هو الخصم والحكم

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • جلال داود
    نائب ملتقى فنون النثر
    • 06-02-2011
    • 3893

    هو الخصم والحكم

    أن ألتقيك كانت أمنية...
    ثم تضخّمتْ الأمنية فصارت أمرا حتميا وهدفا لا بد من الوصول إليه وإن طال السفر.
    ثم تحول الأمر إلى ضرورة مُلِحّة ....
    وأخيرا قمت بتشخيص حالتي ( بأن لقياك ) ستكون كعملية ضخ الدم في جسد لازمه النزف وأدْمن التأوُّه سرا وعلانية.
    حُجّتك كانت أنك لا تعرفينني تلك المعرفة التي تستوجب هذا اللقاء.
    ألم يهمس لك هامس بأنني هو ذاك الذي راود أحلامك ذات ربيع؟
    وأنني الذي أحاط شتاؤك بدفء لم تألفيه ؟
    وأنني الذي نفث في صيفك النسائم وجعل الفراشات تصفق أجنحتها على نوافذك ؟ وألْهّمَ الطير التغريد على شرفاتك ؟
    ألم يطرق صوتي جدار صمتك فتحوّل إلى نداء خفي يرقد على حواف الحس وجدران الحدْس؟
    ألم يخفق قلبك ولو لوهلة؟
    أعلم أن كل هذا قد حدث ولكنك تتهيبين الولوج إلى دهاليز العشق وسراديب الهوى.
    لا ألومك، فأنت رغم معرفتك أبجديات الحب، إلا أنك تهابين الولوج إلى صفحات قواميسه ، ولم تكلِّفي نفسك عناء البحث في أضابير العشاق بحثا عن معاني مفردات الهوى، ولم تجالسي من وقعن في لجة الغرام لتعرفي المداخل والمخارج والحركة والسكون، بل اكتفيت بإحكام إغلاق نوافذ قلبك البكر وأبوابه، بينما في ذات الوقت تسترقين السمع ، تتسقطِّين الأخبار فتأتيك شذرات لا تطفئ لك عطشا ولا تسد لك رمقا.
    لا ألومك، ولا أعتب عليك، ولا أدري كيف ولج هذا الخوف إلى قلبك، ومن ذا الذي وضع لك تلك المحاذير والخطوط الحمراء في هذه المسالك.
    فالحب سيدتي معركة ثلاثية الأقطاب ( القلب والعاشق والمعشوق ) ، ورغم أنها معركة متكافئة نوعا ما وبكامل القوى العقلية ، إلا أنه يجندل طرفين فقط في ساحات النزال.
    بينما القلب يقف متفرجا يشاهد الطرفين ينزفان ولكنه يقف لا يحرك ساكنا ،
    ويراهما صرْعَى ولكنه لا يمد يد العون والغوث ، بل يقف من كل هذا وذاك في انتظار أن يقف الصريعان على الأقدام ويحملانه هو في رحلته ، ويحلقان به فوق هامات السحب رغم الوهن وقواهما الخائرة. ثم بعد أنجلاء غبار هذه الواقعة ، يبدأ في بث بلسمه في رفق وتؤدة ، ويبدأ في نثر ترياقه على جراحه الغائرة التي أحدثها.
    هو الخصم والحَكَم. فأين المفر ؟
    هو الجارح والمبرئ. صفتان متلازمتان كالشهيق والزفير.
    هو الزعاف والترياق. مَن يبرأ بترياقه يتُوُقُ إلى سريانه.
    ثم ماذا سيدتي ؟ هل كنتِ تختبرينني ؟
    إن كان الأمر كذلك فأنت لم تُحْسِني وضع اختبارك ولم تقدميه بشكل لائق.
    دائما ما يكون الاختبار شاحذا للهمم، ومحفِّزا لنيل المبتَغَى، يستخلص مخزون العقل والقلب معا.
    ولكن الأمر معك أصابني بالخذلان.
    كان اختبارا أنا واثق من أنني اجتزته بجدارة.
    فإذا بسيف الصد وسوط تثبيط الهمم يلهبان ظهر الأمل الذي سرعان ما أنحنى ظهره وانقصم وخبا نوره ثم أنزوى يلعق جراحا بدأتْ تبرأ ...
    وبعد كل هذا وذاك ، تتّبعين نفس المسالك لتعود المياه إلى مجاريها ، بينما أنت أدرَى الناس بأنها مسالك لا تصلح لقوافلي، لأنها مسالك تعج بالأسرار ويسود مسارها الغموض.
    لقد شفيتُ ، وبرأ الجرح واندمل ، وعزائي الوحيد هو أن قلبي الذي أدمن الحزن طويلا ، وقف صامدا يتلقى هذه السياحة الحزينة بعزيمة المجرّب وصموده.
  • همس العامري
    أديب وكاتب
    • 01-01-2013
    • 909

