" ليلى والذئب "

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • فوزي سليم بيترو
    مستشار أدبي
    • 03-06-2009
    • 10949

    " ليلى والذئب "

    " ليلى والذئب "


    بدت ليلى خالية الذهن حين هَمَّت بالجلوس فوق المقعد الهزاز المقابل لجهاز التلفزيون في غرفة المعيشة .
    ها هو فكرها يعمل بحيويةٍ وخِفّةٍ لمراجعة الحوار الذي تَمَّ بينها وبين صاحب الشقة حين قامت بالإتفاق معه
    على شروط الاستئجار وكتابة العقد .
    كانت تُدرك انه يختلس النظر نحو ردفيها . ونحو صدرها المتوثب . وأن عينهُ كادت الولوج خلف ازرار
    قميصها النهدي . في سِرِّها كانت راضية وسعيدة بذلك . فهذه النظرات تُشعِرها بالأنوثة , وانها مرغوبة .
    في ذات الوقت فلن يلحق بها الأذى والضرر طالما أنها لن تتطور لأكثر من النظرة والإعجاب فقط .
    حتى وإن خضع صاحبنا وأذعن لطلباته غير المشروعة وانساق مع الأهْواءِ الكامنة في صدره ،
    ورفع مستوى " التمثيل الدبلوماسي " وخطا خطوة نحو التطبيق العملي ، بإمكانها أن تتدبر الأمر ،
    لأنها مدركة لحدود الخطوط الحمراء وبإمكانها قَمْعَهُ وقت تشاء .
    لكن الريبة والحذر دفعتاها إلى الشك في مصداقية هذا العجوز المُتَصابي ورُبما لا يحتمل قلبه المجهد شدة
    التأثر إذا تودّدت إليه وداهنته وبادلته بنظرة تُوحي بالإستجابة او حتى بإبتسامة .
    على الأغلب انه " سيروح فيها " , ويغادر خشبة المسرح غير مأسوفٍ على " شبابه " .
    لكن والحق يُقال , هو رجل يدفق حنانا ودِفئاً يُشِعَّان من كفِّ يده حين كان يربت على كتفها ,
    , وكذلك حين كان يُمَلِّس شعرها الناعم بحنان ابوي .
    هذا الرجل , إما ان يكون صادقا بمشاعره الأبوية , أو ان يكون خبيرا في التعامل مع الأنثى
    وإستدراجها حتى تقع فريسة في شباكه , والظفر بها .
    سَطَعَتْ شُكوكها بخبرته في استدراج الفتيات, كشمس الصباح ، حين قال لها انه قد شَبَكَ تلفزيون
    شقتها " بالريسيفر " الموجود بشقته المجاورة , مُسْتَأذِنَاً اياها في فرض ذوقه على ما تُشاهد .
    وحين تم الاتفاق فيما بينهما على هذا البند , إشترَطَ عليها عدم مشاهدة التلفزيون بعد الساعة
    الحادية عشر مساءاً كي يمارس خصوصيته ,ولا يفرض عليها تجربته في اختيار البرامج التي يستمتع
    بمشاهدتها . والتي قد تُوحي أن هناك اشتباكا حميدا بين من هم بهذه السن وبين ما يسمى بالمراهقة المُتأخِرة .


    وبما ان كل ممنوع , مرغوب . ما هي إلاّ كبسة زر وتدخل ليلى في عالم الفضائيات المُخصص
    للكبار حصريا, فَتُشْعِل لديها الرغبة والمغامرة في عبور ما كان محظورا عليها اكتشافه من عوالم
    تسمع عنها . ها هي الفرصة سانحة للمشاهدة وعن كثب .


