهاً للمتعلمين وميسراً لتعلمهم ومديراً ومنظماً لبيئتهم التعليمية.
      • إتاحة مزيداً من الحرية للمتعلم وتوفير بيئة نفسية مواتية للتعلم الفعّال نظراً لما تتسم به الأدوات التعليمية الإلكترونية من جاذبية وتشويق وصبر وحضور دائم وحيادية، مما يجعل المتعلم يشعر بالاطمئنان ولا يخجل من التعامل معهما، وارتكاب أخطاء أمامها.
      • تطوير مفهوم التقويم ليصبح أكثر موضوعية، ويتم بصورة سريعة وآنية، ويقدم تغذية راجعة هادية وفورية للمتعلم تساعده على التعرف على أخطائه بدقة وعلاجها على نحو أفضل، مما يساعده على رصد تقدمه صوب أهدافه التعليمية أولاً بأول.
      • إمكانية الاستغناء عن المعلم غير الكفء وغير الفعال طالما توافر بديل تكنولوجي أفضل.
      • الانتقال السريع والحر للمعارف والمعلومات، وتفعيل الحوار الأكاديمي الهادف، ليس بين أبناء المجتمع الواحد، بل كذلك بين أفراد ينتمون إلى ثقافات متباينة ومجتمعات مختلفة .

      7- يفرض التطور المعرفي والتكنولوجي الراهن والمستقبلي ضرورة إحداث تغييرات، شاملة وجذرية، في طرائق وأساليب التعليم والتعلم لتنمي أنماطاً جديدة من التفكير سيفرزها الاعتماد المكثف على أدوات التعليم الإلكترونية، ومن ثم فسوف يتقلص دور الطرائق والأساليب التقليدية التي تركز على الحفظ والاستظهار، والتفكير التسلسلي الخطي والتعليم البنكي، وفي المقابل سيتعاظم دور الطرائق والأساليب التي تنمي القدرة على التفكير الإبداعي والابتكاري، النقد الموضوعي والفرز الرشيد، الاختيار العقلاني والوعي بالمترتبات والعواقب، الاستشراف والتنبؤ، ارتياد المجهول والسعي للمغامرة المحسوبة، البحث والاستقصاء، التحليل المنهجي الدقيق والاستنباط الموضوعي للأحكام، الاستدلال العقلي والتجريبي والسعي للفهم الصحيح وصولاً إلى القناعة العليمة وعدم التسليم بيقين واحد، ... فذلك كله يشكل طرائق التعليم وأهدافه في آن واحد في مجتمع المعرفة الذي يمثل تطوراً طبيعياً للثورة المعرفية التي تشهدها البشرية، وهو ما يجعل من الصعب الفصل بين الهدف والطريقة في التعليم في ظل هذا المجتمع.
      8- بات من الضروري أن ينشغل التعليم في مجتمع المعرفة بتوليد المعارف وإنتاجها وتوظيفها أكثر من انشغاله بنقلها وتوزيعها واستهلاكها. ومن ثم فقد أصبحت قدرة النظام التعليمي على تدريب الطلاب على العمليات العلمية اللازمة لإنتاج المعرفة معياراً لقياس كفايته وفعاليته، بحسبان الإنتاج الضخم للمعرفة مطلباً أساسياً لصناعة التقدم في ظل حضارة مجتمع المعرفة، وعليه فإن جعل التعليم " قوة إنتاجية "، يستلزم التعامل معه من هذا المنظور، وهو ما يعنى محورة عمليات النظام التعليمي وممارساته حول هدف "إنتاج المعرفة"، واستثمار المعارف والمعلومات المتوافرة في توليد المزيد منها. وكأن نظام التعليم الفعّال في هذا المجتمع هو الذي تصبح لديه القدرة على تطوير قدرات الذات العارفة لدى المتعلمين، ودفعهم نحو البحث والاستقصاء عن طرق ومصادر جديدة للمعرفة.
      9- بالرغم من الدور الهائل المتوقع أن تلعبه تكنولوجيا المعلومات في تغيير شكل ومضمون عمليات التعليم والتعلم في إطار مجتمع المعرفة، إلا أنه لا ينبغي أن يفهم من ذلك أن هذه التكنولوجيا ستحل محل المعلمين كما يتصور البعض، بل ويروج البعض الآخر لذلك. لكن الصحيح أن هذه التكنولوجيا سوف توفر أنواعاً جديدة، متنوعة وثرية، من الخبرات التعليمية تجعل تعليم التلاميذ وتعلمهم أفضل من خلال الاستعانة بما تقدمه هذه التكنولوجيا من إمكانات في توفير خبرات تعليمية مباشرة - أو يمكن أن تكون كذلك - في إطار ما يعرف بالبيئات التخيلية أو الواقع الافتراضي، وهو ما يجعل العملية التعليمية أكثر تشويقاً وأعلى كفاءة وجودة، كما ويجعل عمل المعلمين أكثر إبداعاً وأكثر بعداً عن العمل الروتيني. مما يعنى أن الحاجة إلي المعلم المبدع الذي يمتلك المهارة للإفادة من تكنولوجيا المعلومات في إثراء العمل التعليمي باتت أكثر إلحاحاً، وهو ما يعنى في الوقت ذاته أنه لن يكون هناك من سبب مقنع يدعو للحصول على خدمات تعليمية رديئة من قبل معلمين ذوى مستويات متدنية إذا توافر بديل إلكتروني أفضل.
      10- من المنتظر أن يلعب علم اجتماع التربية، وعلم النفس التربوي - وليس التقنية فحسب - دوراً جوهرياً في تشكيل معالم بيئة التعليم في مجتمع المعرفة وفى إعادة هيكلة الجامعات والمدارس. ذلك أنه بينما سيكون في مقدور المجتمعات الإلكترونية للباحثين والطلاب أن تحل محل المجتمعات المادية بالكامل، إلا أنه من غير المرجح أن تفعل ذلك. فلكون الإنسان بطبيعته يميل إلى العيش في مجموعة، وأن ينتمي إلى جماعة، فإن ذلك يدعونا إلى القول بأننا قد نرى نسبة كبيرة من الطلاب يفضلون إلى حد بعيد العيش معاً والتأقلم معاً، حتى وإن كانت هذه العملية باهظة الكلفة وأقل كفاءة. ومن ناحية أخرى فبالرغم من أن التهيئة الاجتماعية واحدة من المهام الحيوية والأساسية للمدارس، وهو ما يتطلب اتصالا مباشراً بين المتعلمين بعضهم البعض، وبينهم وبين معلميهم .. إلا أنه - مرة أخرى وكما سبق القول - ليس هناك من مبرر عاقل يرغم الفرد على أن يسعى للحصول على تعليم رديء من قبل معلمين قليلي الفعالية، خاصة إذا توافر بديل إليكتروني أفضل يمكن أن يغني عن خدمات هؤلاء المعلمين غير الأكفاء. ولعل بحث قضايا تربوية على هذه الشاكلة سيكون بمثابة إيذانا ببروز فروع جديدة لعلم الاجتماع "كعلم اجتماع المعرفة التكنولوجية (الإلكترونية)". وفروع جديدة لعلم النفس .. "كعلم نفس التكنولوجيا التعليمية" أو على هذا النحو.
      11- بات على المعلم في ظل التجديدات التي يفرضها مجتمع المعرفة على بيئة التعليم والتعلم أن يهتم بشكل خاص بتثقيف العواطف وتنمية الوجدان وتكوين نظام جديد من القيم الأخلاقية، ذلك أنه في ظل التطور التكنولوجي الهائل الذي نشهده اليوم والذي سيكون أكثر ضراوة في المستقبل أصبح الإنسان يملك بيده قوة هائلة يستطيع من خلالها أن يصنع ما يريد، بل ويكاد يصبح قادراً على الخلق والتحكم في الأشياء، وهو ما يحتاج إلى تثقيف عواطفه وتنمية وجدانه، وتهذيب أخلاقه لمساعدته على أن يستخدم هذه القوه الهائلة، التي بين يديه، بحكمة وعقلانية .. وهو ما يتطلب من المعلم أن يولى اهتماماً خاصاً لتنمية الضمير الخلقي، في المتعلمين، على سلم واضح من المبادئ والقيم بما بساعدهم على الاختيار الصحيح حين يوضعون في مواجهة بدائل مختلفة .
      فمع بزوغ إمكانيات جديدة يولدها التطور التكنولوجي، يواجه الأفراد باختيارات شخصية عديدة كما تواجه المجتمعات بمشكلات جديدة في الحكم والعدالة .. ومع زيادة الاتجاه نحو العولمة سوف تظهر ثقافة عالمية، تكاد تكون واحدة، تتحطم معها الحدود والحواجز التي طالما ظلت تفصل بين الحضارات الإنسانية التي كونتها البشرية على امتداد تاريخها الطويل، حيث كان لكل حضارة نظامها القيمي الخاص، وفى ظل الحضارة الواحدة يصبح العالم في حاجة إلى نظام عالمي من القيم. وهنا يصبح المعلم مسئولاً أكثر من غيره، بحكم دوره الجديد، عن إرساء قواعد هذا النظام القيمي، والانطلاق منه في تكريس مبدأ التعلم للعيش مع الآخرين .
      ومع التطور الهائل في مجال العلوم البيولوجية، الواقع والتوقع، أصبحت الأخلاقيات البيولوجية صناعة أخرى تنمو، مما دفع الكثيرين من رجال العلم والدين يسعون في جدية تامة إلى بحث إرثنا من القيم الاجتماعية وأدلتها الدينية التي استقرت في وجداننا على مدى مئات بل آلاف السنين، وينشغلون بالبحث عن أدلة جديدة تتناسب وهذه البيئة المتغيرة من المعلومات وهنا يصبح المعلم مسئولاً أكثر من غيره عن تدريب المتعلمين على البحث والاستقصاء الخلقي وإكسابهم مهارات التفكير والاستدلال العقلي والانطلاق من هذه القاعدة لتكريس مبدأ التعلم للمعرفة .
      وعلى طول هذا الخط، فإن التفكير الاقتصادي بات يتغير هو الآخر، حيث يصبح الإنتاج الضخم للمعرفة بديلاً للإنتاج الضخم للسلع المادية، وتصبح المعرفة والمعلومات الموارد الأساسية للعالم، وعلى أساسها يعاد ترتيب نسق القيم الاقتصادية والسياسية، لأنها نوع من الموارد يختلف جذرياً، من حيث الشكل والمضمون والقيمة، عن غيره من الموارد التي ألفتها البشرية على طول تاريخها الممتد. وهنا يصبح المعلم مسئولاً أكثر من غيره عن ترسيخ قاعدة التعلم للعمل وليس لمجرد الحصول على تأهيل مهني وحسب، بل أيضا لاكتساب كفاءة ومهارة تؤهل الفرد للمساهمة في الإنتاج المعرفي وتوظيف المعلومات في توليد المزيد من المعارف والمعلومات.
      ووثيق الصلة بما تقدم القول بأهمية دور المعلم في تدعيم مبدأ التعلم لنكون ، بما يساعد الفرد على أن ينمى شخصيته على نحو أفضل، وأن يكون قادراً على التصرف باستقلال ذاتي أعظم، وحكم عقلاني أرشد،، ومسئولية شخصية أعمق، مع عدم إغفال إمكانات الشخص من حيث الذاكرة، والفهم والإحساس بالجمال والقدرات الجسمية، ومهارات الاتصال.
      وهكذا ، فلعل ما تقدم يمثل محور الدعوة التي تبنتها "اللجنة الدولية المعنية بالتربية والتعليم للقرن الحادي والعشرين" ، التي شكلتها منظمة اليونسكو وقدمت تقررها في عام 1996 باسم التعلم : ذلك الكنز المكنون "Learning The Treasure Within" حيث حددت أربع مبادئ للتعلم يمكن أن تمثل الدعائم الأساسية لتعليم المستقبل وهى : (J. Delars et al. 1996).
      - التعلم للمعرفة.
      - التعلم للعمل.
      - التعلم للعيش مع الآخرين.
      - التعلم لنكون.

