ضجيج الأفكار

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • البكري المصطفى
    المصطفى البكري
    • 30-10-2008
    • 859

    ضجيج الأفكار

    ضجيج الأفكار
    دحرجت أحلامها في اتجاه المستقبل فاصطدمت بزوبعة أفكار تجثم على مخيلتها طوال الليل ؛ تقيس العمر بمحطاته وأطواره المسطرة يقينا في درب الحياة عندما يتقهقر الشباب . عندما تنظر في المرآة كيف تبدو لها قسمات الوجه وحروف الزين ؟ إنها الآن في عقدها الرابع ؛ الأحلام البهية التي كانت تطفو على السطح ولت هاربة تلوح لها بمنديل الوداع . هذه المرة لن تعض على أناملها من الغيظ رغم أنها خمنت كل التفاصيل بدقة ؛ عرفت كيف كانت تصغي لحديث النفس بجنون فتهمس لها بطي صفحة " القسمة والنصيب " ظلت طوال الوقت تسطر قائمة الأوصاف والنعوت التي كانت مفتاح الرفض ؛ منتشية بدرايتها أن الخطيب الأول تختلج صوته بحة ؛ والثاني لم يهتد إلى نوع خاص من حلاقة الشعر كانت تعشقها ؛ والثالث يبدو ميالا إلى التحليق في سماء الأماني المادية التي تقتل المشاعر في المهد.
    حملت قطتها الوديعة بين ذراعيها واحتضنتها وضمتها إلى صدرها كالطفل الرضيع ؛ ثم مسحت على رأسها لتطفئ لهيب النار الذي يغلي بين أحشائها . لكن هيهات طال الأمد على ترسيخ الشعور بعدم الانفلات من قبضة الزمن . ألقت بنفسها على الأريكة وملأ المكان تردد الزفرات .... ما جدوى التأوه في مثل هذه الحالة اليد الواحدة لا تصفق .
    انتبهت من غفوتها وصاحت بأعلى صوتها آآآه يا إلهي ....لعل ضجيج الأفكار يتوقف عن ضرباته بلا هوادة في عمقها النفسي ؛ تمنت لو تعطل منظار الفحوصات الشكلية الذي كانت تقيس به الأشخاص ...ما جدوى ذلك في الزمن الصعب لكن ما ذنبها عندما تلتقط أذناها شرارات الألقاب التي تتقاطر عليها باسم العنوسة كزخات مطر دائم . يكفيها طوق الحرمان من ضياء الأمومة الذي بات يقض مضجعها كما لو تفكر في نجم ابتلعه ضوء النهار. لم تقو على النهوض؛ فغفت ثم أبحرت في نوم عميق ، وأحلام دامسة حتى أيقظها مواء القطة التي لفحتها حرارة الشمس المنبعثة من النافذة .
    التعديل الأخير تم بواسطة البكري المصطفى; الساعة 07-09-2019, 16:03.
  • حسين ليشوري
    طويلب علم، مستشار أدبي.
    • 06-12-2008
    • 8016

    #2
    المشاركة الأصلية بواسطة البكري المصطفى مشاهدة المشاركة
    ضجيج الأفكار
    (...) ظلت طوال الوقت تسطر قائمة الأوصاف والنعوت التي كانت مفتاح الرفض؛ منتشية بدرايتها أن الخطيب الأول تختلج صوته بحة؛ والثاني لم يهتد إلى نوع خاص من حلاقة الشعر كانت تعشقها؛ والثالث يبدو ميالا إلى التحليق في سماء الأماني المادية التي تقتل المشاعر في المهد....
    هذه حال من تهتم بالمظهر على حساب المخبر ولو قرأت:"إذا خطبَ إليكم مَن ترضَونَ دينَه وخلقَه، فزوِّجوهُ إلَّا تفعلوا تَكن فتنةٌ في الأرضِ وفسادٌ عريضٌ."(حديث صحيح، رواه الإمام الترمذي، رحمه الله تعالى، عن أبي هريرة، رضي الله عنه) لانصلح حالها ولما بقيت إلى الأربعين عانسا بائرة، ومع ذلك كله فرحمة الله واسعة لمن راجع نفسه واستغفر فقد يأتيها من ترضاه ليس لأنه يوافق هواها الجامح ولكن لأنه مقبول خلقا ودينا، والخير فيما اختاره الله تعالى.
    استمتعت بالقراءة لك، أخي البكري، وقلَّ ما أستمتع بالقراءة لما يعتري كثيرا من الكتابات هنا من ضعف وسخف وتلَف ونطَف (عيب وفساد)؛ أعجبني العنوان فكأنه يصف الأفكار وهي تهدر (لها صخب، دوي).
    تحياتي إليك وتقديري لك.

