الإعجاز اللغوي في القرآن

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • بنت الشهباء
    أديب وكاتب
    • 16-05-2007
    • 6341

    الإعجاز اللغوي في القرآن

    [align=center]الإعجاز اللغوي في القرآن
    البلاغة في القرآن:
    معجزة القرآن الكريم تتمثل في وجوه كثيرة، أولها البلاغة، وكونه فصيحاً بلسان عربي مبين، قال تعالى: (قُرْآناً عَرَبِيّاً غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ) (الزمر:28)، وقد عجزت العرب رغم فصاحتهم بالإتيان بمثله لما فيه من حسن بلاغة وقوة في المعاني وبراعة الألفاظ ودقة التشبيه وحسن ترابط وتسلسل ورغم ذلك كان بلسان عربي بليغ ومبين، قال تعالى: { بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ } – الشعراء 195، وأعجزت بلاغته فصحاء قريش وخطباءها، فإتهموا محمداً (صلى الله عليه وسلم) بأنه شاعر ثم سرعان ما رأوا أنه ليس بشعر، قال تعالى: (وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُبِينٌ) (يّس:69)، ثم قالوا إنه ساحر كما فعل الوليد بن المغيرة، فقال تعالى على لسانه: { فَقَالَ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ * إِنْ هَذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ } – المدثر 23-25، ثم قالوا إنه كاهناً تارة وتارة إتهموه بالجنون، قال تعالى: { فَذَكِّرْ فَمَا أَنتَ بِنِعْمَتِ رَبِّكَ بِكَاهِنٍ وَلَا مَجْنُون * أَمْ يَقُولُونَ شَاعِرٌ نَّتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ } ٍ– الطور29-30، ومنهم من قال إنه يقول أساطير الأولين ، قال تعالى : { إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ } - القلم 15 ، كل هذا بكفرهم وعنادهم وقد إستيقنت أنفسهم بأنه من عند الله وعرفوا أنه الحق ولكن الكبر وإتباع الآباء والخوف على الجاه والمكان بين الناس منعهم من قبوله .

    مخاطبة العقل والقلب معاً :
    ومن معجزات القرآن أنه يخاطب العقل والقلب معاً ، فتجد له وقعاً على كليهما ، وجعله الله شفاء للقلوب ورحمة ونور ، قال تعالى : { يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاء لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ } - يونس 57 ، وقال : (وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَاراً) (الاسراء:82) ، كما أن معظم القرآن إنما يخاطب العقل ويحثه على التفكر في خلق الله كالسماوات والأرض وإمعان النظر في الكون وفي الأنفس والآفاق وجعل ذلك وسيلة للوصول إلى الإيمان بالله ، قال تعالى : { أَوَلَمْ يَنظُرُواْ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللّهُ مِن شَيْءٍ وَأَنْ عَسَى أَن يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ } - الأعراف 185، وقد جعله الله تعالى مصدراً لتثبيت النفس وعونها على الصبر ومصدر هداية وتبشير للمؤمنين كما ثبت به الله تعالى فؤاد النبي (صلى الله عليه وسلم) ، قال تعالى : { قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِن رَّبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُواْ وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ } – النحل 102،كما جعله مصدر راحة وإطمئنان للمؤمن، قال تعالى : { الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ } - الرعد 28 ،وكم أسعد هذا القرآن قلوباً مولعة ومشتاقة للرحمن ومتعطشة للقاءه ، فتجد كلامه تعالى خير دواء وسكن ينزل برداً وسلاماً على القلب والروح فتسعد النفس بترتيله فما أعظمها نعمة هي نعمة القرآن ،وهذا إنما يفهمه ويشعر به المؤمن كامل الإيمان الذي يتوق للقاء الرفيق الأعلى .

    أمثال القرآن :
    ومن إعجاز القرآن ووسائله للوصول إلى العقول والأفهام ضرب الأمثال التي تقرب المعاني وتفتح الأذهان المغلقة والعقول الحائرة فتقنع كل إنسان يريد أن يصل إلى الحقيقة ولم يقل كما قالت بنو إسرائيل قلوبنا غلف ، بل من يريد الحق ولم يعاند ويكابر لابد وأن يجد الحقيقة في القرآن واضحة كوضوح الشمس في وسط النهار ، قال تعالى : (وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ) (الزمر:27) ، أما المعاندين الذين عرفوا الحق واستكبروا عليه وكفروا به قال عنهم : (وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ وَلَئِنْ جِئْتَهُمْ بِآيَةٍ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا مُبْطِلُونَ) (الروم:58) ، ورغم بيان الأمثال جادل فيها الكفار وتكبروا عليها ، قال تعالى : (وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَذَا الْقُرْآنِ لِلنَّاسِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ وَكَانَ الْأِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلاً) (الكهف:54) .

    الإيقاع المنتظم للقرآن الكريم :
    ومن إعجاز القرآن أيضاً الإيقاع المنتظم للقرآن الذي جعل كفار قريش يتهمون محمداً بالسحر مرة ومرة بالشعر ومرة بالكهانة ، قال تعالى : (فَلَمَّا جَاءَهُمُ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِنَا قَالُوا إِنَّ هَذَا لَسِحْرٌ مُبِينٌ) (يونس:76) ، ومن ذلك ما نسمعه عندما نقرأ سورة القمر مثلاً ، فلنقرأ معاً سورة القمر ولنستمع لروعة البيان ومزمار من مزامير داود ، ولنتلو سورة الرحمن ونستمع لما يعجز المتنبئ وأبي فراس وأحمد شوقي وغيرهم عن الإتيان بكلام كهذا ، كما يعجز عبد الحليم وأم كلثوم ووليد توفيق وغيرهم من الفسقة عن أن يأتوا بما في القرآن من روعة وإنسجام ، إن هؤلاء المذكورين وأشباههم لمحرومون من سماع مثل هذا ويا لضياعهم وغرورهم بما هم فيه من باطل ومعصية وما يتلفظون به من سخافة ألفاظ وسماجة ألحان وهوي زائغ وما يتبعهم إلا الغاوون فيا لهم من ضالين مضلين ، أما كلام الله تعالى فلا يأتيه الباطل ولا يخلق من كثرة الرد ، وقال (صلى الله عليه وسلم) لأبي موسى عندما إستمع لتلاوته بأنه أوتي مزماراً من مزامير داوود ، عَنْ أَبِى مُوسَى قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لأَبِى مُوسَى : « لَوْ رَأَيْتَنِى وَأَنَا أَسْتَمِعُ لِقِرَاءَتِكَ الْبَارِحَةَ لَقَدْ أُوتِيتَ مِزْمَارًا مِنْ مَزَامِيرِ آلِ دَاوُدَ » -البخاري 1888 ، ويكفي هذا الحديث في فضائل القرآن : عن الحارث الأعور قال: مررت في المسجد فإذا الناس يخوضون في الأحاديث، فدخلت على علي فقلت: يا أمير المؤمنين ألا ترى الناس قد خاضوا قال: أو قد فعلوها؟ قلت: نعم، قال: أما إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إنها ستكون فتنة قلت: ما المخرج منها يا رسول الله؟ قال: كتاب الله فيه نبأ من قبلكم، وخبر ما بعدكم، وحكم ما بينكم هو الفصل ليس بالهزل، من تركه من جبار قصمه الله، ومن ابتغى الهدى في غيره أضله الله، وهو حبل الله المتين، وهو الذكر الحكيم، وهو الصراط المستقيم، هو الذي لا تزيغ به الأهواء ولا تلتبس به الألسنة، ولا تشبع منه العلماء، ولا يخلق عن كثرة الرد، ولا تنقضي عجائبه، هو الذي لم تنته الجن إذ سمعته حتى قالوا: {إنا سمعنا قرآنا عجبا يهدي إلى الرشد فآمنا به}. من قال به صدق، ومن عمل به أجر، ومن حكم به عدل، ومن دعا إليه هدى إلى الصراط المستقيم.



