
كلما تذكّرت مقولة ( موشي ديان ) الشهيرة : " إطمئنّوا فإن العرب لا يقرأون ، وإذا قرأوا لا يفهمون ، وإذا فهموا لايطبّقون " ، ازددت يقينا اننا لم نتجاوز محنتنا الأولى بعد ، وأن هناك طريقا لايزال طويلا.
يقول المثل الفرنسي الشهير (( On est pas sorti de l’auberge )).
في نهاية الثمانينيّات خرج الشعب الجزائري إلى الشارع يطالب بالتغيير ، فتم قمعه من طرف نظام تلقّى الإشارة من جهات معروفة تمارس الوصاية ليس على الجزائر وحسب ، بل وعلى بقية الشعوب العربية ، والتي تطمح في إرساء نظام ديمقراطي ، بقي حكرا على أمم دون غيرها .
لا تزال هذه الشعوب العربية تحلم ، فلتحلم إذن . كما قال أحد القياديين في حزب جبهة التحرير الوطني ، الحزب الحاكم في الجزائر . ويا ليته كان بالفعل حاكما ، ففي الدول العربية والمتخلّفة عموما والتي تخضع لحكم الجنرالات تعتبر مثل هذه الأحزاب واجهة لا غير .
الديمقراطية في العالم العربي تعني وصول الإسلاميين إلى سدّة الحكم ، وهذا ما لا يرضاه المرابون في العالم الذي يحلُّ لنفسه ما لا يحلُّ لغيره .
الديمقراطية في العالم العربي تعني تحرّر الشعوب العربية من التبعيّة ومن قيود الجهل والتّخلف ، وهذا ما يخشاه النّظام العالمي ، القائم على استنزاف ثروات هذه الشّعوب .
لا يزال النّظام العالمي ، هذا الذي ينادي به المرابون ، في طريقه لإعادة النّظر في معاهدة " سايكس بيكو " ، والحدود " الوهميّة " التي أُنشئت على ظهر الرّجل العثماني " المريض " ، ومرضه كان بسب العسكر ، أو الجيش الانكشاري كما كان يسمّى .
إذ أن العسكر الذي لا تجربة لديه في السياسة ، ولا يليق بها أساسا ؛ لأن مهامه الأساسية التي يخوّلها له الدّستور تتمثّل في الدّفاع عن الوطن من أي اعتداء خارجي محتمل ، وهو في ذلك شبيه بجهاز المناعة لدى الإنسان ، والذي إذا طغى تسبّب له في معاناة كبيرة ، وللسياسة أيضا رجال متمكّنون. وإذا ما أنجرّ العسكر وراء الحكم استبدّ به ، فالعسكري لا يرضى بالتداول على الحكم.
ونرى اليوم كيف يراهن النّظام العالمي الذي يقوده صهاينة المرابين في العالم على الأنظمة المستبدّة ، حياته من حياتها ، فهي معركة وجود . لذلك لا نطمح كثيرا في رؤية بزوغ الفجر ونحن نعيش في ظلام الجهل ونعاني من التخلّف .
ولن تكفي هذه المسيرات التي بدأ بها الجزائريون في مطلع التسعينيّات و على أثرهم بقية الشعوب العربية التي خرجت تنادي بالديمقراطية لكنها عادت من حيث أتت ، ولم تنل مرادها رغم إصرارها الكبير .
لن نال كرامة ولا حرية مادامت هناك تبعية لهؤلاء المرابين الأشرار الذين يحكمون العالم من خلال العملة الصّعبة واحتكارهم للبنوك. يستوجب علينا من الآن فصاعدا الأخذ باسباب العلوم والمعرفة، ومحاربة الجهل بأنواعه ، " المقدّس " مثلا ، واستغلال طاقاتنا البشرية ، وتحرير ثرواتنا التي في باطن الأرض ، والاكتفاء بما لدينا . من هنا تبدأ معركة الحريّة والكرامة الحقيقية .
تعليق