
الحمد لله وكفى والصلاة والسلام على عباده الذين اصطفى.
ثم أما بعد، تدخل هذه المقالة في مشروع محاولة فهم الإنسان العربي المعاصر، وهي محاولة، أو مغامرة، شاقة ومؤلمة لما حال إليه هذا الإنسان من أحوال سيئة صيرته من باني الحضارة إلى كائن يرفل في الخسارة، كائنٍ لا يهمه سوى العلف والتلف والترف ولا يبالي بما سلف له من شأن في الحياة؛ وقد سبق لي نشر عدد من المقالات يمكن لمن أراد الاطلاع عليها أن ينظرها في قائمة مواضيعي المختلفة، وقد يسرت عليه المئُونة [المؤونة] فوضعتها له أسفل هذه المقالة(1)؛ وهذه المقالة لا تدعي الإحاطة بالموضوع المعالج وإنما هي محاولة، كغيرها من المحاولات، لفهم هذا الإنسان العربي المعاصر الغريب والعجيب في الوقت نفسه.
وقبل الغوص في موضوعنا هنا أرى ضرورة تحليل كلمة "سلطوية" من حيث اشتقاقُها ودلالتُها، ويبدو، والله أعلم ثم علماء اللغة العربية، متنِها وصرفِها، أن لا وزن، من حيث الصرف، لهذه الكلمة المستحدثة إلا كونها مصدرا صناعيا مشتقا من "السلطة"(2) وهي الولاية على شخص، أو أشخاص، وأراها منقولة من اللغات الأعجمية الغربية "autoritarisme" الإفرنجية، أو "Authoritarianism" الإنجليزية، وتحمل معنى "أيديولوجيا" سلبيا سيئا مؤكدا.
و"السلطوي" هو الشخص المتسلط على غيره لسبب من الأسباب المعلنة أو المكتومة، إذ يتميز "السلطوي" بنزعة استبداد كامنة في نفسه يعبر عنها من خلال تصرفاته "المعقولة" (!) ظاهرا مصدرها آلية الدفاع عن الأنا كما قررها "س.فرويد" في "آليات الدفاع عن الأنا" وهي آلية "العقلنة" (mécanismes de défense du moi = la rationalisation)، حتى تبدو تصرفات الشخص "معقولة" له أولا ثم للآخرين ثانيا.
ولو تأنينا قليلا وبحثنا عن هذه النزعة الكامنة في أعماق النفس البشرية لوجدناها تتجلى بامتياز في شخصية فرعون كما نص عليه القرآن الكريم في الآية {(...) قَالَ فِرْعَوْنُ مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ} (غافر: #29)، ولا تقتصر هذه النزعة السلطوية في الحكام فقط، وإن كانت فيهم أظهر وأوضح، بل هي مستشرية في نفس الإنسان العربي في أي منصب كان: زوج، أب، رئيس مصلحة، مدير، رئيس فوج عمل، قائد من أي نوع كان، وهكذا...إلى ما لا نهاية من المناصب التي تتيح فرصة التسلط على الناس، حقيقيةً كانت أو وهميةً وحتى افتراضيةً.
يبدو، والله أعلم، أن مصدر هذه النزعة الكامنة إنما هو "روح الأبوية" المتجذرة في الذكور عموما، وحتى في بعض الإناث "المستذكرات"، من الذُّكُورة وليس من التَّذكُّر الذي هو نقيض النسيان، أي المسترجلات (les femmes phalliques)، وما أكثرهن، فتجد الواحد من هؤلاء السلطويين "يلعب" (!) دور الأب المتعاقل إرضاء لشهوة التسلط الكامنة فيه لا يستيطع لها مقاومة ولا دفعا ولا تهذيبا وإن عُبِّر عن هذه النزعة عند النساء بغريزة الأمومة وليست هي وإن بُرِّرَتْ بها.
فإن أردنا أن نحلل هذه النزعة من حيث مظاهرها "الجميلة" المعلنة علينا أن نبحث عن جذورها في "كهوف" النفس البشرية المظلمة القاتمة والتي قد يجهلها المتسلط نفسه أو ينكرها أو يجحدها أو يتمرد عليها إن واجهها أو إن جُوبِه بها.
والسؤال الذي يفرض نفسه علينا الآن: هل إلى علاج هذه الزعة السلبية من سبيل؟ تكون الإجابة: نعم، بالطبع، إذ لا يوجد داء إلا وجد معه الدواء، عرفه من عرفه وجهله من جهله، هكذا ببساطة مدهشة، المهم معرفة الداء ثم محاولة علاجه بفهمه أولا ثم بالأزم أو بالحمية أو بالكي أو بالبتر إن عجزت العلاجات الأولية اللطيفة، الهينة اللينة.
