أصبحتَ بعيدا....

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • سليمى السرايري
    مدير عام/رئيس ق.أدب وفنون
    • 08-01-2010
    • 13572

    أصبحتَ بعيدا....


    أصبحتَ بعيدا....
    -----------------//


    تساءلتُ فجأة أين أنتَ الآن؟
    لا شيء هنا سوى بعض أركانٍ تتنهّد ونوافذ صامتة كنتَ تفتحها كل صباح ونحن نيام أصبحت بدورها أكثر غربة وغرابة.
    شعرتُ برجفة وكأنّي بردانة هذا الصباح والشمس تتسلّل من بين الستائر حالمة كعادتها غير عابئة بما يكتنفنا كلّ يوم من أوجاع .
    تقوم بواجبها ثم ترحل بهدوء مخلّفة وراءها ألوانا وانتظارا...
    لماذا لا أترك باب حلمي مفتوحا قليلا إذا ؟ لعلّك تطلّ عليّ ويعاودك ذلك الحنين لضمّي وتقبيل رأسي الصغير الذي امتلأ اليوم بالهموم...
    كم قاسٍ هذا الغياب وأنا استعيد كل تفاصيل حياتي معك...هل أنسى حين تدخل كلّ مساء "بقراطيس" المكسّرات لنسهر على كأس الشاي الأخضر الذي تحبه خفيفا وأكثر سكّرا؟؟
    أكاد ألمحك وأنت تحتفي بضحكاتنا ..
    أدرك جيّدا بأنك لن تعود إلى هنا، خيّرت مكانا آخر ومدينة أجمل من مدينتنا هذه المكتظة بالضجيج والقلق والنفاق...
    هناك ربّما مساحة هدوء ونسيم نقيّ وعصافير خضراء وصفراء تزقزق طربا لحدائقك الغنّاء ...
    هل تذكر عصافير شارعنا الطويل وهي تملأ السماء البعيدة في حلقات لولبيّة خارقة؟؟
    كنّا نشاهدها معا في مساءات القهوة التي نرتشفها حين عودتي من العمل ... قهوتي التي تحبّها يا أبـــــي.....
    تجنّبتُ من أوّل كتابة هذه الكلمات أن لا أناديك بأبي، فالألم يعتصرني بشدّة – أشتاااااااااااق أن أنادي أبي...
    ياااه كم هي غالية هذه الكلمة.... !!!!
    من سأنادي الآن؟؟ غصّة في حلقي تأبى الخروج – يأبى كلّ شيء أن يكون جميلا كما كان حين كان الوقت يغنّي وقلوبنا تراقص أمانينا الكثيرة التي لا أحد يحققها سواك.....
    يا أبي الذي لا تتكرّر.... يا وطنا كبيرا لا ظلم فيه ولا ضياع.....
    كم يلزمني من عمر لكي أتوقّف عن هذا الحزن الكبير بلا أنت.....؟؟؟
    يعتقد البعض أنّ ثيابي الملوّنة وشعري المنسدل وابتسامتي الحاضرة، انّي خالية من الوجع....وجع الفقد وجع الوحدة وجع الاشتياق إليك حدّ الجنون...
    وانت يا أبي من علّمتني حب تلك الألوان.... وأنا صغيرة كنتَ تصنع لي دمى الحلوى وتحضر لي فساتين ملوّنة في الأعياد... علّمتني كيف ابتسم حتى في أحلك الظروف لكي نخفف وطأة المصاب.....
    لا شيء أنساه حبيبي يا أبي، حتى ادوات حلاقتك وصندوقك الصغير الذي أجد فيه بقايا رائحتك...
    لا شيء يمكن نسيانه مهما أخذتني الحياة بحلوها ومرّها بنجاحها وفشلها فتتقاذفني تيارات الذكرى إلى النظرة الاخيرة على وجهك وانت ممدّد وكانّك تبتسم..، تنبعث منك رائحة طيّبة ...
    واليوم في ذكرى وفاتك، مازال السؤال قائما : هل رحلتَ فعلا؟؟؟
    ألن تعود ذات مساء تحمل بين يديك قراطيس اللوز وابتسامة بحجم الأفق؟؟
    فبمن احتفي أنا يا أبــــــي؟ وتونس تحتفي بعيد الآباء؟
    لا أحد يملأ مكانك الشاغر، ولا أحد سيشاركني مساءات القهوة وابتسامة ظلّت مثلي يتيمة تنشد كلمة : أبــــــي.
    -
    سليمى السرايري