    أدركت ليلى إحكام الفخ الذي نَصَبهُ لها جارها العجوز المراوغ .
    امامها خياران .......
    الأول , أن تتمهّل ولا تندفع لرغباتها المكبوتة وتذهب إلى النوم .
    الثاني , أن تسلك الطريق الوعرة و تُشاهد ما يُشاهده جارها من افلام " إباحية ". على ان تحتاط
    للنار المُنْبَعِثة من شاشة التلفزيون كي لا تصل إليها فتشتعل .
    يبدو , ان الشرك الذي حيك لها , ربما تعبره برضاها .
    ها هي , قد مالت للخيار الثاني . نهضت عن الكرسي . دخلت غرفتها ، لَبِسَتْ قميص نوم شفاف
    متحررة من حمالة الصدر . انطلقت كظبية إلى غرفة المعيشة ، جلست على الكرسي الهزاز ,
    ونبضات قلبها تتناغم مع دقات الساعة معلنة اقتراب عقاربها من الحادية عشر .
    ألتقطت " الريموت كنترول " عن المنضدة . اسبلت جفنيها كمن يختلس النظر
    إرتَجَفَ قميص نومها حين تَوَثَّبَ جسدها كلبؤة تَتَهَيَّأ لإرضاع جرائها . جالت يدها فوق رمال صحراء
    الربع الخالي تبحث عن جراء تائهة تلقم أفواهها الجائعة قبل هبوب الرياح العاصفة .
    شَرَّعت جفنيها لغضب تسونامي . وقبل أن تضغط على زر الإشغال ، أدركها شعور بالخجل من نفسها
    لم تعهده طوال حياتها . فقامت بإطفاء الأنوار ثم هرولت نحو غرفة النوم ونامت حتى الصباح .


    الأحاديث التي كانت تدور همسا في مرآب سيارات العمارة ، بينما الجيران في طريقهم إلى أعمالهم .
    ها هي اليوم يتم تداولها بجلاء بيّن . كان صوت جارها العجوز يدوي محاججا جيرانه .
    حول صحة قرار ضربة الجزاء التي اتخذها حكم المبارة بالأمس


    بدت السماء فوق ليلى كأن لونها قد بهت.وارتعدت وأحست أنها لا تدري على وجه التحديد ما هي فاعلة .
    الصدمة قوية ومفاجئة . لأنها بمجرد أن فكّرت بالخيار الثاني ، حتى وإن لم تذعن لنداء السوء
    والذي كاد أن يسرق نزاهتها واستقامتها بلحظة ضعف ، إلا أنها قد خسرت احترامها لنفسها .
    فمن تكون هي إذاً ؟ جزءٌ من ذاتها الذي يسعى للشر ؟ لكنها دائما تقترف الخير .
    ها هي تقف سدا منيعا أمام التحريض المباشر لفعل القبح وتوقف هذا العبث
    وتعلنها حالة تسلل في حقها لصالح نوايا الجار العجوز البريء .


    همهمت في سرّها وهي تغلق باب سيارتها بعنف ، وراحت تكلم المقود عما جرى في تلك الليلة .
  • محمد عبد الغفار صيام
    مؤدب صبيان
    • 30-11-2010
    • 533

