اعتلى مصطبته الزاخرة بميكروفونات وأسلاك تشابكت لآلات تسجيل ،تتصدرها فضائيته العتيدة ، المحببة إلى قلبه.. نادي غفير الشيخ ينبه على القوم بالتزام الهدوء.. استدار شيخ الحارة برأسه يمينا و شمالا، كان يوزع ابتساماته وقد نفش ريشه مزهوا كديك رومي تهجن في بلاد الحبشة .. يا قوم نعلن ونؤكد أن لا شيخ للحارات في البلاد منذ الغد ، فقد سحبنا اعترافنا بشرعيته نحن شيخ حارة المساكين ..! هكذا كانت كلماته المسبقة ، همس مواطن إلى رجل بجانبه قائلا : يبدو بأن شيخ الحارة يطمح بزعامة كل الحارات وشيوخها ..أجابه الرجل: كيف يا مواطن وهو أصلا من خارج الحارة ودخيل عليها ، وغير معترف به من الأعاجم وقد ذاقت به ذرعا زعامات الحارات المجاورة من بلاد العرب ولم تعد تطيق ألاعيبه ، ثم قطب ما بين حاجبيه متسائلا:أيعقل أن يفتى ومالك في المدينة، أيكون الشيخ زعيم على الحارات كلها وجلادها ؟.. انه تمادى في غيه لسكان حارة المساكين.. يتجرعون وحدهم قسوة وألم عناده ، ومكابرته وكل أمراضه النفسية.. بهذه الكلمات أنهى الرجل حديثه إلى ذاك المواطن .
انفض السامر وتفرق الجمع وهرول المنتفعون يتمسحون من الشيخ ، يمسكون بأطراف عباءته ويرفعونها برفق وحذر ،لألي تتسخ من شوارع ترابية يعجز الشيخ عن رصف أي منها حتى اليوم ،لانعدام مواد البناء والتعمير منذ أن اعتلى المصطبة أول مرة ، بعد أن أشبع الناس شعارات وخطب جوفاء ذات ألوان براقة، سلبت أفئدة العطشى والحيرانين.. لم يعد ير الناس بعدها خير أو راحة بال ، حيث تبخرت سعة العيش فيما بينهم ولم يعد لها أي أثر.
بادر أعوانه بتجهيز عربة الحنطور، تقله عائدا إلى ديوانه ، فلا وقود في البلاد ، وصلوا إلى الديوان كان معتما فالكهرباء مقطوعة وفواتيرها متراكمة على منضدة الشيخ يعجز عن تسديدها ، جلس الجمع متذمرين حتى اكفهرت وجوههم كثوب الحداد ، فاستعجل شيخ الحارة القهوة لضيوفه.. أعلموه بأنها على نار الحطب بالكاد جمعوه من هنا وهناك ، فغاز الطهي في المضافة مفقود كما بقية بيوت الحارة ..فاندحر الجميع عائدا كل إلى بيته واستشاط الشيخ غضبا.
في صباح يوم آخر.. كانت جموع زاحفة ،شاحبة المعالم ،تزاحم الغفر ، تحاول الاقتراب من بيت الشيخ ،مصطحبة صراخ أطفالها وأنين كبارها ،تعلن تذمرها للشيخ وتطالبه بأخذ مسؤولياته من الآن فصاعدا، فقد قطعت عنهم المعونات السخية للعائلات السفلية .. وقامت طبقة المتعلمين والمثقفين،بتقديم استقالاتهم الجماعية من مرافق الحارة الحيوية ، فتعطلت مصالح العباد، وتاه جزء صغير من البلاد في دوامة من العناد .. فسمع صوت أحدهم يقول: في النهاية ماذا تعنى حارة من مئات الحارات الأخرى الباقية ؟، و التى لا يستطيع فيها الشيخ كتابة أي شعار على جدار داخلي في أزقتها !..واتبعها بالمثل :- على بال مين يلي بترقص في العتمة- مقهقها.
في يوم آخر و على عجالة ،اجتمعت شيوخ الحارات الأخرى تعلن نفض يدها من حارة الشيخ ،متهمة إياه بالتمرد وشق الصف وخراب البلاد، وفقر وعوز العباد،ما لبثت أن لحقت بهم أمصار مجاورة بعد قرار حاسم من الخليفة العادل ، طال انتظاره من المساكين قاطني حارة الشيخ.
