إنما الصبر عند الصدمة الأولى (من أخبار المدينة الفاضلة)

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • محمد شهيد
    أديب وكاتب
    • 24-01-2015
    • 4295

    إنما الصبر عند الصدمة الأولى (من أخبار المدينة الفاضلة)

    السياق المعرفي:

    لست أذهب في التحليل السلوكي للأفراد و الجماعات إلى أبعد مما ذكره بن خلدون في تأثير البيئة على سلوك الفرد داخل المجتمع. بالرغم من النقد الموضوعي الذي يمكننا أن نوجهه لمثل هذا النوع من "النظريات الحتمية" Determinism/déterministe بالانجليزي و الفرنسي، لكنني أقترب جداً من نظرية التأثير الأخلاقي للبيئة التي ترعرع فيها الفرد، انطلاقا من الأسرة الصغيرة فيما يتعلق بالفعل و بردة الفعل ووصولا إلى العلاقات الدولية في تسيير الأزمات و حل المشاكل الجسيمة، مروراً بالتفاعل - الإيجابي أو السلبي - للفرد خارج بيته مع الناس في الشارع أو في الفضاء الرحب الذي يسمى البلوغوسفير، أي العالم الافتراضي على الانترنت.
    فالمعذرة من القاريء الكريم على هذه المقدمة الطللية التي لا طائل منها إلا إذا وضعناها سوياً داخل سياق الحديث/ أو الحادثة التي أود نقلها مباشرة من عين المكان.

    الحادثة:

    داخل الحافلة المكتظة بالركاب العائدين من أشغالهم في المساء، تعثر شاب فسقط وسط الممر على مرأى الناس لأنه كان يسرع الخطوات نحو الأمام كي ينزل في المحطة المقبلة. وبينما امتدت إليه الأيادي لتعينه على النهوض، أسرع في الوقوف مثل إسراعه في السقوط و قام مذعوراً و هو يكرر: هل آذيت منكم أحدا؟ هل آذيت منكم أحدا؟ ثم نزل و هو يعتذر للركاب على عثرته.

    في حينها، لم أجد تعليقا للحادثة: فحرت أأشفق على حالته إذ لا شك أن ألمه سيكون شديدا من جراء هول عثرته، أم أقف إجلالا للشاب الذي، رغم وقوع الصدمة عليه، انسلخ نقداً من الذاتية متناسياً ألم العثرة، فهمّ بالاعتذار للناس - وهل كان مخطئا في شيء حتى يعتذر؟ موقف يحتم علي أن أتقدم بأسمى عبارات التقدير لصاحب الحادث الذي ترك بالغ الأثر في نفسي، بحيث أراني في مشهد وجيز بليغ ما سر معنى الحديث النبوي الشريف: إنما الصبر عند الصدمة الأولى!

    قلبت الحادثة رأسا على عقب بكل ما أوتيت من مفاتيح التأويل الانتربلوجي و السلوكي و العلاقاتي و و و...فخرجت خاوي الوفاض. لكنني توقفت عند مخرج يريح الأعصاب و يخدم الذات: إنها البيئة. البيئة التي جعلت المكلوم يعتذر طوعاً لا كرهاً.

    م.ش.
    شاهد عيان على أحداث المدينة الفاضلة
    التعديل الأخير تم بواسطة محمد شهيد; الساعة 12-05-2018, 23:17.
  • محمد عبد الغفار صيام
    مؤدب صبيان
    • 30-11-2010
    • 533

    #2
    أ/ شهيد
    بحكم الوظيفة و الدراسة كان لى اطلاع على نظريات فى التربية و علم النفس ببعض فروعه ، لا سيما المفسرة نوعا ما لسلوك الإنسان ، إذ ليس فى العلوم الإنسانية أحكام قطعية أو تفسير جامع مانع لأفعال البشر و سلوكهم ظاهرا و باطنا ؛ و إن كان لتلك العلوم أهميتها العظمى ، فى رد كل ما يند عن الإنسان إلى دافع مكتسب أو موروث كما تفضلتم ، إلا أن ما مر ببلادى مصر فى الآونة الأخيرة ، و ما عاينته من سلوك للأفراد و للجماعات أثبت لى أن الإنسان لغز كبير ، يصعب حله بشكل قطعى ، قد نفسر بعض السلوك ، نتنبأ ببعضه ، نُكسِب الشخص بعضه ، نُعدِّل بعضه ... أما أن نطمح لبلوغ ( كله ) فهذا المستحيل بعينه !كما لا يمكننا الحكم على سلوك البشر الحكم القاطع فى ظل الأحداث اليومية الرتيبة ؛ بل يظهر الناس على حقيقتهم فى ظل الأحداث الاستثنائية التى لا يجدى معها تخفٍ أو مداراةٍ ( و هو ما حدث مع صاحبك الساقط أرضا السامى سلوكاً )
    دمت فاهما نبيها ...
    "قُلْ آمَنْتُ باللهِ ثُمَّ استَقِمْ"