      (2/2)- طبيعة عمل المعلم في بيئة التعلم الجديدة:
      لاشك في أن بيئة التعليم والتعلم الجديدة التي التي أبرزنا بعضاً من ملامحها بتحدياتها وتداعياتها المختلفة، على نحو ما تقدم، تفرض على المعلم أداءً من نوع جديد وتحمله تبعات دور متغير ومغاير لدوره التقليدي، وليصبح هذا الدور أكثر تلاءماً مع طبيعة التغيرات في تلك البيئة، التي بدأت تتشكل في ظل مجتمع المعرفة.
      وفي هذا السياق نقول أن الأداء الجديد المتوقع من المعلم والدور المتغير والمغاير الذي يتوجب عليه القيام به في ضوء طبيعة هذا الأداء، ينبغي أن يتمحور حول تمكينه من تقديم النوعية التعليمية الجديدة التي يفرضها مجتمع المعرفة والتي يستوجبها إكساب أبنائنا المهارات التي تعينهم على التعامل الفعال مع تحديات هذا المجتمع.
      إن النوعية التعليمية الجديدة المطلوبة لأبنائنا تفرض جملة من التحولات في الممارسات التعليمية الحالية إلى ممارسات أخرى على النحو التالي:-
      الانتقال من الممارسات التعليمية التي تركز على إلى الممارسات التعليمية التي تركز على
      -تنمية مهارات الحفظ والاستظهار.
      -غرس قيم الاجترار والامتثال والاتباع.
      -التدريب على ثقافة الحد الأدنى.
      -تربية التشابه والتطابق والإتلاف.
      -التدريب على ثقافة التلقي والتسليم.
      -تنمية عادات الاعتماد على الآخر.
      -تكريس مهارات التعامل مع المألوف والمأهول.
      -تنمية مهارات التجديد والابتكار.
      -تدعيم مهارات التحليل والتفسير والإبداع.
      -التأكيد على ثقافة الإتقان والجودة.
      -تربية التفرد والتميز والاختلاف.
      -التدريب على مهارات الاستقصاء والتقويم.
      -غرس عادات الاعتماد على الذات.
      -التدريب على المغامرة العلمية وارتياد المجهول.
      وفي الإجمال نقول، أن النوعية التربوية الجديدة المطلوبة لمجتمعنا العربي ليتمكن من لعب دوره المنتظر في الإسهام الفاعل في بناء صرح حضارة القرن الحادي والعشرين، يتطلب من المعلم أن يغير دوره كلية من كونه مرسلاً للمعلومات وملقناً للتلاميذ ليصبح مرشداً وموجهاً أو مستشاراً تعليمياً لهم ومنظماً لبيئة التعلم، ومن ثم يتقلص دوره من التركيز على " نقل المعلومات والمعارف " جاهزة إلى عقول المتعلمين وأدمغتهم باعتبارها مستودعات يتوقف نجاحه في عمله على مدي قدرته على ملئها وحشوها. وفي المقابل يتعاظم دوره في تعليمهم " كيفية التعلم "، فيدربهم على خطوات الطريقة العلمية في التفكير وحل المشكلات، ويعلمهم أصول صوغ الأسئلة وكيفية إثارتها، وأساليب الوصول إلى المعلومات والمعارف من مصادرها الأولية، المتعددة والمتنوعة، وطرق المفاضلة بينها واختيار أنسبها واستخدامها في اشتقاق الفروض العلمية واختبار صحتها في سبيل الإجابة عن الأسئلة التي أثاروها، ويدربهم كذلك على فنون المناقشة العلمية والحوار الموضوعي وعرض وجهة النظر، ويكسبهم مهارات الإنصات للآخر والإفادة من رأيه، ويدربهم كذلك على مهارات التقويم الذاتي والإفادة من معطياته في تحديد حاجاتهم وأهدافهم التعليمية، وفي توجيه تعلمهم بالاعتماد على الذات وتشجيعهم على المغامرة العلمية المحسوبة وارتياد المجهور انطلاقاً من المعلوم الذي توافر لديهم من تعلمهم السابق.

