[frame="13 98"]
المقامة الهزلية
حدثنا بندر ٱبن شهبندر التجار العراقي فقال : ذات يوم و بينما ﺃنا ﺑٱلحجاز , ﺃرتاح من طول قراءة نصوص المجاز , جالسا على الكرسي الهزاز و سالما من ظلم الحجاج , حدثتني نفسي ﺑﺃن ﺃسافر ٳلى بغداد موطن اﻷجداد , حيث كل شيء يجري ﻜٱلمعتاد , ﻔٱمتطيت جوادا من الجياد , و عجلت ﺑٱلسفر و دعوت الله ﺃلا يصادفني ﺃي خطر.
و عند وصولي للعراق بعد طول فراق سلمت على اﻷهل , ثم ٱرتشفت كوب شاي , و ما لبثت ﺃن عزفت على الناي مسترجعا بذلك ذكريات صباي , حينما كنت ﺃلعب مع ﺃخواي.
و بعد ﺃن ٱرتحت من تعب السفر و طول السمر خلدت ٳلى النوم , لكنني لم ﺃستمتع بنومي بسبب البوم المشؤوم و القطط الباﺌسة الجاﺌعة التي لم ﺘﺃكل ﺷﯿﺌا طيلة اليوم .
في الصباح الباكر ٱستيقظت على صياح الديك الحاﺌر الذي لم يعلم حينها ﺃنني مجرد زاﺌر , فصليت شاكرا الله على نعمه و خيراته ثم خرجت ﺃمشي على طول الشارع و ٳذا بي ﺃلتقي شخصا ذا طول فارع يدعوني لزيارة سيرك المدينة الجوال في الشهر الماطر شوال ذي الليالي الطوال , التي يكثر فيها العيال طالبين الرحمة من الله ذي الجلال .
فمضيت لمشاهدة عجب من عجاﺌب الزمان , ﻷحدث به اﻷهل و الخلان في زمن الغطرسة و ٱنعدام اﻷمان . و قد تهافت الناس من كل اﻷلوان لمشاهدة السيرك , مطلقين بذلك العنان للتفكير فيما كان و فيما لم يؤن له اﻷوان .
دخلت السيرك طمعا في ٳمضاء وقت ممتع مبتعدا بذلك عن ضجيج الحي المفزع . فرﺃيت الساحر الماكراللبيب ذا الطربوش اﻷسود الغربيب , و اﻷنف اﻷصفر مثل الزبيب و البشرة البيضاء بياض الحليب . ثم رﺃيت ﺃفعاه الطويلة المخيفة , التي ضعفت حتى بدت نحيفة و ﺃصبحت بحركاتها اللافتة سخيفة . ثم رﺃيت البهلوان الفرحان , و سمعته يقول بتروي و ٳمعان : ﺠﺌت من بلاد بعيدة , لست بفارس من الفرسان و لا بفلاح يضرب الغربان و لا بحاكم يحكم البلدان , بل ﺠﺌت من مكان بعيد ﻷشاطركم اﻷحزان و اﻷفراح , فكثر يا رب من ﺃفراحنا و ٱجعلنا ﺃقرب ٳلى ٳيماننا .
ثم قررت العودة ٳلى البيت ﻷحكي ما رﺃته عيناي و سمعته ﺃذناي ﻟﻷهل و الخلان و الجيران الكرام .
فخرجت من السيرك و ﺃنا ﺃحسد عفريت الزمان على ما صنعه ليقضي به على الشيطان : شيطان الجهل و غباء العصر المسيطر على اﻹنسان .
[/frame]
حدثنا بندر ٱبن شهبندر التجار العراقي فقال : ذات يوم و بينما ﺃنا ﺑٱلحجاز , ﺃرتاح من طول قراءة نصوص المجاز , جالسا على الكرسي الهزاز و سالما من ظلم الحجاج , حدثتني نفسي ﺑﺃن ﺃسافر ٳلى بغداد موطن اﻷجداد , حيث كل شيء يجري ﻜٱلمعتاد , ﻔٱمتطيت جوادا من الجياد , و عجلت ﺑٱلسفر و دعوت الله ﺃلا يصادفني ﺃي خطر.
و عند وصولي للعراق بعد طول فراق سلمت على اﻷهل , ثم ٱرتشفت كوب شاي , و ما لبثت ﺃن عزفت على الناي مسترجعا بذلك ذكريات صباي , حينما كنت ﺃلعب مع ﺃخواي.
و بعد ﺃن ٱرتحت من تعب السفر و طول السمر خلدت ٳلى النوم , لكنني لم ﺃستمتع بنومي بسبب البوم المشؤوم و القطط الباﺌسة الجاﺌعة التي لم ﺘﺃكل ﺷﯿﺌا طيلة اليوم .
في الصباح الباكر ٱستيقظت على صياح الديك الحاﺌر الذي لم يعلم حينها ﺃنني مجرد زاﺌر , فصليت شاكرا الله على نعمه و خيراته ثم خرجت ﺃمشي على طول الشارع و ٳذا بي ﺃلتقي شخصا ذا طول فارع يدعوني لزيارة سيرك المدينة الجوال في الشهر الماطر شوال ذي الليالي الطوال , التي يكثر فيها العيال طالبين الرحمة من الله ذي الجلال .
فمضيت لمشاهدة عجب من عجاﺌب الزمان , ﻷحدث به اﻷهل و الخلان في زمن الغطرسة و ٱنعدام اﻷمان . و قد تهافت الناس من كل اﻷلوان لمشاهدة السيرك , مطلقين بذلك العنان للتفكير فيما كان و فيما لم يؤن له اﻷوان .
دخلت السيرك طمعا في ٳمضاء وقت ممتع مبتعدا بذلك عن ضجيج الحي المفزع . فرﺃيت الساحر الماكراللبيب ذا الطربوش اﻷسود الغربيب , و اﻷنف اﻷصفر مثل الزبيب و البشرة البيضاء بياض الحليب . ثم رﺃيت ﺃفعاه الطويلة المخيفة , التي ضعفت حتى بدت نحيفة و ﺃصبحت بحركاتها اللافتة سخيفة . ثم رﺃيت البهلوان الفرحان , و سمعته يقول بتروي و ٳمعان : ﺠﺌت من بلاد بعيدة , لست بفارس من الفرسان و لا بفلاح يضرب الغربان و لا بحاكم يحكم البلدان , بل ﺠﺌت من مكان بعيد ﻷشاطركم اﻷحزان و اﻷفراح , فكثر يا رب من ﺃفراحنا و ٱجعلنا ﺃقرب ٳلى ٳيماننا .
ثم قررت العودة ٳلى البيت ﻷحكي ما رﺃته عيناي و سمعته ﺃذناي ﻟﻷهل و الخلان و الجيران الكرام .
فخرجت من السيرك و ﺃنا ﺃحسد عفريت الزمان على ما صنعه ليقضي به على الشيطان : شيطان الجهل و غباء العصر المسيطر على اﻹنسان .
تعليق