    sigpic
    (رسم نور الدين محساس)
    (رسّام بجريدة المساء الجزائرية 1988)

    "القلم المعاند"
    (قلمي هذا أم هو ألمي ؟)
    "رجوت قلمي أن يكتب فأبى، مُصِرًّا، إلاَّ عِنادا
    و بالرَّفض قابل رجائي و في الصَّمت تمــادى"

    تعليق

    • البكري المصطفى
      المصطفى البكري
      • 30-10-2008
      • 859

      #3
      المشاركة الأصلية بواسطة حسين ليشوري مشاهدة المشاركة
      هذه حال من تهتم بالمظهر على حساب المخبر ولو قرأت:"إذا خطبَ إليكم مَن ترضَونَ دينَه وخلقَه، فزوِّجوهُ إلَّا تفعلوا تَكن فتنةٌ في الأرضِ وفسادٌ عريضٌ."(حديث صحيح، رواه الإمام الترمذي، رحمه الله تعالى، عن أبي هريرة، رضي الله عنه) لانصلح حالها ولما بقيت إلى الأربعين عانسا بائرة، ومع ذلك كله فرحمة الله واسعة لمن راجع نفسه واستغفر فقد يأتيها من ترضاه ليس لأنه يوافق هواها الجامح ولكن لأنه مقبول خلقا ودينا، والخير فيما اختاره الله تعالى.
      استمتعت بالقراءة لك، أخي البكري، وقلَّ ما أستمتع بالقراءة لما يعتري كثيرا من الكتابات هنا من ضعف وسخف وتلَف ونطَف (عيب وفساد)؛ أعجبني العنوان فكأنه يصف الأفكار وهي تهدر (لها صخب، دوي).
      تحياتي إليك وتقديري لك.

      أخي حسين مع خالص شكري ؛ أقدر جهودك في توثيق النصوص الشرعية .الحديث النبوي الشريف الذي أدليت به مطابق تماما للسياق ؛ رائع جدا في صوغه ومعناه . للأسف لو طبق على أرض الواقع لما انتابنا شعور بالامتعاض من ظاهرة العزوف عن الزواج في الوطن العربي كله ؛ ظاهرة أضحت في حاجة إلى وزارة مستقلة تستهدف تدبير شؤونها وحل مشاكلها التي تكاثرت كالفطر . وما يترتب عليها شيء مخجل .
      استقيت هذه القصة من المعاينة المباشرة التي لمستها عن قرب في ما أرى وأسمع ؛ فهي ذات وظيفة توجيهية وإرشادية ؛ مع كامل اعتذاري لكل فتاة لم تكن معنية بهذه القواعد لأن الله لم يكتب لها التوفيق في خطبة أو عقد قران لحكمة يعلمهاالله، المطلوب فيها الرضا والقبول.
      أجدد لك التحية وطابت أوقاتك .
      التعديل الأخير تم بواسطة البكري المصطفى; الساعة 07-09-2019, 16:06.

      تعليق

      • مها راجح
        حرف عميق من فم الصمت
        • 22-10-2008
        • 10970

        #4
        لقطة جديرة بالقراءة لمشكلة من الفكر الاجتماعي الذي يخص الشاب والشابة في العزوف عن الزواج لشروط وهمية خالية من المنطق
        احببت الضجيج
        رحمك الله يا أمي الغالية

        تعليق

        • البكري المصطفى
          المصطفى البكري
          • 30-10-2008
          • 859

          #5
          المشاركة الأصلية بواسطة مها راجح مشاهدة المشاركة
          لقطة جديرة بالقراءة لمشكلة من الفكر الاجتماعي الذي يخص الشاب والشابة في العزوف عن الزواج لشروط وهمية خالية من المنطق
          احببت الضجيج
          الأستاذة القديرة مها راجح ..أشكرك على الملاحظة بعد قراءتك النص. ولعلك وضعت اليد عل الجرح الغائر في التركيبة الهشة للبنية النفسية عند الشباب الذين يراهنون على الوهم في اختياراتهم لشريك الحياة ـــــ كما تقولين ــــــ فيكون ذلك مطية أو سببا للعزوف عن الزواج. ربما كنت قاسيا أو غير عادل حين اتخذت القصة منحى تأطير المشكل من زاوية المرأة ولم أنظر إليه من زاوية أخرى وبشكل متكامل ؛ فللرجل أيضا اختيارات وهمية ؛ وقد نبهتني عبارتك إلى ذلك ( الذي يخص الشاب والشابة )..ألهذا السبب أحببتِ الضجيج ؟ ههه
          طابت أوقاتك وأجدد لك التحية.

          تعليق

          يعمل...
          X