ضرورة التصدّي للسّحرة والمشعوذين الأشرار

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • مصباح فوزي رشيد
    يكتب
    • 08-06-2015
    • 1272

    ضرورة التصدّي للسّحرة والمشعوذين الأشرار

    - فتحت عيني في مجتمع يتبنّى الإسلام، لكنّه يتعاطى السّحر والشّعوذة؟ا.
    لا داعي لاجترار نفس الكلام القديم، عن "ماهية السّحر وهل هو عند الضّرورة حلال أم حرام ؟..." وما إلى ذلك . ولكن حينما تقرأ أو تسمع عن أشخاص راقيين وأصحاب نفوذ كبار يتعاطونه فإنّك تقف موقف التلميذ الحائر في أمر سؤال بديهي أو تافه.
    في إحدى دوّل أوروبا الشرقية، يعتبر السّحر مهنة مقنّنة وتجارة مربحة. وهو ما يخالف القوانين والأعراف الدوّلية كون هاته الدول عاشت في ظروف أنظمة شيوعيّة مستبدّة.
    وفيما يتعلق بجرائم مثل الشعوذة والسّحر، وهي جرائم يصعب تعريفها بسبب ما تتّسم به من "لا منطقية"و "لا عقلانية" ، وفي غياب الأدلّة والبراهين، ولأن المشرّعين يرون أن مثل هذه المسائل الغيبية لا ينبغي معالجتها بالقوانين الجنائيّة وإنما يجب تناولها من خلال العمل الاجتماعي، برفع نسبة الوعي.
    وكما هي العادة دائما فإن الإعلام، الإعلام "الأصفر " أو المأجور - كما يصفونه - بشقّيه المرئي والمسموع، والذي تحرّكه الأيادي الخفيّة التي تتحكّم في القرارات الرّسميّة للدّولة، تحاول في هذه الآونة تسليط الضّوء على بعض الجوانب الخفيّة، وعلى ما يجري داخل الغرف المظلمة، من أمور فضيعة تمسّ بفكر واقتصاد وكرامة الإنسان.
    كثيرا ماترد كلمة" شعوذة " مقرونة بالنّصب والاحتيال. وأما مدى تأثيرها وخطورتها، فلذلك علاقة بظروف وعقيدة ومستوى كل شخص، ومكانته الاجتماعية؛ فالجهل والفقر من بين أهم الأسباب التي تدفع بالنّاس إلى تشجيع ظاهرة الشّعوذة والدّجل، وليس السّحر. لأنّ هذا الأخير شيء غيبي مرتبط بعالم الجن والشياطين، ولا نزيد عن ما ورد ذكره في السُنّة و القرآن.
    أيضا من بين الظواهر التي تدلّ على الشّعوذة بأنواعها، ممارسة الطب بنوعيه، الشّعبي والبديل، وبطرق مشبوهة. مما يتسبّب في هلكة النّاس، بسبب الجهل والخرافة. وأذكر هنا أن أحد المعالجين في الشرق الجزائري تسبّب بجهله في قتل شابّة في مقتبل العمر بعدما وصف لها عشبة سامّة لعلاج سحر مزعوم.
    كم هو عدد الرّقاة الذين يعالجون جميع الأمراض بما في ذلك المستعصية على الطب الحديث؟ا
    وكم صار عدد المحلاّت التي تبيع الأعشاب وأنواع الزّيوت، بما في ذلك الصّالحة و المسمومة، في هذه الأيّام؟ا
    شعوذة ا؟.