نظر شيخ الحارة إلى جوقة المنتفعين من حوله، وأسر لهم بالرحيل باكرا قبل خراب مالطة، وحريق روما من جديد، فتساءل أحدهم : إلى أين الرحيل بعد قرار الخليفة ؟.. فالأمصار مجتمعة قد أغلقت أبوابها، ولم تعد لنا فيها شربة ماء، وأقوالنا أصبحت مثل عواء، وفسرها آخرون بنوع من المواء، فابتسم لهم ابتسامة كلها استهزاء، ورماهم بنظرة زائغة صفراء، ودق بكف يده اليمنى على صدره !!.
إلى اللقاء.
انفض السامر وتفرق الجمع وهرول المنتفعون يتمسحون من الشيخ ، يمسكون بأطراف عباءته ويرفعونها برفق وحذر ،لألي تتسخ من شوارع ترابية يعجز الشيخ عن رصف أي منها حتى اليوم ،لانعدام مواد البناء والتعمير منذ أن اعتلى المصطبة أول مرة ، بعد أن أشبع الناس شعارات وخطب جوفاء ذات ألوان براقة، سلبت أفئدة العطشى والحيرانين.. لم يعد ير الناس بعدها خير أو راحة بال ، حيث تبخرت سعة العيش فيما بينهم ولم يعد لها أي أثر.
بادر أعوانه بتجهيز عربة الحنطور، تقله عائدا إلى ديوانه ، فلا وقود في البلاد ، وصلوا إلى الديوان كان معتما فالكهرباء مقطوعة وفواتيرها متراكمة على منضدة الشيخ يعجز عن تسديدها ، جلس الجمع متذمرين حتى اكفهرت وجوههم كثوب الحداد ، فاستعجل شيخ الحارة القهوة لضيوفه.. أعلموه بأنها على نار الحطب بالكاد جمعوه من هنا وهناك ، فغاز الطهي في المضافة مفقود كما بقية بيوت الحارة ..فاندحر الجميع عائدا كل إلى بيته واستشاط الشيخ غضبا.
في صباح يوم آخر.. كانت جموع زاحفة ،شاحبة المعالم ،تزاحم الغفر ، تحاول الاقتراب من بيت الشيخ ،مصطحبة صراخ أطفالها وأنين كبارها ،تعلن تذمرها للشيخ وتطالبه بأخذ مسؤولياته من الآن فصاعدا، فقد قطعت عنهم المعونات السخية للعائلات السفلية .. وقامت طبقة المتعلمين والمثقفين،بتقديم استقالاتهم الجماعية من مرافق الحارة الحيوية ، فتعطلت مصالح العباد، وتاه جزء صغير من البلاد في دوامة من العناد .. فسمع صوت أحدهم يقول: في النهاية ماذا تعنى حارة من مئات الحارات الأخرى الباقية ؟، و التى لا يستطيع فيها الشيخ كتابة أي شعار على جدار داخلي في أزقتها !..واتبعها بالمثل :- على بال مين يلي بترقص في العتمة- مقهقها.
في يوم آخر و على عجالة ،اجتمعت شيوخ الحارات الأخرى تعلن نفض يدها من حارة الشيخ ،متهمة إياه بالتمرد وشق الصف وخراب البلاد، وفقر وعوز العباد،ما لبثت أن لحقت بهم أمصار مجاورة بعد قرار حاسم من الخليفة العادل ، طال انتظاره من المساكين قاطني حارة الشيخ.
نظر شيخ الحارة إلى جوقة المنتفعين من حوله، وأسر لهم بالرحيل باكرا قبل خراب مالطة، وحريق روما من جديد، فتساءل أحدهم : إلى أين الرحيل بعد قرار الخليفة ؟.. فالأمصار مجتمعة قد أغلقت أبوابها، ولم تعد لنا فيها شربة ماء، وأقوالنا أصبحت مثل عواء، وفسرها آخرون بنوع من المواء، فابتسم لهم ابتسامة كلها استهزاء، ورماهم بنظرة زائغة صفراء، ودق بكف يده اليمنى على صدره !!.
إلى اللقاء.