ذكر لي أحد رجال الأعمال الكنديين تجاوز عمره الثمانين و لا يزال يباشر أعماله...بنفسه:
"لا يهم أن توافقني الرأي، بل من الطبيعي جداً أن يخالف رأيك رأيي في أكثر من مسألة؛ لكن، ما دمنا نتحاور، فمن الضروري أن يفهم كلانا الآخر."
انطلاقا من وجهة نظر الرجل المسن، ذي الخبرة الواسعة في الحياة، يمكن استخلاص المبدإ الرئيس الذي يؤسس لما أسميه: فن تسيير الخلاف. أجل، إن الاختلاف في الرأي مع من نتواصل معهم يومياً- و لا يمكن للحي أن لا يتواصل -يعتبر فناً له أصوله و قواعده و كذا تسيير الخلاف بات أمراً ضرورياً يسهل على طرفي الحوار تدبيره إذا ما كانا على وعي تام بأصول الفن و قواعده.
المبدأ الأول : الفهم، أساس تسيير الاختلاف.
ذكر ديل كارنيجي في كتابه القيم stop worrying and start living (انظر كذلك استلهام الشيخ الغزالي في كتابه "دع القلق" الذي يسير فيه على خطى ديل كارنيجي) أن أحد كبار رجال الأعمال كان يبحث عن ذراعه اليمين يعينه على تسيير المقاولة التي أسسها، فلما عثر على الشخص الأنسب للمهة الضخمة، صارحه بالقول: لا أريدك أن تكون صورة طبق الأصل لي؛ وإلا مااحتجت إلى مساعدتك. أريد رأياً مغايراً/نظرة ثانية A second thought لما أعتقده صواباً حتى نسير بالمشروع نحو الأفضل.
لكن، نجاح المهمة رهين باتحاد الوجهة التي نسلكها سوياً. بمعنى أدق: لا عيب في معرفة وجهة نظر مخالفة للرأي الشخصي و تبنيها، لكن شريطة أن يكون الهدف من الطرفين الوصول إلى الحل الأنجع و ضمان سلامة العلاقة، لا أن يكون بمثابة استسلام طرف و تعنت طرف آخر.
إذن، يمكن أن نستخلص المبدأ الثاني في فن تسيير الاختلاف، على النحو التالي:
المبدأ الثاني: لا للخلاف من أجل الخلاف، لكن سعياً وراء الأفضل للجميع.
عن رافع بن خديج رضي الله عنه قال : " قَدِمَ نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ وَهُمْ يَأْبُرُونَ النَّخْلَ ، يَقُولُونَ يُلَقِّحُونَ النَّخْلَ ، فَقَالَ : ( مَا تَصْنَعُونَ ؟ ) قَالُوا : كُنَّا نَصْنَعُهُ ، قَالَ : ( لَعَلَّكُمْ لَوْ لَمْ تَفْعَلُوا كَانَ خَيْرًا ) ، فَتَرَكُوهُ ، فَنَفَضَتْ أَوْ فَنَقَصَتْ ، قَالَ : فَذَكَرُوا ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ : ( إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ ، إِذَا أَمَرْتُكُمْ بِشَيْءٍ مِنْ دِينِكُمْ فَخُذُوا بِهِ ، وَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِشَيْءٍ مِنْ رَأْيِي فَإِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ ) قال عكرمة : أو نحو هذا ) .
رواه مسلم في " صحيحه " (حديث رقم/2362)، وابن حبان في " صحيحه " (1/202) والطبراني في " المعجم الكبير " (4/280) من طريق النضر بن محمد ، حدثنا عكرمة وهو ابن عمار ، حدثنا أبو النجاشي ، حدثني رافع بن خديج
الحادثة التي رواها أكثر من راوي حديث من أهل الحديث الثقاة، توضح لنا أن مسألة الرأي والرأي المخالف مسألة في غاية الفنية و تستلزم في تسييرها والتفاعل معها شخصيات و همم في قمة الرقي؛ و لا أرقى من شخصية النبي الكريم - عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم. هنا نرى على أنه في قضية دنيوية صرفة، تحتاج الفتوى فيها خبيراً عالما بخبايا الزراعة و التلقيح، فلم يتوان من لا ينطق عن الهوى في إبراز أهمية الأخذ بنصائح الخبراء في هذه القضية بالذات، واستثناها - وهو معلم البشرية الأكبر - من الوحي الإلهي.
المبدأ الثالث: أخذ الرأي من أهل الاختصاص، و الاعتراف بالخطأ.
و للفن مباديء أخرى، قد يتفق معي فيها نفر و يخالفني فيها أخر، فإنما هي خلاصة مجتهد لا وحي نبي؛ و سأكون جد سعيد لو يضيف إليها القاريء الكريم مالم يتيسر لي الوقوف عنده.
م.ش.
إضافات حول الموضوع مقتبسة من تدخلات الأعضاء الكرام:
# مبدأ هام: تقبل الرأي الآخر،
# تربية الاختلاف منذ الصغر
# لا للطرق الانفعالية في إبداء الرأي
"لا يهم أن توافقني الرأي، بل من الطبيعي جداً أن يخالف رأيك رأيي في أكثر من مسألة؛ لكن، ما دمنا نتحاور، فمن الضروري أن يفهم كلانا الآخر."