    #2
    أجدتَ السرد أ / سليم بترو
    و قدمت لنا قصاً استوفى من الشروط الفنية ما يجبر بعض كبواتٍ إملائية و لغوية ، و من منا لا يكبو ؟
    و إن تغشَّى النص هنوات ثقافية أو عرفية أو تقاليدية يصعب على الجميع سوغها و هضمها ! فإن كان العجوز " يختلس النظر نحو ردفيها ، و صدرها المتوثب " ... أو " يربت على كتفها ، و يمسد شعرها الناعم بحنان أبوي !"
    فهل جميعنا يقبل ذلك على المستوى السلوكي دون أن تتلبَّسنا ريبة و توجس بحسب ما أُشربناه ديناً و عرفاً و تقليداً ؟ أقول مطمئناً : بالطبع لا ؛ لاسيما فيما يخص شرقنا العربي بمسلميه و مسحييه فيما أعتقد ، و حسب علمي و ما توفر لدى من خبرة متواضعة .
    و الطريف أن الفتاة بالرغم من أنها من ثقافة تقبل ذلك إلا أن هاجسا ما استمالها إلى مربع الريبة و إساءة الظن حتى إنها توهمت ما تلا ذلك من أحداث ، و كادت تسقط فريسة شيطان باطنها ؛ إلا أنها استفاقت و نفضت عنها غياً متوهماً ، حتى باتت تلوم نفسها بعدما تبين أنها من ساءت باطناً و إن بدت براءة ظاهرها ، فيما برَّأتْ ساحة من أَوَّلَتْ سوء ظاهره ، و إن بدا لها ــ فيما بعد ــ طهر باطنه !
    أكرر مطمئنا أجدت فنيا فأجدت سرداً ، و شخوصاً ، و حواراً داخلياً ، و حبكةً ، و تنويراً و جودة قفلة ؛ حتى بلغت قولك (حول صحة قرار ضربة الجزاء التي اتخذها حكم المباراة بالأمس ). بدت لي نهاية رائعة !
    أما ما زاد بعد ذلك فبدا لي من قبيل التحليل النفسي لدور ليلى مما أسلمنا و لو قليلا إلى بعض المباشرة و إن جاء على صورة الحوار الداخلي ،
    و كأني بك و قد أردت من قصتك ( هدفاً ) جليلاً جميلاً أحرزتَه عن جدارة !
    و بلغتُهُ و تحققَ لديَّ فور انتهائي من قراءتك مردداً أجدتَ و أفدتَ أ / بيترو.
    و الله أعلم .

    "قُلْ آمَنْتُ باللهِ ثُمَّ استَقِمْ"

    تعليق

    • فوزي سليم بيترو
      مستشار أدبي
      • 03-06-2009
      • 10949

      #3
      المشاركة الأصلية بواسطة محمد عبد الغفار صيام مشاهدة المشاركة
      أجدتَ السرد أ / سليم بترو
      و قدمت لنا قصاً استوفى من الشروط الفنية ما يجبر بعض كبواتٍ إملائية و لغوية ، و من منا لا يكبو ؟
      و إن تغشَّى النص هنوات ثقافية أو عرفية أو تقاليدية يصعب على الجميع سوغها و هضمها ! فإن كان العجوز " يختلس النظر نحو ردفيها ، و صدرها المتوثب " ... أو " يربت على كتفها ، و يمسد شعرها الناعم بحنان أبوي !"
      فهل جميعنا يقبل ذلك على المستوى السلوكي دون أن تتلبَّسنا ريبة و توجس بحسب ما أُشربناه ديناً و عرفاً و تقليداً ؟ أقول مطمئناً : بالطبع لا ؛ لاسيما فيما يخص شرقنا العربي بمسلميه و مسحييه فيما أعتقد ، و حسب علمي و ما توفر لدى من خبرة متواضعة .
      و الطريف أن الفتاة بالرغم من أنها من ثقافة تقبل ذلك إلا أن هاجسا ما استمالها إلى مربع الريبة و إساءة الظن حتى إنها توهمت ما تلا ذلك من أحداث ، و كادت تسقط فريسة شيطان باطنها ؛ إلا أنها استفاقت و نفضت عنها غياً متوهماً ، حتى باتت تلوم نفسها بعدما تبين أنها من ساءت باطناً و إن بدت براءة ظاهرها ، فيما برَّأتْ ساحة من أَوَّلَتْ سوء ظاهره ، و إن بدا لها ــ فيما بعد ــ طهر باطنه !
      أكرر مطمئنا أجدت فنيا فأجدت سرداً ، و شخوصاً ، و حواراً داخلياً ، و حبكةً ، و تنويراً و جودة قفلة ؛ حتى بلغت قولك (حول صحة قرار ضربة الجزاء التي اتخذها حكم المباراة بالأمس ). بدت لي نهاية رائعة !
      أما ما زاد بعد ذلك فبدا لي من قبيل التحليل النفسي لدور ليلى مما أسلمنا و لو قليلا إلى بعض المباشرة و إن جاء على صورة الحوار الداخلي ،
      و كأني بك و قد أردت من قصتك ( هدفاً ) جليلاً جميلاً أحرزتَه عن جدارة !
      و بلغتُهُ و تحققَ لديَّ فور انتهائي من قراءتك مردداً أجدتَ و أفدتَ أ / بيترو.
      و الله أعلم .

