لم يعد لله في ديننا خير ولافائدة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • مصباح فوزي رشيد
    يكتب
    • 08-06-2015
    • 1272

    لم يعد لله في ديننا خير ولافائدة

    حينما تريد التملّص من متاعب الدّنيا وهمومها، أو تنوي التخلّص من الذّنوب الكبيرة، فإنه من الطّبيعي أن تختار الذّهاب إلى أقدس مكان فوق الأرض، باحثا عن الأمن والأمان، والأجر والسّكينة. ثم تجد ما لايسرّك فيه، فإنك تعود إلى البيت وأنت تجر أذيال الخيبة وراءك ، مطأطأ الرّأس، منكسرا مهزوما.
    المساجد و الجوامع كما جاء في التعريف، هي بيوت الله تُؤدّى فيها الصّلاة المفروضة التي هي الرّكن الثاني في الإسلام. ومن المفروض إن مثلما تجمع هذه المساجد وهذه الجوامع النّاس وتوحّد صفوفهم، أن تُألِّف بينهم، لكن تجدنا متشائمين في كل مرّة ننوي فيها الذهاب إلى بيوت الله، بسبب بعض السلّوكيات المريضة؛ من غلظة وجهل وجفاء واحتقار لخلق الله...وكلّها سلوكيات مريضة تسيء إلى الدّين ولا تخدمه. ولولا أن صلاة الجماعة واجبة للزِم الإنسان بيته حتى يقضي الله أمره. وليس في الفقر عيب ولا في الأمراض العضوية الأخرى. والغريب أن مثل هؤلاء المرضى، روحيّا وخُلُقيّا، [وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ] – كما قال عنهم المولى عزّ وجل –، أكثر ما يهمّّهم ويهتمّون به هو مظهرهم الخارجي، على حساب كل شيء. تراهم كيف يخرجون عليك في أُبّهة كالسّلاطين والملوك برداء التكبّر وقلوبهم خاوية، وإن كانت الأناقة ليست عيبا لأن على المسلم أن يكون جميل المظهر بقدر المستطاع حتى يعطي صورة تليق بجمال ومقام عقيدته ودينه. وصدق الشّاعر ( حسّان بن ثابت ) – رضي الله عنه وأرضاه - حين قال في أمثال هؤلاء:
    [لا بأسَ بالقومِ من طولٍ ومن عظمٍ *** جسمُ البغالِ وأحلامُ العصافير]
    في هذا الزّمن الذي اختلّت فيه موازين الأخلاق والقيّم، و هذه الحضارة التي سلبت عقول النّاس ودمّرت أخلاقهم، والتي إنّما نشأت على أنقاض ما تبقى من حضارة المسلمين وأخلاقهم؛ حين قام المتنوّرون الأشرار بغزو الأندلس، واستباحوا قلاعهم وحصونهم، ونهبوا الخيرات، وشرّدوا وقتلوا العباد، وأقاموا على من بقي منهم محاكم التفتيش… ولم يأخذوا من حضارة المسلمين سوى القشور، وتركوا اللبّ وتخلّصوا من القيّم،ولم يستغلّوا من الأفكار والكتب سوى ما يتماشى وأغراضهم الماديّة الجافية، فضلّوا وأضلّوا. ونحن الآن على أثرهم نقتدي بهم، و نتماهى مع أفكارهم، وجزء لا يتجزّأ من مؤامراتهم؛ نستهلك ما يروّجونه من بضائع مسمومة مزجاة معظمها تقدّس الجسد ولا تعترف بالروح، تحيي الغرائز وتثير الشّهوات، وتحرّض على الانحلال والانحراف... بلا شك هي حضارة لقيطة بكل ما تحمل الكلمة من معان سيّئة قبيحة.
    معركتنا اليوم ليست فقط مع الجهلة والهمج، بل هي أيضا مع المبتزّين؛ الذين سفّهوا أحلامنا بتلوّنهم، و أفرغوا الدين من محتواه الأخلاقيّ حتى غدا مجرّد طقوس وممارسات تُؤدّى، فظهر الابتزاز المقدّس، ولم يعد لله في ديننا خير ولا فائدة.


    التعديل الأخير تم بواسطة مصباح فوزي رشيد; الساعة 20-01-2020, 13:13.
    لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ
  • رشيد الميموني
    مشرف في ملتقى القصة
    • 14-09-2008
    • 1533

    #2
    مداخلة قيمة ونابعة من قلب ينبض بالصدق والغيرة على تعاليم ديننا التي بقدر ما حاربها الأعداء ، بقدر ما حاربها أيضا عن جهل أو تواطؤ من هم محسوبون اسميا على هذا الدين الحنيف . وما ورد في حديثك أخي نعاني منه جميعا .
    والسؤال المطروح : ما العمل ؟.
    هل نفسح المجال لكل من هب ودب ليزيد الأمر سوءا ؟
    أعتقد ان هناك أمر هام للتعامل مع هذا الوضع :
    التشبث بالمبدإ دون اليأس من تصرفات الأخرين عملا بقوله تعالى :
    "
    يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ . لَا يَضُرُّكُم مَّن ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ . إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ"
    صدق الله العظيم .
    دمت بمحبة أخوية