    التعديل الأخير تم بواسطة مصباح فوزي رشيد; الساعة 02-10-2020, 06:01.
    لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ
  • مصباح فوزي رشيد
    يكتب
    • 08-06-2015
    • 1272

    #2
    ضرورة التصدّي للسّحرة والمشعوذين الأشرار

    (2)
    كما سبق وقلتُ في بداية الكلام: فتحتُ عينيّ قوجدتُ السّحر والشّعوذة ثقافة وممارسات، والناس من حولي يتصيّدون فرصة الحصول على " تسريح" من السّاحر أو المشعوذ. ولأن الحياة رغم أنّها كانت سهلة وبسيطة لكنها تفتقر إلى أدنى الوسائل المتوفّرة الآن في عصرنا الحالي. لذلك وجد هؤلاء المجرمون الأشرار من سحرة ومشعوذين محتالين طريقهم إلى عقول وجيوب النّاس فنخروها بدجلهم وألاعيبهم.
    والتّسريح كلمة سرٍّ لدى هؤلاء الدجّالين، يقيسون بها درجة ولاء، والطّاعة العمياء، من تدفع بهم ظروف الحياة؛ من جهل وفقر وقلّة حيلة، إلى طرق أبوابهم، والتّسليم بأمرهم، والاستئناس بقربهم. وكان بعض من السذّج ينظرون إلى هذه الحثالة من الأشرار على أنّهم من أولياء الله الصّالحين. وما زاد في غفلتهم هو ارتباطهم بتلك الطّقوس التي تُسمّى "الثّلمود" بتشديد الثّاء؛ وهي ظاهرة لم نجد لها تفسيرا سوى بما يفعله بعض الدّراويش في هرطقاتهم.
    ففي كل موسم "ثلمود" يخرج علينا جماعة من الدّراوشة، ببرانيسهم القديمة وقشاشيبهم المهترئة يرفعون أعلامهم، من الأقمشة ذات اللّون الأخضر، يضربون على الدفّ ويتسوّلون النّاس يسألونهم ما يمكن حمله أو جمعه من أموال " الزّكاة " أو لباس أو دقيق… أو أيّ شيء آخر ذا قيمة أو صالحا للأكل بغرض إقامة " الزّردة" تكريما لوليّهم المزعوم. وهناك، في تلك المناطق النّائية والمعزولة عن العالم، يحدث ما يحدث من بذخ وترف وفجور. وفي ظلّ هذه الأجواء العفنة، والنّاس في حالة هرج ومجون، يتصارعون على قصع الكسكسي وهبَرات اللّحوم. وليس ببعيد عنهم "أحمق دجّال" يُصارع مذرة أو قطعة حادّة يحاول بعج بطنه أو قطع لسانه من أجل يأتيهم ببرهان. وهم في غفلتهم "ساهدون"يتابعون المشهد " الهيتشكوكي" بدهشة ويصرخون:
    " مَسلْمين ومكَتْفين اا" "الشيء لله": بمعنى الأمر لله. و(لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْد) -الآية الكريمة-.
    من هذا المحفل " الماسوني" استمدّ السّاحر أوالمشعوذ سلطانه، وقد رآه النّاس يفعل كذا وكذا وليس من سمع كمن رأى. فما على البقيّة إلاّ الطّاعة والتّصديق بالمعجزة والكرامات التي جرت على أيدي هؤلاء المجرمين. ومن يستطيع أن يشكّك في أمر هؤلاء " الخبثاء"، فكأنّما يُشكّك في الولي الصّالح ذاته؟ ومن يجرؤ على التشكيك في نزاهة وقداسة أولياء الله الصالحين؟ سوى ملحد أو فاقد لعقله.
    بعدما كبرنا وتوفّرت لدينا وسيلة المعرفة محرّكات بحث "قوقل" وغيرها... - جازى الله(سيرجي برين) و (لاري بايج) على مجهودهما الطيّب. فلولا أمثال هؤلاء ما كنّا نعرف أنّ الثّلمود من دسائس: (أولئك الذين إذا كان فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجداً، ثم صوروا تلك الصور، أولئك شرار الخلق عند الله يوم القيامة)- الحديث الشّريف -.