    المراجع المستخدمة في هذا البحث :القرآن الكريم .
    محاضرات في علوم القرآن / للدكتور صلاح الصاوي والدكتور/ محمد سالم .
    القاموس المحيط / باب الزاي / فصل العين .
    "وغدا عصر الأيمان " للشيخ عبد المجيد الزندانى – موقع الإعجاز العلمي في القرآن والسنة .
    "الأدلة المادية على وجود الله " لفضيلة الشيخ محمد متولي الشعراوي – موقع الإعجاز العلمي في القرآن والسنة .
    صحيح البخاري .
    سنن الترمذي .

    المصدر
    [/align]

    أمينة أحمد خشفة
  • د. وسام البكري
    أديب وكاتب
    • 21-03-2008
    • 2866

    #2
    [ALIGN=CENTER][TABLE1="width:95%;"][CELL="filter:;"][ALIGN=right]الأخت والأديبة الفاضلة بنت الشهباء
    رمضان كريم وكل عام وأنت بخير
    موضوع قيّم ونقل أمين ... جزاك الله ألف خير ... ولا أكتمك أن تذكيرك بالعنوان فقط (الإعجاز اللغوي في القرآن) لهو حَسنَة الحسنات في هذه المشاركة الكريمة، إذ بإمكانك وبإمكاننا جميعاً الإضافة التفصيلية في وجوه الإعجاز اللغوي، فالقرآن الكريم معينٌ ثرٌّ لا ينضب من الأسرار اللغوية.

    وأدامكِ الله موفَّقَةً في هذا الشهر الكريم، وفي كل شهر.
    [/ALIGN]
    [/CELL][/TABLE1][/ALIGN]
    د. وسام البكري

    تعليق

    • بنت الشهباء
      أديب وكاتب
      • 16-05-2007
      • 6341

      #3
      أستاذنا الفاضل والأديب المتأدّب
      الدكتور وسام بكري
      بداية أودّ أن أشير إلى أمر هام للغاية ألا وهو أن نلتزم هنا وفي كل مكان بأمانة ذكر المصدر ...
      ومما لا شكّ فيه أن مثل هذا الموضوع لهو قيّم وثمين لأنه يتعلّق بوجوه إعجاز كتاب الله وبنيته اللغوية التي لا يمكن أن ينفكّ عنها بأي حال من الأحوال ..
      وأمير القلم واللسان " مصطفى صادق الرافعي " تناول هذا البحث الفريد في كتابه : إعجاز القرآن والبلاغة النبوية "
      وكنت سأتناوله في موضوعي " من مكتبتي اخترت لكم "
      في عرض حديثي عن أوراق الورد وسأتابع مع رسائل الأحزان , وحديث القمر , والسحاب الأحمر التي هي مجموعة رائعة من أجمل الرسائل الأدبية التي قرأتها .
      أما عن كتابه إعجاز القرآن والبلاغة النبوية فقد كان لسعد باشا زغلول كلمة له في هذا الكتاب حينما قال :
      " تحدى القرآن أهل البيان في عبارات فارغة محرجة , ولهجة واجزة مرغمة , أن يأتوا بمثله أو سورة منه , فما فعلوا , ولو قدروا ما تأخروا , لشدة حرصهم على تكذيبه ومعارضته بكل ما ملكت أيمانهم , واتسع له إمكانهم .
      هذا العجز الوضيع بعد التحدي الصارخ هو أثر تلك القدرة الفائقة , وهذا السكوت الذليل بعد ذلك الاستفزاز الشامخ , هو أثر ذلك الكلام العزيز .
      ولكن أقواما أنكروا هذه البداهة وحاولوا سَترها . فجاء كتابكم " إعجاز القرآن " مصدقا لآياتها , مكذبا لإنكارهم , وأيّد بلاغة القرآن وإعجازها بأدلة مشتقة من أسرارها , في بيان مستمد من روحها , كأنه تنزيل من التنزيل , أو قبس من نور الذكر الحكيم "

      أما ما قال شيخ المجلات العربية الدكتور " يعقوب صروف " منشئ المقتطف
      " يجب على كل مسلم عنده نسخة من القرآن , أن تكون عنده نسخة من هذا الكتاب "
      وفي هذا أجد من واجبي أن نبحر مع هذا الكتاب الرائع , ونعرض مقتطفات من أقوال الرافعي رحمه الله لنبيّن حد الإعجاز والتفوق اللغوي للقرآن الكريم ..
      ولي عودة بإذن الله

      أمينة أحمد خشفة

      تعليق

      • محمد فهمي يوسف
        مستشار أدبي
        • 27-08-2008
        • 8100

        #4
        نحن في انتظار إبحارك بنا يا أخت بنت الشهباء في كتاب :
        ( إعجاز القرآن والبلاغة النبوية)
        للرافعي . ولك الشكر مقدما .
        ===========

        وإذا كان ( عبد القاهر الجرجاني) بصدد الكلام عن إعجاز القرآن الكريم , وإذا كان الإعجاز في رأيه :
        ( مناطه النظم فإنه لايعنيه من درجات النظم ما لا يتعدى دائرة الصحة , وإذن فهو لايعنيه مجرد نظم الكلام على مقتضى معاني النحو ووجوهه فيقتصر نظمه على حدود الصحة , وإلا فإن المعاني وتلك الوجوه من التعلق التي هي محصول النظم موجودة على حقائقها وعلى الصحة , وكما ينبغي في منثور كلام العرب ومنظومه , وقد استعملها العرب , وتصرفوا فيها وكملوا بمعرفتها , وكانت حقائق لاتتبدل ولا تختلف بها الحال إذ لا يكون للاسم بكونه خبرا لمبتدأ أو صفة لموصوف أو حالا لذي حال أو فاعلا أو مفعولا لفعل في كلام حقيقة هي خلاف حقيقته في كلام آخر , إنما الذي يعنيه من درجات النظم ما تعدى دائرة الصحة إلى دائرة الفضائل والمزايا والإعجاز , وذلك ليتسنى له أن يبين عن هذا الذي تجدد بالقرآن الكريم من عظيم المزية , وباهر الفضل والعجيب من الرصف , حتى أعجز الخلق قاطبة , وحتى قهر من البلغاء والفصحاء القوي والقدِر............)