      (2/3)- أبعاد وحدود الدور الجديد للمعلم في بيئة التعلم الجديدة.
      وهكذا, نصل إلى النقطة التي يمكن عندها أن نحدد معالم الدور المتغير والمغاير للمعلم العربي في إطار بيئة التعليم والتعلم الجديدة التي دشنها مجتمع المعرفة ... حيث تشير الدراسات في هذا الصدد إلى أن هذا المعلم مطالب بأدوار متعددة يتمثل أبرزها في جملة الأدوار التالية:
      - دوره كملاحظ سيكولوجي ومشخص صحة نفسية.
      • دوره كمشخص تعلم.
      • دوره كمحفز للطلاب على التعلم.
      • دوره كتكنولوجي فني في عالم تقنيات التربية.
      • دوره كجامع معلومات لبرامج الحاسب الآلي.
      • دوره كمرب يعمل على تنمية جُماع الشخصية عقلاً وروحاً وجسداً.
      • دوره كمؤلف مقررات دراسية وكمصمم برامج تعليمية.
      • دوره كمقوم لإنجازات الطلاب التعليمية.
      • دوره كمرشد اجتماعي يعمل على إدماج الصغار في عالم الكبار ومساعدتهم على التكيف مع التغير ومواجهته.
      • دوره كمقوم مهارات اجتماعية.
      • دوره كباحث تربوي.
      • دوره كحلال لمشاكل الطلبة التكيفية.
      • دوره كمعلم للتفكير ومدرب على مهاراته.
      • دوره كمدير لبيئة التعليم وعملية التعلم.
      • دوره كمخطط للتعليم و منظم لخبرات التعلم.
      • دوره كمدير لوقت التعلم لتعظيم وقت التمدرس وإنقاص الوقت الضائع.
      • دوره كمشرف على تعلم الجماعات الصغيرة أو الكبيرة.
      • دوره كمصمم أو مشرف على التعلم في المنزل.
      • دوره كرائد اجتماعي يعمل على إصلاح المجتمع وترقية الحياة الاجتماعية.
      • دوره كمثقف يعمل على تنقية ثقافة المجتمع ومواجهة الغزو الثقافي.

      ولدى قيام المعلم بهذه الأدوار فسوف يكون :
      • عضواً في فريق تدريب أعضائه من داخل المدرسة ومن خارجها.
      • عليه الاستفادة من تكنولوجيا التعليم الحديثة ودمجها في العملية التعليمية.
      • علية التحول من التعليم للجميع والتعليم الجماعي إلى التعليم لكل فرد والتعليم المفرد.
      • عليه التحول من التعليم النمطي المغلق إلى التعليم المفتوح.
      • عليه التخصص في علوم جديدة : نمو المخ, بيئة التعلم, التقويم المعرفي والنفسي – جسمي، والنمو الانفعالي، النمو الأخلاقي.
      • عليه الحرص على التنمية المهنية المستمرة من خلال الدراسة الذاتية والتعلم المستقل والحرص على المشاركة الفاعلة في برامج التنمية المهنية أثناء الخدمة.
      • الإفادة من أدوات التقويم الذاتي ومن نتائجه في تحقيق النمو المهني المستمر.

      (2/4)- مهارات المعلم الفعال:
      لقد حاولنا من خلال العرض الذي تقدم إبراز الدور الجديد للمعلم وتحديد مسئولياته المهنية في إطار من إدراك أهم الخصائص المتوقعة لحضارة هذا القرن، وكما ترى معي فإن هذا المعلم كي يتمكن من القيام بتبعات هذه الأدوار وما تتضمنه من مسئوليات، فعليه أولاً وقبل كل شئ أن يلتزم في ممارساته التعليمية بأصول الممارسة المهنية في مجال التعليم… وباختصار شديد نقول أن المعلم الذي نقصده بهذا القول هو المعلم كممارس مهني أو بتعبير أكثر دقة هو المعلم الفعّال. فمن هو المعلم الفعّال؟ وما أبرز خصائصه التي تميزه عن غيره من المعلمين؟ كيف يراه زملائه ورؤسائه في العمل؟ وكيف يراه تلاميذه ؟ وكيف تراه أنت من خلال خبراتك التعليمية التي مررت بها في مراحل تعليمك المختلفة ؟.

      في الواقع لقد حاول كثير من الباحثين التربويين عبر قرن من الزمان أو يزيد أن يجيبوا على هذا السؤال المركب، ولعل المتتبع لحركة البحث التربوي في هذا الصدد بإمكانه أن يلحظ أن هذه الحركة مرت في تطورها بمراحل عدة، وأنها في كل مرة استهدفت تحديد الخصائص والسمات وأنماط السلوك المهني التي تجمع بين المعلمين الذين يمكن النظر إليهم على أنهم معلمون فعّالون. فتوجهت البحوث تارة لتبحث العلاقة بين التقديرات التي يحصل عليها المعلم من رؤسائه (مديرين وموجهين ) وبعض سماته الشخصية، وتوجهت تارة أخرى لفحص العلاقة بين المستوي التحصيلي للطلاب والخصائص الشخصية لمعلميهم، ثم سعت تارة ثالثة للتعرف على خصائص المعلم الفعّال من وجهة نظر تلاميذه ... وأخيراً نجد هذه البحوث تنحو منحى آخر لتبحث في خصائص المعلم الفعّال من خلال دراسة تأثيره في تلاميذه ومدي قدرته على مساعدة تلاميذه على تحقيق تعلم أعظم من خلال سعيه لتوفير خبرات تعليمية تعلميه أكثر ثراءً لهم.
      " تعال نتفكر ونتوقع "

      تشير البحوث والدراسات التي وجهت للبحث عن المعلم الفعّال إلى ما يلي :
      1. أن التقديرات العالية التي يحصل عليها المعلم من رؤسائه، بالرغم من أهميتها، إلا أنها وحدها لا تكفي للتعبير عن مدى فعاليته. لماذا من وجهة نظرك؟.

      و2- أن المستوى التحصيلي العالي للتلاميذ، بالرغم من أهميته، إلا أنه لا يمثل دليلاً وحيداً على مدى فعالية المعلم. لماذا من وجهة نظرك؟
      و3- أن رضي التلاميذ عن المعلم ليس هو المعيار الوحيد عن فعاليته .
      لماذا من وجهة نظرك ؟
      و لكن –
      • المعلم الفعّال هو الذي يؤثر في تلاميذه تأثيراً له دلالته ومغزاه .

      كيف يكون ذلك من وجهة نظرك ؟
      • ومن خلال خبراتك التعليمية في مراحل تعلمك السابقة ... لا بد وأنك تأثرت بمعلم أو أكثر .. ما أوجه هذا التأثير كما تتبدى لديك .. وما خصائص هذا المعلـم ؟ أو هؤلاء المعلمين ؟

      من هو المعلم الفعّال ؟
      إذا كنا اتفقنا على أن المعلم الفعّال هو المعلم صاحب التأثير القوي على التلاميذ … فبالإمكان تعريف هذا المعلم على أنه، هو الذي يجعل ما يدرسه تلاميذه ذا معنى لهم، ويمكنهم من أن يروا جدوى ما يحصلون عليه من معارف ومعلومات ومهارات، ويدركون فائدته متجذرة في حياتهم، فضلاً عن كونه يهتم برعاية تلاميذه ويجعل تعلمهم ممتعاً. كما أنه يظهر حماساً وإخلاصاً وطاقة تكشف لتلاميذه عن اعتقاد راسخ لديه بأن ما يقوم على تدريسه يستحق ما يبذل فيه من جهد وما ينفق فيه من وقت، فتراه ينقل حماسه للتعلم وعدواه لتلاميذه، وفضلاً عن كفايته التقنية، تجده يستخدم حوافز وحيل متعددة ومتنوعة ليستثير الدافعية الداخلية للتلاميذ ويخلق مواقف تعليمية حافزة للتعلم ويستخدم أساليب تدريس ذكية تجعل تلاميذه يريدون تعلم ما يقدمه لهم. والخلاصة هنا تتمثل في القول بأن المعلم الفعّال هو المعلم الذي ينجح في أن يجعلك تصف التعلم الذي تتلقاه على يديه تحت توجيهه بقولك : " أنا أتعلم الكثير لأنه لا يبدو وكأنه عمل، إنه يبدو لي كما لو كان شيئاً أريد حقاً أن أقوم به، أنا لا أشعر بالملل أو السأم، أنا أريد الكثير منه، والاستمرار فيه " .