هذا، وللحديث بقية، إن شاء الله تعالى، إن كان في العمر بقية، وقراءة ممتعة لمن يهمه الموضوع طبعا.
وقبل الغوص في موضوعنا هنا أرى ضرورة تحليل كلمة "سلطوية" من حيث اشتقاقُها ودلالتُها، ويبدو، والله أعلم ثم علماء اللغة العربية، متنِها وصرفِها، أن لا وزن، من حيث الصرف، لهذه الكلمة المستحدثة إلا كونها مصدرا صناعيا مشتقا من "السلطة"(2) وهي الولاية على شخص، أو أشخاص، وأراها منقولة من اللغات الأعجمية الغربية "autoritarisme" الإفرنجية، أو "Authoritarianism" الإنجليزية، وتحمل معنى "أيديولوجيا" سلبيا سيئا مؤكدا.
و"السلطوي" هو الشخص المتسلط على غيره لسبب من الأسباب المعلنة أو المكتومة، إذ يتميز "السلطوي" بنزعة استبداد كامنة في نفسه يعبر عنها من خلال تصرفاته "المعقولة" (!) ظاهرا مصدرها آلية الدفاع عن الأنا كما قررها "س.فرويد" في "آليات الدفاع عن الأنا" وهي آلية "العقلنة" (mécanismes de défense du moi = la rationalisation)، حتى تبدو تصرفات الشخص "معقولة" له أولا ثم للآخرين ثانيا.
ولو تأنينا قليلا وبحثنا عن هذه النزعة الكامنة في أعماق النفس البشرية لوجدناها تتجلى بامتياز في شخصية فرعون كما نص عليه القرآن الكريم في الآية {(...) قَالَ فِرْعَوْنُ مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ} (غافر: #29)، ولا تقتصر هذه النزعة السلطوية في الحكام فقط، وإن كانت فيهم أظهر وأوضح، بل هي مستشرية في نفس الإنسان العربي في أي منصب كان: زوج، أب، رئيس مصلحة، مدير، رئيس فوج عمل، قائد من أي نوع كان، وهكذا...إلى ما لا نهاية من المناصب التي تتيح فرصة التسلط على الناس، حقيقيةً كانت أو وهميةً وحتى افتراضيةً.
يبدو، والله أعلم، أن مصدر هذه النزعة الكامنة إنما هو "روح الأبوية" المتجذرة في الذكور عموما، وحتى في بعض الإناث "المستذكرات"، من الذُّكُورة وليس من التَّذكُّر الذي هو نقيض النسيان، أي المسترجلات (les femmes phalliques)، وما أكثرهن، فتجد الواحد من هؤلاء السلطويين "يلعب" (!) دور الأب المتعاقل إرضاء لشهوة التسلط الكامنة فيه لا يستيطع لها مقاومة ولا دفعا ولا تهذيبا وإن عُبِّر عن هذه النزعة عند النساء بغريزة الأمومة وليست هي وإن بُرِّرَتْ بها.
فإن أردنا أن نحلل هذه النزعة من حيث مظاهرها "الجميلة" المعلنة علينا أن نبحث عن جذورها في "كهوف" النفس البشرية المظلمة القاتمة والتي قد يجهلها المتسلط نفسه أو ينكرها أو يجحدها أو يتمرد عليها إن واجهها أو إن جُوبِه بها.
والسؤال الذي يفرض نفسه علينا الآن: هل إلى علاج هذه الزعة السلبية من سبيل؟ تكون الإجابة: نعم، بالطبع، إذ لا يوجد داء إلا وجد معه الدواء، عرفه من عرفه وجهله من جهله، هكذا ببساطة مدهشة، المهم معرفة الداء ثم محاولة علاجه بفهمه أولا ثم بالأزم أو بالحمية أو بالكي أو بالبتر إن عجزت العلاجات الأولية اللطيفة، الهينة اللينة.
هذا، وللحديث بقية، إن شاء الله تعالى، إن كان في العمر بقية، وقراءة ممتعة لمن يهمه الموضوع طبعا.
البُلَيْدَة، في صبيحة يوم الخميس 28 صفر 1442 الموافق 15 أكتوبر 2020.
الهامش:
(1) مواضيع ذات صلة:
1- الشَّرْنَقِيَّةُ نَزعةٌ عصريَّةٌ
2- الإنسان العربي والحوار
3- الإنسان العربي المعاصر والمخترعات الحديثة
4- الإنسان العربي والوقت
(1) مواضيع ذات صلة:
1- الشَّرْنَقِيَّةُ نَزعةٌ عصريَّةٌ
2- الإنسان العربي والحوار
3- الإنسان العربي المعاصر والمخترعات الحديثة
4- الإنسان العربي والوقت