نينا والذّئاب البشريّة ( 6 )

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • مصباح فوزي رشيد
    يكتب
    • 08-06-2015
    • 1272

    نينا والذّئاب البشريّة ( 6 )

    دارت الايام ، وانشغلتُ عنها ببعض من الواجبات و المهام على كثرتها ، و ذات صباح خطر ببالي الاتّصال بأحد المعارف ، وكان ، هذا الشّخص القريب من عائلة ( نينا ) ، قد ذكّرني ذات مرّة باسمها واسم والدها . و أفشى لي ببعض من أسرار العائلة .وكذلك الخلافات التي بين الأب ، الإطار الكبير ، و زوجته " الخائنة " ، حسب قوله ...وكُلّ الذي قاله لي وسمعته منه يوافق تماما ما كانت تُسِرُّه لي ( نينا ) ؛ أمّها " الكريمة" تزوجت أباها " اللّئيم " ، لكثرة جاههِ ومالهِ ، وتعني به زواج مصلحة .لذلك لم تستقم حياة البنت ولم تعرف عيشة هنيّة في ظلّ الخلافات الكبيرة التي غذّاها الفرق الواضح في المستوى والأخلاق .
    حين تَفْسُدَ العلاقة بين الزّوحين " لا تبكي ع اللّي راح ولكن ابكي ع اللي جاي " كما ورد في المثل .للّذين يرون في الزّواج مجرّد نزوة عابرة ، أُحدّثكم عن نفسي وعن ( نينا ) وعن مأساة العشرات بل الالاف من أمثالي وأمثال البنت ، ممّن فسُدتْ معيشتهم بسبب فساد العلاقة التي بين أبويهم .وقد كانت تُباع المرأة فيما مضى، كما تُباع الشاة . فلا يعرف العريس ماذا اشترى ولا تعرف الأنثى ماذا جرى . وترتّب عن هذه " المقايضة " بالآمال والأماني ، سوء التقدير ، ونشبت خلافات بين الآباء والأمّهات ولأتفه الأسباب ، والضّحيّة دائما هي الأنثى ، لضعفها . وعصفتْ رياح المواسم العصيبة ببيت الزّوجيّة فخرّ بمن فيه ، من أبناء أبرياء تحمّلوا عبء المشاكل وقسوة الحياة . وكما يقول المثل الشّهير عندنا :" الصُّلاّح تتصارع والسّخط يسقط على البرواق ". والمقصود بالصُلاّح هنا الثّيران المتصارعة ، وبنبات البرواق الهش الأبناء الأبرياء وهم في حالة ضعف . وانظروا إلى تلكم الثّيران حين تتصارع ، ماذا تخلّف وراءها اا؟. فهل عرفتم الآن أيّها السّادة الكرام معنى الارتباط الفاسد بين الأبوين ، ومدى خطورته على مستقبل الأبناء؟. لكن كثير منا - سامحهم الله - لا يرون في هذا الارتباط سوى الجانب الغريزي المحض .ونريد أن نتكلّم بعد ذلك عن " قوام الأمّة واستقامة الأجيال " في ظلّ مفاهيم خاطئة عن طبيعة القِران ااا؟.
    فتحتُ الأجندة ، كل الأرقام فيها متشابهة عدا الذي أشرتُ إليه بالحرف اللاّتيني " آن "، وأعني به ( نينا ) باختصار . وضعت اصبعي بشكل أفقي على أوّل رقم ثم أدرته إلى اليمين ، ورحت أكرّر نفس العملية مع بقيّة الأرقام . رفعت السمّاعة ، وهتفتُ بلا تردّد : " آلو .. نينا ؟ " . لكن دون جدوى . لترُدَّ عليّ الكاسيت :
    " آسف .الرّقم الذي طلبتموه لم يعد في الخدمة " .
    وفي أحد الأيّام التقيت بذات الشخص الذي حدّثتكم عنه آنفا ، وكان يستغلّ درجة القرابة التي بينه وبين أسرة ( نينا) المشتّتة ، ليفشي لي ببعض من أسرارها .سألته عنها ، بلهفة المتشوّق المحتار : " ما أخبار البنت ؟ " ، ليخبرني بأنّها انحرفت عن جادّة الصّواب وسقطت في الرّذيلة .
    لم أعرف عنكِ أيّتها الحسناء الجميلة سوى أنّكِ صاحبة مشاعر ، وروحكِ الطّاهرة التي ظلّت ترفرف في واجدانكِ المكسور، وحبّكِ للآخرين رغم خبثهم الشّنيع ، وشغفكِ الكبير بالحياة رغم كل المآسي والصّعاب . كم من " نينا " وكم من فتاة بريئة في هذه الدّنيا اللّعينة ، سقطت فريسة سهلة في شباك الذّئاب البشريّة ، تغرز مخالبها في لحومها الهشّة و تنهشها بأنيابها المقزّزة وتهرق شرفها وكرامتها ، ولا ترحم ؟
    كم يلزم من الوقت لكي نعيد الاعتبار للأنثى ، الإنسانة المسكينة ، بأنها ليست فقط مجرّد نزوة عابرة ؟
    قتلوا ( نينا ) ، وجرّدوها من مشاعرها النّبيلة ، وحوّلوها إلى دمية جنسيّة .
    لهف نفسي على ( نينا ) .
    كيف حتّى أسقطوكِ في مستنقع الرّذيلة ؟اا
    التعديل الأخير تم بواسطة مصباح فوزي رشيد; الساعة 07-08-2019, 11:14.
    لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ
  • عمار عموري
    أديب ومترجم
    • 17-05-2017
    • 1299