    تعليق

    • مصباح فوزي رشيد
      يكتب
      • 08-06-2015
      • 1272

      #3
      المشاركة الأصلية بواسطة رشيد الميموني مشاهدة المشاركة
      مداخلة قيمة ونابعة من قلب ينبض بالصدق والغيرة على تعاليم ديننا التي بقدر ما حاربها الأعداء ، بقدر ما حاربها أيضا عن جهل أو تواطؤ من هم محسوبون اسميا على هذا الدين الحنيف . وما ورد في حديثك أخي نعاني منه جميعا .
      والسؤال المطروح : ما العمل ؟.
      هل نفسح المجال لكل من هب ودب ليزيد الأمر سوءا ؟
      أعتقد ان هناك أمر هام للتعامل مع هذا الوضع :
      التشبث بالمبدإ دون اليأس من تصرفات الأخرين عملا بقوله تعالى :
      "
      يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ . لَا يَضُرُّكُم مَّن ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ . إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ"
      صدق الله العظيم .
      دمت بمحبة أخوية



      قرأت وأعجبني ما كتبته، شكرا لك وتحيّتي، ولي عودة بإذن الله.
      لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ

      تعليق

      • أميمة محمد
        مشرف
        • 27-05-2015
        • 4960

        #4
        ما فهمت العنوان، يا ريت تشرحوه لي
        سأعود للمتابعة

        تعليق

        • مصباح فوزي رشيد
          يكتب
          • 08-06-2015
          • 1272

          #5
          المشاركة الأصلية بواسطة أميمة محمد مشاهدة المشاركة
          ما فهمت العنوان، يا ريت تشرحوه لي
          سأعود للمتابعة
          الأخت أميمة الأستاذة الكريمة الفاضلة يبدو أنكن معشر النّساء، حفظكن الله وبارك في أعماركن، لم تعتدن المساجد لذلك لم يتسنّى لكن رؤية بعض من الذي يفعله بعض المنتسبين إلى دين، ليس هو الدين الذي جاء به محمد صاحب الخلق الكريم ولا هو نهج الصحابة والتّابعين. وصدق ( روجي جارودي ) حين قال: الحمد لله أنّني عرفتُ الإسلام قبل أن أعرف المسلمين. وهؤلاء يدّعون أنّهم على حقّ وصواب، وما هم على شيء، ولكن تصرفاتهم تنفّر من الدين، فهل لله بعدها من حاجة أو فائدة لـ " دين " هؤلاء المنفّرين؟
          التعديل الأخير تم بواسطة مصباح فوزي رشيد; الساعة 20-01-2020, 11:55.
          لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ

          تعليق

          • مصباح فوزي رشيد
            يكتب
            • 08-06-2015
            • 1272

            #6
            المشاركة الأصلية بواسطة رشيد الميموني مشاهدة المشاركة
            مداخلة قيمة ونابعة من قلب ينبض بالصدق والغيرة على تعاليم ديننا التي بقدر ما حاربها الأعداء ، بقدر ما حاربها أيضا عن جهل أو تواطؤ من هم محسوبون اسميا على هذا الدين الحنيف . وما ورد في حديثك أخي نعاني منه جميعا .
            والسؤال المطروح : ما العمل ؟.
            هل نفسح المجال لكل من هب ودب ليزيد الأمر سوءا ؟
            أعتقد ان هناك أمر هام للتعامل مع هذا الوضع :
            التشبث بالمبدإ دون اليأس من تصرفات الأخرين عملا بقوله تعالى :
            "
            يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ . لَا يَضُرُّكُم مَّن ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ . إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ"
            صدق الله العظيم .
            دمت بمحبة أخوية



            السيد الفاضل [رشيد الميموني] أجزت فأوجزت، وأصبت المعنى، وطرحت السؤال: ما العمل؟. وأنا بدوري أطرح نفس السؤال المحيّر: وما العمل في ظلّ هذا التماهي وهذا التواطؤ؟
            محبّتي واحترامي لك، وشكرا على التفاعل والاهتمام.
            التعديل الأخير تم بواسطة مصباح فوزي رشيد; الساعة 20-01-2020, 12:32.
            لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ

            تعليق

            • أميمة محمد
              مشرف
              • 27-05-2015
              • 4960

              #7
              المشاركة الأصلية بواسطة مصباح فوزي رشيد مشاهدة المشاركة
              الأخت أميمة الأستاذة الكريمة الفاضلة يبدو أنكن معشر النّساء، حفظكن الله وبارك في أعماركن، لم تعتدن المساجد لذلك لم يتسنّى لكن رؤية بعض من الذي يفعله بعض المنتسبين إلى دين، ليس هو الدين الذي جاء به محمد صاحب الخلق الكريم ولا هو نهج الصحابة والتّابعين. وصدق ( روجي جارودي ) حين قال: الحمد لله أنّني عرفتُ الإسلام قبل أن أعرف المسلمين. وهؤلاء يدّعون أنّهم على حقّ وصواب، وما هم على شيء، ولكن تصرفاتهم تنفّر من الدين، فهل لله بعدها من حاجة أو فائدة لـ " دين " هؤلاء المنفّرين؟
              حفظك الله وبارك في عمرك أخي الفاضل، شكرا لاعتنائك بالرد والشرح الجميل
              سيدي، كان العنوان ثقيلا فهل الله ينتظر الخير منا؟ ونحن الفقراء لله، أو يرجو فائدة
              وإنما الدين دين الله، والتدين لنا كما أحسب