        تعليق

        • بنت الشهباء
          أديب وكاتب
          • 16-05-2007
          • 6341

          #5
          أستاذنا الفاضل
          محمد فهمي يوسف
          إن الحديث عن إعجاز القرآن والبلاغة النبوية لشيخ اللغة العربية مصطفى صادق الرافعي - رحمه الله - والكلام فيه بحر لا ينفد
          ويرى المرحوم السيد محمد رشيد رضا
          في كلمته التي أضافها في كتاب إعجاز القرآن والبلاغة النبوية :
          فالكلام في وجوه إعجاز القرآن واجب شرعا ، وهو فرض من فروض الكفاية وقد تكلم به المفسرون والمتكلمون . وبلغاء الأدباء المتأنقون ، ووضع الإمام عبد القاهر الجرجاني مؤسس علم البلاغة كتابيه ( أسرار البلاغة ) و( دلائل الإعجاز ) لإثبات ذلك بطريقة فنية ، وقواعد علمية ، وصنف بعض العلماء كتبا خاصة فيه اشتهر منها كتاب ( إعجاز القرآن ) للقاضي أبي بكر الباقلاني شيخ النظار والمتكلمين في عصره ، لأنه طبع مرتين أو أكثر ، فإن كان ذلك قد وفى بحاجة الأزمنة التي صنعت فيها تلك الكتب فهو لا يفي بحاجة هذا الزمان ، إّ هي داعية إلى قول أجمع وبيان أوسع ، وبرهان أنصع في أسلوب أجذب للقلب ، وأخلب للب ، وأصغى للأسماع ، وأدنى إلى الإقناع .
          استوى إلى هذا وانتدب له الأديب الأروع ، والشاعر الثائر المبدع ، صاحب الذوق الرقيق ، والفهم الدقيق ، الغواص على جواهر المعاني الضارب على أوتار مثالثها والمثاني ، صديقنا الأستاذ ( مصطفى صادق الرافعي ) فصنف في إعجاز القرآن سفرا لا كالأسفار ، أتى فيه – وهو الأخير زمانه – بما لم تأت به الأوائل ، فكان مصداقا للمثل السائر (( كم ترك الأول للآخر )) . ناهيك بمنثور لآلئه في نظم القرآن العجيب ، وأسلوبه المباين لجميع الأساليب ، فلا هو مرسل طلق العنان كالنوق المراسيل ، يتعاصى على ترسل التجويد ونغمات الأوزان . ومن آياته القصار ذات الكلمة المفردة والكلمتين والكلمات ، والوسطى المؤلفة من جمل مثنى وثلاث ورباع ، الطولى منها لا تتجاوز سطورها جمع القلة ، وأطولها آية الدين ، فقد تجاوزت مائة كلمة ، وكل نوع يؤدى بالترتيل اللائق به ، المعين على تدبره .
          وإني لشهادتي للرافعي بأنه جاء في هذا المقام بما تجلت به مباين الإعجاز وإضاءات لوائح الحق فيه وملامحه ، وددت لو مد هذا البحث مد الأديم ، بل أمد بحيرات نيله بجداول الغيث العميم ، فيمّ فيضانه الفروق بين نظم الآيات في طولها وقصرها ، وقوافيها وفواصلها ، ومناسبة كل منها لمواضيع الكلام ، واختلاف تأثيره في القلوب والأحكام .

          ومن ثم نجده يختم كلمته بأسمى خاتمة تحمل لنا درر المواعظ والعبر

          إن الله تعالى قد أوجد بالقرآن أعظم انقلاب في البشر ، بتأثيره في أنفس العرب ، إذ جعلهم بعد أميّتهم أساتيذ الأمم وسادة العجم ، وما فقد المسلمون هدايته إلا لجهلهم بأسرار لغته ، لذلك يهاجمه أعداؤه الملاحدة والمستعمرون عن طريق لغته ، فليعلم المسلمون هذا ، وليحرصوا على حفظ دينهم بحفظ لغتهم وممارسة آدابها وأسرار بلاغتها ، ولتكن غاية هذا كله فهم القرآن ، كما كان يفهمه سالفنا الصالح

          القاهرة – ربيع الأول سنة 1346
          محمد رشيد رضا
          منشئ مجلة المنار ص32

          أمينة أحمد خشفة

          تعليق

          • محمد برجيس
            كاتب ساخر
            • 13-03-2009
            • 4813

            #6
            ماهية القرآن ... و كثرة معجزاته

            القرآن هو الاسم العلم لكمية الكلام الموحاة من الله تبارك و تعالي إلى نبيه محمد صلى الله عليه و سلم .
            ولذلك كان إعمال العقل و التدبر و التفكر في القرآن فريضة إسلامية. ...((كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ... [))ص (29).
            ...أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا...[ محمد(24).
            ) َقَدْ جِئْنَاكُم بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ[ سورة الزخرف آية رقم (78).

            ] ... مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شيء... [ لأنعام(38).

            ]... مَّوْعِظَةً وَتَفْصِيلاً لِّكُلِّ شَيْءٍ... [ الأنعام. (145).

            ]... وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللّهِ حَدِيثًا... [ النساء(78).

            ]...فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ[الأعراف(185).

            ]...فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ... [ الجاثية(6( .

            ] أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُون
            الأخت الكريمة/
            إن القرآن هو كتاب خاتم الرسالات و خاتم الأنبياء .و طالما أنه خاتم الكتب السماوية إلى يوم الدين ،إذن ستظل معجزته باقية أيضا إلى يوم الدين . لتظل شاهدا ثابتا على وحدانية الله سبحانه . لذلك ستظل معجزته باقية متجددة نكتشفها يوما بعد يوم و عام بعد عام .
            فالقرآن زاخر بالمعجزات ليست اللغوية و البلاغية فقط بل و العلمية أيضا .
            لقد نشرت بحثا حول مبادئ علم الحساب في القرآن الكريم من قبل بإحدى المجلات التي تهتم بصور الإعجاز في القرآن .و ما خلصت من هذا البحث هو أن القرآن به أساسيات كل العلوم الكونية و الإنسانية إلى أن يرث الله الأرض و من عليها ، و ذلك في تحد واضح ليس لأصحاب اللغة فقط و إنما أيضا للعلماء من كل جنس و شكل. فلو أن القرآن معجزته بلاغية و لغوية فقط إذن لماتت المعجزة بفقدان الناس عامة و العرب خاصا للحس اللغوي .و لكن علم الله سبق كل علم و قدرته أحاطت بكل شيء لذلك تجدين القرآن زاخرا يشتي المعجزات .
            ( كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير )
            انظري لبلاغة و دقة الآية هنا ( أُحكمت ...حكيم ) ،(فصلت ..خبير)
            و بالتالي فمن يفصل الآيات لابد وأن يفصلها في كل عصر . فكل العلوم التي بعد وفاته صلى الله عليه و سلم تجدين أساسا لها و مصدرا في القرآن . لتكون دليلا آخر على تحدي الله سبحانه و تعالى لغير المؤمنين بما برعوا فيه .
            خذي مثالا أخر للتحدي آية واحدة تجمع مبادئ ثلاثة علوم
            ( و الأرض مددناها و ألقينا فيها رواسي و انبتنا فيها من كل شيء موزون )
            مددناها ...........كروية الأرض ( جغرافيا)
            فيها رواسي ...... صخور وجبال ( جيولوجيا )
            كل شيء موزون ...( عدد بروتونات ذراتها = عدد النيترونات ) كيمياء ..
            هذا إلى غير العديد من الاستنتاجات الهامة في هذه الآية فقط . لا مجال الآن لحصرها ..
            شكرا لوقتكم و بارك الله فيكم على هذا البحث الرائع
            القربُ من ذاتِ الجمالِ حياتي
            بالعقل لا بالعين ذًقْ كلماتـي