      مع أنني قمت بقراءة القصة ومراجعتها أكثر من
      مرة . إلا أن بعض كبواتٍ إملائية و لغوية كانت
      عصية على التعديل . إذا كان لديك وقتا فائضا
      فقم يا صديقي بالإشارة إلى هذه الكبوات حتى أقصف عمرها ...


      أما بخصوص الهنات " هنوات "
      الهَنَةُ : شرٌّ وفسادٌ ، مَا يُسْتَقْبَحُ ذِكْرُهُ ، ليس ذنبًا صغيرًا
      هل وقع النص وصاحبه في شر كبير ؟
      وكأن الكاتب قد تعمّد هذا الفعل . وهو بريء والعجوز أيضا عفيف .
      ليلى هي التي لم تكن طاهرة وخالية من العيوب . " النص هكذا يقول ".
      فإذا لم نشكك في العجوز ولا في الصبية ، فأين يكون مضمون الفكرة ؟
      سوف تتحول القصة إلى مقال .


      أتفق معك بشأن القفلة وبعض المباشرة التي وردت على لسان البطلة .


      لقد أسعدني مروركم والتعليق وأفدتني من خلال فيض ملاحظاتكم أخي محمد عبد الغفار صيام .
      تحياتي
      فوزي بيترو

      تعليق

      • محمد عبد الغفار صيام
        مؤدب صبيان
        • 30-11-2010
        • 533

        #4
        المشاركة الأصلية بواسطة فوزي سليم بيترو مشاهدة المشاركة
        " ليلى والذئب "


        بدت ليلى خالية الذهن حين هَمَّت بالجلوس فوق المقعد الهزاز المقابل لجهاز التلفزيون في غرفة المعيشة .
        ها هو فكرها يعمل بحيويةٍ وخِفّةٍ لمراجعة الحوار الذي تَمَّ بينها وبين صاحب الشقة حين قامت بالاتفاق معه
        على شروط الاستئجار وكتابة العقد .
        كانت تُدرك أنه يختلس النظر نحو ردفيها ، ونحو صدرها المتوثب ، وأن عينهُ كادت الولوج خلف أزرار
        قميصها النهدي . في سِرِّها كانت راضية وسعيدة بذلك ؛ فهذه النظرات تُشعِرها بالأنوثة ، وأنها مرغوبة .
        في ذات الوقت فلن يلحق بها الأذى والضرر ؛ طالما أنها لن تتطور لأكثر من النظرة والإعجاب فقط .
        حتى وإن خضع صاحبنا وأذعن لطلباته غير المشروعة ، وانساق مع الأهْواءِ الكامنة في صدره ،
        ورفع مستوى " التمثيل الدبلوماسي " وخطا خطوة نحو التطبيق العملي ، بإمكانها أن تتدبر الأمر ،
        لأنها مدركة لحدود الخطوط الحمراء وبإمكانها قَمْعَهُ وقت تشاء .
        لكن الريبة والحذر دفعاها إلى الشك في مصداقية هذا العجوز المُتَصابي ، ورُبما لا يحتمل قلبه المجهد شدة
        التأثر إذا تودّدت إليه ، وداهنته وبادلته بنظرة تُوحي بالاستجابة ،أو حتى بابتسامة .
        على الأغلب أنه " سيروح فيها " ، ويغادر خشبة المسرح غير مأسوفٍ على " شبابه " .
        لكن والحق يُقال ، هو رجل يدفق حنانا ودِفئاً يُشِعَّان من كفِّ يده حين كان يربت على كتفها ،
        وكذلك حين كان يُمَسِّدُ شعرها الناعم بحنان أبوي .
        هذا الرجل ، إما أن يكون صادقا بمشاعره الأبوية ، أوأن يكون خبيرا في التعامل مع الأنثى
        و استدراجها حتى تقع فريسة في شباكه ، والظفر بها .
        سَطَعَتْ شُكوكها بخبرته في استدراج الفتيات كشمس الصباح ؛ حين قال لها أنه قد شَبَكَ تلفزيون
        شقتها " بالريسيفر " الموجود بشقته المجاورة ، مُسْتَأذِنَاً إياها في فرض ذوقه على ما تُشاهد .
        وحين تم الاتفاق فيما بينهما على هذا البند ،اشترَطَ عليها عدم مشاهدة التلفزيون بعد الساعة
        الحادية عشر مساء ًكي يمارس خصوصيته ، ولا يفرض عليها تجربته في اختيار البرامج التي يستمتع
        بمشاهدتها ، والتي قد تُوحي أن هناك اشتباكا حميدا بين من هم بهذه السن وبين ما يسمى بالمراهقة المُتأخِرة .