              دخلت المسجد هنا مرتين أو ثلاث فقط ودخلته في المسجد النبوي والحرم المكي
              يذكرني أسلوبك بأسلوب الجرائد والمجلات. قد آمل أن تكتب بنمط أسرع، من حقك أن تكتب بأسلوبك كما يحلو لك وببصمتك إنما مجرد رأي
              تقديري وتحيتي

              تعليق

              • مصباح فوزي رشيد
                يكتب
                • 08-06-2015
                • 1272

                #8
                المشاركة الأصلية بواسطة أميمة محمد مشاهدة المشاركة
                حفظك الله وبارك في عمرك أخي الفاضل، شكرا لاعتنائك بالرد والشرح الجميل
                سيدي، كان العنوان ثقيلا فهل الله ينتظر الخير منا؟ ونحن الفقراء لله، أو يرجو فائدة
                وإنما الدين دين الله، والتدين لنا كما أحسب

                دخلت المسجد هنا مرتين أو ثلاث فقط ودخلته في المسجد النبوي والحرم المكي
                يذكرني أسلوبك بأسلوب الجرائد والمجلات. قد آمل أن تكتب بنمط أسرع، من حقك أن تكتب بأسلوبك كما يحلو لك وببصمتك إنما مجرد رأي
                تقديري وتحيتي
                وما هو أسلوب الجرائد والمجلاّت؟ ذكّرينا به يرحمكِ الله، وذكّركِ في الشّهادة والعبادة.
                التعديل الأخير تم بواسطة مصباح فوزي رشيد; الساعة 20-01-2020, 17:40.
                لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ

                تعليق

                • أميمة محمد
                  مشرف
                  • 27-05-2015
                  • 4960

                  #9
                  السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أخي الفاضل مصباح، شكراً لسؤالك الكريم وثقتك في الرد..

                  أسلوب الجرائد والمجلات ــ الجرائد على الخصوص ــ إخباري مقالي تقريري فيه الدراسات التفصيلية والبحوث والأعمدة التي تتميز بالأحداث السردية والسير الذاتية
                  المواقع تشبه الجرائد بينما تشبه المنتديات المجلات الأدبية والثقافية والمنوعة بما فيها من خلاصة وأدب وقصة
                  سمحت لنفسي ببعض التطفل على نصك للتخلص من إنشاء السرد كما أحببته
                  ولك وافر التقدير والامتنان على كرم الضيافة.

                  تريد التملّص من متاعب الدّنيا وهمومها، والتخلّص من الذّنوب الكبيرة، تذهب إلى أقدس مكان فوق الأرض، باحثا عن الأمن والأمان، والأجر والسّكينة. فتجد ما لايسرّك فيه، تعود وأنت تجر أذيال الخيبة، مطأطأ الرّأس، منكسرا مهزوما.

                  المساجد و الجوامع بيوت الله تُؤدّى فيها الصّلاة المفروضة الرّكن الثاني في الإسلام. تجمع النّاس وتوحّد صفوفهم، تُألِّف بينهم، لكن تجدنا في كل مرّة نذهب فيها إلى بيوت الله، نصدم بالسلّوكيات المريضة؛ من غلظة وجهل وجفاء واحتقار لخلق الله... تسيء إلى الدّين ولا تخدمه. ولولا أن صلاة الجماعة واجبة للزِم الإنسان بيته حتى يقضي الله أمره.

                  ليس في الفقر عيب ولا في الأمراض العضوية الأخرى. لكن الغريب أن مثل هؤلاء المرضى، روحيّا وخُلُقيّا، [وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ] – كما قال عنهم المولى عزّ وجل –، أكثر ما يهمّّهم ويهتمّون به هو مظهرهم الخارجي، على حساب كل شيء. يخرجون عليك في أُبّهة كالسّلاطين والملوك برداء التكبّر وقلوبهم خاوية، وإن كانت الأناقة ليست عيبا. وصدق الشّاعر ( حسّان بن ثابت ) – رضي الله عنه وأرضاه - حين قال في أمثال هؤلاء:
                  [لا بأسَ بالقومِ من طولٍ ومن عظمٍ *** جسمُ البغالِ وأحلامُ العصافير]