    #2
    نص مؤثر فعلا ومشوق من الحلقة الأولى إلى السادسة :
    أولا، من حيث المضمون : الموضوع الذى روى مأساة اجتماعية حقيقية عن حب مستحيل، وقفت في سبيل تحقيقه موانع أسرية ونفسية، من جهة الراوي ومن جهة بطلة قصته.

    ثانيا، من حيث الشكل : السرد الذي جاء مرتبا، وترجم بأسلوب ذاتي وبكيفية صريحة مشاعر الراوي العاطفية والإنسانية الصادقة نحو بطلته، وحكى صفاتها الشخصية وسلوكاتها اليومية بالتفصيل من البداية إلى النهاية، كما قدم وصفا دقيقا لبعض الأماكن التي دارت فيها الأحداث.

    هكذا قرأت النص، واستمتعت به.

    مع تقديري لهذا العمل الأدبي الجيد، وتحيتي الجميلة لك، الحبيب إلى قلبي، الأستاذ مصباح فوزي رشيد.

    تعليق

    • مصباح فوزي رشيد
      يكتب
      • 08-06-2015
      • 1272

      #3
      الناقد الفذ والأديب الأريب [ عمار عموري]
      أستاذنا الحبيب؛لكم سررنا بعودتك إلى الملتقى، ولا أدري كيف أصف لك هذا السرور، ومجرّد كلمات لاتوفّيك حقّك، اشتقنا لصاحب القول الفصيح والوجه الصّبيح، لحضوره البهي رونقه الخاص، أحبّك الذي أحببتنا فيه، حيّاك الله وبيّاك وجعل الجنّة مثوانا ومثواك ثمّ أمّا بعد؛
      " حديث النيّة قصير " - كما يقول المثل عندنا نحن الشّاوية - ومن طبعنا نحن الشّاوية أن ما في قلوبنا تبديه جوارحنا لذلك ترى سحنتنا خمرية حمراء من الحياء والوجل، لا نحسن المناورة حتى في أحلك الظّروف والأحوال، والأقصوصة التي شرّفها أنّها حظيتْ باهتمامك لم تكن من نسج خيال بارع ولا مبدع ، ولكنها تجربة مريرة سطّرتها الأقدار، وعاشها الكاتب بوجدانه وروى تفاصيلها بكل حسرة وألم. و- كما تفضّلتم به - كانت علاقة إنسانية صادقة، ومجرّدة من النّزوات التي تعتري الذّكور ثمّ تفضي إلى ندم. كما أنّها ليست مجرّد ذكرى، بل هي عبرة لمن أراد أن يعتبر، ومحطّة لمحاسبة النّفس، ودرسًا في معاني المروءة والوفاء والأخلاق السّامية.
      دمت وفيّا لنا أيّها الطيّب، وزادنا حضورك البهي عزّة وشرفا.
      التعديل الأخير تم بواسطة مصباح فوزي رشيد; الساعة 26-09-2019, 04:55.
      لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ

      تعليق

      • عمار عموري
        أديب ومترجم
        • 17-05-2017
        • 1299

        #4
        المشاركة الأصلية بواسطة مصباح فوزي رشيد مشاهدة المشاركة
        الناقد الفذ والأديب الأريب [ عمار عموري]
        أستاذنا الحبيب؛لكم سررنا بعودتك إلى الملتقى، ولا أدري كيف أصف لك هذا السرور، ومجرّد كلمات لاتوفّيك حقّك، اشتقنا لصاحب القول الفصيح والوجه الصّبيح، لحضوره البهي رونقه الخاص، أحبّك الذي أحببتنا فيه، حيّاك الله وبيّاك وجعل الجنّة مثوانا ومثواك ثمّ أمّا بعد؛
        " حديث النيّة قصير " - كما يقول المثل عندنا نحن الشّاوية - ومن طبعنا نحن الشّاوية أن ما في قلوبنا تبديه جوارحنا لذلك ترى سحنتنا خمرية حمراء من الحياء والوجل، لا نحسن المناورة حتى في أحلك الظّروف والأحوال، والأقصوصة التي شرّفها أنّها حظيتْ باهتمامك لم تكن من نسج خيال بارع ولا مبدع ، ولكنها تجربة مريرة سطّرتها الأقدار، وعاشها الكاتب بوجدانه وروى تفاصيلها بكل حسرة وألم. و- كما تفضّلتم به - كانت علاقة إنسانية صادقة، ومجرّدة من النّزوات التي تعتري الذّكور ثمّ تفضي إلى ندم. كما أنّها ليست مجرّد ذكرى، بل هي عبرة لمن أراد أن يعتبر، ومحطّة لمحاسبة النّفس، ودرسًا في معاني المروءة والوفاء والأخلاق السّامية.
        دمت وفيّا لنا أيّها الطيّب، وزادنا حضورك البهي عزّة وشرفا.

        نعم، هي قصة حقيقة كما فهمت ذلك، وهي هادفة أيضا، وقد سهوت عن قوله في تعليقي.

        في الواقع، عايشت قصة أخرى تشبه أو تختلف قليلا عن قصة نينا، لفتاة مجهولة النسب كانت مكفولة من طرف زوجين وحيدين لا ينجبان، وشاء القدر أن يتعرف عليها شاب من عائلة محترمة، أعجب بجمالها الرائع وأخلاقها الحسنة، فعزم على خطبتها لكن الصدمة كانت شديدة عليه حين فاتحته عن حسن نية في حقيقة هويتها حتى لا تخدعه (كما قالت له)، فتخلى عنها بلا رحمة في الشارع كما تخلى عنها أبواها من قبل بلا شفقة في الشارع، ثم عذبه ضميره فعاد بعد شهور ليطلبها، ولكنه وجدها قد غادرت الوطن مع رجل مغترب...فكانت الصدمة الثانية التي خلخلت عقله هذه المرة.

        تحيتي المتجددة لك، أخي الحبيب مصباح.
        التعديل الأخير تم بواسطة عمار عموري; الساعة 26-09-2019, 16:30.

        تعليق

        يعمل...
        X