قراءة فلسفية لمحمد معمري في "رجال في الشمس" لغسان كنفاني

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • محمد معمري
    أديب وكاتب
    • 26-05-2009
    • 460

    قراءة فلسفية لمحمد معمري في "رجال في الشمس" لغسان كنفاني

    قراءة فلسفية لمحمد معمري في "رجال في الشمس" لغسان كنفاني

    عندما أتذكر غسان كنفاني، رحمه الله، تتجلى أمامي تلك الصورة الأدبية التي جمعت بين الفن، والإحساس، والواقع، والكفاح.. كما جمع بين فن القصة، والرواية، والمسرحية، والمقالة، والبحوث، وبين كاتب، وصحفي..
    هذا ما دفعني لقراءة رواية رجال في الشمس قراءة فلسفية لأقدمها إليك أيها القارئ الكريم؛ لتستنشق من عبيرها الرمزية قبل كل شيء، لأنها مفتاح الرواية..

    - غسان كنفاني:
    غسان كنفاني، رحمه الله، روائي، قاص، صحفي.. قلبه ثقافة عربية، وفلسطينية محضة، عقله مرآة الواقع التي عكست حياته، وحياة الإنسان العربي بصفة عامة، وحياة الإنسان الفلسطيني بصفة خاصة..

    فهو العاشق الذي ظل كل حياته وهو يبحث عن القميص المسروق، ومن قتل ليلى الحايك، وهو الذي أرسل صرخته للرجال والبنادق، صحبة أم سعد، إلى أرض البرتقال الحزين، وهو الذي رسم الباب، المؤدي إلى جسر إلى الأبد، وحوله كعكعا على الرصيف، والصغير يذهب إلى المخيم، وهو عائد من حيفا، أهدى للأطفال القنديل الصغير، ثم اختبأ ليروي لنا رواية "رجال في الشمس"، ولما صرح بما تبقى لكم.. فجرت الأيدي الأثيمة روحه، فأصبح يحمل سرير رقم 12، في عالم ليس لنا..


    العنوان: رجال في الشمس:
    قد بدى من الوهلة الأولى أن العنوان ليس منطقيا؛ لماذا؟
    - أولا: أبطال الرواية:
    أبطال الرواية أربعة أشخاص: مروان، عمره 12 سنة، سعد، عمره 20 سنة، أبو قيس، عمره الخمسينات، أبو الخيزران..
    إنهم في المنطق ليسوا رجالا، بل غلام، شاب، رجل؛ وإنسان فاقد الرجولة.. فلماذا إذا قال: "رجال"؟
    لأن المقصود ليس أشخاص الرواية، بل المقصود ثلاثة أجيال، ومن قادهم..

    - ثانيا: في الشمس:
    قد بدى أيضا من الوهلة الأولى أنه ليس منطقيا، لأن الإنسان يكون تحت الشمس، وليس في الشمس.. فلماذا إذا قال: في الشمس، ولم يقل تحت الشمس؟
    لأن تحت الشمس الشيء يكون له ظلا، أما في الشمس فليس له ظلا، أي ثلاثة أجيال أبيدت.. ولم يتحدث عنها التاريخ...


    القصة:
    - الأبطال الرئيسية للرواية:
    الأول: أبو قيس:
    الاسم: أبو قيس:
    الاسم كنية عن "قيس" المتشرد، الهائم بسبب حب ليلى..
    رمز به إلى ذلك الإنسان الذي أحب وطنه، فتشرد، وهام، وقتل من أجل حبه لوطنه.. وترك من ورائه رجالا صورة منه.. وهو الجيل الأول..

    الثاني: سعد:
    الاسم: سعد:
    الاسم رمز إلى السعادة التي يحلم بها كل شاب.. وهو مثل الجيل الثاني..


    الثالث: مروان:
    الاسم اسم لنوع من الورود، وهو صغير جدا، يدوسه الماشي، والراكب.. لأنه فتي للغاية.. وهو مثل الجيل الثالث..