                  في هذا الزّمن الذي اختلّت فيه موازين الأخلاق والقيّم، و الحضارة التي سلبت عقول النّاس ودمّرت أخلاقهم، والتي نشأت على أنقاض ما تبقى من حضارة المسلمين وأخلاقهم؛ حين قام المتنوّرون الأشرار بغزو الأندلس، واستباحوا قلاعهم وحصونهم، ونهبوا الخيرات، وشرّدوا وقتلوا العباد، وأقاموا على من بقي منهم محاكم التفتيش… ولم يأخذوا من حضارة المسلمين سوى القشور، وتركوا اللبّ وتخلّصوا من القيّم،ولم يستغلّوا من الأفكار والكتب سوى ما يتماشى وأغراضهم الماديّة الجافية، فضلّوا وأضلّوا. ونحن الآن على أثرهم نقتدي بهم، و نتماهى مع أفكارهم، وجزء لا يتجزّأ من مؤامراتهم؛ نستهلك ما يروّجونه من بضائع مسمومة مزجاة تقدّس الجسد ولا تعترف بالروح، تحيي الغرائز وتثير الشّهوات، وتحرّض على الانحلال والانحراف... بلا شك حضارة لقيطة بكل ما تحمل الكلمة من معان قبيحة.

                  معركتنا ليست فقط مع الجهلة والهمج، بل مع المبتزّين؛ الذين سفّهوا أحلامنا بتلوّنهم، و أفرغوا الدين من محتواه الأخلاقيّ حتى غدا طقوس وممارسات تُؤدّى، فظهر الابتزاز المقدّس، ولم يعد لله في ديننا خير ولا فائدة.

                  تعليق

                  • مصباح فوزي رشيد
                    يكتب
                    • 08-06-2015
                    • 1272

                    #10
                    المشاركة الأصلية بواسطة أميمة محمد مشاهدة المشاركة
                    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أخي الفاضل مصباح، شكراً لسؤالك الكريم وثقتك في الرد..

                    أسلوب الجرائد والمجلات ــ الجرائد على الخصوص ــ إخباري مقالي تقريري فيه الدراسات التفصيلية والبحوث والأعمدة التي تتميز بالأحداث السردية والسير الذاتية
                    المواقع تشبه الجرائد بينما تشبه المنتديات المجلات الأدبية والثقافية والمنوعة بما فيها من خلاصة وأدب وقصة
                    سمحت لنفسي ببعض التطفل على نصك للتخلص من إنشاء السرد كما أحببته
                    ولك وافر التقدير والامتنان على كرم الضيافة.

                    تريد التملّص من متاعب الدّنيا وهمومها، والتخلّص من الذّنوب الكبيرة، تذهب إلى أقدس مكان فوق الأرض، باحثا عن الأمن والأمان، والأجر والسّكينة. فتجد ما لايسرّك فيه، تعود وأنت تجر أذيال الخيبة، مطأطأ الرّأس، منكسرا مهزوما.

                    المساجد و الجوامع بيوت الله تُؤدّى فيها الصّلاة المفروضة الرّكن الثاني في الإسلام. تجمع النّاس وتوحّد صفوفهم، تُألِّف بينهم، لكن تجدنا في كل مرّة نذهب فيها إلى بيوت الله، نصدم بالسلّوكيات المريضة؛ من غلظة وجهل وجفاء واحتقار لخلق الله... تسيء إلى الدّين ولا تخدمه. ولولا أن صلاة الجماعة واجبة للزِم الإنسان بيته حتى يقضي الله أمره.

                    ليس في الفقر عيب ولا في الأمراض العضوية الأخرى. لكن الغريب أن مثل هؤلاء المرضى، روحيّا وخُلُقيّا، [وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ] – كما قال عنهم المولى عزّ وجل –، أكثر ما يهمّّهم ويهتمّون به هو مظهرهم الخارجي، على حساب كل شيء. يخرجون عليك في أُبّهة كالسّلاطين والملوك برداء التكبّر وقلوبهم خاوية، وإن كانت الأناقة ليست عيبا. وصدق الشّاعر ( حسّان بن ثابت ) – رضي الله عنه وأرضاه - حين قال في أمثال هؤلاء:
                    [لا بأسَ بالقومِ من طولٍ ومن عظمٍ *** جسمُ البغالِ وأحلامُ العصافير]

                    في هذا الزّمن الذي اختلّت فيه موازين الأخلاق والقيّم، و الحضارة التي سلبت عقول النّاس ودمّرت أخلاقهم، والتي نشأت على أنقاض ما تبقى من حضارة المسلمين وأخلاقهم؛ حين قام المتنوّرون الأشرار بغزو الأندلس، واستباحوا قلاعهم وحصونهم، ونهبوا الخيرات، وشرّدوا وقتلوا العباد، وأقاموا على من بقي منهم محاكم التفتيش… ولم يأخذوا من حضارة المسلمين سوى القشور، وتركوا اللبّ وتخلّصوا من القيّم،ولم يستغلّوا من الأفكار والكتب سوى ما يتماشى وأغراضهم الماديّة الجافية، فضلّوا وأضلّوا. ونحن الآن على أثرهم نقتدي بهم، و نتماهى مع أفكارهم، وجزء لا يتجزّأ من مؤامراتهم؛ نستهلك ما يروّجونه من بضائع مسمومة مزجاة تقدّس الجسد ولا تعترف بالروح، تحيي الغرائز وتثير الشّهوات، وتحرّض على الانحلال والانحراف... بلا شك حضارة لقيطة بكل ما تحمل الكلمة من معان قبيحة.

