قرأت فيما قرأت منذ فترة ، شبه سيرة ذاتية لأحد عباقرة الرياضيات المعاصرين ، وهو بول إرديش Paul Erods البولوني الأصل ، بقلم الأستاذ : إبراهيم فاضل ، يربط فيها بين شيئين بعيدين في نظري لطالما عجبت لمن يجمع بينهما ؛ الشعر والرياضيات .
كان إرديش يسعى إلى ما يعرف عند الرياضيين بـ :البرهان الأنيق ، غير أنه كان يكتب براهينه مدفوعا بحس جمالي خاص به ، كان يقول أن الشعر وعلم الرياضيات كلاهما سعي إلى الجمال . بيد أن الشعر يسعى إلى الجمال المجسد بنطق اللسان ، وتسعى الرياضيات إلى الجمال المجرد بمنطق البرهان . قد يجعلك هذا تتساءل التساؤل نفسه الذي طرحه صاحب المقال توقعا لما يجول في ذهن قارئيه : « كيف لي أن أقرأ سيرة صاحبنا العبقري المبدع هذا، وأنا لا أعرف من الرياضيات حتى عد التفعيلات في البيت الواحد؟ وأجاب : تقرؤها بقراءة أينشتاين ، وذلك بأن تبدل كلمة برهان كلما وقعت عليها في سيرة إرديش بكلمة قصيدة . فقد كان ينسب إلى أينشتاين القول : " ما الرياضيات البحتة إلا شعر ، كلماته أفكار المنطق ".كما أن لمؤرخ العلوم موريس كلاين ، كتابا عن الرياضيات في ثقافة الغرب ، يقول فيه : " كل برهان يتدرج أنيقا ، قصيدة شعر في كل شيء ، إلا في الشكل المكتوب " » .
لقد وجدت أننا نستطيع أن نحبب إلى أنفسنا ما لا نحب بمنطق ما نحب ، معادلة أينشتاينية بسيطة ، يصعب تقبلها وفهمها لكنها ممكنة جدا . لم أحب الرياضيات يوما ، لكنني لا أعلم لماذا أشتاق إليها كلما مارست إعراب الكلمات والجمل النحوية ، كلما سبقت آلة التجار الحاسبة في جمع سعر ما تبضعته منهم ، كلما وجدتني أمام مجاز كاتب أو استعارات شاعر تجعل كل خلايا عقلي في حالة تأهب واستنفار تبحث عما تحت الكلمات ووراءها وأمامها من معان مجتزأة ومموهة وملونة تسخر مني كلما تمنع علي اقتناصها ، وتفجؤها الاستفاقة المفاجئة من ضوضاء الجري وراء الكلمات ، أشعر في كثير من الأحيان أنني أمام معادلة رياضية صعبة ، ولربما كان الأمر أصعب من معادلة .
ماذا لو أحببنا ما لا نحب بمنطق ما نحب ، ماذا لو أعدنا التفكير في موقفنا من المطالعة ومجالسة الكتاب ، ماذا لو نطالع بمتعة مشاهدة التلفاز ، ولعب الشطرنج ، و الثرثرة على المقاهي وفي الحلقات النسائية . لا أعتقد أن كثيرين سيحبون هذا ، ولكن ماذا لو نجرب رؤية شيء بالعين التي نرى بها الشيء الآخر ، علينا أن نميز في كل هذا بين ما يجب أن نحبه لأنه مفيد ، جميل ، يغير حياتنا ، يعطينا دفعا ، يهئ لنا طريقا من طرق النجاح التي نسعى وراءها يقظة وحلما ، وبين ما لا ينبغي لنا أن نحبه ، لأنه هدر للوقت والطاقة والعاطفة .
ما أصعب هذه المعادلة ، لكنها ليست مستحيلة ، إن منطقا يجعلني أعامل معادلة رياضية معاملة الشعر جدير بأن أمنحه فرصة تحبيبي في شيء آخر أدعي أنني لا أحبه ، فيما يستطيع هو توجيهي لسبيل أخرى تغير موقفي منه . إذن ، المسألة ليست مسألة حب وكره ، إنها مسألة منهج ، المنطق فسيفساء مناهج تحتاج قدرة انتقائية لا تتطلب منا الذكاء بقدر ما تتطلب الإرادة والحماس .