            تعليق

            • محمد فهمي يوسف
              مستشار أدبي
              • 27-08-2008
              • 8100

              #7
              أدليت بدلوك يا برجيس وفعلا تستحق الأخت الفاضلة بنت الشهباء السبق والإجادة . والحديث عن معجزات القرآن الكريم لاينتهي إلى قيام الساعة فكل يوم يكشف العلم الحديث لنا عن مكنون معجزات القرآن التي نزلت على سيد الأنام منذ بعثته صلى الله عليه وسلم , ولم يهتد إليها العالم إلا في العصر الحديث , حيث وجد العلم صدق ما أنبأ به المولى سبحانه وتعالى في كتابه .
              ====
              ولقد قدمت بحثا عن العدد في القرآن الكريم شبيها بما قدمته عن الحساب الذي تذكره . في أكثر من منتدى ديني وثقافي . وحتى هنا في الملتقى .بعد أن حصلت به على الامتياز في كلية دار العلوم من قبل أيام الدراسة وما أحلاها من أيام .
              على أية حال : شكرا لإسهامك الجيد في الموضوع الذي أنارت به صفحات الملتقى الأخت بنت الشهباء .

              تعليق

              • بنت الشهباء
                أديب وكاتب
                • 16-05-2007
                • 6341

                #8
                الأخ الكريم
                محمد برجيس
                بداية اعذرني على تأخري في الرد على ما أضفته لنا من مداخلة رائعة ثمينة بخصوص إعجاز القرآن العلمي .....
                وكما تفضلت بأن القرآن الكريم لم يقتصر إعجازه على البلاغة فقط ، بل تجاوز كل مناحي الحياة وأحاط بها ليبقى إلى يوم الدين شاهدا على رسالة نبينا الأميّ محمد -صلى الله عليه وسلم – سيد الأولين والآخرين ، ومعجزة خالدة قد تكفّل الله بحفظها من كيد العابثين المارقين من التغيير والتبديل إلى يوم الدين
                إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (9) الحجر


                كما أنني أشكر أستاذنا الفاضل
                محمد فهمي يوسف
                لمتابعته الجادة والحريصة على أن نكون دائما بالقرب من لغتنا العربية الأم ، وأن نسعى معا لئن ننهل من دررها وكنوزها بهدف أن نعمل فريقا مدافعا منافحا عنها .....
                وكما وعدت يا أستاذنا الفاضل
                ها أنا أعود إلى الصفحة لأنقل لكم مقتطفات مما جاء في كتاب " إعجاز القرآن " لمصطفى صادق الرافعي – رحمه الله –

                أمينة أحمد خشفة

                تعليق

                • بنت الشهباء
                  أديب وكاتب
                  • 16-05-2007
                  • 6341

                  #9
                  [align=center]وسأتابع معكم بإذن الله مع شيخ اللغة العربية وإمام البيان واللسان
                  مصطفى صادق الرافعي
                  وأنقل ما تيسّر لي من كتابه الرائع


                  إعجاز القرآن والبلاغة النبوية

                  في هذا المقطع يبين لنا الرافعي – رحمه الله – بأن سرّ الفصاحة عند العرب لم يكن يبلغ شأوا عظيما في تاريخ العرب إلا بفضل القرآن الكريم



                  بلغ العرب في عقد القرآن مبلغا من الفصاحة لم يعرف في تاريخهم من قبل ، فإن كل ما وراءه إنما كان أدوارا من نشوء اللغة وتهذيبها وتنقيحها واطرّادها على سنن الاجتماع ، فكانوا قد أطالوا الشعر وافتتنّوا فيه ، وتوافى عليه من شعرائهم أفراد معدودون كان كل واحد منهم كأنه عصر في تاريخه مما زاد من محاسنه وابتدع من أغراضه ومعانيه . وما نفض عليه من الصّبغ والرونق ؛ ثم كان لهم من تهذيب اللغة ، واجتماعهم على نمط من القرشية يرونه مثالا لكمال الفطرة الممكن أن يكون : وأخذهم في هذا السّمت – ما جعل
                  ( الكلمة ) نافذة في أكثرها في أكثرها لا يصدّها اختلاف من اللسان ، ولا يعترضها تناكر في اللغة ؛ فقامت فيهم بذلك دولة الكلام ؛ ولكنها بقيت بلا ملك حتى جاء القرآن .



                  وهنا نجد الرافعي – رحمه الله – يبيّن لنا كيفية اجتماع العرب على لغة القرآن
                  بفضل الصلة التي كانت تربطهم بها ، وأن اللغة لا تحيا ولا تموت إلا بحياة أهلها وموتهم ...



                  وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآَنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (27) قُرْآَنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (28)
                  الزمر
                  وينبغي لك أن تطيل النظر في قوله تعالى ( غَيْرَ ذِي عِوَجٍ)) وتقف على موقع هذا الفصل من الآية ، وتتأمل لفظ ( العوِجَ ) فصل تأمل ، فإنك لا تثير دفائنها البيانية إلا إذا حملتها على ما ذهبنا إليه . فتراها تصف القرآن بأنه فطرةُ هذه الفطرةِ العربية نفسها ، وإنها لكلمة من الوصف الإلهي ترجح في موقعها بالكلام الإنساني كله .
                  فقد وضح لك أنه لولا القرآن وأسراره البيانية ما اجتمع العرب على لغته ، ولو لم يجتمعوا لتبدّلت لغاتهم بالاختلاط الذي وقع ولم يكن منه من بد ، حتى تنتفض الفطرة وتختبل الطباع ، ثم يكون مصير هذه اللغات إلى العفاء لا محالة ، إذ لا يخلفهم عليها إلا من هو أشدّ منهم اختلاطا وأكثر فساداً ، وهكذا يتسلسل الأمر حتى تستَبْهِم العربية فلا تبيِن – وهي أفصح اللغات – إلا بضرب من إشارة الآثار ، وتنزل منزلة هذا ( الهير غليف ) الذي قبره المصريون في الأحجار وأحيته الأحجار .
                  وذلك معنى من أبين معاني الإعجاز ، إذ لا تجده اتفق في لغة من لغات الأرض غير العربية ، وهو لم يتفق لها إلا بالقرآن ، ولقد كان أسلوبه البياني الذي جمع له العرب هو الذي اقتضى ما أحدثه العلماء بعد ذلك من تتبع اللغات وتدوينها ورواية شواهدها ، والتحمّل لها ؛ فكان صنيعهم صلة بين اللغة وبين العلوم التي أفرغت عليها من بعد ، لأن لغة من اللغات لا تحيا ولا تموت إلا بحسب اتصالها بمادة العلم الذي به حياة أهلها وموتهم ، وهي لا يلبسها العلم إلا إذا كانت قشيبة محكمةً ، لا تضيق من أنواعه وفروقه ولا يخلقها الاستعمال .
                  وإنما شباب هذه الحياة اللغوية أن تكون اللغة لينة شديدة كما يكون كمال الإنسان بقوة الخلق والخلق : وهذا وجه لو لم يقمها عليه القرآن لما استقامت أبدا ، ولا وقفت على طريقه ، ولا تلاقى فيه آخرها بأولها .....


