في ميلانو

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • عروبة شنكان
    أديب وكاتب
    • 05-04-2017
    • 177

    في ميلانو

    [align=justify]في ميلانو
    وصلت ميلانو، التي كانت الشمس تجفف شوارعها الغارقة بالأمطار ساعات طوال، كم أغرقتني هذه المدينة بطيب الذكريات، ولياليها المميزة، كان موعدي معه تمام الحادية عشر أمام كاتدرائية ميلان، التي أدهشتني بواجهتها الرخامية وتماثيلها البرونزية، أذكر أول زيارتي لها أنني التقيت به بينما كان يلتقط الصور لكل تمثال ولوحة بكل دقة وتأني.
    بادلني التحية، مبدياً استعداده للرد على مختلف استفساراتي، كان المساء يتسلل بشكل بانورامي فوق سطح الكاتدرائية العجيبة بكل هدوء، لتبدو المدينة غارقة وسط جبال الألب الخلابة كما لوحة صاغتها السموات بكل إتقان. أدركنا بأن علينا العودة إلى ناطحة السحاب تورفيلاسكا، فعلى مسافة ليست بالبعيدة عنها يقع الفندق الذي كان حجزي به.
    عادت بي الذاكرة إلى أشياء وأشياء تعلمتها من هذه المدينة الساحرة، التي عايشت صباي، شوراعها ومعابدها، أرصفتها ومبانيها، وحفلات الشاي فيها.
    طال انتظاري له، هي المرة الأولى التي يخلف ميعاده معي!إنني على يقين بأنه سوف يأتي، لابد من أن يأتي، لكنه أخلف ولم يأتِ!داهمني شعور مختلف، فيه مرارة، وفيه ألم، فيه خيبة وفيه الكثير من الحزن، لا أعلم لِم عليّ الاستسلام لمشاعر اليأس هذه المرة، لقد بدأت أشعر بالعزلة، بينما تسللت من عيني دمعتني هاربتين من محاجري التي تأبى انسكاب الدمع استسلاماً .
    شعرت بمزيد من العزلة بينما أسير في شوراع المدينة، تغافلت عن أسواقها، وعن القترينات اللامعة، لم تعد تهمني تسريحة شعري، أو لون الفستان الذي أرتديه.توجهت إلى مقهى فيه الجلسات أنيقة والشرفات ملونة بالأصفر والأحمر والأخضر.
    طلبت لنفسي القهوة، على غير العادة، وبدأت بتفقد ملامح الشارع من خلف زجاج نافذة المقهى، لفت انتباهي حسناء إيطالية ممشوقة القوام، إلى جانب شاب أسمر إنه يشبه أحد الصحفيين الأتراك بملامحة البسيطة وخطواته المدروسة إنهما يتوجهان إلى داخل المقهى الذي اخترته ليحضن عزلتي وخيبة انتظاري.
    أجل إنه هو الصحفي الذي التقيته خلال رحلتي من اسطنبول إلى إيطاليا بالباخرة الضخمة التي كانت تحمل الكثير من الوجوه التي تبحث عن مايثير الانفعال لنشره ومناقشته .كم هي محظوظة صديقته إنه لم يخلف وعده معها، بدأت الحرارة تسري في بدني بينما بدأت أرتشف القهوة، وأتابع أخبار الظهيرة، التي تعلن عن زيادة التوتر في منطقة الشرق الأوسط الذي يدين التوتر في عدن.
    لم تعد السياسة والأمور العسكرية تجذبني، ولم تعد للأخبار نكهتها، ولا للأغاني وقعها، دفعت الحساب وعلى عجل عدت أدراجي إلى الفندق مكان إقامتي، وقلبي يسألني العودة إلى الكاتدرائية ربما عاد ولم يجدني، لكنني عاندته وبشدة وتوجهت مسرعة إلى الفندق، وقد سكنتني مشاعر وأحاسيس مختلفة، تمردت عليها متخذة قرار العودة سريعاً إلى أرض الوطن، على أمل أن لا أُجر إلى خيبة أخرى، وأنزوي لساعات بانتظار وجه يأتي أو لايأتي.[/align]
    ولون الكفن بلون العلم
    غيرنا تقاليد أعراسنا
    حتى يرفع الأحرار
    رايتك ياوطن
    حرة
  • مها راجح
    حرف عميق من فم الصمت
    • 22-10-2008
    • 10970

    #2
    الانتظار يبدو وكأنه موت بطيء
    رحمك الله يا أمي الغالية

    تعليق

    • البكري المصطفى
      المصطفى البكري
      • 30-10-2008
      • 859

      #3
      النص حافل بمعطيات جميلة لفن السرد،خاصة اتساق المتواليات وانسياب التعبير.
      مودتي.

      تعليق

      • عمار عموري
        أديب ومترجم
        • 17-05-2017
        • 1300

        #4
        رحلة البحث عن الحب غالبا ما تكون مغامرة فاشلة. الحب صدفة، وأنجح ما يكون حينما يأتي صدفة، هذا رأيي، وقد يكون كذلك رأي بطلة القصة هنا، وإن لم تعلن عنه.

        نص جمع بين الانطباعية والتجريدية في آن واحد، وحاول إعطاء معنى للحب الذي عايشته امرأة في ظروف إيجابية، لكن بين أشخاص سلبيين.

        مع الاحترام والتقدير
        وتحيتي الجميلة.

        تعليق

        يعمل...
        X