إنه برهان أنيق بحق ... لو طبقناه بنجاح !
كان إرديش يسعى إلى ما يعرف عند الرياضيين بـ :البرهان الأنيق ، غير أنه كان يكتب براهينه مدفوعا بحس جمالي خاص به ، كان يقول أن الشعر وعلم الرياضيات كلاهما سعي إلى الجمال . بيد أن الشعر يسعى إلى الجمال المجسد بنطق اللسان ، وتسعى الرياضيات إلى الجمال المجرد بمنطق البرهان . قد يجعلك هذا تتساءل التساؤل نفسه الذي طرحه صاحب المقال توقعا لما يجول في ذهن قارئيه : « كيف لي أن أقرأ سيرة صاحبنا العبقري المبدع هذا، وأنا لا أعرف من الرياضيات حتى عد التفعيلات في البيت الواحد؟ وأجاب : تقرؤها بقراءة أينشتاين ، وذلك بأن تبدل كلمة برهان كلما وقعت عليها في سيرة إرديش بكلمة قصيدة . فقد كان ينسب إلى أينشتاين القول : " ما الرياضيات البحتة إلا شعر ، كلماته أفكار المنطق ".كما أن لمؤرخ العلوم موريس كلاين ، كتابا عن الرياضيات في ثقافة الغرب ، يقول فيه : " كل برهان يتدرج أنيقا ، قصيدة شعر في كل شيء ، إلا في الشكل المكتوب " » .
لقد وجدت أننا نستطيع أن نحبب إلى أنفسنا ما لا نحب بمنطق ما نحب ، معادلة أينشتاينية بسيطة ، يصعب تقبلها وفهمها لكنها ممكنة جدا . لم أحب الرياضيات يوما ، لكنني لا أعلم لماذا أشتاق إليها كلما مارست إعراب الكلمات والجمل النحوية ، كلما سبقت آلة التجار الحاسبة في جمع سعر ما تبضعته منهم ، كلما وجدتني أمام مجاز كاتب أو استعارات شاعر تجعل كل خلايا عقلي في حالة تأهب واستنفار تبحث عما تحت الكلمات ووراءها وأمامها من معان مجتزأة ومموهة وملونة تسخر مني كلما تمنع علي اقتناصها ، وتفجؤها الاستفاقة المفاجئة من ضوضاء الجري وراء الكلمات ، أشعر في كثير من الأحيان أنني أمام معادلة رياضية صعبة ، ولربما كان الأمر أصعب من معادلة .
ماذا لو أحببنا ما لا نحب بمنطق ما نحب ، ماذا لو أعدنا التفكير في موقفنا من المطالعة ومجالسة الكتاب ، ماذا لو نطالع بمتعة مشاهدة التلفاز ، ولعب الشطرنج ، و الثرثرة على المقاهي وفي الحلقات النسائية . لا أعتقد أن كثيرين سيحبون هذا ، ولكن ماذا لو نجرب رؤية شيء بالعين التي نرى بها الشيء الآخر ، علينا أن نميز في كل هذا بين ما يجب أن نحبه لأنه مفيد ، جميل ، يغير حياتنا ، يعطينا دفعا ، يهئ لنا طريقا من طرق النجاح التي نسعى وراءها يقظة وحلما ، وبين ما لا ينبغي لنا أن نحبه ، لأنه هدر للوقت والطاقة والعاطفة .
ما أصعب هذه المعادلة ، لكنها ليست مستحيلة ، إن منطقا يجعلني أعامل معادلة رياضية معاملة الشعر جدير بأن أمنحه فرصة تحبيبي في شيء آخر أدعي أنني لا أحبه ، فيما يستطيع هو توجيهي لسبيل أخرى تغير موقفي منه . إذن ، المسألة ليست مسألة حب وكره ، إنها مسألة منهج ، المنطق فسيفساء مناهج تحتاج قدرة انتقائية لا تتطلب منا الذكاء بقدر ما تتطلب الإرادة والحماس .
إنه برهان أنيق بحق ... لو طبقناه بنجاح !
تعليق