        وبما أن كل ممنوع مرغوب ؛ ما هي إلاّ كبسة زر وتدخل ليلى في عالم الفضائيات المُخصص
        للكبار حصريا ؛ فَتُشْعِل لديها الرغبة والمغامرة في عبور ما كان محظورا عليها اكتشافه من عوالم
        تسمع عنها ! ها هي الفرصة سانحة للمشاهدة وعن كثب .


        أدركت ليلى إحكام الفخ الذي نَصَبهُ لها جارها العجوز المراوغ .
        أمامها خياران .......
        الأول أن تتمهّل ولا تندفع لرغباتها المكبوتة وتذهب إلى النوم ،
        الثاني أن تسلك الطريق الوعرة و تُشاهد ما يُشاهده جارها من أفلام " إباحية ". على أن تحتاط
        للنار المُنْبَعِثة من شاشة التلفزيون كي لا تصل إليها فتشتعل .
        يبدو أن الشرك الذي حيك لها ربما تعبره برضاها .
        ها هي قد مالت للخيار الثاني ، نهضت عن الكرسي ، دخلت غرفتها ، لَبِسَتْ قميص نوم شفاف
        متحررة من حمالة الصدر، انطلقت كظبية إلى غرفة المعيشة ، جلست على الكرسي الهزاز،
        ونبضات قلبها تتناغم مع دقات الساعة معلنة اقتراب عقاربها من الحادية عشرة .
        التقطت " الريموت كنترول " عن المنضدة ، أسبلت جفنيها كمن يختلس النظر
        ارتَجَفَ قميص نومها حين تَوَثَّبَ جسدها كلَبُؤَة تَتَهَيَّأ لإرضاع جرائها ، جالت يدها فوق رمال صحراء
        الربع الخالي تبحث عن جراء تائهة تلقم أفواهها الجائعة قبل هبوب الرياح العاصفة .
        شَرَّعت جفنيها لغضب تسونامي ، وقبل أن تضغط زر التشغيل ، أدركها شعور بالخجل من نفسها
        لم تعهده طوال حياتها ، فقامت بإطفاء الأنوار ثم هرولت نحو غرفة النوم ونامت حتى الصباح .


        الأحاديث التي كانت تدور همسا في مرآب سيارات العمارة ، بينما الجيران في طريقهم إلى أعمالهم .
        ها هي اليوم يتم تداولها بجلاء بيّن ، كان صوت جارها العجوز يدوي محاججا جيرانه
        حول صحة قرار ضربة الجزاء التي اتخذها حكم المبارة بالأمس


        بدت السماء فوق ليلى كأن لونها قد بهت ، و ارتعدت وأحست أنها لا تدري على وجه التحديد ما هي فاعلة .
        الصدمة قوية ومفاجئة ؛ لأنها بمجرد أن فكّرت بالخيار الثاني ، حتى وإن لم تذعن لنداء السوء
        والذي كاد أن يسرق نزاهتها واستقامتها بلحظة ضعف ، إلا أنها قد خسرت احترامها لنفسها .
        فمن تكون هي إذاً ؟ جزءٌ من ذاتها الذي يسعى للشر ؟ لكنها دائما تقترف الخير .
        ها هي تقف سدا منيعا أمام التحريض المباشر لفعل القبح وتوقف هذا العبث
        وتعلنها حالة تسلل في حقها لصالح نوايا الجار العجوز البريء .