    الرابع: أبو الخيزران:
    الاسم: الخيزران:
    الاسم كنية لنبتة الخيزران، وهو قصب طويل جدا، فارغ جوفه.. وهو رمز للقيادة الفلسطينية، الفاقدة الرجولة.. التي قادت ثلاثة أجيال نحو الإبادة..

    - أدوات الرواية:
    خزان ماء:
    الخزان هو الضيق، والحصار، والتضليل.. الذي عاشت فيه ثلاثة أجيال من طرف قادة الفلسطنيين، ومن طرف حكام العرب..

    الجرار:
    رمز الاجترار، أي التفكير السلبي المستمر لثلاث حقب متتالية.. والتي كان من الممكن تفاديها بالرجولة، والإيمان بالوطن، والإنسانية..


    الحدود العربية:
    الحدود هي رمز للحكام العرب كيف تعاملوا مع القادة الفلسطينيين إلى أن ابيدت ثلاثة أجيال في صمت..

    الصحراء:
    رمز لعدم وجود قبر من دفن في الصحراء.. أي ثلاثة أجيال ليس لها أثر، ولا تأريخ.. رغم أنها قد أبيدت حقا..

    التجريد من الثياب:
    رمز لتجريد ثلاثة أجيال من الهوية التاريخية في صمت..

    الساعة:
    رمز لتجريد ثلاثة أجيال من حقبتهم التاريخية..

    الصرخة:
    لماذا لم تدقوا جدران الخزان، لماذا؟ لماذا؟ لماذا؟
    لماذا لم تواجهوا ذلك الضيق، والحصار، والتضليل.. بقوة،
    لماذا؟ ثلاث مرات، تعني: السؤال موجه للأجيال الثلاثة.

    إن هذه الرواية، كباقي كتاباته، ليست خيالا.. بل هي واقع أوحى له بصورة أدبية رائعة في الجمال، والدقة، والوصف، والرمزية.. فهي رواية مستوحاة من عودته من الكويت إلى دمشق عبر الصحراء، في سيارة متآكلة.. فتلك الرحلة التي عان منها ما عناه.. أوحت له بالواقع الفلسطيني بين المطرقة والسندان.. فحوّل رحلته إلى هموم وطنه وإخوانه..
    .............................................

    بقلم: محمد معمري
    [glint]
    كل مواضيعي قابلة للنقد

    [/glint]https://maammed.blogspot.com/
  • أميمة محمد
    مشرف
    • 27-05-2015
    • 4960

    #2
    شدني إسقاط تحليلات الرموز على الواقع وتمنيت أن أقرأ الرواية
    تحية لهذا التأمل والفكر ومع تقديري

    تعليق

    • محمد معمري
      أديب وكاتب
      • 26-05-2009
      • 460

      #3
      المشاركة الأصلية بواسطة أميمة محمد مشاهدة المشاركة
      شدني إسقاط تحليلات الرموز على الواقع وتمنيت أن أقرأ الرواية
      تحية لهذا التأمل والفكر ومع تقديري
      سلام الله عليك أختي الكريمة
      شكرا جزيلا على تفاعلك مع النص..
      أتدري لماذا كان العنوان: قراءة فلسفية؟
      لأنني انطلقت من الأسئلة الفلسفية: لماذا سمى أبطال القصة بهذه الأسماء؟ ماذا أراد بها؟ إلى أين يريد الذهاب بهذه الرموز؟ كيف استوحى هذه الرواية؟ من هو غسان كنفاني؟ مم يعاني وطنه؟ إخوانه؟..
      إنها الأسئلة الفلسفية التي قادت العقل لتفكيك الرموز.. وفك الرموز المفتاح يعني قراءة للرواية كاملة لمن أخذ المفاتيح وفتح باب الرواية..
      مودتي
      التعديل الأخير تم بواسطة محمد معمري; الساعة 15-05-2018, 11:27.
      [glint]
      كل مواضيعي قابلة للنقد

      [/glint]https://maammed.blogspot.com/

      تعليق

      يعمل...
      X