    لا تلمني لو صار جسدي فاكهة للفصول
  • مصباح فوزي رشيد
    يكتب
    • 08-06-2015
    • 1272

    #2
    صباحك سعيد وطاب يومك أديبتنا الرّائعة ، أحسن الله عزاءك وجبر مصابك وغفر لوالدك سيّدتي .
    غلبكِ قهر الحنين وحملتكِ عبارات الشّوق على أجيج البوح فلم تعودي قادرة على سجنها وغلقها وأبيت لعنة كتمانها ، لمن كان سماء و أرضا لكِ و وطنا بلا قيد ولا حدود ، وكنت أنت حمامة له ، تنعمين بين أحضانه بالدفء والأمان .
    من سيعوّضك غيره عن هذا الوجدان والدفء والحنان ؟
    سيّدتي الغالية ، إنه إذا مات أحدهما ، نادى منادٍ من السّماء ؛
    " يابن آدم قد مات من كنّا نكرمك من أجله فاعمل عملا صالحا نكرمك من أجله " .
    يقول الشّافعي - رحمة الله الواسعة عليه - :
    إِنّي أُعَزّيكَ لا أَنّي عَلى طَمَعٍ
    مِنَ الخُلودِ وَلَكِن سُنَّةُ الدينِ
    فَما المُعَزّى بِباقٍ بَعدَ صاحِبِهِ
    وَلا المُعَزّي وَإِن عاشا إِلى حينِ
    وإني - بعد إذنك - أنقل هذه المشاعر النّبيلة ، إلى حيث ابنتي البكر غيّبتها عنّي الأقدار ، لعلّها تكون بلسما لفراقها الذي دام ستة أعوام وعسى تكفكف عنها دموع الأحزان .






    التعديل الأخير تم بواسطة مصباح فوزي رشيد; الساعة 17-06-2019, 05:56.
    لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ

    تعليق

    • سليمى السرايري
      مدير عام/رئيس ق.أدب وفنون
      • 08-01-2010
      • 13572

      #3
      المشاركة الأصلية بواسطة مصباح فوزي رشيد مشاهدة المشاركة
      صباحك سعيد وطاب يومك أديبتنا الرّائعة ، أحسن الله عزاءك وجبر مصابك وغفر لوالدك سيّدتي .
      غلبكِ قهر الحنين وحملتكِ عبارات الشّوق على أجيج البوح فلم تعودي قادرة على سجنها وغلقها وأبيت لعنة كتمانها ، لمن كان سماء و أرضا لكِ و وطنا بلا قيد ولا حدود ، وكنت أنت حمامة له ، تنعمين بين أحضانه بالدفء والأمان .
      من سيعوّضك غيره عن هذا الوجدان والدفء والحنان ؟
      سيّدتي الغالية ، إنه إذا مات أحدهما ، نادى منادٍ من السّماء ؛
      " يابن آدم قد مات من كنّا نكرمك من أجله فاعمل عملا صالحا نكرمك من أجله " .
      يقول الشّافعي - رحمة الله الواسعة عليه - :
      إِنّي أُعَزّيكَ لا أَنّي عَلى طَمَعٍ
      مِنَ الخُلودِ وَلَكِن سُنَّةُ الدينِ
      فَما المُعَزّى بِباقٍ بَعدَ صاحِبِهِ
      وَلا المُعَزّي وَإِن عاشا إِلى حينِ
      وإني - بعد إذنك - أنقل هذه المشاعر النّبيلة ، إلى حيث ابنتي البكر غيّبتها عنّي الأقدار ، لعلّها تكون بلسما لفراقها الذي دام ستة أعوام وعسى تكفكف عنها دموع الأحزان .


      أستاذي الكريم العزيز مصباح فوزي رشيد،

      لا تسل مقدار فرحي وأنت تمرّ من أحزاني فعادة الناس لا تقرأ نصوص الموت والحزن القاتم
      لكنّي جعلتها رسالة أدبيّة فالأموات أيضا نراسلهم من حين لآخر....
      شكرا لأنّك هنا... ولأنّك احتويت هذه اللحظات........
      رحم الله ابنتكم ورحم الله جميع الأعزّاء الذين أعتبرهم موجدين غير مرئيين ، لكنهم ليسوا بغائبين.
      « Les morts sont les invisibles, mais ils ne sont pas les absents ».