        همهمت في سرّها وهي تغلق باب سيارتها بعنف ، وراحت تكلم المقود عما جرى في تلك الليلة .
        أستاذنا / سليم بيترو
        حاولت أن أصوب من الهنات ما وسعنى الوقت و الجهد و القدرة و قد صبغته باللون البنى فإن فاتنى منه شيء فأسألك المعذرة ، و إن حفت عليك عن جهل فالعفو أسألك هو ما تم صبغه باللون البنى ، هذا فضلا عن أخطاء تغشت علامات الترقيم و المسافات بين الكلمات و الحروف .
        و الله أسال لى و لكم التوفيق و السداد.
        التعديل الأخير تم بواسطة محمد عبد الغفار صيام; الساعة 11-08-2018, 16:38.
        "قُلْ آمَنْتُ باللهِ ثُمَّ استَقِمْ"

        تعليق

        • فوزي سليم بيترو
          مستشار أدبي
          • 03-06-2009
          • 10949

          #5
          " ليلى والذئب "


          بدت ليلى خالية الذهن حين هَمَّت بالجلوس فوق المقعد الهزاز المقابل لجهاز التلفزيون في غرفة المعيشة .
          ها هو فكرها يعمل بحيويةٍ وخِفّةٍ لمراجعة الحوار الذي تَمَّ بينها وبين صاحب الشقة حين قامت بالإتفاق معه
          على شروط الاستئجار وكتابة العقد .
          كانت تُدرك أنه يختلس النظر نحو ردفيها . ونحو صدرها المتوثب . وأن عينهُ كادت الولوج خلف أزرار
          قميصها النهدي . في سِرِّها كانت راضية وسعيدة بذلك . فهذه النظرات تُشعِرها بالأنوثة , وانها مرغوبة .
          في ذات الوقت فلن يلحق بها الأذى والضرر طالما أنها لن تتطور لأكثر من النظرة والإعجاب فقط .
          حتى وإن خضع صاحبنا وأذعن لطلباته غير المشروعة وانساق مع الأهْواءِ الكامنة في صدره ،
          ورفع مستوى " التمثيل الدبلوماسي " وخطا خطوة نحو التطبيق العملي ، بإمكانها أن تتدبر الأمر ،
          لأنها مدركة لحدود الخطوط الحمراء وبإمكانها قَمْعَهُ وقت تشاء .
          لكن الريبة والحذر دفعاها إلى الشك في مصداقية هذا العجوز المُتَصابي ورُبما لا يحتمل قلبه المجهد شدة
          التأثر إذا تودّدت إليه وداهنته وبادلته بنظرة تُوحي بالإستجابة او حتى بإبتسامة .
          على الأغلب انه " سيروح فيها " , ويغادر خشبة المسرح غير مأسوفٍ على " شبابه " .
          لكن والحق يُقال , هو رجل يدفق حنانا ودِفئاً يُشِعَّان من كفِّ يده حين كان يربت على كتفها ,
          , وكذلك حين كان يٌمَسِّد شعرها الناعم بحنان أبوي .
          هذا الرجل , إما ان يكون صادقا بمشاعره الأبوية , أو ان يكون خبيرا في التعامل مع الأنثى
          وإستدراجها حتى تقع فريسة في شباكه , والظفر بها .
          سَطَعَتْ شُكوكها بخبرته في استدراج الفتيات, كشمس الصباح ، حين قال لها انه قد شَبَكَ تلفزيون
          شقتها " بالريسيفر " الموجود بشقته المجاورة , مُسْتَأذِنَاً إياها في فرض ذوقه على ما تُشاهد .
          وحين تم الاتفاق فيما بينهما على هذا البند , اشترَطَ عليها عدم مشاهدة التلفزيون بعد الساعة
          الحادية عشر مساء كي يمارس خصوصيته ,ولا يفرض عليها تجربته في اختيار البرامج التي يستمتع
          بمشاهدتها . والتي قد تُوحي أن هناك اشتباكا حميدا بين من هم بهذه السن وبين ما يسمى بالمراهقة المُتأخِرة .


