48- عبد الله بن مسعود رضي الله عنه :
كان أبوه مسعود بن غافل قد حالف في الجاهلية عبدالحارث بن زهرة ، وأمه أم عبد هذلية أيضا ، أسلم قديما بمكة سادس ستة ، لما مرَّ به صلى الله عليه وسلم وهو يرعى غنما لعقبة بن أبي معيط ، فقال يا غلام : هل من لبن ؟ قال: نعم ولكني مؤتمن . قال : فهل من شاة لم ينز عليها الفحل ؟ فأتاه بها ، فمسح ضرعها فنزل لبن فحلبه في إناء فشرب منه ، وسقى أبابكر ، ثم قال للضرع : اقلص فقلص.
هاجر عبدالله بن مسعود إلى الحبشة ُثم إلى المدينة ، وشهد بدرا ، وبيعة الرضوان ، والمشاهد كلها ، وصلى إلى القبلتين ، وكان صلى الله عليه وسلم يكرمه ويدنيه ، ولا يحجبه فلذلك كان كثير الولوج عليه
ويمشي أمامه ، ومعه صلى الله عليه وسلم ، ويستره إذا اغتسل ، ويوقظه إذا نام ، ويلبسه نعليه إذا قام ، فإذا جلس أدخلهما في ذراعيه ، وكان مشهورا بين الصحابة بأنه صاحب سر رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحب سواكه، ونعليه، وطهوره في السفر، ولقد بشره رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجنة ، وقال : رضيت لأمتي ما رضي لها ابن أم عبد ( يعني ابن مسعود ) وكان شبيها برسول الله في سمته وهديه ودأبه ، وكان خفيف اللحم شديد الأدمة نحيفا قصيرا نحو ذراع، ولما ضحك الصحابة من دقة رجليه ، قال صلى الله عليه وسلم لَرِجْلُ عبد الله في الميزان أثقل من أحد ، وولِيَ قضاء الكوفة ومالها ، في خلافة عمر وصدرا من خلافة عثمان ، ثم رجع إلى المدينة ومات بها
وقيل مات بالكوفة ، سنة اثنتين وثلاثين عن بضع وستين سنة ، وصلى عليه الزبير ليلا ، ودفن بالبقيع ، لأنه أوصاه بذلك وكان النبي قد آخى بينهما ،وروى عن الرسول صلى الله عليه وسلم أحاديث كثيرة ، تقارب الألف حديث ، وروى عنه الخلفاء الأربعة وكثير من الصحابة
رضي الله عنه ورحمه .
تعليق