ويهطل المطر ...!!!!
أشمّ رائحة المطر مقدّسة
تهطل من عينيكِ وهي تدقّ تراتيل طقوسه المؤلمة..
على صفحات تاريخ مصلوبة.
وكل عام تُقبلُ محمّلة بطقوس الرّحمة، والقلوب مغلقة..
تهطل، والأزقّة خاوية، والصّمت يقتل المدينة، وصقيع نشيده على ألسنة الأطفال قد ذاب تحت قطراته الدامعة.
تقطٌعت أوتاره، من سنابل القمح وهي تستغيث..
اشتعلت جروحنا ناراً في الغربة من شهوة الضّياع...
تركنا آلامنا تضربها قطرات الموت على ضفاف بردى...
فأيّ عقوق تحمل في ظلّك أيها المطر، وأفواه الحقول مفتّحة للعطش؟!
في أيّ عقوق أتيت وقد غادرتك الخصوبة علناً..؟!
وخيرك في الشرق ما زال صائماً، وانسدل الباب قلقاً، بعد أن هجعت الحمائم في المقبرة.
تذكرت سجني الذي كان يقبع عند شظايا البيوت المهدّمة..
صار الوداع يطرب مع الدّموع الحارقة..
وكلمة الحبّ تفتّتت وأتلفت، بعد أن نام المطر في مدينة الضباب،
والبوصلة مفقوءة العينين، والدّولاب ما زال في دورانه، من هذيان البصر ووشم الخطيئة، وما زلنا نلوك المؤامرة على صفحات الغيم وفي جنح الظلام، والليل يسامر التخاذل، وأطفال شابت وهي تعتكف الألم والجوع، بعد أن أغلق القمر بابه، والنجوم استرخت للرحيل، وأشواك الصبر تمرّدت بالغرز في أنامل مبتورة...
إلا أن رشقاتك يا مطر تطربني.. تعانقني... بعد أن هدرت نبرة الصمت بترنيمة عام جديد، بعد أن غسلت الصّمغ من ذاكرة الليل على اللوحة السنوية، ومسحت قطرات الدم التي تتدحرج من فرار، ولثمت وكظمت أفواه الحزن التي تنوح على شفاه الشّمس من وشاح اللصوص، وهي تستقيل من عام مضى، قد فقدت فيه مفتاح الهوية الذي ضاع عبر السنين.
ويهطل المطر
ليغسل ذاكرة الأحزان من تخومها..
ليتراقص على ورق التاريخ جبراً، بخمرة معتقة من ذلك الماضي الذي ما زال يقرع الجدران الصماء..
ويهطل المطر
ليمسح عن الأرض جفافها وأحزانها..
ويهطل المطر
ليطرد غيوم السماء..
ليمسح غبار البشر..
ليعيد اخضرار الطمأنينة ..
لتتفتح أزهار المحبة بين أذرع الوطن الذي ننتظره عند أقدام الصحوة..
.
.
.
.
.
جهاد بدران
فلسطينية
أشمّ رائحة المطر مقدّسة
تهطل من عينيكِ وهي تدقّ تراتيل طقوسه المؤلمة..
على صفحات تاريخ مصلوبة.
وكل عام تُقبلُ محمّلة بطقوس الرّحمة، والقلوب مغلقة..
تهطل، والأزقّة خاوية، والصّمت يقتل المدينة، وصقيع نشيده على ألسنة الأطفال قد ذاب تحت قطراته الدامعة.
تقطٌعت أوتاره، من سنابل القمح وهي تستغيث..
اشتعلت جروحنا ناراً في الغربة من شهوة الضّياع...
تركنا آلامنا تضربها قطرات الموت على ضفاف بردى...
فأيّ عقوق تحمل في ظلّك أيها المطر، وأفواه الحقول مفتّحة للعطش؟!
في أيّ عقوق أتيت وقد غادرتك الخصوبة علناً..؟!
وخيرك في الشرق ما زال صائماً، وانسدل الباب قلقاً، بعد أن هجعت الحمائم في المقبرة.
تذكرت سجني الذي كان يقبع عند شظايا البيوت المهدّمة..
صار الوداع يطرب مع الدّموع الحارقة..
وكلمة الحبّ تفتّتت وأتلفت، بعد أن نام المطر في مدينة الضباب،
والبوصلة مفقوءة العينين، والدّولاب ما زال في دورانه، من هذيان البصر ووشم الخطيئة، وما زلنا نلوك المؤامرة على صفحات الغيم وفي جنح الظلام، والليل يسامر التخاذل، وأطفال شابت وهي تعتكف الألم والجوع، بعد أن أغلق القمر بابه، والنجوم استرخت للرحيل، وأشواك الصبر تمرّدت بالغرز في أنامل مبتورة...
إلا أن رشقاتك يا مطر تطربني.. تعانقني... بعد أن هدرت نبرة الصمت بترنيمة عام جديد، بعد أن غسلت الصّمغ من ذاكرة الليل على اللوحة السنوية، ومسحت قطرات الدم التي تتدحرج من فرار، ولثمت وكظمت أفواه الحزن التي تنوح على شفاه الشّمس من وشاح اللصوص، وهي تستقيل من عام مضى، قد فقدت فيه مفتاح الهوية الذي ضاع عبر السنين.
ويهطل المطر
ليغسل ذاكرة الأحزان من تخومها..
ليتراقص على ورق التاريخ جبراً، بخمرة معتقة من ذلك الماضي الذي ما زال يقرع الجدران الصماء..
ويهطل المطر
ليمسح عن الأرض جفافها وأحزانها..
ويهطل المطر
ليطرد غيوم السماء..
ليمسح غبار البشر..
ليعيد اخضرار الطمأنينة ..
لتتفتح أزهار المحبة بين أذرع الوطن الذي ننتظره عند أقدام الصحوة..
.
.
.
.
.
جهاد بدران
فلسطينية
تعليق