                  [/align]

                  أمينة أحمد خشفة

                  تعليق

                  • غاده بنت تركي
                    أديب وكاتب
                    • 16-08-2009
                    • 5251

                    #10
                    القرآن الكريم / كتاب الله / ومعجزته الخالدة / تحدى به الثقلين من الإنس والجن أن يأتوا بمثله أو بشيء من مثله ، فعجزوا وما استطاعوا وما استحقوا على عجزهم لوما ولا عتابا
                    فأنى لهم أن يأتوا بكلام كالقرآن / كلام حف بالهيبة، وامتاز بالسمو، وتكامل فيه الشكل والمضمون وتآلفـا فكل منهما يخدم الآخر ويقويه . . فكان ذلك إعجازا ما بعده إعجاز
                    وواضح لنا جميعا أن التحدي بالإتيان بمثل القرآن لم يكن المقصود به الإعجاز العلمي أو نحوه ، وإنما قصد به إعجاز اللغة والبيان والبلاغة ، والعرب الأوائل هم أهل ذلك ، لكنهم أمام القرآن وقفوا عاجزين يقلبون أكفهم من الحيرة
                    وكلمة حق لا بد أن تسجل في حقهم . . لم يدعوا القدرة على ذلك أبدا . بل كانوا يقولون: ما هذا بكلام بشـر
                    وعندما تجرأ مسـيلمة الكذاب على التأليف
                    لم يتمسكوا بما قال بل لم يعيروه أدنى اهتمام ، لأنهم يعلمون أنه ليس بشيء ولم يكونوا في هذا الأمر من المكابرين
                    من ذلك الإعجاز القرآني الدقة في اختيار المفردات ، فكل كلمة تأتي في مكانها المناسب لها ، فلو غير موضعها بتقديم أو تأخير أوجمع أو تثنية أو إفراد لتأثر المعنى ولم يؤد ما أريد منه ، وكذلك لو جيء مكانه بكلمة خرى ترادفه لم تقم بالمطلوب أبدا
                    سنرى اليوم جملة مؤلفة من كلمتين إنها( الحمد لله )في سورة الفاتحة ، هل كان من الممكن استعمال كلمات أخرى أو التغيير في وضعها ؟
                    في الظاهر : نعم / هناك كلمات و أساليب تحمل المعنى نفسه ، ولكن هل تفي بالمراد ؟
                    كان بالإمكان قول ( المدح لله أو الشكر لله ) مثلا
                    ولكن ماذا عن المعنى العام ؟
                    1ـ (المدح لله)
                    ـ المدح هو الثناء وذكر المحاسـن من الصـفات والأعمال
                    أما الحمد فهو الثناء وذكر المحاسـن مع التعظيم والمحبة . أيهما أقوى إذن ؟
                    ـ المدح قد يكون للحي ولغير الحي ، و للعاقل وغير العاقل ، فقد يتوجه للجماد أو الحيوان كالذهب والديك
                    أما الحمد فيخلص للحي العاقل
                    ـ المدح قد يكون قبل الإحسان وقد يكون بعده ، فقد يمدح من لم يفعل شيئا ، ولم يتصـف بحسـن
                    أما الحمد فلا يكون إلا بعد الإحسان ، فيحمد من قدم جميل الأعمال أو اتصف بجميل الصفات
                    يظهر لنا مما تقدم أننا عندما نقول ( الحمد لله ) فإننا نحمد الله الحي القائم الذي اتصـف بصـفات تسـتـحـق الحمد ،ونعترف له بالتفضل والتكرم
                    فقدأسبغ علينامن إحسانه ظاهرا وباطنا ما لا يعد ولا يحصى مع إظهار تعظيمنا وإجلالنا له وتأكيد توجه محبتنا إليه
                    2ـ (الشكر لله)
                    ـ يكون الشكر على ما وصل للشـخـص من النعم ، أما الحمد فعلى ما وصل إليه وإلى غيره
                    ـ الشكر يختص بالنعم ولا يوجه للصـفات ، فنحن لا نشكر فلانا لأنه يتصف بصفة العلم أو الرحمة أو غيرها من الصفات الذاتية له ،
                    أما الحمد فيكون ثناء على النعم وعلى الصفات الذاتية وإن لم يتعلق شيء منها بنا
                    فالشكر إذن أضيق نطاقا ، إذ يختـص بالنعم الواصلة إلى الشـخـص الذي يشكر فحسـب
                    مما تقدم يتضح لنا أن المدح أعم ممن الحمد ، وأن الحمد أعم من الشكر
                    وفي الأول تعميم لا يناسب المقام ، وفي الأخير تخصيص غير مناسب أيضا
                    وهل يمكن مثلا استعمال واحدة من هذه العبارات؟
                    3 ـ أحمد الله أو نحمد الله أو احمدوا الله ***
                    فيقال في الرد : إن هذه العبارات إن استعملت لتأثر المعنى المقصود،وقلت القوة المراد له الظهور بها ، وفيما يلي تفصيل ذلك عن الجمل المذكورة قبل قليل

                    ـ هي جمل فعلية، الأولى يتحدث بها الشخص الواحد، والثانية تقولها جماعة من اثنين فأكثر، والثالثة أمر بإتيان فعل الحمد
                    والجملة الفعلية تدل على الحدوث وتجدد الفعل
                    أما (الحمد لله ) فجملة اسمية والجمل الاسمية تدل على الدوام والثبوت
                    لذا فمن القواعد المعروفة في اللغة أن الجملة الاسمية أقوى من الجملة الفعلية لأن الأولى تدل على الثبوت ، وأيضا لأمور أخرى سنتعرف عليها فيما يلي
                    ـ الجملة الفعلية تختص بفاعل معين ،فالفاعل في الجمل المذكورة أعلاه هو المتكلم المفرد في الأولى ،ولكن ماذا عن غيره من الناس ؟
                    وفي الجملة الثانية جماعة المتكلمين والسؤال لازال قائما ماذا عن غيرهم ؟
                    وفي الثالثة الجماعة التي تؤمر بالحمد وأيضا تظل قاصرة