    التعديل الأخير تم بواسطة مصباح فوزي رشيد; الساعة 24-09-2020, 16:47.
    لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ

    تعليق

    • مصباح فوزي رشيد
      يكتب
      • 08-06-2015
      • 1272

      #3
      ضرورة التصدّي للسّحرة والمشعوذين الأشرار

      (3)
      ليس من الصّدفة أن تلتقي أو تتشابه جميع " الحروز" أو " الحجب " أو الطلاسم كلّها في أشكالها الهندسيّة المختلفة، من خطوط وحجوم ومثلّثات... وكذلك في مضامينها وما تحمله من أرقام قديمة، وحروف وأسماء وكلام كلّه باللّغة العربية.
      " دير النيّة " أوّل ما يشترط السّاحر أو المشعوذ على الضّحايا من زبائنه "المتيّمين"؛ بمعنى أن يكون أرضا له، كشرط ضروري لا يقبل التفاوض. وقبل بادئ ذي بدء، وقبل أن يفتح عليه الكتاب ليقرأ طالعه و يطّلع على ما في الغيب.
      وأما بخصوص " الأجرة " ثمن أتعابه، وقيمة "الحرز" أو"الحجاب"، فهو قابل للتفاوض، بخلاف النيّة. وكما أن أجرة السّاحر أو المشعوذ لها علاقة بموضوع الطّلب وطبيعة المشكلة أو المصيبة ومدى خطورتها، وأخطرها ما يّسمّى " التّابعة". فما على المعنى إلاّ أن يدفع كثيرا حتى يحصل على حرز أو حجاب قويّ، يقطع التابعة أو يدفع العين.
      الفرق بين السّاحر والمشعوذ؛ هو أنّ السّاحر لديه خادم من الجن أو الشياطين يسهر على تنفيذ أوامره. والحرز أو الحجاب الذي يقوم بكتابته يعتبر بمثابة عقد ملزم بين الإثنين. ويأتي تسخير هذا الخادم بعد تنفيذ السّاحر شروط وأوامر يمليها عليه كبار المردة من الجن والشياطين. وتتوقّف درجة تفاني ومدى نجاعة الخادم على قدر تفنّن السّاحر في تنفيذ هذه الشروط والأوامر، وبكل إخلاص وحبّ ورضا. ونسمع في أيّامنا هذه عن جرائم؛ من قتل للأطفال الأبرياء والتّمثيل بجثثهم ونبش للقبور وتدنيس المصحف الشّريف، وأمور غريبة تُنسب في كثير من الأحيان لهؤلاء السّحرة المجرمين.
      أما المشعوذ، فهو مجرّد نصّاب محترف. وليس للأمر علاقة لا بالجِنّ ولا بالشّياطين. يقوم بنقل، حرفيّا، ما في الكتاب من كلمات، وطلاسم مبهمة لا يفقه معناها في كثير من الأحيان، تتشابه في الشّكل وتلتقي في الجوهر؛ من مناداة واستغاثات بجبريل وعزرائيل وميكائيل وإسرافيل...، معظمها كفر وشرك بالله، وإلحاد في أسمائه الحسنى وآياته، وأسماء ملائكته الكرام. -(تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ)-.
      كما يستخدم المداد التقليدي أو" السّمق " ، والذي هو ربما مشتقّ من كلمة " الصّمغ"، ويتم تحضيره لكتابة الحرز أو الحجاب أو الطلسم عن طريق حرق صوف الماشية ثم مزجها بالماء، ثم توضع في آنية صغيرة تُسمّى "الدواية"، وتستخدم الأعواد الخشبية هنا كوسيلة للكتابة. كما تستخدم أيضا مادة الزّعفران وبعض المواد الأخرى؛ حسب مقتضيات الكتاب. كما يتعمّد السّاحر أو المشعوذ أحيانا استخدام النّجاسة من بقايا الجثامين المتعفّنة والدّماء، كدم الحيوان ودم الحيض، وذلك لتدنيس آيات الله وأسمائه الحسنى التي يقوم بنقلها حرفيا من الكتب اللّعينة.