      لكم فائق الشكر سيّدي


      لا تلمني لو صار جسدي فاكهة للفصول

      تعليق

      • مصباح فوزي رشيد
        يكتب
        • 08-06-2015
        • 1272

        #4
        المشاركة الأصلية بواسطة سليمى السرايري مشاهدة المشاركة

        أستاذي الكريم العزيز مصباح فوزي رشيد،

        لا تسل مقدار فرحي وأنت تمرّ من أحزاني فعادة الناس لا تقرأ نصوص الموت والحزن القاتم
        لكنّي جعلتها رسالة أدبيّة فالأموات أيضا نراسلهم من حين لآخر....
        شكرا لأنّك هنا... ولأنّك احتويت هذه اللحظات........
        رحم الله ابنتكم ورحم الله جميع الأعزّاء الذين أعتبرهم موجدين غير مرئيين ، لكنهم ليسوا بغائبين.
        « Les morts sont les invisibles, mais ils ne sont pas les absents ».

        لكم فائق الشكر سيّدي


        [/RIGHT]
        هوني عليك سيّدتي ؛ ليس الأموات الذين يهجروننا بأجسادهم وتبقى صور ذكراهم وأطيافهم حاضرة معنا . لكن الأموات هم اولئك الذين اجسادهم حاضرة ، لكن عقولهم ومشاعرهم غائبة .
        (
        il n'y a pire sourd que celui qui ne veut entendre

        )
        لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ

        تعليق

        • سوسن مطر
          عضو الملتقى
          • 03-12-2013
          • 827

          #5

          ..

          رحِمَ الله والدَكِ -سليمى- رحمةً واسعة وجعلَ جنّات النعيم مثواه.

          نحنُ نشكر الله أن جعل في حياتنا أُناس أحبونا بصدق وبلا مقابل
          أُناس رغم رحيلهم نشعر أنهم لم يفارقونا
          تكفي ذكراهم لأن ترسم البسمة على وجوهنا وتُسعدنا
          وكأنهم أجمل شيء وهبنا الله إياه
          ولكن هذا هو حال الحياة.. كل شيء إما أن يُغادرنا أو نغادره
          أما نحن، فيمكن لقلوبنا أن تحتفظ بكل شيء عابق طالما نحن أحياء

          كنتُ هنا مع هذه المشاعر الصادقة العطرة الثمينة التي خطتها يدكِ والفؤاد..
          ولكِ باقات الورد التي تستحقين

          مودتي

          ..

          تعليق

          • سليمى السرايري
            مدير عام/رئيس ق.أدب وفنون
            • 08-01-2010
            • 13572

            #6
            المشاركة الأصلية بواسطة سوسن مطر مشاهدة المشاركة

            ..

            رحِمَ الله والدَكِ -سليمى- رحمةً واسعة وجعلَ جنّات النعيم مثواه.

            نحنُ نشكر الله أن جعل في حياتنا أُناس أحبونا بصدق وبلا مقابل
            أُناس رغم رحيلهم نشعر أنهم لم يفارقونا
            تكفي ذكراهم لأن ترسم البسمة على وجوهنا وتُسعدنا
            وكأنهم أجمل شيء وهبنا الله إياه
            ولكن هذا هو حال الحياة.. كل شيء إما أن يُغادرنا أو نغادره
            أما نحن، فيمكن لقلوبنا أن تحتفظ بكل شيء عابق طالما نحن أحياء

            كنتُ هنا مع هذه المشاعر الصادقة العطرة الثمينة التي خطتها يدكِ والفؤاد..
            ولكِ باقات الورد التي تستحقين

            مودتي

            ..

            عزيزتي سوسن

            نعم، نحن محظوظون بذلك الحب الكبير
            ولكن الآن مع الأسف لا شيء سوى الفراغ فنحاول التقاط حبيبات الفرح من هنا وهناك...
            هناك مرارة لفقد الأب ستظلّ عالقة مهما اتّسعتْ المسافة.
            -
            من جديد امتناني
            لا تلمني لو صار جسدي فاكهة للفصول

            تعليق

            • مها راجح
              حرف عميق من فم الصمت
              • 22-10-2008
              • 10970

              #7
              رحـــم الله والدك رحمة واسعة
              ورحم آبائنا وامهاتنا جميعا
              أحيانا الذكريات تصعقنا ..فلا بد من مواساة تريح ذكرياتنا وليس لدينا سوى الكلمات نعتصرها ونرتاح
              كوني بخير جميلتنا و شاعرتنا الرقيقة سليمى
              رحمك الله يا أمي الغالية