      وبالاتساق مع ما تقدم فإن النظريات السيكولوجية والسوسيولوجية ترجح أن المعلم المؤثر (الفعّال) هو الذي يراه تلاميذه على أن لديه : -
      1. سيطرة على الموارد والمصادر التي يرغب فيها.
      2. خبرة وكفاءة في مجال معين من مجالات المعرفة.
      3. سلطة ليكافئ ويعاقب.
      4. ولِد لديه الحماس للتعلم من خلال الاندماج الشخصي في المادة الدراسية والمهارة في تدريسها.
      5. ينقل إليهم إحساساً بالاستثارة والتشويق عن تعلم المادة.
      6. يجعل التعليم ممتعاً بدلاً من أن يكون عملاً روتينياً يكلفون به.
      7. يشرح الأشياء ويوضحها بطرق جديدة أصيلة أو غير عادية.
      8. يقترب منهم ويتفاعل معهم.
      9. مستعد دائماً للإصغاء إليهم .. وهم كذلك مستعدون للإصغاء إليه.
      10. يبث فيهم الثقة بالنفس، ويشعرهم بقدرتهم على تحقيق النجاح.
      11. يظهر اهتماما حقيقياً بهم ويسعي دوماً لرعايتهم.

      خصائص وصفات المعلم الفعال:
      أولاً: الصفات الشخصية للمعلم الفعال:
      1. شخصية دافعة: فالمعلم الفعّال يمتلك شخصية دافعة ومثيرة للاهتمام ومشوقة، يبدي استمتاعه بعمله، يساند تلاميذه، ويستحوذ على اهتمامهم ويوجهم للتعلم والاندماج فيه، ينال ثقتهم.
      2. طهارة النفس من مذموم الأوصاف : فكما لا تصح العبادة إلا بطهارة الظاهر من الأحداث والخبائث، فكذلك لا تصح عمارة القلب بالعلم إلا بعد طهارته من خباثة الأخلاق.
      3. الحماسة والإخلاص في العمل: فالعلم لا يعطيك بعضه ما لم تعطه كلك، وحماس المعلم لعمله ينتقل بالتبعية لطلابه، فيقبلون على التعلم ويندمجون فيه ويثابرون على تحمل صعوباته، لأنهم يرون فيما يدرسون نفعاً وقيمة تعكسها تصرفات المعلم فيشعرون بسعادة بما يعملون. وهذه كلها أشياء تدفعهم إلى مزيد من التعلم، ويتحمس الطلاب للتعلم كذلك عندما يكون معلمهم حيوياً، ويظهر رغبة صادقة في الحياة وشغفاً بالعلم والمعرفة وروح المغامرة المحسوبة والدينامية، وسلوكه الظاهر والضمني يوحي باهتمامه بمادته وبطلاب


      كيف تتعرف على المعلم المتحمس؟.
      فيما يلي بعض أنماط السلوك التي يُدركها التلاميذ باعتبارها دالة على سلوك المعلم المتحمس، استعن بقائمة الرصد التالية للتعرف على هذا النمط من المعلمين وذلك من خلال مشاهداتك الميدانية.
      م النمط السلوكي الدال على المعلم المتحمس
      1 يحرص على وقت الدرس ويقلل من الوقت المتبخر.
      2 يبدو واثقاً من نفسه ومن مادته.
      3 مندمج في العمل التعليمي ومثير للحماس حين يُدرس.
      4 ودود يبدي اهتماماً واضحاً بالتلاميذ فرادى وجماعات.
      5 مبدع ومبتكر وينوع في أساليبه التعليمية.
      6 يملأ غرفة الصف بالنشاط والحركة للإستحواز على اهتمام الجميع.
      7 يستثير استجابات جميع التلاميذ ويحرص على إشراكهم في الدرس.
      8 لديه حضور وينوع من الأمثلة لمراعاة الفروق الفردية بين تلاميذه.
      9 مبادراً في مقترحاته،ومجدداً في آرائه يعظم من دور التلاميذ في المناقشات
      10 يبرز أهمية مادته بالقول والفعل.
      11 يصبر على أن يتم تلاميذه المهمة التعليمية بنجاح.
      12 يحافظ على التقاء بصره بأبصار التلاميذ جميعاً.
      13 يتصرف في المواقف الطارئة بلباقة.
      14 قليل النقد للتلاميذ، يسعى لبث الثقة فيهم، يبتسم دائماً.
      15 حيوياً ، متفائلاً، بشوشاً، يستطيع أن يضحك على تصرفاته.
      4.الاستقرار العاطفي والصحة النفسية: إن شعور المعلم بقيمته، وشعوره بالأمن واحترام الذات، فضلاً عن كونها تنتقل منه إلى طلابه وتنعكس في اتجاهاتهم وسلوكياتهم، فإنها كذلك مولد هام لدافعيتهم للتعلم .. بحسبانها – أي الاستقرار العاطفي الصحة النفسية – تدفعه إلى احترام فردية الأشخاص وتقرير ما بينهم من فروق، ومن ثم يصبح التلاميذ بالنسبة له أشخاص ذوو قيمة وليسوا أعباء أو مصادر هم وقلق ومضايقة له، فيهتم بهم اهتماماً جاداً مخلصاً ويعاملهم بأدب واحترام وتفهم، فتزداد ثقتهم فيه ويقبلون عليه وعلى التعلم برضى وحب، والمعلم الذي يتسم بالاستقرار العاطفي والصحة النفسية، قادر على توفير بيئة مساندة مسترخية مرضية ومنتجة بالنسبة لتلاميذه، لأنه من خلال ثقته في نفسه وفي قدراته يصبح قادراً على توفير الدفء العاطفي وروح الفكاهة لتلاميذه ومن المعروف أن الدفء العاطفي وروح الفكاهة يسهمان في توفير بيئة آمنة منتجة من خلال دورهما في تنمية علاقات صفية إيجابية تدفع التلاميذ للحوار الحر والانفتاح والتعبير عن الذات دون توتر وهذه جميعها تجعل التعلم متعة.
      5-الموضوعية والتجرد: بحسبانها توفر جواً مناسباً لإقبال التلاميذ على التعلم والانفتاح على المشاركة المتحمسة في فعالياته دون خوف من الوقوع في الخطأ. والمعلم الذي يتسم بالموضوعية والتجرد يغرس في سلوك طلابه حرية الحوار والشعور بالمسئولية وتقدير قيمة العدل والاعتراف بالفضل، وكلها قيم وسلوكيات ضرورية لتحقيق لتعلم الفعّال.
      والمعلم الذي يتسم بالموضوعية والتجرد يثق فيه تلاميذه ويعتمدون عليه، باعتباره صورة لسلطة الراشدين، ومن ثم فلا تتحقق هذه الموثوقية ما لم يكن المعلم جديراً بها... ويدركها تلاميذه في جميع سلوكياته وتصرفاته.
      ثانياً : الخصائص والصفات المهنية للمعلم الفعّال:-
      إن المعلم الفعّال يلتزم في ممارساته بالسلوك المهني وبأخلاقيات مهنة التعليم ومقوماتها ومتطلباتها…وهو ما يتطلب منه أن يتسم بالخصائص والمزايا المهنية التالية:-
      1. تتوافر لديه توقعات عالية بالنجاح بالنسبة له ولتلاميذه: فهو يعتقد وبصدق أن جميع التلاميذ يستطيعون أن يتقنوا المحتوى وأن لديه هو نفسه القدرة على أن يمكن تلاميذه من ذلك . وتشير الدراسات إلى أن التوقعات التي لدى المعلم عن نفسه وعن تلاميذه تؤثر في سلوكه الذي يؤثر بدوره في تعلم التلاميذ. ومثال ذلك أنه إذا كان المعلم يعتقد أن تلميذاً ما غير قادر على تعلم مادة معينة، فمن المحتمل أن ينفق وقتاً أقل في العمل مع هذا التلميذ، وأن ينصرف عنه ليركز على تلاميذ آخرين يعتقد أنه من المحتمل بدرجة أكبر أن يفيدوا من مساعدته، وهكذا يتلقى هذا التلميذ توجيهاً أكاديمياً أقل ويزداد احتمال إخفاقه، بينما يتلقى آخر اهتماماً أكبر من المعلم فيزداد احتمال نجاحه.

