أزمة حقيقيّة وبرستيج كاذب
**
**
قبل ثلاثين عامًا ، خرجت جموع المتظاهرين مندّدة بالفساد والمفسدين . بادرتها السّلطات آنذاك بتنظيم انتخابات محلّيّة وتشريعيّة سهرت على إنجاحها بطريقة شفّافة وديمقراطيّة . وأدلى الشّعب فيها برأيه فكانت الكلمة الأخيرة للإسلاميّين . عرفت البلاد خلالها أزمة حادّة ، فكانت " على شفا الانهيار " - كما صرّح الرّئيس الشّاذلي بن جديد حينها – رحمه الله - بسبب الإفلاس والفساد الذي أدّى إلى أزمة متعدّدة الجوانب ... فبات لزامًا على الاسلاميين الذين وصلوا إلى مصادر القرار ، ولو محلّيًّا ، أن يتخلّصوا بادِئَ ذِي بَدْءٍ من مظاهر الفساد الذي أستنكرته جموع المتظاهرين التي خرجت يومئذٍ ، في الخامس أكتوبر 1988 ، في احتجاجات عارمة ، غجّت بها شوارع كبريات المدن الجزائريّة ، مطالبة السّلطة بمحاربة الفساد والمفسدين ، وبتحسين الأوضاع المعيشيّة . وبين الفينة والأخرى تقوم السّلطة بتنظيم ملتقيات محلّيّة وجهويّة بغرض تحسين مستوى المنتخبين المحليّين وتحسيسهم بضرورة ترشيد النّفقات العموميّة ، وتمنح صلاحيات أوسع لدوائر إدارتها الرّسميّة في ذات الوقت حتّى تضع هؤلاء المنتخبين في صورة بائسة أمام االنّاخبين الذين كانوا يدركون مكائد السّلطة فالتفّوا حول مجالسهم المنتخبة ، ممّا دفع جنرالات العسكر إلى إلغاء المسار الانتخابي جملة وتفصيلا ، خاصة بعد فوز الإسلاميين في الانتخابات التّشريعيّة بالأغلبية السّاحقة فيما بعد .من بين الملتقيات التي حضرتها ، لقاء عنّابة الجهوي ، والذي جمع رؤساء المجالس الشعبيّة البلديّة ، معظمهم من حزب " الإنقاذ " الإسلامي المُحَل ، بكوادر مركزيّة جاؤوا خصّيصًا لتضييع الأوقات وهدرها في شرح بعض الأمور البسيطة في التسيير. في حين كان أولى وأجدر بهذه السّلطات أن تعزّز صلاحيات المنتخب المحلّي حتّى يقوى على تأدية واجبه على أحسن وجه ثمّ تحاسبه إن هو أخطأ فيما بعد ، وكان من بين هؤلاء المنتخبين ، إطارات وطنيّة وأساتذة متخصّصين في التسيير المالي والإداري ، حضروا لهذا الملتقى ، بروح جادّة ومعنويات جدّ مرتفعة .السلطات المركزيّة التي نظّمت المُلتقى بهدف تحسيس المنتخبين بضرورة ترشيد النّفقات العموميّة بالتّقليل من نفقات " البرستيج " ، كانت بالمقابل ، ترخّص لموظّفيها السّامين باستغلال موارد الدّولة والوسائل العموميّة في المنافع الخاصّة . الأمر الذي دفع برئيس بلدية عنّابة إلى غلق المركز الثقافي الإيطالي : " الذي بات يُعلّم بنات العائلات المحترمة كيف تهدر أوقاتها الثمينة وعشرات الملايين من الدّينارت في " الشطيح والرّديح " واستعراض المفاتن ، في الوقت الذي تعرف فيه أغلبيّة أحياء مدينة ( عنّابة ) أزمة مياه حادّة " .- كما أكّد رئيس بلديتها المُنتخب ذلك للحاضرين من خلال الكلمة التي تناولها مباشرة - .
بعد ثلاثين عامًا ، وبعدما تخلّص النّطام وأعوانه من الإسلاميين ، عادت الأزمة والفساد ، ومعها الأمراض القديمة إلى الظّهور من جديد . ومن الحصبة " البوحمرون " و الكوليرا إلى الدّينار المُنهار و فضائح الكوكايين ، ومياه الأمطار التي سقطت مؤخّرًا و أسالت الكثير من الحبر معها ، وعرّت البُنى التّحتيّة لتفضح كل الفاسدين ... إلى الإعلام وقنواته البائسة التي لا تتوانى في التّرويج للعفن والمُتعفّنين ؛ ومن الفن الرّديء و كلامه البذيء ، إلى الموضات الغريبة الغريبة بالوانها وأصنافها ، والتي بدأت تأخذ في الإزديّاد بالتعمّق في نشر الخلاعة التي تبرز مفاتن الأنثى وتشهد على تخنّث الذّكور .
