وسواس ... ( غنم إبليس في وادٍ غير ذي زرع )

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • جلال داود
    نائب ملتقى فنون النثر
    • 06-02-2011
    • 3893

    وسواس ... ( غنم إبليس في وادٍ غير ذي زرع )

    هذا الدماغ لا يفتأ ينبش وينبش ..
    و هو نافوخ متْرعٌ بالغث والثمين ...
    فتارة تصيبك رحلة البحث بالأحباط ... وبأن الفشل حليفك ..
    ثم يشع قبس من أمل ...
    وسرعان ما تطالعك شمعة منطفئة الفتيل ..
    تليها سماء داكنة بلا نجوم ،
    ليبزغ قمرٌ من وراء غمامات رمادية ..
    وهلم لوحات بلا إطارات ..
    وإطارات بلا محتوى ..
    وخليط من هذا و ذاك
    تأتي لحظات تنتابك رعشة من تزاحم هذا ( النبْش ) ...
    بل تحاول أن تسترجع بداية خيوط هذا الإنزلاق التي أوصلتْك لهذه النقطة .. فتقف ( كحمار الشيخ في العقبة ) ...
    أو) كمن إنقطع عنه النت بغتة ( ...
    نقاط البداية .. تنساب أولاً كالهمس ... فتختمر .. ثم تضج بالدواخل ... فلا تفرق بين التفكير و بين حديثك المنطوق ... لذا تأتي لحظات الهلوسة و أنت في كامل وعيك ...
    (هذيان بلا حمى ) ... أو كمن راح في إغفاءة من تأثير البنج.
    لا تلوموا من يتحدثون بأعلى أصواتهم و هم يمشون في الطرقات ..
    فهؤلاء قد طفح بهم الكيل .. لذا ( يغرفون ) جزءاً من الدواخل إلى حديث ملفوظ حتى يفسحوا مجالاً وفراغاً إلى حديث النفس .. هذا إن بقيَ شيء منه. ( تنفيس تلقائي ) .... نافوخهم أصغر من أن يزدحم بالغث والسمين ... فتخرج تلك التي في أطراف مخيخه يطلقها دون حرج .. فهي تريحه وتخفف من وطأة الزحام بدواخله.
    أما مَن لم يرحمه ربي .. فينطلق بكل دواخله .. المسموح به وغير المسموح .. فيدخل في زمرة ( المجانين ) .. فيطلق كل شيء تلفظه حمم براكين نافوخه ..
    فإما أُودِعَ في خانة المخبولين أو ( حولوه إلى شيخ إتخذه صبياً مدى الحياة يسومه سوط كرباج أو يزين جسده بكيات من نار ) ...
    و ما الجنون إلا لحظة بين التوفيق بين هذا و ذاك ...
    لذا قالوا أن هناك خيطا رفيعا بين العبقرية و الجنون ..

    ***
    نواصل الوسواس
  • جلال داود
    نائب ملتقى فنون النثر
    • 06-02-2011
    • 3893

    #2
    • قلتُ هذا لصاحبي المجنون ..
      فقال لي : أنت أكثر جنوناً مني ...
      قلتُ له :
      بالأمس القريب صحوتُ من غفوة قيلولة ... و في الخاطر لقاء مضى عليه زمن كثيف... لم يدُم اللقاء سوى بضْع دقائق ...
      فقد أفسدتُ اللقاء بتسرعي في دلْق مشاعر إختزنْتُها لفترة تكفيني كى أهاجر لقريتها مشياً على الأقدام في عز هجير الصيف...
      حسبْتُ تصرفي نوعاً من الصراحة تتطلبها سرعة التقنية في زمن كان فيه التلفزيون في بدايات ( الملون ) .. والتلفون رفاهية والسيارة كالبراق دونه ( خرْط الأحلام ). و لكنه أتى برد فعل سلبي أفْقدني إياها ...
      ثم تراجعتُ قليلاً ... عن هذه الذكرى و أنا لا أزال مرهوناً بها ..
      فوصلتُ إلى صديقتها التي كانت تكرهني ..
      كانت تقول : دة ال في قلبه مرسوم في عيونه وجبينه .. و عينيه مليانة رغبة و جبينو خالي من أي تعبير و هذا مكمن الخطر.
      لا تزال تقطيبة جبينها تراودني أراها في كل مَن لا تروق لي شكلاً ( فالمضمون شيء آخر. )

    تعليق

    • جلال داود
      نائب ملتقى فنون النثر
      • 06-02-2011
      • 3893

      #3
      • ثم قفزتُ فجأة إلى كراهيتي لجاري الشحيح الذي يحتقر زوجته ويتطلع إلى الزواج من إفريقية لأنه يحب اللون الزيتوني الغامق ...
        ثم عرجْتُ إلى صديقي الذي قابلته في جزر ( البهامز ) .. أسود كما ليلة دامسة الظلام .. متزوج من فتاة مهجنة في لون جبنة الدويم... كانت تتباهى به بين رفيقاتها ...

        فإنسحبتْ أنسجة الدماغ إلى ( إبراهيم ) الذي قال في ( قعدة ) سمر غير بريئة : ( و الله مَزَّة الزيتون أطْعم من شرابكم العفن دة ) ..
        قال هذا و هو يلتهم ( صحن المزة دون إنتظار حظه من المنكر و هو يغمض عينا ويفنجل أخرى ) ..

        ثم قفز إمام المسجد و هو يقول في خطبة الجمعة الفائتة : ( وإذا بليتم فأستتروا ) ..