      التعديل الأخير تم بواسطة مصباح فوزي رشيد; الساعة 24-09-2020, 16:47.
      لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ

      تعليق

      • مصباح فوزي رشيد
        يكتب
        • 08-06-2015
        • 1272

        #4
        (4)
        قبل أن يدفعني الفضول وحب الاطّلاع إلى معرفة هذا العالم الخفي الذي هو السّحر. كان لابدّ من سبب وجيه؛
        لقصص الغول والأحاجي المشوّقة نكهة خاصّة، و التي كانت ترويها لنا الجدّة في ليالي الشّتاء ونحن الأطفال من حولها نتابع حديثها وبكل شغف. أو تلك " الكرنفالات " التي تُسمّى " الثّلمود ". أو ذلك الذي يستعرض قدراته علينا ويقوم بالألعاب الخفيّة في المدرسة. أو "العزّام"،وما أدراك مالعزّام، يثير فضولنا فنهرع لرؤيته في نهاية كل أسبوع... ومعه تولّد فينا هذا الفضول و أخذ يتنامى بشكل رهيب.
        كنا هذه مهنتنا المفضّلة، نتداول الحديث عن السّحرة ونتسابق فيما بيننا ونحن صغار، ونتطلّع إلى المزيد.
        في أحد الأيام طلب منّا أبي أن نقوم بتهيئة الصّالة. فأدركتُ أن ثمّة شيئا، وما هي إلاّ سويعات حتّى حلّ علينا شخص، ذو هيبة وملامحه تدلّ على أنّه محترم. سيّما ووالدي الذي بالغ أحيانا في الجري هنا وهناك من أجل تهيئة الظّروف لهذا الشّخض الذي يقول إنه جاء من العاصمة يبحث عن شيخ صاحب برهان "قويّ". وما هي إلا لحظات حتّى حضر الشّيخ بجبّة وشاشية بيضاوين.
        بحضوري اكتملت شروط العرض، ولم أكن أعرف ما أهميّة وجودي في هذا الجمع الكريم؟ا
        قاموا بغلق النوافذ والأبواب، ودعاني إليه الشّيخ أو "الطّالب" كما يُسمّى عندنا؛ والطّالب عندنا هو كل شخص يرتدي عباءة وشاش ويحمل معه نسخة قديمة. وادخلني تحت عباءته وبدأ " يُعزّم" " ثم توقّف قليلا وقال لي " ماذا ترى؟". كرّرها مرّات… رحتُ أبذل كل ما في وسعي لعلّي أرى شيئا (؟اا) لكن في كل مرّة ينقلب البصر إليّ خاسئا وهو حسير. وما كان لي أن أكذب وأنا في حضرة أبي والضّيف المحترم الذي يترقّب المشهد بصبر نافذ. رفع الشيخ
        من لهجته وأمرني ببذل مزيد من الجهد قائلا: " يا ولدي شُوف مليح هناك نقطة مضيئة وسط الظّلام". وحين يئس منّي رفع عباءته ودفعني محاولا تجاوز شعوره بالخيبة والنّدم.
        صدق من قال إن الإنسان ابن بيئته ووليد تجاربه؛ توالت الأحداث من بعدها، وبمرور الأيام والأعوام تولّدت لديّ رغبة في اقتحام عوالم الأسرار الخفيّة والظّلام، ولعلّي أرى مالا تراه العين.
        لا أتذكّر كيف حتّى وصل إليّ كتاب " شمس المعارف الكبرى "؟ا. لكن بمجرد وقوعه بين يديّ انغمستُ فيه حد الغرق"من أعلى رأسي حتى أخمص قدمي". ولأنّني وجدتُ فيه ضالّتي التي لطالما كنتُ أبحث عنها في متاهات الوحدة والعزلة، وكثيرا ما كنتُ أعاني منهما وأنا طفل صغير، ولم يكن لديّ ما يشغلني يومها سوى قناة يتيمة تقوم ببثّ نفس الأخبار المملّة. أو جريدة يومية لا تصل إلاّ بشقّ الأنفس.
        التعديل الأخير تم بواسطة مصباح فوزي رشيد; الساعة 02-10-2020, 05:49.
        لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ

        تعليق

        يعمل...
        X