      ولتتعرف أكثر على الدور الذي تلعبه توقعات المعلمين عن تلاميذهم على نجاح هؤلاء التلاميذ أو إخفاقهم .. تعالى نقرأ معاً هذه الدراسات التي قام بها فريق من الباحثين للتعرف على الكيفية التي يكون بها المعلمون انطباعاتهم عن تلاميذهم، وكيف توجه تلك الانطباعات سلوك المعلمين أنفسهم مع التلاميذ في غرفة الصف ؟ كذا كيف تؤثر هذه الانطباعات على تعلم التلاميذ ؟
      النبؤة المحققة لذاتها

      فلقد أجريت مجموعة من الدراسات التي استهدفت بحث الكيفية التي يكون بها المعلمون انطباعاتهم عن تلاميذهم، ومن ثم مدى تأثير هذه الانطباعات على توقع المعلمين بنجاح أو إخفاق التلاميذ وما يؤدي إليه هذا التوقع بالفعل .. وأجريت هذه الدراسات تحت عنوان النبؤة التي تحقق ذاتها Fulfilling Prophecy – Self. أي أن تتوقع حدوث شئ ما ثم توجه سلوكك وأفعالك تجاه ما تتوقع .. فيحدث بالفعل. وفي إحدى هذه الدراسات، قدمت لمجموعة من المعلمين ممن أمضوا فترة طويلة نسبياً في التدريس، مجموعة من الصور لبعض التلاميذ، وطلب منهم أن يعطوا انطباعاتهم وتنبؤاتهم عن صاحب كل صورة، وكانت النتيجة على النحو التالي :

      يدلي المعلم برأيه في صاحب الصورة ذي المظهر الحسن بانطباعات مثل: ذكى، لماح، حسن الخلق، يجيد التعامل مع الآخرين، منظم ... أتوقع له النجاح والتفوق .

      ويدلي برأيه في صاحب الصورة ذي المظهر السيئ بانطباعات مثل : بطئ الفهم، شارد الذهن، شرس، فوضوي ... أتوقع ألا يكمل دراسته بنجاح.

      لكن الواقع كان غير ذلك تماماً، فلم يكن ذوو المظهر الحسن من المتفوقين، ولم يكن ذوو المظهر السيئ من المتخلفين، وكل ما في الأمر أن المعلمين الذين أجري عليهم البحث ربطوا من خبراتهم السابقة بين المظهر والجوهر، فأعطوا انطباعات شخصية غير صحيحة.

      وفي دراسة أخرى مشابهة، زعم مجموعة من الباحثين أنهم أجروا اختباراً تحصيلياً لعدد كبير من التلاميذ ... واختاروا 20% منهم عشوائياً وقدموهم للمعلمين تحت زعم أنهم التلاميذ الأكثر تفوقاً، بيد أن هذا الاختيار لم يتم في الواقع على أساس الاختبار المزعوم، ولم يكن هناك أية مؤشرات حقيقية لتوقع تفوق هؤلاء التلاميذ عن أقرانهم. فماذا حدث؟ لقد بدأ المعلمون في تعاملهم مع التلاميذ يولون هذه المجموعة اهتماماً أكاديمياً خاصاً أدى بدوره إلى تفوقهم أكاديمياً بالفعل في نهاية العام الدراسي، وكأن تصنيفهم، في بادئ الأمر، على أنهم الأكثر تفوقاً كان مبنياً على أسس حقيقية،إلا أنه لم يكن كذلك. والواقع هنا أن توقعات المعلمين زادت من المكاسب العقلية لهذه المجموعة من التلاميذ مما أدى إلى هذا التفوق، ومرة أخري يبدو أن هذا التفوق نتج عن الفروق في طرق تعامل المعلمين مع التلاميذ .
      وهكذا تلعب توقعات المعلمين وتنبؤاتهم عن تلاميذهم دوراً حاسماً في ما يحققه التلاميذ من نجاح أو إخفاق .. ومن هنا يجئ قولنا بأن المعلم الفعّال لديه توقعات عالية بالنجاح في مهمته وفي تفوق تلاميذه ... وهو يسلك وفقاً لهذه التوقعات .. فتحقق توقعاته .. وتتحقق نبؤاته .. سر النجاح إذن: ضع نبؤة وانظر بعد ذلك كيف تعمل هذه النبؤة ، من شأن ذلك أن يزيد ذكاءك، ويقوي قدرتك على المنافسة، ويشحز إرادتك لتحقيق توقعك فتتحقق نبؤتك .