          وبما ان كل ممنوع , مرغوب . ما هي إلاّ كبسة زر وتدخل ليلى في عالم الفضائيات المُخصص
          للكبار حصريا, فَتُشْعِل لديها الرغبة والمغامرة في عبور ما كان محظورا عليها اكتشافه من عوالم
          تسمع عنها . ها هي الفرصة سانحة للمشاهدة وعن كثب .


          أدركت ليلى إحكام الفخ الذي نَصَبهُ لها جارها العجوز المراوغ .
          أمامها خياران .......
          الأول , أن تتمهّل ولا تندفع لرغباتها المكبوتة وتذهب إلى النوم .
          الثاني , أن تسلك الطريق الوعرة و تُشاهد ما يُشاهده جارها من أفلام " إباحية ". على أن تحتاط
          للنار المُنْبَعِثة من شاشة التلفزيون كي لا تصل إليها فتشتعل .
          يبدو أن الشرك الذي حيك لها , ربما تعبره برضاها .
          ها هي , قد مالت للخيار الثاني . نهضت عن الكرسي . دخلت غرفتها ، لَبِسَتْ قميص نوم شفاف
          متحررة من حمالة الصدر . انطلقت كظبية إلى غرفة المعيشة ، جلست على الكرسي الهزاز ,
          ونبضات قلبها تتناغم مع دقات الساعة معلنة اقتراب عقاربها من الحادية عشرة .
          ألتقطت " الريموت كنترول " عن المنضدة . اسبلت جفنيها كمن يختلس النظر
          إرتَجَفَ قميص نومها حين تَوَثَّبَ جسدها كلبؤة تَتَهَيَّأ لإرضاع جرائها . جالت يدها فوق رمال صحراء
          الربع الخالي تبحث عن جراء تائهة تلقم أفواهها الجائعة قبل هبوب الرياح العاصفة .
          شَرَّعت جفنيها لغضب تسونامي . وقبل أن تضغط زر التشغيل ، أدركها شعور بالخجل من نفسها
          لم تعهده طوال حياتها . فقامت بإطفاء الأنوار ثم هرولت نحو غرفة النوم ونامت حتى الصباح .


          الأحاديث التي كانت تدور همسا في مرآب سيارات العمارة ، بينما الجيران في طريقهم إلى أعمالهم .
          ها هي اليوم يتم تداولها بجلاء بيّن . كان صوت جارها العجوز يدوي محاججا جيرانه .
          حول صحة قرار ضربة الجزاء التي اتخذها حكم المبارة بالأمس


          بدت السماء فوق ليلى كأن لونها قد بهت.وارتعدت وأحست أنها لا تدري على وجه التحديد ما هي فاعلة .
          الصدمة قوية ومفاجئة . لأنها بمجرد أن فكّرت بالخيار الثاني ، حتى وإن لم تذعن لنداء السوء
          والذي كاد أن يسرق نزاهتها واستقامتها بلحظة ضعف ، إلا أنها قد خسرت احترامها لنفسها .
          فمن تكون هي إذاً ؟ جزءٌ من ذاتها الذي يسعى للشر ؟ لكنها دائما تقترف الخير .
          ها هي تقف سدا منيعا أمام التحريض المباشر لفعل القبح وتوقف هذا العبث
          وتعلنها حالة تسلل في حقها لصالح نوايا الجار العجوز البريء .


          همهمت في سرّها وهي تغلق باب سيارتها بعنف ، وراحت تكلم المقود عما جرى في تلك الليلة .

          شكرا.. لقد تم التعديل .

          تعليق

          • محمد مزكتلي
            عضو الملتقى
            • 04-11-2010
            • 1618

            #6
            كيف لم أقرأ هذه القصة مبكراً!!؟.
            لكن يا دكتور...ليلى أكلها الذئب.
            لو كنت مكان العجوز لأكلتها مع قميص نومها.
            وخسارة أن أضيع وقتي في مشاهدة مباريات الكرة.

