تويت
الاستدراج
بقلم: الاسير المحرر عبد الناصر رابي
نحزن وتنقبض نفوسنا، تتسلل الى اذهاننا افكار مزعجه، تذبل الافراح في قلوبنا كأزهار الخريف، السنا بشرا؟
نتعالى على جراحنا، نكتم آهاتنا داخل اسوار السجن الذي تتوالى فيه الاحداث تترى، بتأثيراتها المسجونة داخل الاسوار احيانا ومحلقة في الخارج تارة اخرى.
لوحدي جلست منقبض النفس شارد الذهن لا تخفى ملامح الأسى المرتسمة على وجهي، اعادني الى الواقع صوت صديقي قائلا (اللي ميخذ عقلك يتهنا فيه)، اصطنعت ابتسامة خجولة لكيلا تنعكس حالتي عليه.
تجاذبنا أطراف الحديث ونحن نرتشف القهوة، فجأة طرق مسامعي سؤال صديقي قائلا: انت سجين سابق واريد رأيك في تصرفات بعض الاخوة، فقلت له ان مزاجي ليس صافيا للحديث عن تصرفات الاسرى.
أصر وبدا الدردشة فانخرطت فيها عسى ان يتغير مزاجي للأفضل، فكان من جملة حديثه القول" لقد بدا يتردد على مسامعي مصطلح الاستدراج الكلامي ولكوني اسيرا جديدا لم افهم مغزى عذا المصطلح فهل لك بان تخبرني بشيء عنه".
سكتُ هُنيهه ثم قلت له: لقد سالت عن شيء معقد من جهة المعنى والاساليب واسباب الفعل ولذلك فإنني ارى ان تتخلى عن هذا السؤال.
ازداد فضوله وقال: انا لست غرا ويمكنني فهم ما ستقوله.
ان كنت مصرا فإنني اقول لك ان هذا المصطلح يعني: محاولة الحصول على اسرار من خلال دفع الشخص المستهدف الى الحديث عنها عبر استخدام اساليب وطرق كلامية معينه.
قال لي صابر: بدأت الفلسفة، أعطني مثالا محددا، فقلت له ليس الان ولكن عندما يزداد وعيك فمن الممكن ان نتحدث.
استشاط غضبا ورفض كلامي فسألته الم تقدك سذاجتك الى قول كل شيء عند العصافير؟ فرد بسرعة قائلا لا، فهم لم يخدعوني، انا عرفتهم ولم اعطهم الا ما اريد فقط، عندها قلت له هذا اول مثال وامتحان ولقد رسبت فيه.
قال صابر: أفصح، فرددت قائلا ان قولك لي أنك عرفتهم ولم تعطهم الا ما تريد هو مثال صارخ على الاستدراج، ضرب صابر راسه بكفيه وقال واحد صفر فقلت له نحن لسنا في مباراة نجمع فيها نقاط.
اذن الاستفزاز من اجل اخذ المعلومة هو أحد الأساليب قال صابر، واضاف ان هذا الاسلوب استخدمه معي صالح ومع غيري فماذا اقول عنه؟
قلت له لا تصدر احكاما مستعجله فقد يكون سبب سؤاله لك الفضول او المناكفة او الاستدراج المقصود او العفوية او البساطة، ولكن مهما كان الدافع فالأصل عدم الانجرار وراء الاستفزاز ولا بد من اخبار الاخوة عن افعاله.
غيرت الحديث لدقائق ثم قلت له: ان ابو يوسف قد شوه تاريخه وسوده بعد ان عمل اعمالا سيئة، فقال: من هو ابو يوسف؟ هل هو ابن قريتنا؟ فقلت له نعم فرد بسرعة بل هو رجل بألف رجل ، وهنا زجرته بسرعة وقلت له لا تكمل كلامك فلقد اخفقت في الامتحان الثاني، ولذلك سأحدثك دون ان تنطق بكلمة حتى انهي كلامي.
بدأت بتعداد اساليب الاستدراج الكلامي وقلت له انها:
بقلم: الاسير المحرر عبد الناصر رابي
نحزن وتنقبض نفوسنا، تتسلل الى اذهاننا افكار مزعجه، تذبل الافراح في قلوبنا كأزهار الخريف، السنا بشرا؟
نتعالى على جراحنا، نكتم آهاتنا داخل اسوار السجن الذي تتوالى فيه الاحداث تترى، بتأثيراتها المسجونة داخل الاسوار احيانا ومحلقة في الخارج تارة اخرى.
لوحدي جلست منقبض النفس شارد الذهن لا تخفى ملامح الأسى المرتسمة على وجهي، اعادني الى الواقع صوت صديقي قائلا (اللي ميخذ عقلك يتهنا فيه)، اصطنعت ابتسامة خجولة لكيلا تنعكس حالتي عليه.