      كيف تتعرف على المعلم الذي لديه توقعات عالية بالنجاح؟.
      فيما يلي بعض أنماط السلوك التي يمارسها المعلم الذي لديه توقعات عالية بالنجاح لذاته ولتلاميذه…بإمكانك التعرف على هذه النوعية من المعلمين بالاستعانة بقائمة الرصد التالية.
      م سلوك المعلم الذي لديه توقعات عالية بالنجاح
      1 أهدافه التعليمية واقعية ومناسبة لمستوى تلاميذه.
      2 يتجنب الحكم القبلي على التلاميذ بناءً على انطباعاته الشخصية.
      3 يعتمد على الأساليب العلمية في دراسة شخصيات تلاميذه.
      4 يكلف تلاميذه بأنشطة تعليمية يستطيعون تحقيق النجاح فيها.
      5 يوفر للتلاميذ الفرص المناسبة لتحقيق المزيد من النجاح في الجوانب التي يعانون فيها من صعوبات في التعلم.
      6 يضع معايير ومستويات معقولة لنجاح تلاميذه ويغيرها كلما حققوا تقدماً صوب المهمات التعليمية المُخطط لها.
      7 يدرك نواحي القوة ونواحي الضعف في تلاميذه، ويخصص وقتاً كافياً لعلاج صعوبات التعلم التي تواجههم حين يكون ذلك ضرورياً.
      8 ينقل لجميع تلاميذه توقعه بنجاحهم في المهمة التعليمية باستمرار.
      9 يُظهر معرفة متقنة بموضوع التعلم.
      10 يُبدي لتلاميذه استعداده لمساعدتهم على النجاح في أداء المهمة التعليمية التي يكلفهم بها عندما يطلبون المساعدة.
      11 يدعو التلاميذ للتأمل والتفكر وفحص أفكارهم بعمق أكثر.
      12 يشجع التلاميذ على طرح الأسئلة، ويتيح لهم وقتاً مناسباً لذلك.
      13 ينادي علي جميع التلاميذ للإجابة على السؤال المطروح وليس من يرفع يده فقط، ويساند التلميذ الخائف والمتردد.
      14 يحترم قدرات التلاميذ وما بينهم من فروق فردية.
      15 ينتقل من مهمة تعليمية إلى أخرى بيسر وسلاسة، وبما يساعد التلاميذ جميعهم على إدراك العلاقات بين أفكاره.
      16 يقدر جهود التلاميذ وإمكاناتهم وليس مجرد الإجابة الصحيحة.
      17 يرعى ما يحققه التلاميذ من تقدم في العمل التعليمي،ويدفعهم نحو المزيد.
      18 يُثني على أعمال التلاميذ.. ولا ينتقد إلا قليلاً.
      19 يتحدى أفكار التلاميذ.
      20 يصغي باهتمام للتلميذ الذي يستجيب، ويساعده على تعديل استجابته غير الصحيحة، أو غير الدقيقة.
      2-الإبداع وسعة الحيلة : والإبداع هنا بمعنى الخروج على المألوف في الممارسة المهنية مع الالتزام بأخلاقيات المهنة ومقوماتها، ومن ثم نرى المعلم الفعّال يسعى دوماً لأن يجرب طرائق وأساليب تعليمية جديدة, ويبتكر وضعيات تعليمية أكثر ملاءمة لتعليم تلاميذه المواد والموضوعات التي يعلمها، كما وأنه يوفر فرصاً كافية ومناسبة لطلابه كي يجربوا أساليب مختلفة لحل المشكلات، في مواقف حقيقية أو مصطنعة. هذا إلى جانب سعيه الدؤوب للكشف عن موارد ومصادر إضافية لإثراء تعلم تلاميذه من خلال البحث والتجريب, ويستخدم الأصالة والجدة في توظيف ودمج التكنولوجيا التعليمية في تنظيم تعلم التلاميذ.
      3-الحرص على النمو المهني والسعي لتحقيقه بصورة مستمرة: والمعلم الفعّال يحرص دائماً على مواصلة تعلمه بصورة دائمة مستمرة، ويسعى للنمو في مهنته وتطوير ممارساته، وتحديث معلوماته ومعارفه عن الموضوعات التي يعلمها وعن التلاميذ الذين يعلمهم وعن خصائصهم النمائية ومطالبهم التعليمية، وذلك كي يصبح قادراً وباستمرار على التحديد الجيد والتوقع الدقيق لما يلزمهم معرفته وما يقدرون على عمله وما هم مهيئون لإنجازه, ومن ثم تنظيم خبرات تعليمية تتناسب وخصائصهم وإمكاناتهم ومطالبهم التعليمية.
      4-اليقظة والكفاية والجدية في العمل: فالمعلم الفعّال يبرهن من خلال سلوكه المهني على وعيه ويقظته وتأهبه ومواظبته على عمله، وبغير شك فإن هذه جميعاً سلوكيات ضرورية ليقتدي بها تلاميذه، فكفايته في تخطيط وتنفيذ النشاطات الصفية واللا صفية وإدارة التعلم وكذا إدارة الوقت تساعد تلاميذه على تطوير عادات علمية وعمليه فعالة. وهنا تجدر الإشارة إلى أن التلاميذ هم أقدر الناس على اكتشاف أي خلل يصيب دقة التخطيط والتنفيذ، ومن ثم فإن ذلك يتطلب من المعلم الفعّال أن يتفاعل مع خططه بمرونة حتى لا تتحول ممارساته إلى نمطية مملة، وأن تكون لديه القدرة على تعديل وتكييف طرائقه التعليمية وفق مقتضى الحال.
      وعلى الجانب الآخر، فلعل من أبرز الخصائص الشائعة في المعلم الفعّال توجهه نحو العمل الهادف، والتصرف في المواقف التعليمي بجدية ورشد، فهو يسعى دائماً إلى توجيه سلوكه وسلوك تلاميذه نحو إنجازات ناجحة وتعلم عالي الجودة، ونتائج تعليمية واضحة محددة المعالم ذات معنى ومغزى للتلاميذ.
      وعادة ما يعجب التلاميذ بالمعلم الجاد والحازم الشديد في غير عنف، واللين الحكيم في غير ضعف، والذي يقدر العلم والتعلم ويعلي من شأنهما، ويسعى إلى ترجمة هذه المعاني في سلوكه وتصرفاته قولاً وعملاً . فنراه يحرص على نقل هذه الجدية، وذلك الحزم إلى التلاميذ من خلال التعبيرات والتصرفات الجادة والصادقة والحقيقية التي تبين قيمة العمل المكلفون به، كذا من خلال تبنيه لتوقعات معقولة من تلاميذه، ومن إدارته لوقت التعلم بكفاءة وفاعلية. أما إذا كان المعلم من ذلك النوع الذي لا يحترم قراراته وسرعان ما ينثني عنها فإن الطلاب سيخفقون في توقعاتهم منه، مما يؤدي إلى إرباكهم ومن ثم عدم التكيف في تعاملهم معه .
      وقد يكون من المفيد في هذا السياق الإشارة إلى أن المحافظة على الحزم والجدية في العمل لا يعنيان التضحية بالدفء الوجداني والاهتمام بالتلاميذ ورعايتهم، فرادى وجماعات، إنهما يعنيان التوجه نحو الهدف والتركيز على نحو صريح وواضح على العمل والجهد الذي ينمي تعلم التلاميذ، وعدم التذبذب في الأداء، كذا عدم السماح بتبخر الوقت في الأمور التافهة وتحويلها إلى مشكلات. إن المعلم الفعّال يبادر إلى تأمين الحلول العادلة والمقبولة للمشكلات حين تظهر، ولا ينتظر المشكلات حتى تقع ثم يبدأ في البحث عن حلول لها .
      5-الأمانة والإخلاص: حيث يبدو المعلم الفعّال في سلوكه المهني مع تلاميذه صادقاً وأميناً قولاً وفعلاً، وهو يدرك دائماً أن تلاميذه قادرون على كشف عدم الإخلاص والأمانة في العمل بسرعة عجيبة، كما أنه يعي أن إخلاصه وأمانته في سلوكه وتصرفاته تنتقل بدورها إلى سلوك التلاميذ، فضلاً عن أنهما يسهمان في بناء الشعور لديهم بالثقة فيه.
      إنـك تراه يبدى رغبة صادقة وأمينة في مساعدة تلاميذه وتيسير عمليات تعلمهم ونمائهم ثقافياً واجتماعياً. ومن السهل ملاحظة هذا الأمر في مسعاه المستمر لتنظيم أنشطة التعلم أو المهام في ترتيب منطقي بما في ذلك التقديم الواضح للدرس والعرض الجلي لأهدافه والختام المناسب لفعالياته، وتنفيذ التعليم على نحو متأمل، بطرق وأساليب متعددة ومتنوعة تستلهم جذب اهتمام جميع التلاميذ وشحذ همهم للمشاركة الفاعلة في عمليات التعلم.
      وتتبدى أمانة المعلم واخلاصة كذلك من خلال حرصه على تنظيم وترتيب حجرة الدراسة وتهيئة البيئة التعليمية المناسبة للأهداف التعليمية المراد بلوغها، بما في ذلك تنظيم الأثاث والموارد والمصادر والمواد والأجهزة التعليمية، وضبط الإضاءة والتهوية ... وتوسل كل ما من شأنه التقليل من تشتيت انتباه التلاميذ وانصرافهم عن المهام التعليمية، كما تتبدى في اهتمامه بتصحيح أعمال تلاميذه بدقة وموضوعية .
      6-الحفز والتعزيز لمساندة تعلم التلاميذ: إن المعلم الفعّال يثني على تقدم تلاميذه وإنجازاتهم في إطار سعيه لاستخلاص أفضل ما لديهم. ويبتكر أساليب فعالة تستثير دافعيتهم للعمل عندما تفتر هممهم، ويحثهم على بذل أقصى جهد ممكن لديهم، ويوفر لهم ما يعينهم على ذلك عندما لا يستجيبون بالطرق أو بالمستوى المتوقع المناسب .
      إن تشجيـع التلاميـذ ومساندتهـم يشبـع حاجتهـم لأن يكونوا محبوبين وناجحين، ويشعرهم بأنهم مقبولين كأفراد، وتستطيع أن تلمس حرص المعلم الفعّال على تحقيق هذه الغايات من خلال حرصه على احترام تلاميذه، وتقدير إمكانياتهم وقدراتهم والانطلاق في تعليمهم من هذه القدرات، كذا من خلال إتقانه أساليب التواصل اللفظية وغير اللفظية التي تقدر الجهد والإمكانيات وليس مجرد الإجابات الصحيحة ... إنك تراه حين يقول أو يفعل يضع تلاميذه وتعلمهم محوراً لاهتماماته
      7-التفكر في ممارساته وتقويمها ذاتياً: وهو ما يشير إلى أن المعلم الفعّال يطبق ما يُعرف بمنهج "التعليم العكسي " أي مبدأ إعادة النظر في كل عمل تعليمي يقوم به سواء أكان هذا العمل صغيراً أو كبيراً، وسواء أكان هذا العمل له علاقة بالتلميذ أو المادة العلمية التي يقدمها لهم، أو أسلوبه وطريقته في تقديم هذه المادة، أو مع نفسه كمعلم، وذلك بأن يطرح على نفسه أسئلة تجعله ينظر بعين ناقدة لأساليب تدريسه في الصف وطرق تعامله مع الطلاب ولذاته كمعلم.

      ومبـدأ " التحقيـق المستمر مع الذات " يساعد المعلم على تحسين وتطوير ممارساته التعليمية أولاً بأول، ويشجعه على تغيير مبادئه ومعتقداته التقليدية في عملية التعليم والتعلم ويجعله إنساناً ذا جودة وجدة في تفكيره وآرائه وتعامله مع الآخرين.