                    معركتنا ليست فقط مع الجهلة والهمج، بل مع المبتزّين؛ الذين سفّهوا أحلامنا بتلوّنهم، و أفرغوا الدين من محتواه الأخلاقيّ حتى غدا طقوس وممارسات تُؤدّى، فظهر الابتزاز المقدّس، ولم يعد لله في ديننا خير ولا فائدة.

                    بلا حرج ومن دون تشنّج، بل أنت مشكورة. نتشرّف بكل تدخّلاتك وما تبذلينه في سبيل إرشادنا في هذا الفضاء المحترم أنت نجمته وغيث في ثراه. جزيل الشكر والامتنان على رعايتك السّامية.
                    التعديل الأخير تم بواسطة مصباح فوزي رشيد; الساعة 21-01-2020, 08:39.
                    لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ

                    تعليق

                    • محمد فهمي يوسف
                      مستشار أدبي
                      • 27-08-2008
                      • 8100

                      #11
                      حينما تريد التملّص من متاعب الدّنيا وهمومها، أو تنوي التخلّص من الذّنوب الكبيرة، فإنه من الطّبيعي أن تختار الذّهاب إلى أقدس مكان فوق الأرض، باحثا عن الأمن والأمان، والأجر والسّكينة. ثم تجد ما لايسرّك فيه، فإنك تعود إلى البيت وأنت تجر أذيال الخيبة وراءك ، مطأطأ الرّأس، منكسرا مهزوما.
                      المساجد و الجوامع كما جاء في التعريف، هي بيوت الله تُؤدّى فيها الصّلاة المفروضة التي هي الرّكن الثاني في الإسلام. ومن المفروض إن مثلما تجمع هذه المساجد وهذه الجوامع النّاس وتوحّد صفوفهم، أن تُألِّف بينهم، لكن تجدنا متشائمين في كل مرّة ننوي فيها الذهاب إلى بيوت الله، بسبب بعض السلّوكيات المريضة؛ من غلظة وجهل وجفاء واحتقار لخلق الله...وكلّها سلوكيات مريضة تسيء إلى الدّين ولا تخدمه. ولولا أن صلاة الجماعة واجبة للزِم الإنسان بيته حتى يقضي الله أمره. وليس في الفقر عيب ولا في الأمراض العضوية الأخرى. والغريب أن مثل هؤلاء المرضى، روحيّا وخُلُقيّا، [وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ] – كما قال عنهم المولى عزّ وجل –، أكثر ما يهمّّهم ويهتمّون به هو مظهرهم الخارجي، على حساب كل شيء. تراهم كيف يخرجون عليك في أُبّهة كالسّلاطين والملوك برداء التكبّر وقلوبهم خاوية، وإن كانت الأناقة ليست عيبا لأن على المسلم أن يكون جميل المظهر بقدر المستطاع حتى يعطي صورة تليق بجمال ومقام عقيدته ودينه. وصدق الشّاعر ( حسّان بن ثابت ) – رضي الله عنه وأرضاه - حين قال في أمثال هؤلاء:
                      [لا بأسَ بالقومِ من طولٍ ومن عظمٍ *** جسمُ البغالِ وأحلامُ العصافير]
                      في هذا الزّمن الذي اختلّت فيه موازين الأخلاق والقيّم، و هذه الحضارة التي سلبت عقول النّاس ودمّرت أخلاقهم، والتي إنّما نشأت على أنقاض ما تبقى من حضارة المسلمين وأخلاقهم؛ حين قام المتنوّرون الأشرار بغزو الأندلس، واستباحوا قلاعهم وحصونهم، ونهبوا الخيرات، وشرّدوا وقتلوا العباد، وأقاموا على من بقي منهم محاكم التفتيش… ولم يأخذوا من حضارة المسلمين سوى القشور، وتركوا اللبّ وتخلّصوا من القيّم،ولم يستغلّوا من الأفكار والكتب سوى ما يتماشى وأغراضهم الماديّة الجافية، فضلّوا وأضلّوا. ونحن الآن على أثرهم نقتدي بهم، و نتماهى مع أفكارهم، وجزء لا يتجزّأ من مؤامراتهم؛ نستهلك ما يروّجونه من بضائع مسمومة مزجاة معظمها تقدّس الجسد ولا تعترف بالروح، تحيي الغرائز وتثير الشّهوات، وتحرّض على الانحلال والانحراف... بلا شك هي حضارة لقيطة بكل ما تحمل الكلمة من معان سيّئة قبيحة.
                      معركتنا اليوم ليست فقط مع الجهلة والهمج، بل هي أيضا مع المبتزّين؛ الذين سفّهوا أحلامنا بتلوّنهم، و أفرغوا الدين من محتواه الأخلاقيّ حتى غدا مجرّد طقوس وممارسات تُؤدّى، فظهر الابتزاز المقدّس، ولم يعد لله في ديننا خير ولا فائدة.
                      =======
                      أخي الكريم الشيخ ( كما يقولون عندنا في مصر )
                      للمدروش الذي تصفونه عندكم في المغرب
                      الأخ مصباح فوزي رشيد