تجاذبنا أطراف الحديث ونحن نرتشف القهوة، فجأة طرق مسامعي سؤال صديقي قائلا: انت سجين سابق واريد رأيك في تصرفات بعض الاخوة، فقلت له ان مزاجي ليس صافيا للحديث عن تصرفات الاسرى.
أصر وبدا الدردشة فانخرطت فيها عسى ان يتغير مزاجي للأفضل، فكان من جملة حديثه القول" لقد بدا يتردد على مسامعي مصطلح الاستدراج الكلامي ولكوني اسيرا جديدا لم افهم مغزى عذا المصطلح فهل لك بان تخبرني بشيء عنه".
سكتُ هُنيهه ثم قلت له: لقد سالت عن شيء معقد من جهة المعنى والاساليب واسباب الفعل ولذلك فإنني ارى ان تتخلى عن هذا السؤال.
ازداد فضوله وقال: انا لست غرا ويمكنني فهم ما ستقوله.
ان كنت مصرا فإنني اقول لك ان هذا المصطلح يعني: محاولة الحصول على اسرار من خلال دفع الشخص المستهدف الى الحديث عنها عبر استخدام اساليب وطرق كلامية معينه.
قال لي صابر: بدأت الفلسفة، أعطني مثالا محددا، فقلت له ليس الان ولكن عندما يزداد وعيك فمن الممكن ان نتحدث.
استشاط غضبا ورفض كلامي فسألته الم تقدك سذاجتك الى قول كل شيء عند العصافير؟ فرد بسرعة قائلا لا، فهم لم يخدعوني، انا عرفتهم ولم اعطهم الا ما اريد فقط، عندها قلت له هذا اول مثال وامتحان ولقد رسبت فيه.
قال صابر: أفصح، فرددت قائلا ان قولك لي أنك عرفتهم ولم تعطهم الا ما تريد هو مثال صارخ على الاستدراج، ضرب صابر راسه بكفيه وقال واحد صفر فقلت له نحن لسنا في مباراة نجمع فيها نقاط.
اذن الاستفزاز من اجل اخذ المعلومة هو أحد الأساليب قال صابر، واضاف ان هذا الاسلوب استخدمه معي صالح ومع غيري فماذا اقول عنه؟
قلت له لا تصدر احكاما مستعجله فقد يكون سبب سؤاله لك الفضول او المناكفة او الاستدراج المقصود او العفوية او البساطة، ولكن مهما كان الدافع فالأصل عدم الانجرار وراء الاستفزاز ولا بد من اخبار الاخوة عن افعاله.
غيرت الحديث لدقائق ثم قلت له: ان ابو يوسف قد شوه تاريخه وسوده بعد ان عمل اعمالا سيئة، فقال: من هو ابو يوسف؟ هل هو ابن قريتنا؟ فقلت له نعم فرد بسرعة بل هو رجل بألف رجل ، وهنا زجرته بسرعة وقلت له لا تكمل كلامك فلقد اخفقت في الامتحان الثاني، ولذلك سأحدثك دون ان تنطق بكلمة حتى انهي كلامي.
بدأت بتعداد اساليب الاستدراج الكلامي وقلت له انها:
- الاستفزاز من خلال الاتهام بالضعف والجبن والغباء والجهل بأمر محدد.
- طرح الاسئلة التي تظهر على انها عفوية.
- من خلال ذكر معلومات مغلوطة عن اشخاص جيدين.
- من خلال ذكر معلومات خاطئة عن احداث واشياء اخرى.
- قد يتم استخدام اسلوب مدح الذات امام شخص مستهدف لإشعاره انه اقل من غيره مما قد يدفعه الى الحديث عن انشطته وهذا اسلوب يُكثر العصافير من استخدامه.
- من الممكن استخدام اسلوب مدح الشخص المستهدف بالاستدراج من اجل كسب قلبه وهذا سيسهل عملية استدراجه.
قلت لصابر بعد هذا الكلام الم تر بعد هذا الحديث ان الامر ليس يسيرا، فرد اصبت ولكنني استفدت كثيرا، وسأدرب نفسي على ضبط لساني وعدم التسرع، وسوف اكون منتبها لكل من يحاول استخدام هكذا اساليب ولن اتوانى في اخبار الاخوة ان شعرت ان احدا ما يستخدم مثل هذه الاساليب.
نهض صابر وبقيت مع رفيقتي القهوة ارتشف منها واسكن خيمة الحزن لفترة ستنقضي ان شاء الله.
لا تكن ساذجا او متسرعا ولا تبخل على اخوانك بما لديكم من اقوال وملاحظات
نهض صابر وبقيت مع رفيقتي القهوة ارتشف منها واسكن خيمة الحزن لفترة ستنقضي ان شاء الله.
لا تكن ساذجا او متسرعا ولا تبخل على اخوانك بما لديكم من اقوال وملاحظات
لا تكن ساذجا او متسرعا ولا تبخل على اخوانك بما لديكم من اقوال وملاحظات
تعليق