      ويعتبر التفكر (Reflecation) مهارة أساسية للمعلم الفعال يحرص على تطبيقها على ممارساته ويحاكمها ذاتياً، مما يجعل هذه المهارة مدخلاً فعالاً في التنمية المهنية المستمرة للمعلم، فضلاً عن كونها وسيلة أساسية في سعيه للبحث عن نقاط القوة في ممارساته ليعززها وأوجه الضعف لتلافيها، في جو من الطمأنينة والثقة والأمان وبعيداً من المراقبة والرهبة التي تصاحب التقويم الخارجي الذي تقوم به السلطات التربوية ممثلة في مديري المدارس والموجهين التربويين.
      وهناك أساليب وأدوات عدة يمكن أن يعتمد عليها المعلم الفعّال في تطبيق منهج " التعليم الانعكاسي " أو ما نسميه بالتقويم الذاتي على ممارساته التعليمية ... وتعد طريقة الجورنال " إحدى طرائق هذا المنهج " والجورنال " هو " سجل " يسجل فيه المعلم بعد انتهاء الدرس كل ما جرى من أحداث وأفعال وما صاحبه من أنشطة تعليمية وتعلمية وما طرح فيه من أفكار وما جرى فيه من مناقشات، سواء منه أو من طلابه، وسواء أكانت هذه الأحداث والمناقشات صغيرة أو كبيرة .. ثم ينظر بعد ذلك فيما سجله بعين فاحصة ناقدة محللة مستفسرة مُغيرة .
      وتعتبر صحائف التقويم الذاتي هي الوسيلة الأكثر شيوعاً والأسهل في الاستخدام في مجال "التحقيق المستمر مع الذات المهنية " ، وصحيفة التقويم الذاتي عبارة عن قائمة تتضمن كافة أنماط السلوك التي يتوجب على المعلم القيام بها لدى تنفيذه لمهمة تعليمية محددة، حيث تصاغ عباراتها بأسلوب المتحدث حتى توحي للمعلم بالمحاكمة الذاتية لممارساته بعيداً عن الرقابة الخارجية، الأمر الذي يكسب استجاباته الصدق والموضوعية ... لشعوره بأن لا أحد سوف يطلع على استجاباته سواه.
      أياً ما كان الأمر، فإن المعلم الفعّال يسعى دوماً للتفكر في ممارساته المهنية ومحاكمتها بطريقة ذاتية، باعتبار هذا الأمر دليل على انتمائه للمهنة واحترامه لرسالته.
      بقي أن نذكر بأن ديننا الإسلامي الحنيف يدعونا لممارسة التفكر في أعمالنا ومحاكمة ممارستنا بطريقة ذاتية .. انطلاقاً من أن الرقابة الذاتية تمثل دعوة للإحسان في العمل .. وها هو رسولنا الأعظم صلى الله عليه وسلم يدعونا إلى الرقابة الذاتية نراه حين سؤل عن الإحسان يقول عليه الصلاة والسلام " الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك " .






      وإليك نموذج لصحيفة تقويم ذاتي من نوع معيار الرتب.
      صحيفة تقويم ذاتي " معيار رتب " يمكن للمعلم الاستعانة لها في التفكر في ممارساته لتهيئة تلاميذه للتعلم الجديد الفعّال:
      مارست هذا السلوك بدرجة السلوك المتوقع منى لتهيئة تلاميذي للتعلم الجديد الفعّال م
      صغيرة متوسطة كبيرة
      قبل أن أبدأ في درس اليوم حرصت على إعادة ترتيب غرفة الصف وفقاً لمتطلبات التعلم الجديد والطريقة التي استخدمتها في التدريس. 1
      قبل البدء في درس اليوم تأكدت من ملاءمة البيئة الصفية للتعلم الفعال وأدخلت عليها التعديلات والترتيبات اللازمة . 2
      راجعت ولخصت لتلاميذي المعلومات السابقة ذات العلاقة بتعلم اليوم. 3
      بدأت الدرس اليوم بطرح سؤال استثار حب تلاميذي للإطلاع واستحوذ على انتباههم وميولهم وكان ذلك بعرض مشكلة فريدة أو سيناريو غير مألوف لهم. 4
      أوضحت لتلاميذي أهداف درس اليوم والتعلم المراد بلوغه وعلاقته بما لديهم من تعلم سابق. 5
      قدمت درس اليوم لتلاميذي في صورة مشكلة ليندمجوا في تناول المفاهيم التي كان عليهم أن يتعلموها اليوم . 6
      نجحت في أن أوضح لتلاميذي إرتباط درس اليوم بحياتهم وأهميته لهم. 7
      نجحت في أن انقل لتلاميذي الميول والحماس والتشويق وحب الاستطلاع عن الموضوع. 8
      نجحت في أن انقل لتلاميذي توقعاتي منهم في درس اليوم وأعبر لهم عن ثقتي في قدرتهم على النجاح في تحقيق أهدافه . 9
      زودت تلاميذي بخطة السير في درس اليوم ودور كل مهم في بلوغ أهدافه . 10




      ثالثاً : الخصائص الاجتماعية للمعلم الفعّال :
      بالإضافة إلى مجموعة الخصائص النفسية والمهنية للمعلم الفعُال على النحو الذي تقدم، فإن ثمة مجموعة ثالثة من الخصائص الاجتماعية الواجب توافرها في هذا المعلم، يتمثل أبرزها في جملة الخصائص التالية:-
      1-حسن الهندام والرزانة وصفاء القول والعقل.
      1. الكياسة واللطف واللباقة والعطف.
      2. التأثير في المجتمع عن طريق الأبناء.
      3. -التعاون البناء مع الزملاء.

      وإليك النصين التاليين اللذين يعبران عن عمق نظرة ديننا الحنيف
      وثقافتنا الرشيدة للمعلم.
      أول معلم فعّال في تاريخ البشرية

      قد يكون حرياً بنا في هذا المقام أن نتذكر ما جاء في القرآن الكريم موضحاً كيف كان المعلم الفعّال الأول للبشرية جمعاء، رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم يعلم المسلمين الأوائل أمور دينهم.
      حيث يقول رب العزة سبحانه وتعالي في هذا الشأن " فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك " .كما يقول سبحانه مخاطباً المؤمنين مبيناً صفات هذا المعلم الأعظم :
      " عزيز عليه ما عنتم، حريص عليكم، بالمؤمنين رؤوف رحيم ".
      كاد المعلم أن يكون رسولاً

      اذكرك بقول أمير الشعراء أحمد شوقي في المعلم الفعّال :
      قف للمعلم وفه التبجيلا كاد المعلم أن يكون رسولاً
      هذا والله من وراء القصد هو الهادي إلى سواء السبيل،،،.


      * أستاذ ورئيس قسم أصول التربية –كلية التربية – جامعة الاسكندرية.

      تعليق

      • السعيد ابراهيم الفقي
        رئيس ملتقى فرعي
        • 24-03-2012
        • 8288

        #4
        3
        الأهداف التعليمية

        أ.د.كمال نجيب
        أستاذ المناهج و طرق التدريس
        كلية التربية – جامعة الإسكندرية

        التعليم عميلة فى سلوك التلاميذ أو وجدانهم أو مهاراتهم . أما التعليم فهو عملية مقصودة ومنظمة ومخططة،أى أنها عملية هادفة،تسعى إلى تحقيق تغير فى سلوك التلاميذ(المعرفى أو الوجدانى أو المهارى)تحت شرط الممارسة .

        إذا حدث تغيير تحت شرط الممارسة ،فإن ذلك يعنى أنه قد حدث تعلم نتيجة لمرور الفرد بموقف تعليم . أمل إذا لم يحدث تغيير فى السلوك،فانه لابد من إعادة هذا النشاط مرة أخرى حتى يحدث هذا التغيير فى السلوك تحت شرط الممارسة (التعليم) .

        و لذلك يتضمن التخطيط للتدريس اختيار و صياغة مجموعة من الأهداف التعليمية . و هى الأهداف المتوقع تحققها لدى المتعلم. و هذه الأهداف بمثابة نتاجات أو مخرجات التعلم المستهدفة فى إطار سلوك أو لغير فى سلوك أو وجدان أو مهارات التلاميذ .

        و من هنا ، فإن أو ما يقابل المعلم فى عملية التخطيط للتدريس ، أسئلة من قبيل :ما النواتج التعليمية أو القدرات التى تسعى إلى تحقيقها فى تدريس هذا الموضوع ؟ .. لماذا هذه النواتج أو التعليمات دون غيرها ؟ .. و ما مصادرها ؟.. و ما معاييرها و مستوياتها ...و كيف يمكن صياغتها بطريقة جيدة ..؟

        ما هية الهدف التعليمى :

        يقصد بالهدف التعليمى تلك الصيغة التى تعبر ،فى دقة ووضوح ، عن التغير المرجو احداثه لدى التلميذ من خلال مروره بخبرة تعليمية معينة .
        ويميز علماء التربية بين الهدف و الغاية فى أن الهدف هو الذى يحدد بشكل نوعى الأداء الذى ينبغى أن يظهره التلميذ كدليل على أن التعلم قد حدث .وان هذا الأداء ما هو إلا خطوة على طريق تحقيق التغيرات الكبرى التى تستهدف الغاية تحقيقها.
        و معنى هذا أن الغاية أكثر شمولاً من الهدف ، و أن مجموعة الأهداف الخاصة بموقف معين أو موضوع معين يمكن أن تترابط معاً لكى تحقق فى النهاية الغاية المرجوة من معالجة هذا الموقف أو دراسة ذلك الموضوع.