                      قرأت مساهمتك وفهمتها جيدا ــ ليس من العنوان ــ
                      كما دخل على الأخت المسلمة أميمة
                      محمد
                      فحاورتك برفق ودون انفعال ،
                      لكن رد حضرتك عليها
                      فيه شيء في نفسي ، أنصحك وأنصح نفسي
                      وأنا أخوك المسلم ربما الأكبر منك عمرا وليس مقاما
                      أن ندعو إلى الله برفق أيضا

                      فما دخل الرفق واللين شيئا إلا زانه ، وما خرج منه إلا شانه
                      وعدم مداخلتي وتعليقي بعد أن فهمت مساهمتك الطيبة
                      بنفس السبب الذي علقت الأستاذة أميمة عليها ،
                      لكني؛
                      خشيت أن أنال بردك ما نالته الأخت التي أحسبها عند الله
                      أفضل مني بمحبتها لإيمانها ودينها وزيارتها للحرم المكي وروضة الرسول الشريف
                      دين الله ؛ اليسير الهين اللين )
                      ودع الخلق للخالق ، فالحساب له وحده
                      وعنده وحده وإليه يرجع الأمر كله
                      قال تعالى :
                      ( فذكر إنما أنت مذكر،لست عليهم بمسيطر ، إلا من تولى وكفر ، فيعذبه الله العذاب الأكبر ،
                      إنا إلينا إيابهم ، ثم إن علينا حسابهم ) الغاشية آيات من 21 إلى 26 ،،

                      وقد ذكرَّتَ بالصوابِ ،
                      ولكن ما ذكرَّ به سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم
                      المخاطب في السورة كان انتشار الإسلام بسببه

                      وبطريقته نتعلم منه عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم .

                      والسلام
                      فجزاك الله خيرا عنه .

                      تعليق

                      • أميمة محمد
                        مشرف
                        • 27-05-2015
                        • 4960

                        #12
                        من دون تشنج، من يقبل النقد يقدم له، ومن يقبل الرأي والرأي الآخر يحاور، ومن لا يقبل فيعفي غيره من القراءة له
                        أما الانتقاد [ لخطأ بيّن] فعلى الناقد أو القارئ تقديمه في حال الحاجة له بكل أدب وهمة
                        فالإشارة إلى الخطأ لا تحتاج لإذن من فاعله

                        أما النقد فلا أقدمه في حال الاعتراض من الكاتب الاعتراض المتكرر والصريح

                        كانت قد راسلتني أخت على الخاص وقالت لي لماذا لم أقدم لها النصح على الخاص
                        لكني آسفة أنا أنقد نصها وليس هي لذلك عليها تقبله في الملتقى أو أن لا أقدمه أصلا وهذا ما فعلت مع باقي نصوصها
                        تحياتي لكم
                        التعديل الأخير تم بواسطة أميمة محمد; الساعة 21-01-2020, 22:06.

                        تعليق

                        • مصباح فوزي رشيد
                          يكتب
                          • 08-06-2015
                          • 1272

                          #13
                          المشاركة الأصلية بواسطة أميمة محمد مشاهدة المشاركة
                          من دون تشنج، من يقبل النقد يقدم له، ومن يقبل الرأي والرأي الآخر يحاور، ومن لا يقبل فيعفي غيره من القراءة له
                          أما الانتقاد [ لخطأ بيّن] فعلى الناقد أو القارئ تقديمه في حال الحاجة له بكل أدب وهمة
                          فالإشارة إلى الخطأ لا تحتاج لإذن من فاعله

                          أما النقد فلا أقدمه في حال الاعتراض من الكاتب الاعتراض المتكرر والصريح

                          كانت قد راسلتني أخت على الخاص وقالت لي لماذا لم أقدم لها النصح على الخاص
                          لكني آسفة أنا أنقد نصها وليس هي لذلك عليها تقبله في الملتقى أو أن لا أقدمه أصلا وهذا ما فعلت مع باقي نصوصها
                          تحياتي لكم
                          الأستاذة الكريمة [أميمة محمد] السلام عليكِ ورحمة الله وبركاته. بداية أشكركِ على مداخلاتك القيّمة وإثارتك لهذا الحوار البنّاء، الذي أثار غيرتك، والله ورسوله أشدّ غيرة من المؤمنين على حرماتهم، ثمّ أما بعد؛ يقول المثل " ما خرج من القلب وصل إلى القلب، وما خرج من اللّسان لم يتجاوز الأذنين". فالمؤمن الصّادق مع ربّه لا ينتقم لنفسه مهما بلغ منه الأذى، ويجب أن يكون هذا شعاره في طريقه إلى الدّعوة إلى الله إذا أراد أن يكون قدوة لغيره. أما بخصوص الصّفات التي افتتحتُ بها الرد عليكِ فهي لا تعني سواي، والله أعلم وأجل، ودمت في عون الله وحفظه، والسّلام عليكِ ورحمة الله وبركاته.
                          التعديل الأخير تم بواسطة مصباح فوزي رشيد; الساعة 22-01-2020, 07:05.
                          لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ

                          تعليق

                          • أميمة محمد
                            مشرف
                            • 27-05-2015
                            • 4960

                            #14
                            جزاك الله خيراً
                            صدقا.. رغم ما أفتتحت به مشاركتك قدمت حسن النوايا.. ذلك أننا نعرف بعضنا من خلال الملتقى
                            وأذكر أني قرأت لك في الملتقى الفكري
                            الاحترام متبادل وأتمنى لك كل الهناء

                            تعليق

                            • مصباح فوزي رشيد
                              يكتب
                              • 08-06-2015
                              • 1272

                              #15
                              أخي الكريم الشيخ ( كما يقولون عندنا في مصر )
                              للمدروش الذي تصفونه عندكم في المغرب
                              الأخ مصباح فوزي رشيد

                              قرأت مساهمتك وفهمتها جيدا ــ ليس من العنوان ــ
                              كما دخل على الأخت المسلمة أميمة
                              محمد
                              فحاورتك برفق ودون انفعال ،
                              لكن رد حضرتك عليها
                              فيه شيء في نفسي ، أنصحك وأنصح نفسي
                              وأنا أخوك المسلم ربما الأكبر منك عمرا وليس مقاما
                              أن ندعو إلى الله برفق أيضا

                              فما دخل الرفق واللين شيئا إلا زانه ، وما خرج منه إلا شانه
                              وعدم مداخلتي وتعليقي بعد أن فهمت مساهمتك الطيبة
                              بنفس السبب الذي علقت الأستاذة أميمة عليها ،
                              لكني؛
                              خشيت أن أنال بردك ما نالته الأخت التي أحسبها عند الله
                              أفضل مني بمحبتها لإيمانها ودينها وزيارتها للحرم المكي وروضة الرسول الشريف
                              دين الله ؛ اليسير الهين اللين )
                              ودع الخلق للخالق ، فالحساب له وحده
                              وعنده وحده وإليه يرجع الأمر كله
                              قال تعالى :
                              ( فذكر إنما أنت مذكر،لست عليهم بمسيطر ، إلا من تولى وكفر ، فيعذبه الله العذاب الأكبر ،
                              إنا إلينا إيابهم ، ثم إن علينا حسابهم ) الغاشية آيات من 21 إلى 26 ،،

                              وقد ذكرَّتَ بالصوابِ ،
                              ولكن ما ذكرَّ به سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم
                              المخاطب في السورة كان انتشار الإسلام بسببه

                              وبطريقته نتعلم منه عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم .

                              والسلام
                              فجزاك الله خيرا عنه .

                              [/QUOTE]
                              أستاذنا الكبير [محمد فهمي يوسف] أسمح لي بداية أن أعبّر لك عن مدى شعوري بالفخر والسّعادة وقد شرّفتني بهذه الأناقة وهذه البشاشة والتي تعكس مدى نقاوة نفس صاحب الاسم الذي اجتمعت فيه خصال ثلاث، لا خير فيمن لم يعُدَّها؛ الحمد والحكمة والجمال، ومع ذلك يُنعتني بالشيخ لتواضعه. ولن أزيد على ما قلته، رغم اختلافنا في كلمة " ودع الخلق للخالق"، ولعله اختلاف رحمة، وقد عثرت على مقال بعنوان:
                              ما صحة (دع الخلق للخالق) أي: بلا نصيحة وإرشاد؟!