    #2
    من القلب تكتب والى القلب تصل كلماتك
    لك ألف تحية ورسائل شكر أستاذنا وشاعرنا المُعلم جلال داود
    التعديل الأخير تم بواسطة همس العامري; الساعة 29-01-2019, 20:30.

    الأرض لاتنسى جباه الساجدين
    والليل لاينسى دعاء العابدين


    اللهم برحمتك يا أرحم الراحمين
    ارحم جميع أموات المسلمين وأغفر لهم

    تعليق

    • جلال داود
      نائب ملتقى فنون النثر
      • 06-02-2011
      • 3893

      #3
      المشاركة الأصلية بواسطة همس العامري مشاهدة المشاركة
      من القلب تكتب والى القلب تصل كلماتك
      لك ألف تحية ورسائل شكر أستاذنا وشاعرنا المُعلم جلال داود
      تواجدك يغري بالمواصلة
      تحية كبيرة استاذتنا همس

      تعليق

      • سوسن مطر
        عضو الملتقى
        • 03-12-2013
        • 827

        #4

        ..

        " هو الخصم والحَكَم. فأين المفر ؟ "

        فعلاً لا مفر، ويبقى الإنسان يواجه هذا الخصم تارةً
        وتارةً يتلقّى منه الأحكام ويسمعه ويطيعه،
        وهي مشكلة حقاً: الوقوف بين هذا وذاك...

        أسلوبك مُلفت دوماً أستاذ جلال ولك طابع غنيّ يُميّزك دوماً

        لك أطيب التحايا والشكر على ما تنشر

        ..

        تعليق

        • جلال داود
          نائب ملتقى فنون النثر
          • 06-02-2011
          • 3893

          #5
          المشاركة الأصلية بواسطة سوسن مطر مشاهدة المشاركة

          ..

          " هو الخصم والحَكَم. فأين المفر ؟ "

          فعلاً لا مفر، ويبقى الإنسان يواجه هذا الخصم تارةً
          وتارةً يتلقّى منه الأحكام ويسمعه ويطيعه،
          وهي مشكلة حقاً: الوقوف بين هذا وذاك...

          أسلوبك مُلفت دوماً أستاذ جلال ولك طابع غنيّ يُميّزك دوماً

          لك أطيب التحايا والشكر على ما تنشر

          ..

          تحياتي استاذتنا سوسن
          مرورك هنا يغري بالمواصلة
          دمتم

          تعليق

          • جهاد بدران
            رئيس ملتقى فرعي
            • 04-04-2014
            • 624

            #6
            قرأت هنا لوحة فنية رائعة بارعة النسيج متقنة البناء ..
            جمالها وسحرها كان بفعل الصدق الناطق من الأعماق..بفعل المشاعر التي حولت الحروف لمنظومة متحركة أجادت فناًّ تعبيريّاً متقناً..استحوذت مفاصله على التشويق والإثارة وسكب النص في قلب المتلقي كمرآة قرأنا عبرها مواجع وأحاسيس الكاتب وانتصاره على دائرة الحزن التي كان يتجرعها على فترات من الزمن..
            الكاتب استطاع أن يقدم تشريح فني متقن لمشاعره عبر خطوط الحروف التي لملمت مواجعه في صورة ذات بهاء وحسن وإحكام..حيث كشف المخزون المتراكم داخله لتعرية الأوجاع التي تقض مضجعه وتتهالك روحه مع رياح الغربة مع من يحب..هذا التفكيك المتقن لجيوب قلبه كان بمثابة تطهير ذاتي من علق الماضي للارتقاء بجنة الذات بعيداً عن المواجع وسياط الخصم..وعن طريق الوجع الذي أثار ذائقة الكاتب فقد أفرزت طاقته الإبداعية ما فجرّت فيه مسامات التفكير التي لامست واقعه المرير لترتفع معه نسبة الانفعال الغارقة بين مسامات قلبه ومشاعره..ثم يتم عبرها تفاعل الإحساس الداخلي مع عناصر النص بانسيابية متقنة وضّحت تلك الحلقة التي يعيشها الكاتب مع أوجاعه لتنساق بجمالية عذبة مع مفرداته المنتقاة وفكره المتناسل وعياً ودراية بجوانب اللغة المتقدة المتوهجة حتى شعرنا بأن اللفظة تنقاد له طواعية من خلال سيطرتهوالشديدة على زمام الألفاظ الدقيقة بأسلوب التشويق الإبداعي وتصوير مشاعره الحية بإتقان بارع...
            الأديب الكبير الشاعر الراقي البارع حرفه
            أ.جلال داود
            لقد صوّرتم ملكة إحساسكم وذاتكم الشاعرة ببراعة يشهد لها المتلقي حين يعيش لحظات الوجع التي تداركتكم..
            لوحة بارعة التصاوير حية المشاعر شيقة بمفرداتها المنتقاة..
            وفقكم الله لنوره ورضاه..
            .
            .
            جهاد بدران
            فلسطينية
            .
            .
            همسة...
            أليست كلمة:
            أنحنى ...... انحنى
            أنزوى......انزوى
            أليست الهمزة هي همزة وصل؟!
            اعذروا خربشاتي التي لا تنقص من النص شيئاً من جمالياته ..

