تناقض
(مقالة ذاتية).
(مقالة ذاتية).
منذ بضعة أيام أُصبت بلمة من السآمة أو قل: بنفخة من الكآبة، أو من "ضيقة الخاطر"، وكنت قبلا، قبل دقائق، أتصفح ما نشر في بعض المنتديات الأدبية ومنها ملتقانا هذا فانتابتني حالة من الضجر، فأطفأت الحاسوب وغادرت البيت من غير وجهة محددة؛ ومن عادتي عندما أخرج هكذا بلا قصد أن آخذ كتابا بنية القراءة في الحافلة أو في المقهى أو في أي مكان أجلس فيه وأتمكن من القراءة.
خرجت من البيت وأنا لا أدري إلى أين أتوجه وفي الأخير ركبت حافلة ذاهبة إلى حي مجاور، وصلت الحي وتجولت فيه ثم دخلت مقهى على نية تناول ماء معدني والجلوس للقراءة إن سمحت الظروف لكنني لم أفتح الكتاب أصلا ومكثت هناك بعضا من الوقت ثم قصدت "المَحْسَبَ" لدفع ثمن "الماء المعدني"، ولما رأى النادل ورقة الألف دينار قال لي:"ليس لي فكة" فأخبرته بأنني سأعود إليه بعد "شحن" هاتفي وقد نفد الرصيد، فأقرني.
قصدت مكتب "الشحن" (flexy)، ومكاتب الشحن منتشرة بكثرة والسبب معلوم، وقلت للعامل:
- "حول لي 500 د.ج. لـ "جازي" من فضلك".
قلتها هكذا بالفصحى وبلا تردد وأنا أشعر في نفسي ببعض الغبطة لأنني تكلمت بالعربية الفصحى في موقع يكثر في الرطن بالأعجمية لكنني تفاجأت حين أمليت على العامل رقمي بالفرنسية (؟!!!) وشعرت بالتناقض، وزادت مفاجأتي لما أعاد العامل الرقم عليَّ بالعربية فقلت في نفسي:
- "عجبا لك يا حسين، تطلب من الرجل تحويلا بالعربية وتملي عليه الرقم بالأعجمية وها هو يكرر عليك رقمك بالعربية، ما هذا التناقض؟"
كان حديثا مع النفس وفي النفس ولم أبده للعامل، وخرجت وأنا ألوم نفسي ووقفت في موقف الحافلات للعودة إلى البيت وقد نسيت أنني تركت إناءً على النار لتدفئة قسطا من الماء لغرض صحي !!!
قد يبدو هذا الحدث شيئا تافها لا قيمة له لكنه في نظري مهم لأنني أدركت أن زعمي حب العربية ومحاولة التحدث بها في المواقع ادعاء كاذب لأنني لو كنت محبا للعربية ومناصرا لها حقا لتحدثت بها في كل مكان وفي كل زمان ولما لوَّثت لساني بتلك الأعجمية البغيضة وهو، الحدثَ، قد سبب لي حزنا عميقا وزاد من كآبتي التي أخرجتني من البيت للتسلي عنها بأشياء أخرى لكنها زادت فرجعت إلى البيت لأدرك الإناء الذي نسيته على النار وأنا أكثر سآمة من ذي قبل ولأعود إلى المنتديات الأدبية للتسلية (؟!!!) وبعض السآمة أهون من بعض.
تعليق