                    أما الجملة الاسمية فتفيد الحمد على الإطلاق من المتكلم وغيره دون تحديد فاعل معين ، ولعلنا نستشهد على ذلك بقوله عز من قائل سبحانه ( وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم )
                    فبالإطلاق الوارد في الجملة الاسمية يحدث الشمول الذي لا يشمل البشر فقط بل يتجاوزهم إلى كل ما في الكون
                    ـ والجملة الفعلية ترتبط بزمن معين مما يعني أن الحمد لا يحدث في غير هذا الزمن الذي يتم فيه الحمد
                    وزمن الإنسان زمن محدد معين ، يرتبط أو يساوي عمره على أقصى تقدير ، فلا يتجاوزه إلى ما بعده ولا يبدأ قبله، فيكون الحمد أقل مما ينبغي بكثير
                    أما في الجملة الاسمية فالحمد مطلق،مستمد غير منقطع،مناسب بلا نقصان
                    ـ كما أن الجملة الفعلية لا تفيد أن المفعول مستحق للفعل، فقد نشكر من لا يستحق الشكر،وقد نهجو من لا يستحق الهجو
                    أما الجملة الاسمية فتفيد استحقاقه للحمد تأكيدا
                    والجملة الفعلية لا تعني أنه مستحق للحمد لذاته
                    بينما تفيد الجملة الاسمية أن الحمد والثناء حق لله تعالى ،وملك له سبحانه،فهو ثابت له،وهو يستحقه لذاته ولصفاته ولما أنعم من آلائه
                    ـ وإن كان الفعل للأمـر( احمد أو احمدوا ) فإن هذا أيضا لا يؤدي المعنى المطلوب،لما هو واضح من أن المأمور قد يفعل ما أمر به دون اقتناع،وإنما خوفا من الآمر أو رغبة في شيء ولأن المأمور به لا يكون مستحقا للفعل دوما
                    ـ والحمد صفة القلب ،وهي اعتقاد كون المحمود متفضلا منعما مستحقا للتعظيم والإجلال،فإذا تلفظ الإنسان بالجملة الفعلية ذات الفاعل والزمن المحددين،وكان قلبه غافلا عن معنى التعظيم اللائق كان كاذبا،أما إن تلفظ بالجملة الاسمية فإنه يكون صادقا وإن كان قلبه غافلا لاهيا،لأنها تفيد أن الحمد حق لله ،وهذا حاصل سواء أعقل أم غفل

                    4 ـ الحمدَ لله
                    ـ قراءة الحمد بالنصب جائزة على تقدير فعل محذوف، فتكون جملة فعلية
                    ـ والجملة الفعلية تدل على التجدد والحدوث، بينما تدل الجملة الاسمية على الثبوت، وهو أقوى
                    ـ والجملة الفعلية تختص بفاعل معين وزمن معين، وفي هذا ما فيه من نقص الدلالة على المعنى المراد كما تقدم في رقم 3
                    ـ يستوي الأمر إذا قدرنا فعلا مضارعا أو فعلَ أمر، لأن الأمر بالشيء لا يعني أن المأمور به مستحق للفعل، وقد يفعل المأمور ما أمر به دون اقتناع إما لعدم استحقاق من المأمور للفعل، أو لأنه يراه كذلك، فقراءة الرفع (الحمدُ لله) تفيد ثبوت الشيء على جهة الاستحقاق ثباتا دائما، فهي أولى من قراءة النصب في حالي الإخبار (أحمدُ الله ونحمد الله) والأمر ( احمد الله واحمدوا الله)
                    5 ـ حمدا لله
                    ـ وهي جملة فعلية نقدر لها فعلا محذوفا، والجملة الاسمية (الحمدُ لله) أقوى من الجملة الفعلية لما تقدم في رقم 3

                    ـ (الحمد لله) معرّفة بأل، و (أل) تفيد العهد وتفيد استغراق الجنس، فإن أفادت العهد كان المعنى: الحمد المعروف بينكم هو لله، وإن أفادت الاستغراق كان المعنى: إن الحمد كله لله على سبيل الإحاطة والشمول. ويظهر أن المعنيين مرادان

                    ـ أما (حمدا لله) فنكرة لا تفيد شيئا من المعاني المتقدمة

                    6 ـ إن الحمد لله
                    ـ (إن) تفيد التوكيد، وليس المقام مقام شك أو إنكار يقتضي توكيدا

                    ـ (إن الحمد لله ) جملة خبرية تحمل إلينا خبرا واضحا محددا (ثبوت الحمد لله تعالى) ولا تحتمل إنشاء

                    ـ أما ( الحمد لله ) فتفيد الإخبار بثبوت الحمد لله ، فهي خبرية من هذه الجهة، ولكنها تفيد إنشاء التعظيم ، فهي ذات معان أكثر

                    7 ـ لله الحمد
                    ـ (لله الحمد) فيها تقديم الجار والمجرور ، وفي التقديم اختصاص أو إزالة شك، والمقام لا يطلب لذلك ، فليس هناك من ادعى أن ذاتا أخرى قد تشترك معه في الحمد، فنزيل الاحتمال والظن عنده، وليس هناك من ادعى أن الحمد لغير الله لنخصه به؟
                    ـ والحمد في الدنيا ليس مختصا لله وحده، وإن كان هو سببه كله، فالناس قد يحمد بعضهم بعضا، وفي الحديث (من لم يحمد الناس لم يحمد الله)، فيجوز توجيه الحمد لغير الله في ظاهر الأمر، فلا حاجة للاختصاص بالتقديم

                    8 ـ اختصاص الاسم العلم (الله) بالذكر، دون سائر أسمائه االحسنى وصفاته
                    فكان يمكن أن يقال (الحمد للحي، الحمد للرحيم، الحمد للبارئ، ..)
                    ولكن لو حدث ذلك لأفهم أن الحمد إنما استحقه لهذا الوصف دون غيره، فجاء بالاسم العلم ليدل على أنه استحق الحمد لذاته هو لا لصفة من صفاته
                    ـ ثم إن ذكر لفظ الجلالة (الله) يناسب سياق الآيات، فسيأتي بعدها بقليل "إياك نعبد وإياك نستعين" ولفظ الجلالة (الله) مناسب للعبودية، لأنه مأخوذ من لفظ الإله أي المعبود، وقد اقترنت العبادة باسمه أكثر من خمسين مرة في القرآن كقوله تعالى: " أمرت أن أعبد الله " الرعد
                    ـ هذا والمجيء بوصف غير لفظ الجلالة ليس فيه تصريح بأن المقصود هو الله عز وجل
                    فمن منا مهما بلغ من فصاحة وبلاغة وبيان.. من منا يستطيع أن يأتي بكلام فيه هذا الإحكام وهذا الاستواء مع حسن النظم ودقة الانتقاء، فكل كلمة في موقعها جوهرة ثمينة منتقاة بعناية لتؤدي معاني غزيرة بكلمات يسيرة، كل واحدة واسطة عقد لا يجوز استبدالها ولا نقلها ولا تقديمها ولا تأخيرها وإلا لاختل المعنى أو ضعف أو فقد بعض معانيه؟
                    إنه الإعجاز الإلهي الذي يتجلى في الكون كله، ويحف بالقرآن كله، مجموعه وجزئياته، كلماته وحروفه، معانيه وأسراره، ليكون النور الذي أراد الله أن يهدي ويسعد به كل من كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد
                    والحمد لله رب العالمين