              تعليق

              • سليمى السرايري
                مدير عام/رئيس ق.أدب وفنون
                • 08-01-2010
                • 13572

                #8
                المشاركة الأصلية بواسطة مها راجح مشاهدة المشاركة
                رحـــم الله والدك رحمة واسعة
                ورحم آبائنا وامهاتنا جميعا
                أحيانا الذكريات تصعقنا ..فلا بد من مواساة تريح ذكرياتنا وليس لدينا سوى الكلمات نعتصرها ونرتاح
                كوني بخير جميلتنا و شاعرتنا الرقيقة سليمى
                الغالية مها


                نعم، عزيزتي، نحتاج جدا تلك المواساة وقلبا حنونا يحتوينا
                الذكريات اجمل دواء يجعلنا نبتسم..

                شكرا من القلب مع فائق المحبة.
                لا تلمني لو صار جسدي فاكهة للفصول

                تعليق

                • سليمى السرايري
                  مدير عام/رئيس ق.أدب وفنون
                  • 08-01-2010
                  • 13572

                  #9

                  هذا المساء

                  مثل جميع المساءات الهادئة في البيت
                  أسترق النظر لذلك الكرسيّ العجوز في قاعة الجلوس
                  كأنّه يبتسم ابتسامة باهتة مليئة بالحسرة
                  الكرسيّ العاجز ان يستعيد صورتك وابتسامتك وضحكتك
                  الكرسيّ الذي بقي وفيا معنا لم يغادرنا كما فعلت يا أبي....
                  ~~~
                  ~~~~~ مازلتُ أتسمّعُ صوتك، وأقرع ُ أجراس الماضي
                  ~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~ لعلّي ألمحك
                  لا تلمني لو صار جسدي فاكهة للفصول

                  تعليق

                  • سليمى السرايري
                    مدير عام/رئيس ق.أدب وفنون
                    • 08-01-2010
                    • 13572

                    #10

                    نفتقدهم أكثر في الأعياد
                    نلمحهم يبتسمون ويملؤون الزوايا فرحا..
                    لكن حين ننتبه لخيالنا الذي صوّر لنا وجوهم،
                    .................................................ن بكي بصمت..........
                    لا تلمني لو صار جسدي فاكهة للفصول

                    تعليق

                    • سليمى السرايري
                      مدير عام/رئيس ق.أدب وفنون
                      • 08-01-2010
                      • 13572

                      #11
                      لذيذ هذا الحزن الذي يملؤني
                      ربّما لأن الحزن يساعد عن التأمّل، والوقوف على عدّة حقائق في حياة الإنسان
                      هذا الحزن الذي يمكن ترجمته قصيدة بل كتاباً ولوحات تشكيلية عديدة وعديدة
                      الحزن الذي يصبح شجرة وارفة تظللنا، لأنها وحدها من تشعر بأنيننا حين نختلي في حلكة الليل وثنايا النهار....
                      لا تلمني لو صار جسدي فاكهة للفصول

                      تعليق

                      • سليمى السرايري
                        مدير عام/رئيس ق.أدب وفنون
                        • 08-01-2010
                        • 13572

                        #12

                        -
                        هل الألوان كافية ان تغالط الناس فيعتقد البعض انك في قمة السعادة؟؟
                        هل الإبتسامة على الشفاه، كافية ان يظن المقربون إليك انك في غاية الراحة ؟

                        إذا لنصدق المثل : المظاهر خدّاعة
                        لا تلمني لو صار جسدي فاكهة للفصول

                        تعليق

                        • جلال داود
                          نائب ملتقى فنون النثر
                          • 06-02-2011
                          • 3893

                          #13
                          المشاركة الأصلية بواسطة سليمى السرايري مشاهدة المشاركة

                          -
                          هل الألوان كافية ان تغالط الناس فيعتقد البعض انك في قمة السعادة؟؟
                          هل الإبتسامة على الشفاه، كافية ان يظن المقربون إليك انك في غاية الراحة ؟

                          إذا لنصدق المثل : المظاهر خدّاعة
                          بالفعل
                          في الغالب الأعم ، تكون المظاهر خداعة
                          لذا فليكن الحكم على الاحوال بتريث

                          تحياتي استاذتنا سليمى

                          تعليق

                          يعمل...
                          X