        أهمية تحديد الأهداف:
        تتمثل عملية تحديد الأهداف فى الجوانب التالية:
        • تحديد الأهداف ضرورى لاختيار الخبرات المناسبة .
        • تحديد الأهداف ضرورى لاختيار أوجه النشاط التعليمى المناسبة .
        • تحديد الأهداف ضرورى للتقويم السليم الدقيق و الموضوعى .
        • الأهداف الواضحة المحددة تساعد فى تحقيق تعلم أفضل لان جهود كل من المعلم و المتعلم سيكشف نحو تحقيق الأهداف المقصودة .
        • تساعد المتعلم على أن يكون مقوماً لنفسه بدرجة أفضل ،فالأهداف تعطيه محكماً يحكم به على مدى تقدمه و مدى ما أنجز من أهداف .


        معايير الأهداف التعليمية :
        عند وضع الأهداف لابد من مراعاة مجموعة من الاعتبارات حتى تأتى أهدافاً مقبولة من الفرد و المجتمع ، و ممكنة التحقيق ، و سليمة من الناحية النفسية ، و مقبولة من جميع المعنيين بالعملية التعليمية .
        و يمكن اجمال هذه المعايير فيما يلى :
        • يجب أن تستند الأهداف إلى فلسفة تربوية اجتماعية سليمة .
        • يجب أن تكون الأهداف واقعية .
        • أن تقوم الأهداف على أسس نفسية سليمة .
        • ان تكون الأهداف سلوكية .
        • أن تكون الأهداف شاملة .
        • أن يشترك فى تحديد الأهداف و أن يقتنع بها المعينون جميعاًَ.


        مستويات الأهداف:
        هناك مستويان من مستويات أهداف التدريس هما :
        أ . أهداف بعيدة المدى ( أهداف عامة ) .
        و تشمل أهداف المادة الدراسية الاستراتيجية ، التى يحتاج تحقيقها إلى امتداد الدراسة من عام إلى أخر و من مرحلة إلى أخرى .
        1. أهداف قريبة المدى ( أهداف خاصة ) .

        و تتعلق بالأهداف التكتيكية الخاصة بدرس معين ، و كلما كانت مثل هذه الأهداف محدودة كلما أمكن تحقيقها فى حدود الوقت المخصص لها.

        مصادر الأهداف التعليمية :
        هناك مصادر متنوعة يمكن أن تفيد فى اختيار الأهداف التعليمية أو التدريب على صياغتها ... و من هذه المصادر:
        • المنهج أو المقرر الدراسى .
        • المواد التعليمية المنشورة .
        • المجلات العلمية المتخصصة .
        • زملاء المهنة و خبرات الآخرين .


        خصائص الأهداف التعليمية :
        الأهداف التعليمية النامية ينبغى أن تتوافر فيها مجموعة من الشروط أو المواصفات ...و من أهم هذه الشروط :
        • أن يركز الهدف على سلوك التلميذ لا على سلوك المعلم .
        • أن يصف نواتج التعلم .
        • أن يكون واضح المعنى قابلاً للفهم .
        • أن يكون قابلاً للملاحظة و القياس .


        كيف نصوغ هدفاً سلوكياً جيداً ؟

        الهدف التعليمى السلوكى يشمل المكونات التالية :
        • أن....
        • فعل ( سلوك مكرغوب فيه قابل للملاحظة ) .
        • التلميذ.....
        • محتوى(جزئية معرفية أو وجدانية أو مهارية يرتبط السلوك و يتم الأداء فى ضوئها ) .


        و تشمل كتابة الأهداف السلوكية الجيدة الخطوات التالية :
        1. وصف محتوى المادة الدراسية .
        2. تحديد الغايات (الأهداف العامة ) .
        3. تقسيم الغايات إلى أهداف نوعية خاصة أكثر تحديداً .
        4. مراجعة الأهداف للتأكيد من وضوحها و ملاءمتها .










        تدريبات على صياغة الأهداف السلوكية

        تدريب (1) :

        ضع علامة ( ) بجانب الأهداف الواضحة ،وعلامة ( ) بجانب الأهداف الغامضة فيما يلى :
        1. أن تعرف دول الجامعة العربية .
        2. أن تذكر أسماء دول الجامعة العربية .
        3. أن تدرك العلاقة بين الجمل جيدة الكتابة و القصص القصيرة الجيدة .
        4. أن تحمض و تطبع فيلماً أبيض و أسود .
        5. أن تفهم أعمال مدير المدرسة .
        6. أن تكون واسع الأفق .
        7. أن تذكر أهم الأعمال التى يؤديها مدير المدرسة .
        8. أن تذكر مكونات الجملة الاسمية .
        9. أن تتذوق موسيقى جيدة .


        تدريب (2) :

        ضع علامة ( ) أمام الأهداف القابلة للملاحظة ،و علامة ( ) أمام الأهداف التى لا تقبل الملاحظة فيما يلى :
        1. أن يحل التلميذ وسائل قسمة مطولة .
        2. أن يدرك التلميذ كيفية حل مسائل القسمة المطولة .
        3. أن يعى التلميذ معنى الإلزام الخلقى .
        4. أن يكتب التلميذ فقرة توضح معنى الإلزام الخلقى .
        5. أن يفهم معنى الجمل التامة والجمل الناقصة .
        6. أن يميز بين الجمل التامة و الجمل الناقصة .
        7. أن يستوعب شروط التعلم .
        8. أن يحدد شروط التعلم .
        9. أن يحفظ قصيدة من عشر أبيات.
        10. أن يسمع قصيدة من عشر أبيات.


        تدريب (3) :

        أقرا كل هدف مما يلى ، ثم حدد نوع الخطأ بجانب كل هدف ضعيف الصياغة .
        1. أن تقرأ بسرعة 200كلمة فى الدقيقة بفهم و دون أخطاء لغوية.
        2. أن تكتب ملخصاً للدرس على السبورة فى أول الحصة .
        3. أن تستوعب أهمية الطاقة فى حياة الإنسان .
        4. أن تميز بين نواتج التعلم و أنشطة التعلم .
        5. أن يشاهد التلاميذ فيلماً عن " كيف يعمل المخ " .
        6. أن توسع مفهومك عن الديمقراطية .
        7. أن تفهم أساليب حل المسائل الحسابية .
        8. أن تحل المسألة الحسابية التى تتضمن منها للخانة .
        9. أن ترسم .
        10. أن تحل تمارين هندسة على السبورة للتلاميذ .
        11. أن تفهم معين ناتج التعلم .
        12. أن توجه التلاميذ إلى كيفية استخدام القاموس .


        تدريب (4) :

        اكتب هدفين نوعيين قابلين للملاحظة لكل غاية من الغايات التالية :
        1. أن يستخدم مهارات التفكير الناقد فيما يقرأ .
        2. أن يفهم الطريقة العلمية .
        3. أن يتذوق الأدب الجيد .
        4. أن يعرف حقائق تاريخية معينة .
        5. أن يستوعب معانى المصطلحات العلمية .


        تدريب (5) :

        اختر وحدة دراسية فى مادة تخصصك وقم بإجراء الآتى :
        1. صف محتوى المادة التى تعالجها الوحدة .
        2. حدد الغايات " الأهداف العامة " المعرفية و الوجدانية التى ترغب أن يحققها التلاميذ نتيجة لتعلم هذه الوحدة .
        3. لكل غاية أو هدف عام تكتبه فى الفقرة السابقة ، اكتب على الأقل ثلاثة أهداف أكثر تحديداً بشرط أن تكون حسنة الصياغة يمكن ملاحظتها .
        4. بين كيف تخطط لتدريس ثلاثة من هذه الأهداف .

        تعليق

        يعمل...
        X