                    الدكتور فاضل السامرائي
                    موسوعة الاعجاز العلمي في القرآن والسنة ،
                    نســــــــــــــــــــامح : لكن لا ننســـــــــى
                    الحقوق لا تـُعطى ، وإنما تـُـنـتزَع
                    غادة وعن ستين غادة وغادة
                    ــــــــــــــــــ لاوالله الاّ عن ثمانين وتزيد
                    فيها العقل زينه وفيها ركاده
                    ــــــــــــــــــ هي بنت ابوها صدق هي شيخة الغيد
                    مثل السَنا والهنا والسعادة
                    ــــــــــــــــــ مثل البشاير والفرح ليلة العيد

                    تعليق

                    • محمد فهمي يوسف
                      مستشار أدبي
                      • 27-08-2008
                      • 8100

                      #11
                      تأملات في الإعجاز القرآني

                      تأملات في الاعجاز القرآني

                      ما أروع أن يلتفت المؤمن متأملا في قدرة الله الاعجازية في كلامه الحكيم ,
                      حين ينبيء عن لغة البيان العربية التي نزل بها كلامه الحق ,
                      مشيرا الى ذلك في بدايات السور التي بدأت بالحروف المقطعة
                      فلو تأملت معي عدد تلك السور , وما هي الحروف التي بدأت بها , وما صلتها بلغتنا العربية الخالدة لغة القرآن الكريم :
                      ( انا أنزلناه بلسان عربي مبين .)
                      لرأيت ما يلي :أولا:
                      عدد هذه السور التي بدأت بالحروف المقطعة هو (28) سورة كريمة وهي جملة عدد حروف اللغة العربية
                      ثانيا: لو تأملت الحروف التي تكررت منها تجدها نصف عدد حروف اللغة العربية
                      ثالثا :هذه السور هي :ألم (6) سور هي البقرة وآل عمران ولقمان والروم و العنكبوت و والسجدة .
                      ألمر ( 5 ) خمس سور هي يونس و وهود و ويوسف و وابراهيم والحجر
                      .حم ( 5 ) الحواميم خمس سور هي غافر وفصلت و الزخرف و الجاثية و والأحقاف .
                      طسم ( 2 ) سورتان هما الشعراء و القصص .
                      ألر ( 1 ) سورة الرعد
                      ألمص ( 1 ) سورة الأعراف
                      .طه (1 ) سورة طه .
                      حم عسق ( 1 ) سورة الشورى .
                      طس ( 1 ) سورة النمل .
                      يس ( 1 ) سورة يس .
                      ص (1 ) سورة ص
                      ق ( 1) سورة ق
                      ن (1 ) سورة القلم
                      كهيعص ( 1 ) سورة مريم
                      ****
                      فيكون مجموع تلك السور الكريمة هو 28 ثمان وعشرون سورة = عدد حروف اللغة العربية
                      رابعا : الحروف التي تكررت منها هي :الألف واللام و الميم و والراء والحاءو والطاءو السين و الصاد و والهاء و والعين و والقاف و والياء و والنون والكاف .وجلمتها 14 أربعة عشر حرفا
                      هي نصف حروف لغة الضاد العربية
                      ومن بلاغة الاعجاز الالهي في كلامه الحكيم أنك لو تأملت هذه الأحرف الأربعة عشر وجدت أن العلماء قد كونوا منها جملة عظيمة ترشد الى قدرة الله سبحانه وتعالى في كلامه.

                      وهي :( نص حكيم قاطع له سر .)
                      فسبحان من هذا كلامه

                      تعليق

                      • محمد فهمي يوسف
                        مستشار أدبي
                        • 27-08-2008
                        • 8100

                        #12
                        إعجاز إلهي , وعجز بشري !!

                        الحروف العربية في آية وحيدة من القرآن :

                        قال تعالى :((مُحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وَجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً))سورة الفتح آية: (29)

                        ألف , باء, تاء, ثاء ,جيم, حاء ,خاء, دال, ذال, راء, زاي, سين, شين, صاد, ضاد, طاء, ظاء, عين, غين ,فاء, قاف, كاف, لام ,ميم, نون, هاء ,واو, ياء .

                        الأبجدية العربية :
                        أو حروف الهجاء في اللغة العربية
                        لغة البيان والقرآن الكريم ـــ مرتبة .
                        فيها كما يلي :

                        [align=right]
                        1- الألف في كلمة : الله . ....................
                        2- والباء : في كلمة : يبتغون ..............................
                        3- والتاء : في كلمة : التوراة...........................
                        4- والثاء : في كلمة : مثلهم .................................
                        5- والجيم: في كلمة : الانجيل .................................
                        6- والحاء : في كلمة : محمد ...............................
                        7- والخاء : في كلمة : أخرج .................................
                        8- والدال : في كلمة : سجدا ..................................
                        9- والذال : في كلمة : ذلك .....................................
                        10-والراء : في كلمة : رحماء ..............................
                        11- والزاي : في كلمة : كزرع ...............................
                        12- والسين : في كلمة : رسول .................................
                        13- والشين : في كلمة : أشداء ............................
                        14- والصاد : في كلمة : الصالحات ........................
                        15- والضاد : في كلمة : فضلا ..................
                        16- والطاء في كلمة : شطأه .....................
                        17- والظاء : في كلمة : فاستغلظ .........................
                        18- والعين : في كلمة : يعجب...............................
                        19- والغين : في كلمة : يغيظ ...........................
                        .2- والفاء : في كلمة : مغفرة ..............................
                        21- والقاف : في كلمة : سوقه ............................
                        22- والكاف : في كلمة : الكفار ................................
                        23- واللام : في كلمة : الذين ...........................
                        24- والميم : في كلمة : آمنوا .....................
                        25- والنون : في كلمة : بينهم ...........................
                        26- والهاء : في كلمة : تراهم .........................
                        27- والواو : في كلمة : ورضوانا ................................
                        28- والياء : في كلمة : عظيما .................................
                        ***************
                        [/align]

                        حقا إنه لقرآن كريم عظيم , من لدن حكيم عليم . حقا إنه لكتاب معجز , لا تنفد عجائبه إلى يوم القيامه .اللهم اجعل القرآن العظيم ربيع قلوبنا ونور عيوننا وبصائرنا , وشفيعا لنا , وهاديا على الصراط يوم الفزع الأكبر
                        =========================

                        وجاء اللغويون في اللغة الإنجليزية , ليضعوا جملة واحدة بلغتهم
                        تجمع حروف اللغة الإنجليزية فقالوا :

                        "The quick brown fox jumps over the lazy dog." هذه الجملة تستعمل كل أحرف اللغة الانجليزية.
                        ====

                        ولكن شتان بين الإعجاز القرآني في آية الله سبحانه وتعالى بلسان عربي
                        مبين يجمع حروف لغة العرب الفصحى كلها .
                        وبين جملة مصطنعة للمحاكاة والتقليد لاروح فيها ولا حياة .