انطلاقا من وجهة نظر الرجل المسن، ذي الخبرة الواسعة في الحياة، يمكن استخلاص المبدإ الرئيس الذي يؤسس لما أسميه: فن تسيير الخلاف. أجل، إن الاختلاف في الرأي مع من نتواصل معهم يومياً- و لا يمكن للحي أن لا يتواصل -يعتبر فناً له أصوله و قواعده و كذا تسيير الخلاف بات أمراً ضرورياً يسهل على طرفي الحوار تدبيره إذا ما كانا على وعي تام بأصول الفن و قواعده.
المبدأ الأول : الفهم، أساس تسيير الاختلاف.
ذكر ديل كارنيجي في كتابه القيم stop worrying and start living (انظر كذلك استلهام الشيخ الغزالي في كتابه "دع القلق" الذي يسير فيه على خطى ديل كارنيجي) أن أحد كبار رجال الأعمال كان يبحث عن ذراعه اليمين يعينه على تسيير المقاولة التي أسسها، فلما عثر على الشخص الأنسب للمهة الضخمة، صارحه بالقول: لا أريدك أن تكون صورة طبق الأصل لي؛ وإلا مااحتجت إلى مساعدتك. أريد رأياً مغايراً/نظرة ثانية A second thought لما أعتقده صواباً حتى نسير بالمشروع نحو الأفضل.
لكن، نجاح المهمة رهين باتحاد الوجهة التي نسلكها سوياً. بمعنى أدق: لا عيب في معرفة وجهة نظر مخالفة للرأي الشخصي و تبنيها، لكن شريطة أن يكون الهدف من الطرفين الوصول إلى الحل الأنجع و ضمان سلامة العلاقة، لا أن يكون بمثابة استسلام طرف و تعنت طرف آخر.
إذن، يمكن أن نستخلص المبدأ الثاني في فن تسيير الاختلاف، على النحو التالي:
المبدأ الثاني: لا للخلاف من أجل الخلاف، لكن سعياً وراء الأفضل للجميع.
عن رافع بن خديج رضي الله عنه قال : " قَدِمَ نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ وَهُمْ يَأْبُرُونَ النَّخْلَ ، يَقُولُونَ يُلَقِّحُونَ النَّخْلَ ، فَقَالَ : ( مَا تَصْنَعُونَ ؟ ) قَالُوا : كُنَّا نَصْنَعُهُ ، قَالَ : ( لَعَلَّكُمْ لَوْ لَمْ تَفْعَلُوا كَانَ خَيْرًا ) ، فَتَرَكُوهُ ، فَنَفَضَتْ أَوْ فَنَقَصَتْ ، قَالَ : فَذَكَرُوا ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ : ( إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ ، إِذَا أَمَرْتُكُمْ بِشَيْءٍ مِنْ دِينِكُمْ فَخُذُوا بِهِ ، وَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِشَيْءٍ مِنْ رَأْيِي فَإِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ ) قال عكرمة : أو نحو هذا ) .
رواه مسلم في " صحيحه " (حديث رقم/2362)، وابن حبان في " صحيحه " (1/202) والطبراني في " المعجم الكبير " (4/280) من طريق النضر بن محمد ، حدثنا عكرمة وهو ابن عمار ، حدثنا أبو النجاشي ، حدثني رافع بن خديج
الحادثة التي رواها أكثر من راوي حديث من أهل الحديث الثقاة، توضح لنا أن مسألة الرأي والرأي المخالف مسألة في غاية الفنية و تستلزم في تسييرها والتفاعل معها شخصيات و همم في قمة الرقي؛ و لا أرقى من شخصية النبي الكريم - عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم. هنا نرى على أنه في قضية دنيوية صرفة، تحتاج الفتوى فيها خبيراً عالما بخبايا الزراعة و التلقيح، فلم يتوان من لا ينطق عن الهوى في إبراز أهمية الأخذ بنصائح الخبراء في هذه القضية بالذات، واستثناها - وهو معلم البشرية الأكبر - من الوحي الإلهي.
المبدأ الثالث: أخذ الرأي من أهل الاختصاص، و الاعتراف بالخطأ.
و للفن مباديء أخرى، قد يتفق معي فيها نفر و يخالفني فيها أخر، فإنما هي خلاصة مجتهد لا وحي نبي؛ و سأكون جد سعيد لو يضيف إليها القاريء الكريم مالم يتيسر لي الوقوف عنده.
م.ش.
إضافات حول الموضوع مقتبسة من تدخلات الأعضاء الكرام:
(أ/ مصباح فوزي):
# بالفعل، كما ذكرنا أستاذ مصباح مشكوراً، وردت رواية لحديث النبي عليه الصلاة والسلام قال فيها :
" أنتم أعلم بأمور دنياكم " -
# دور التكنولوجيا الحديثة في تسهيل التواصل
# صراع الأجيال، يمكن أن يشكل عائقا للتواصل الإيجابي بسبب تباعد الأفكار.
(أ/ محمد عبد الغفار):
# لا جدال في التوابث الشرعية
# زاوية الرؤيا قد تختلف، و قد تتحد الأهداف
# زاوية الرؤيا قد تختلف، و قد تتحد الأهداف
(أ/ أميمة محمد):
# مبدأ هام: تقبل الرأي الآخر،
# تربية الاختلاف منذ الصغر
# لا للطرق الانفعالية في إبداء الرأي
# لا جدال في المسلمات الدينية
# الفصل بين العقل و العاطفة.
# الفصل بين العقل و العاطفة.
وسوف أضيف مايجود به علينا القراء الكرام
تعليق