            تعليق

            • جلال داود
              نائب ملتقى فنون النثر
              • 06-02-2011
              • 3893

              #7
              المشاركة الأصلية بواسطة جهاد بدران مشاهدة المشاركة
              قرأت هنا لوحة فنية رائعة بارعة النسيج متقنة البناء ..
              جمالها وسحرها كان بفعل الصدق الناطق من الأعماق..بفعل المشاعر التي حولت الحروف لمنظومة متحركة أجادت فناًّ تعبيريّاً متقناً..استحوذت مفاصله على التشويق والإثارة وسكب النص في قلب المتلقي كمرآة قرأنا عبرها مواجع وأحاسيس الكاتب وانتصاره على دائرة الحزن التي كان يتجرعها على فترات من الزمن..
              الكاتب استطاع أن يقدم تشريح فني متقن لمشاعره عبر خطوط الحروف التي لملمت مواجعه في صورة ذات بهاء وحسن وإحكام..حيث كشف المخزون المتراكم داخله لتعرية الأوجاع التي تقض مضجعه وتتهالك روحه مع رياح الغربة مع من يحب..هذا التفكيك المتقن لجيوب قلبه كان بمثابة تطهير ذاتي من علق الماضي للارتقاء بجنة الذات بعيداً عن المواجع وسياط الخصم..وعن طريق الوجع الذي أثار ذائقة الكاتب فقد أفرزت طاقته الإبداعية ما فجرّت فيه مسامات التفكير التي لامست واقعه المرير لترتفع معه نسبة الانفعال الغارقة بين مسامات قلبه ومشاعره..ثم يتم عبرها تفاعل الإحساس الداخلي مع عناصر النص بانسيابية متقنة وضّحت تلك الحلقة التي يعيشها الكاتب مع أوجاعه لتنساق بجمالية عذبة مع مفرداته المنتقاة وفكره المتناسل وعياً ودراية بجوانب اللغة المتقدة المتوهجة حتى شعرنا بأن اللفظة تنقاد له طواعية من خلال سيطرتهوالشديدة على زمام الألفاظ الدقيقة بأسلوب التشويق الإبداعي وتصوير مشاعره الحية بإتقان بارع...
              الأديب الكبير الشاعر الراقي البارع حرفه
              أ.جلال داود
              لقد صوّرتم ملكة إحساسكم وذاتكم الشاعرة ببراعة يشهد لها المتلقي حين يعيش لحظات الوجع التي تداركتكم..
              لوحة بارعة التصاوير حية المشاعر شيقة بمفرداتها المنتقاة..
              وفقكم الله لنوره ورضاه..
              .
              .
              جهاد بدران
              فلسطينية
              .
              .
              همسة...
              أليست كلمة:
              أنحنى ...... انحنى
              أنزوى......انزوى
              أليست الهمزة هي همزة وصل؟!
              اعذروا خربشاتي التي لا تنقص من النص شيئاً من جمالياته ..
              تحياتي استاذ جهاد
              ولك الشكر على المرور البهي
              والشكر على ملاحظاتك اللغوية
              دمتم

              تعليق

              يعمل...
              X