        ثم إبتسمتُ نصف إبتسامة و أنا أتذكر نكتة ( أحمد الصعيدي ) :
        إتنين سكارى ... أحدهم قال و كأنه ( أرخميدس ) : مرات أسكر بكاس واحدة ومرات كل القزازة دي ما تحرك فيني شعرة واحدة. يكون دة من إيه ؟؟؟
        فقال له رفيقه و هو نصف واعي و لكن بثقة : كلو بتوفيق الله ..
        إستغفرتُ ربي ..
        ثم واصل الدماغ سياحته ... من حيث نهاية فتوى هذا الزنديق

      تعليق

      • جلال داود
        نائب ملتقى فنون النثر
        • 06-02-2011
        • 3893

        #4
        • قفز فجأة إلى ذهني أبي لهب وزوجته ...
          لعنتُ في سري إمرأة كانت سبباً في طلاق صديقي الحميم من زوجته لأن ( حماته ) أم زوجته تريد فلاناً الثري ذي الزوجات الثلاث ... وجاراها زوجها في فكرتها ... ( تبت أياديهم ) ..

          لمع في ذهني رقم حسابي البنكي ... والرصيد .. ثم قارنتُ سنوات إغترابي بالرصيد المتوفر و الذي حققته بالوطن وحال البلد ....
          تذكرتُ أن جواز السفر يحتاج تجديداً ..
          و أن رخصة القيادة بقيتْ من مدة صلاحيتها أياما معدودة ..

          البرودة في القدمين أعادتْني إلى أيام الزمهرير في تلك القرية النائية بأقصى الشمال ..
          حيث كانت التدفئة بالحطب طوال الليل و إلا تجمدتَ من البرد الجاف المندلق من بين فرجات الجبال الشاهقة ...
          تشق موجات الزمهرير درب الأربعين .. و هي تستقبل قوافل الإبل إلى صعيد مصر ...

        تعليق

        • جلال داود
          نائب ملتقى فنون النثر
          • 06-02-2011
          • 3893

          #5
          • ثم إنزلقتُ إلى القاهرة .. بين باب اللوق وعابدين ... وتلك البلكونة .. والبنت أم منديل (أويه)، التي كانت تتغنى طول النهار بأغنية ( سيد خليفة السوداني : إزيكم .. كيفنكم .. ) و هي تنهال بقشر اللب والتسالي على الزقاق الضيق .. بينما هي تتأرجح كبندول ساعة حائط ..

            ثم حاولتُ التنبه إلى كيفية وصولي إلى هذه النقطة ...

            رن هاتفي المحمول ..
            نظرتُ إلى شاشته ..
            سبحان الله ...
            إنها المصرية جارتنا التي عندما سألتها ما الذي أعجبها في زوجها المتشاكسة معه يومياً ؟ قالت : قزْمِتو ( جزمتو )،
            لم أبتلع النكتة أو التلميحة ...
            رأتْ ذلك في ملامحي المتساءلة .. فقالت : إفْهمها بأة يا قلال ( أفهمها بقى يا جلال ) ..

          تعليق

          • جلال داود
            نائب ملتقى فنون النثر
            • 06-02-2011
            • 3893

            #6
            • تسلَّق ذهني بورتريه جاري الذي كنتُ أتباهى أمامه بمنزلي ذي الطابقين .. و هو صاحب المنزل ( الأقل من عادي ) ..
              حيث كان بيته طوبة ونص وحوش ذي سور مائل يزداد ميلاناً عند كل خريف
              وفجأة في الإجازة السابقة وجدت منزله بثلاث طوابق وأثاث منزله من ( دمياط ) وتلفزيوناته ( Cinema ) و هو و أسرته خارج البلد في عطلة صيفية و أنا أعافر المكيف الصحراوي الذي علاه الصدأ ..

              ثم تراجعتْ فقرات المخيخ إلى الوراء ...

              إسترخيْتُ قليلاً ...

              فطرقتْ جارتنا نافذة من نوافذ الفِكْر بإلحاح .. فهي متضررة مني من بلكونة تطل على حوشها المتواضع ..
              هل أنا مذنب ؟
              فكرتُ أن أقوم بتعلية السور في العطلة القادمة على حسابي ...
              و لكن هل نسيت إلتزاماتك التي إلتزمت بها يا رجل ؟

            تعليق

            • جلال داود
              نائب ملتقى فنون النثر
              • 06-02-2011
              • 3893

              #7
              • ثم قفزتْ نفس صاحبة اللقيا الأولى وكأنها تقول : ياخي لولا تسرعك لكنتَ الآن معي في لندن ...
                لندن؟ إييييهي يا لندن ...
                تذكرتُ الإثيوبية التي قابلتها في ميدان ( الطرف الأغر ) و علمتها كيف ( تطعم الحمام ) ...

                طفا صوت الفنانة ( أم كلثوم ) و هي تتغنى بأغنية ( اللي شفته قبل ما تشوفك عيني ) ... .

                عندما تهيأتُ للإنسلال من كل هذا و ذاك ... حاولتُ أن أسترجع البداية من خلال هذه النهاية ..
                لم أتمكن ..
                خيوط غريبة كنسيج بيت العنكبوت ...
                غير أنه لا يسمح بتداخل أي ( أجسام غير التي يرغب بها بالفعل ) أو تلك التي من صنعه و نسْجه هو ...

                قوموا إلى ( هلوساتكم ) يرحمكم الله

              تعليق

              يعمل...
              X