                              يدافع فيه صاحبه عن رأيه بقوّة، أنقله إليك بالحرف الواحد ومعه الرّابط، وأنا طبعا أشاطره فيما يراه. أرجو من شخصكم الكريم أن لا تبخلوا علينا بالنّصيحة، ودمتم في صحّة وعافية والسّلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
                              http://alwatan.kuwait.tt/articledetails.aspx?id=320072&yearquarter=20134
                              الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي وحده، أما بعدُ: فقد وصلني سؤال حول صحة مقولة: [دع الخلق للخالق]؟! فأقول: قولهم: «دع الخلق للخالق» كلام مجمل يُفهم من بعض الناس خلاف المراد تعطيلاً للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.ومثاله: ما رواه الامام أحمد في «المسند» وغيره ما صح من طريق قيس قال: قام أبو بكر رضي الله عنه، فحمد الله وأثنى عليه وقال: أيها الناس انكم تقرؤون هذه الآية: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ اذَا اهْتَدَيْتُمْ} الى آخر الآية، وانكم تضعونها على غير موضعها، واني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ان الناس اذا رأوا المنكر ولا يغيرونه أوشك الله عز وجل ان يعمهم بعقابه».
                              ولذلك سنبين شيئاً من هذا الاجمال: أولاً: ان كان هذا المخلوق واقعاً في الشركيات والبدع والخرافات أو مجاهراً بالمعاصي مظهراً لها أمام الناس فلابد من مناصحته وبيان الحق له، فالدين النصيحة لما رواه مسلم في «صحيحه» (55) من حديث تميم الداري- رضي الله عنه- ان النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الدين النصيحة» قلنا لمن؟ قال: «لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم» وهذه دعوة الرسل فقد كلفهم- وهم من خلقه- بالبلاغ والبيان والنصح للخلق ودعوتهم للتوحيد وما فيه خير لهم.
                              ثانيا: وأما ان يأتي معصية الله سراً فيناصح ويستر عليه ولا يبلغ الولاة بشأنه لما رواه البخاري (2442) ومسلم (2580/ 58) في «صحيحيهما» من حديث ابن عمر رضي الله عنهما ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ومن ستر مسلماً ستره الله يوم القيامة».
                              فالواجب صيانة عرضه بعدم غيبته والسخرية منه والتجسس عليه أو ايذائه فالفعل والقول وغير ذلك والأدلة في ذلك كثيرة: قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ ان بَعْضَ الظَّنِّ اثْمٌ وَلا تَجَسَّسُوا وَلا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ ان يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ ان اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيم}.
                              وقد روي البخاري (6064) ومسلم (2563) في «صحيحيهما» من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اياكم والظن فانَّ الظنَّ أكذب الحديث، ولا تجسسوا ولا تحسسوا ولا تنافسوا ولا تحاسدوا، ولا تباغضوا ولاتدابروا، وكونوا عباد الله اخوانا».
                              وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ان جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَا فَتَبَيَّنُوا ان تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ}، وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى ان يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلا نِسَاء مِّن نِّسَاء عَسَى ان يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ وَلا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلا تَنَابَزُوا بِالأَلْقَابِ بِئْسَ الاسم الْفُسُوقُ بَعْدَ الايمَانِ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُون}.
                              ولمزيد بيان لما تقدم من قولنا: ان في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وفي التوجيه والارشاد والقيام بواجب التناصح فيما بين أفراد المجتمع الواحد حفظاً للعباد من الفساد، واصلاحاً للبلاد، ولابد من الأخذ على أيدي المفسدين وأعداء الدين.
                              فأمر المخلوق لمخلوق آخر بالمعروف ونهيه عن المنكر هو شعبة من شعب الايمان التي فرضها الله على عباده، وينبغي ألا تُهمل أو تُلغى، فبها تميّزت هذه الأمة على غيرها من الأمم بالخيرية.
                              واليك بعض الأدلة من كتاب الله تبين أهمية نصيحة الخلق شفقة بهم واحساناً اليهم وهذا فيه تعاون على الخير وتكثيره ونهي عن الشر وقطع دابره قال تعالى: {وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الاثْمِ وَالْعُدْوَانِ}.
                              -1 لابد من وجود الطائفة التي تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر حتى نكون من المفلحين الصالحين المصلحين.
                              قال الله تعالى: {وَلتكُن مِنكُم أُمّة يَدعُونَ الى الخَيرِ ويَأمُرُونَ بِالمعرُوفِ وَيَنهونَ عَنِ المنكَرِ وأُولئك هُمُ المفلحِونَ}[آل عمران: 104].
                              -2 نحن خير أمة مشهود لها بالايمان ان عملنا بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، قال تعالى: {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ }[آل عمران: 110].
                              -3 من أهم أوصاف المؤمنين: قال تعالى:{التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِين}[التوبة: 112].
                              -4 أسباب رحمة رب العالمين: قال تعالى: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ ان اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}[التوبة: 71].
                              -5 الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في حاجة للصبر على أذى الناس الذين لايسمعون لنصح الناصحين فلا يمتثلون لأمر الله.
                              قال تعالى: {يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ ان ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ} [لقمان: 17].
                              ومن لا يعمل بهذه الشعيرة المهمة فهو عرضة للوعيد والهلاك فأولئك في عداد المنافقين وأهل الفسق والفجور.
                              -6 من يأمر بالمنكر وينهى عن المعروف معدود من المنافقين والفسّاق.
                              قال تعالى: {الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ ان الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُون}[التوبة: 67].
                              -7 الذين لا يأمرون بالمعروف ولا ينهون عن المنكر مستحقون للعن والطرد من رحمة الله وفيهم شبهٌ من بني اسرائيل.
                              قال تعالى: {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِي اسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ كَانُواْ لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ }[المائدة: 79-78].
                              فاياك بعد ما ذكرنا ان تكون ممن لا يتناهون عن منكر فعلوه أو وقع فيه أحدهم بحجة رخيصة وشبهة دسيسة [دع الخلق للخالق].
                              ولست أدري أهو يستدرك على الله فان الله سبحانه أرسل خلقاً وهم الأنبياء والرسل لبيان الحق للخلق، وهل نقول للأنبياء والرسل: [دع الخلق للخالق]، ونحن نسير على نهج وطريق نبينا محمد صلى الله عليه وسلم قال تعالى: {قُلْ ان كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ }.
                              وأخيراً أسأله سبحانه ان يحفظنا واياكم من الفتن ما ظهر منها وما بطن والحمد لله أولا وآخراً.
                              د.عبدالعزيز بن ندى العتيبي
                              التعديل الأخير تم بواسطة مصباح فوزي رشيد; الساعة 22-01-2020, 07:45.
                              لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ

                              تعليق

                              يعمل...
                              X