            قصة من أجمل القصص التي قرأتها لك.
            وأنا مع الزميل محمد صيام حول خاتمة القصة.

            صباح الخير على الأحباب.
            أنا لا أقولُ كلَّ الحقيقة
            لكن كل ما أقولهُُ هو حقيقة.

            تعليق

            • سامر السرحان
              أديب وكاتب
              • 24-11-2012
              • 860

              #7
              المجهول يبينُ بفعلهِ ليصبحَ مَعلوما
              والمظلومُ أتى بعد ليلةٍ عَرجاءَ كانت تظنها صاحبة الظن عداءةً
              فنمت من بعدِ هذا زهوراً حمراء زينت خدها
              رحيقها غطى على كل هالةٍ حولها .
              فــ ليلى والذئابُ , تختلفُ عن ليلى وذئبها الأوحدُ ...
              تحياتي وخالص التقدير
              https://www.facebook.com/samer.al.940

              تعليق

              • فوزي سليم بيترو
                مستشار أدبي
                • 03-06-2009
                • 10949

                #8
                المشاركة الأصلية بواسطة محمد مزكتلي مشاهدة المشاركة
                كيف لم أقرأ هذه القصة مبكراً!!؟.
                لكن يا دكتور...ليلى أكلها الذئب.
                لو كنت مكان العجوز لأكلتها مع قميص نومها.
                وخسارة أن أضيع وقتي في مشاهدة مباريات الكرة.

                قصة من أجمل القصص التي قرأتها لك.
                وأنا مع الزميل محمد صيام حول خاتمة القصة.

                صباح الخير على الأحباب.
                لو كنت مكان العجوز لأكلتها مع قميص نومها.
                عيني في عينك يا محمد !
                يا راجل حرام عليك ، نحن في هم اسمه لوكا مودرتيش
                ومحمد صلاح وميسّي ورونالدو .
                نحن يا دوب نأكل مهلبية ، ليس لنا طاقة للعض والمضغ .
                تحياتي أخي محمد مزكتلي
                فوزي بيترو

                تعليق

                • فوزي سليم بيترو
                  مستشار أدبي
                  • 03-06-2009
                  • 10949

                  #9
                  المشاركة الأصلية بواسطة سامر السرحان مشاهدة المشاركة
                  المجهول يبينُ بفعلهِ ليصبحَ مَعلوما
                  والمظلومُ أتى بعد ليلةٍ عَرجاءَ كانت تظنها صاحبة الظن عداءةً
                  فنمت من بعدِ هذا زهوراً حمراء زينت خدها
                  رحيقها غطى على كل هالةٍ حولها .
                  فــ ليلى والذئابُ , تختلفُ عن ليلى وذئبها الأوحدُ ...
                  تحياتي وخالص التقدير
                  ليلى هنا تختلف عن ليلى هناك
                  ربما هي الذئب !
                  أشكرك للمرور والتعليق أخي سامر السرحان
                  تحياتي
                  فوزي بيترو

                  تعليق

                  • محمد مزكتلي
                    عضو الملتقى
                    • 04-11-2010
                    • 1618

                    #10
                    المشاركة الأصلية بواسطة فوزي سليم بيترو مشاهدة المشاركة
                    لو كنت مكان العجوز لأكلتها مع قميص نومها.
                    عيني في عينك يا محمد !
                    يا راجل حرام عليك ، نحن في هم اسمه لوكا مودرتيش
                    ومحمد صلاح وميسّي ورونالدو .
                    نحن يا دوب نأكل مهلبية ، ليس لنا طاقة للعض والمضغ .
                    تحياتي أخي محمد مزكتلي
                    فوزي بيترو

                    والله سأذبح خروفاً لأجل عودتك
                    وسآكله كله، فداءً عند.
                    وفداءً عن الصبية وقميص نومها.
                    ولا مانع من أن أختم بصحن مهلبية.

                    صباح الخير.
                    أنا لا أقولُ كلَّ الحقيقة
                    لكن كل ما أقولهُُ هو حقيقة.

                    تعليق

                    يعمل...
                    X