                        تعليق

                        • روان محمد يوسف
                          عضو الملتقى
                          • 10-06-2009
                          • 427

                          #13


                          أختي الغالية

                          بنت الشهباء

                          ما شاء الله بحث جميل واف

                          ومشاركات وإضافات الزملاء والأساتذة مفيدة بالفعل

                          متابعة معكم إن شاء الله


                          لكم جميعا خالص الود


                          [CENTER][FONT=Traditional Arabic][COLOR=darkgreen][B]أم المثنى[/B][/COLOR][/FONT][/CENTER]
                          [CENTER][bimg]http://up8.up-images.com/up//uploads/images/images-085e7ac6c0.jpg[/bimg][/CENTER]

                          تعليق

                          • بنت الشهباء
                            أديب وكاتب
                            • 16-05-2007
                            • 6341

                            #14
                            [align=center]القرآن الكريم سيبقى إلى قيام الساعة المعجزة الخالدة التي أنزلت على نبيّنا الأميّ محمد صلى الله عليه وسلم بلسان عربي مبين ، والتحدي واضح وشامل في إعجازه الشامل وكماله على أن يأتي أي مخلوق بآية واحدة شبيهة في إعجازه ...


                            قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآَنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا
                            (88:الإسراء )

                            (أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ) (يونس:38).

                            (أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً) (النساء:82)

                            وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (23: البقرة)

                            أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (13: هود)


                            بيان المراد بـ( إعجاز القرآن)

                            مصطلح "إعجاز القرآن" -كما يبدو من صياغته-مركب إضافي، طرفاه كلمتا: (إعجاز) و(القرآن) ولمعرفة المراد بهذا المركب يلزم تحديد معنى طرفه الأول وهو كلمة "الإعجاز" ثم معرفة المراد بالمصطلح كله عند إضافة هذه الكلمة إلى (القرآن)
                            فما معنى الإعجاز؟
                            الإعجاز: مصدر أعجز، ومادة الكلمة هي العجز، وكلام أهل اللغة في معناها يدور حول الضعف، وعدم القدرة على النهوض بالأمر، وكذلك القعود عما يجب فعله.
                            قال ابن منظور :( العجز: نقيض الحزم? والعجز: الضعف، والمعجزة بفتح الجيم وكسرها : مفعلة من العجز: عدم القدرة، وفي الحديث-
                            « كل شيء بقدر حتى العجز والكيس » (1) .
                            - وقيل أراد بالعجز: ترك ما يجب فعله بالتسويف) (2) .
                            ومقتضى آخر الكلام فيما ساقه صاحب اللسان أن العجز أعم من أن يكون ضعفا وانعدام قدرة ، وإنما يمكن أن يعني ترك الأمر تسويفا، مما يفهم منه أن ما ترك في حيز القدرة عليه، لكن الباعث على تركه هو الكسل الحامل على التأجيل والتسويف.
                            لكن لنا في أصالة معنى العجز في الدلالة على عدم القدرة، وأن ترك الفعل عجزا إنما يكون لعدم القدرة عليه في الأصل.
                            أقول: لنا في ذلك حديث رسول صلى الله عليه وسلم :
                            « اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، والعجز والكسل » ..) (3) .
                            قال ابن حجر رحمه الله تعالى:
                            (إن الهم :لما يتصوره العقل من المكروه في الحال، والحزن لما وقع في الماضي، والعجز ضد الاقتدار، والكسل ضد النشاط) (4) .
                            فالجمع في الحديث بين الاستعاذة من كل من العجز والكسل فيه دلالة على تغاير المعنى فيهما، فالأول عدم القدرة والثاني عدم النشاط والنهوض للأمر.
                            وعليه فالإعجاز: هو جعل من يقع عليه أمر التحدي بالشيء عاجزا عن الإتيان به، ونسبته إلى العجز، وإثباته له، فالإعجاز بالنسبة للمعجز هو الفوت والسبق، يقال أعجزني فلان أي: فاتني ، وبالنسبة للعاجز عدم القدرة على الطلب والإدراك
                            (وقال الليث :أعجزني فلان إذا عجزت عن طلبه وإدراكه) (5) .
                            إذا كان هذا معنى الإعجاز، فبإضافته إلى القرآن، ومنهما يكون مصطلح: (إعجاز القرآن) كما سبق بيانه يكون المراد: إثبات القرآن عجز الخلق عن الإتيان بما تحداهم به، وهو أن يأتوا بمثله أو بشيء من مثله، فهو من إضافة المصدر إلى فاعله، والمفعول محذوف للدلالة على عموم من تحداهم القرآن، وهم الإنس والجن، وكذلك ما تعلق به الفعل محذوف للعلم به، وهو القرآن أو بعضه كما ثبت في كثير من آيات التحدي.
                            ويكتمل بيان المراد بهذا المصطلح إذا عرفنا أن إعجاز القرآن مَن تحداهم عن الإتيان بمثله أو بشيء من مثله ليس أمرا مقصودا لذاته، وليس هو الغاية في نفسه، ولكن المقصود هو اللازم الناتج عن هذا الإعجاز، وهو إظهار وإثبات أن هذا الكتاب حق، ووحي من عند الله تعالى، ومقتضى ذلك كله إثبات صدق الرسول صلى الله عليه وسلم فيما جاء به قومه من الرسالة، ودعاهم إليه من الإسلام، وعليه فإن حقيقة الإعجاز وهى إثبات العجز لمن وقع عليه التحدي استلزمت إظهار هذا العجز، وهذا الإظهار بدوره استلزم إظهار صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو المقصود الأول من الإعجاز.

                            (1) الحديث أخرجه مسلم في صحيحه:كتاب القدر، باب كل شئ بقدر
                            (2) لسان العرب: مادة ( عجز)
                            (3) صحيح البخاري: كتاب الدعوات، باب الاستعاذة من الجبن والكسل
                            (4) فتح البارى11 / 178
                            (5) لسان العرب :مادة (عجز)


                            المصدر :
                            عناية المسلمين بإبراز وجوه الإعجاز في القرآن الكريم (1)
                            المؤلف : أ . د محمد السيد راضي جبريل
                            عدد الصفحات : 75
                            مصدر الكتاب : موقع الإسلام
                            http://www.al-islam.com[/align]

                            أمينة أحمد خشفة

                            تعليق

                            • د. وسام البكري
                              أديب وكاتب
                              • 21-03-2008
                              • 2866

                              #15
                              اليوم 10 أيلول 2009
                              مرّ عام واحد وخمسة أيام على إنشاء هذا الموضوع المهم والقيّم، فلنعترف جميعاً ـ وأنا منهم ـ بالتقصير تجاهه؛ وإذ أُبارك للأستاذة القديرة بنت الشهباء هذا الموضوع، فإنّي آمُل المشاركة فيه في هذا الشهر الفضيل تقرّباً إلى الله عزّ وجل، لا سيّما نحن على أبواب ليلة القدر المباركة، وفي كل الأحوال، للعشرة أيام الأخيرة من الشهر المبارك الأهمية نفسها لتضمّنها ليلة القدر.

                              ندعو الله العلي القدير أن يحفظ الأستاذة الفاضلة بنت الشهباء ويمتّعها بالصحة الوافرة، فليس هناك أكثر ثواباً من خدمة القرآن الكريم.

                              ودامت موفَّقة بإذن الله تعالى.
                              د. وسام البكري

                              تعليق

                              يعمل...
                              X