    تعليق

    • محمد شهيد
      أديب وكاتب
      • 24-01-2015
      • 4295

      #3
      المشاركة الأصلية بواسطة محمد عبد الغفار صيام مشاهدة المشاركة
      أ/ شهيد
      بحكم الوظيفة و الدراسة كان لى اطلاع على نظريات فى التربية و علم النفس ببعض فروعه ، لا سيما المفسرة نوعا ما لسلوك الإنسان ، إذ ليس فى العلوم الإنسانية أحكام قطعية أو تفسير جامع مانع لأفعال البشر و سلوكهم ظاهرا و باطنا ؛ و إن كان لتلك العلوم أهميتها العظمى ، فى رد كل ما يند عن الإنسان إلى دافع مكتسب أو موروث كما تفضلتم ، إلا أن ما مر ببلادى مصر فى الآونة الأخيرة ، و ما عاينته من سلوك للأفراد و للجماعات أثبت لى أن الإنسان لغز كبير ، يصعب حله بشكل قطعى ، قد نفسر بعض السلوك ، نتنبأ ببعضه ، نُكسِب الشخص بعضه ، نُعدِّل بعضه ... أما أن نطمح لبلوغ ( كله ) فهذا المستحيل بعينه !كما لا يمكننا الحكم على سلوك البشر الحكم القاطع فى ظل الأحداث اليومية الرتيبة ؛ بل يظهر الناس على حقيقتهم فى ظل الأحداث الاستثنائية التى لا يجدى معها تخفٍ أو مداراةٍ ( و هو ما حدث مع صاحبك الساقط أرضا السامى سلوكاً )
      دمت فاهما نبيها ...
      الإنسان لغز كبير، أقرها معك أستاذ محمد. إذ ترى أن المجتمعات الغربية حاولت جاهدة وضع الإنسان مركز عناية فصرفت الأموال الضخمة على الجامعات و المعاهد و البحوث بشتى فروعها (العلوم الإنسانية و الأنتربولوجيا و علم السلوك و النفس و علوم التواصل... ) الغرض منها محاولة فهم عمق هذا الكائن المتقلب الأهواء المتعددالمشارب و لكي تضع - ولو نظريا - بنية و تركيبة النفس البشرية في خانات يسهل التعامل معها سواء في التعليم و التربية داخل الأسرة و في المدرسة أو في التسيير و التفاعل داخل المجتمع...و مهما بلغت البحوث و التجارب من منزلة علمية دقيقة فإنها لن تكون - كما قلتَ - سوى محاولات تقريبية لا سننا قطعية تفك لغز البشر. لكن خالق الإنسان هو أعلم به و بأحواله فترى الآيات في محكم التنزيل قطعية في تصنيف أنواع السلوك البشري بحسب المواقف و عند كل حدث: على شاكلة "و من الناس من يعبد الله على حرف..." ؛ "خلق الإنسان من عجل..." ؛ "إن الإنسان خلق هلوعاً..." حدد المولى فيها طبيعة النفس البشرية و تقلباتها. لذا، والله أعلى و أعلم، بحسب رأيي الذي لا يلزم غيري، كتبت في أكثر من موضع فكري و فلسفي حول الموضوع، أن أصدق و أدق مصدر لدراسة النفس البشرية لا يوجد عند Freud و لا عند Rosenthal، بل موجود في كتاب الله.

      أما عن أحوال مصر و شعبها، فلعل في ما ذكرت خير دليل على استحالة الإحاطة للدارس بكل جوانب النفس البشرية المركبة.

      معذرة إن أطنبت في الحديث. مع أنني أحب دائما الاختزال في الفكر.

      تحية لك و لأهل مصر.

      م.ش.

      تعليق

      • محمد شهيد
        أديب وكاتب
        • 24-01-2015
        • 4295

        #4
        موضوع ذو صلة:

        على هامش موضوع "هذا مذهبي في التعلم (http://almolltaqa.com/vb/showthread.php?140282-%E5%D0%C7-%E3%D0%E5%C8%ED-%DD%ED-%C7%E1%CA%DA%E1%E3)"، قرأتُ بالأمس تعليقاً جميلاً من الفنانة سليمى، هذا مقطع منه: "أذكر أن شاعرا كان في حالة يأسٍ واحباط فقرّر أن يجعل حدّا لحياته، نهض باكرا واتّجه إلى محطة القطار وفي طريقه لمح

        تعليق

        يعمل...
        X