هل أخطأ ( محمّد علي كلاي ) - رحمه الله - في ردّه على الصّحفي المُلحد الذي استفزّه بقوله " ما الخطأ في لبس التنّورات القصيرة والبنطلونات الضيّقة ؟ا " ، حين قال : " بالنّسبة لنا هذه الأشياء تصميمات أوروبيّة.. إذهب إلى البلاد الاسلاميّة وأفريقيا واطلب من المرأة أن تلبس ملابس قصيرة ..فإنّهم سيقبضون عليك " ؟.
لقد بات عرض الأزياء في الصّالونات الجزائريّة يحظى بدعمٍ رسميٍّ وسبقٍ إعلاميٍّ لا نظير له ، ولا مثيل . ولا قبيل به للمجتمع الجزائري ، والذي حارب اعتى الجيوش في العالم نصرة لدينه ووطنه . وما إن تحرّر من " الميني جيب " و " الميكروجيب " وبقيّة الظّواهر السّلبيّة والآفات … والتي حاولت فرنسا جاهدة وعملت على ترسيخها في سلوك المجتمع الجزائري المُسلِم المُحافظ وعقيدته ، حتّى خرجت عليه " المانيكانات " كاسيات عاريات مميلات مائلات . ورحم الله شّاعرنا المفدّى الذي سُئِلذات يوم عن رأيه في ظاهرة " الميكرو جيب" ، المتفشية حينها في المجتمع الجزائري ، في السبعينيّات ، فردّ قائلاً : " بالأمس كان " الميني جيب " ، واليوم صار "الميكروجيب " ، وغدًا سيكون " دون جيب " .فهل معنى هذا أن البلاد ستشهد منافسة حقيقيّة في صناعة الجنس عمّا قريب ؟
بعد ثلاثين عامًا ، وبعدما تخلّص النّطام وأعوانه من الإسلاميين ، عادت الأزمة والفساد ، ومعها الأمراض القديمة إلى الظّهور من جديد . ومن الحصبة " البوحمرون " و الكوليرا إلى الدّينار المُنهار و فضائح الكوكايين ، ومياه الأمطار التي سقطت مؤخّرًا و أسالت الكثير من الحبر معها ، وعرّت البُنى التّحتيّة لتفضح كل الفاسدين ... إلى الإعلام وقنواته البائسة التي لا تتوانى في التّرويج للعفن والمُتعفّنين ؛ ومن الفن الرّديء و كلامه البذيء ، إلى الموضات الغريبة الغريبة بالوانها وأصنافها ، والتي بدأت تأخذ في الإزديّاد بالتعمّق في نشر الخلاعة التي تبرز مفاتن الأنثى وتشهد على تخنّث الذّكور .
هل أخطأ ( محمّد علي كلاي ) - رحمه الله - في ردّه على الصّحفي المُلحد الذي استفزّه بقوله " ما الخطأ في لبس التنّورات القصيرة والبنطلونات الضيّقة ؟ا " ، حين قال : " بالنّسبة لنا هذه الأشياء تصميمات أوروبيّة.. إذهب إلى البلاد الاسلاميّة وأفريقيا واطلب من المرأة أن تلبس ملابس قصيرة ..فإنّهم سيقبضون عليك " ؟.
لقد بات عرض الأزياء في الصّالونات الجزائريّة يحظى بدعمٍ رسميٍّ وسبقٍ إعلاميٍّ لا نظير له ، ولا مثيل . ولا قبيل به للمجتمع الجزائري ، والذي حارب اعتى الجيوش في العالم نصرة لدينه ووطنه . وما إن تحرّر من " الميني جيب " و " الميكروجيب " وبقيّة الظّواهر السّلبيّة والآفات … والتي حاولت فرنسا جاهدة وعملت على ترسيخها في سلوك المجتمع الجزائري المُسلِم المُحافظ وعقيدته ، حتّى خرجت عليه " المانيكانات " كاسيات عاريات مميلات مائلات . ورحم الله شّاعرنا المفدّى الذي سُئِلذات يوم عن رأيه في ظاهرة " الميكرو جيب" ، المتفشية حينها في المجتمع الجزائري ، في السبعينيّات ، فردّ قائلاً : " بالأمس كان " الميني جيب " ، واليوم صار "الميكروجيب " ، وغدًا سيكون " دون جيب " .فهل معنى هذا أن البلاد ستشهد منافسة حقيقيّة في صناعة الجنس عمّا قريب ؟