عبير

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • عبدالرحيم التدلاوي
    أديب وكاتب
    • 18-09-2010
    • 8473

    عبير

    استلقيت على فراشي وكنت بكامل لباسي لا بكامل قواي البدينية التي استنزفتها في عملي. رنوت إلى السقف أمسحه كسماء بدت لي مليئة بالنجوم، صرت أعدها وأحصيها مراودا نوما يعيد لي نشاطي حتى أكمل درسي في أهمية البيئة على صحة الإنسان، فالتلوث مضر بالصحة البدنية والفكرية كما أقرت بذلك الأبحاث العلمية.
    كان التلاميذ متنبهين ومهتمين، والأكيد أنهم سينجزون عروضا مهمة في هذا الباب.
    تذكرت أني خرجت من مقر عملي سريع الخطو قبلتي المنزل لأنام، لحظتها تنبهت إلى يد مدت لي بوردة حمراء قانية، لم أعر صاحبتها اهتماما بل منحتها ما في جيبي، وانصرفت حاملا تلك الوردة...
    نهضت من سريري بسرعة وتوجهت إلى الباب حيث تركتها، وضعتها بكل حنان في مزهرية بها ماء نقي، ثم عدت متمددا، سرقني النوم، هذه المرة، سريعا. راودني حلم جميل رأيت خلاله الوردة تتناسل وتتكاثر حتى صيرت منزلي حديقة ورد فائح، ورأيتني أنقل خطوي وئيدا أستمتع بالشذى، وأنهل من معين المنابع التي كانت تتفجر مياها عذبة.
    لم أشعر إلا والشمس تطرق غرفتي تنهضني، فنهضت بهمة ونشاط لأجد غرفتي، فعلا، قد صارت حديقة ورد بعطر منعش. وما هي إلا لحظات حتى اجتمع الورد في باقة عظيمة الحضور، وصارت بأجنحة تحلق في أجواء المنزل قبل أن تغادر من النافذة المفتوحة باندهاش. سرت خلفها بلهفة أحاول استرجاعها إلى أن حطت على شفتي الفتاة التي مدتني بالوردة الغريبة، لتخرج منه كلمة عذبة الروح، منشطة للدورة الدموية والحياة: شكرا لك. خرجت من فيها ما يخرج الماء من باطن الأرض..
    قالتها بصوت خفيض، وعيناها إلى الأرض تعبران عن خفر لذيذ.
    شكرا لك، لم يسبق لي أن سمعتها، مموسقة برنة كالسنا هزت فؤادي وأطربته. حينئذ فهمت سر جرح سهري المزمن، وأدركت سر بلسمه.
  • مها راجح
    حرف عميق من فم الصمت
    • 22-10-2008
    • 10970

    #2
    الله الله ..ابهجت صباحي بهذه الاقصوصة الماتعة جمالا واحساسا
    شكرا لك
    رحمك الله يا أمي الغالية

    تعليق

    • سليمى السرايري
      مدير عام/رئيس ق.أدب وفنون
      • 08-01-2010
      • 13572

      #3

      -
      اقصوصة فيها من الشاعرية الكثير
      رقيقة رقة الورود والحدائق ولذيذة كما تلك الطفلة الجميلة بائعة الورد
      خيال خصب وكأنّي أرى تلك المشاهد أمامي على شريط ملوّنٍ
      ما أجمل ثقافة الشكر التي أحيانا يفتقدها البعض.
      -
      -
      تحياتي

      -----------------
      ملاحظة:
      أستمتع بالشذى
      الأصح الشذا الذي يعبّر عن الأريج والرائحة الفوحاء
      بينما الشذى هو الحزن والأذى

      -
      الشَّذا : قوَّة الرائحة / "شَذَا العِطْرُ": اِنْتَشَرَتْ رَائِحَتُهُ، فاحَتْ.
      • أريج، رائحة طيِّبة تفوح من الموادّ النّباتيّة ‏العطرة
      • الشَّذى :: الشَرُّ، الأذَى
      لا تلمني لو صار جسدي فاكهة للفصول

      تعليق

      • عبدالرحيم التدلاوي
        أديب وكاتب
        • 18-09-2010
        • 8473

        #4
        المشاركة الأصلية بواسطة مها راجح مشاهدة المشاركة
        الله الله ..ابهجت صباحي بهذه الاقصوصة الماتعة جمالا واحساسا
        شكرا لك
        أختي مها؛
        سعيد برضاك واستحسانك
        شكرا لك على التشجيع
        تقديري.

        تعليق

        • عبدالرحيم التدلاوي
          أديب وكاتب
          • 18-09-2010
          • 8473

          #5
          المشاركة الأصلية بواسطة سليمى السرايري مشاهدة المشاركة

          -
          اقصوصة فيها من الشاعرية الكثير
          رقيقة رقة الورود والحدائق ولذيذة كما تلك الطفلة الجميلة بائعة الورد
          خيال خصب وكأنّي أرى تلك المشاهد أمامي على شريط ملوّنٍ
          ما أجمل ثقافة الشكر التي أحيانا يفتقدها البعض.
          -
          -
          تحياتي

          -----------------
          ملاحظة:
          أستمتع بالشذى
          الأصح الشذا الذي يعبّر عن الأريج والرائحة الفوحاء
          بينما الشذى هو الحزن والأذى

          -
          الشَّذا : قوَّة الرائحة / "شَذَا العِطْرُ": اِنْتَشَرَتْ رَائِحَتُهُ، فاحَتْ.
          • أريج، رائحة طيِّبة تفوح من الموادّ النّباتيّة ‏العطرة
          • الشَّذى :: الشَرُّ، الأذَى
          أختي سليمى
          شكرا لك على رقة وعذوبة تعليقك.
          سعيد بتقبلك الحسن.
          تقديري.

          تعليق

          • السعيد مرابطي
            أديب وكاتب
            • 25-05-2011
            • 198

            #6
            [read]عـبيـر.
            عبد الرحيم التدلاوي.


            استلقيت على فراشي وكنت بكامل لباسي لا بكامل قواي البدينية التي استنزفتها في عملي. رنوت إلى السقف أمسحه كسماء بدت لي مليئة بالنجوم، صرت أعدها وأحصيها مراودا نوما يعيد لي نشاطي حتى أكمل درسي في أهمية البيئة على صحة الإنسان، فالتلوث مضر بالصحة البدنية والفكرية كما أقرت بذلك الأبحاث العلمية.
            كان التلاميذ متنبهين ومهتمين، والأكيد أنهم سينجزون عروضا مهمة في هذا الباب.
            تذكرت أني خرجت من مقر عملي سريع الخطو قبلتي المنزل لأنام، لحظتها تنبهت إلى يد مدت لي بوردة حمراء قانية، لم أعر صاحبتها اهتماما بل منحتها ما في جيبي، وانصرفت حاملا تلك الوردة...
            نهضت من سريري بسرعة وتوجهت إلى الباب حيث تركتها، وضعتها بكل حنان في مزهرية بها ماء نقي، ثم عدت متمددا، سرقني النوم، هذه المرة، سريعا. راودني حلم جميل رأيت خلاله الوردة تتناسل وتتكاثر حتى صيرت منزلي حديقة ورد فائح، ورأيتني أنقل خطوي وئيدا أستمتع بالشذى، وأنهل من معين المنابع التي كانت تتفجر مياها عذبة.
            لم أشعر إلا والشمس تطرق غرفتي تنهضني، فنهضت بهمة ونشاط لأجد غرفتي، فعلا، قد صارت حديقة ورد بعطر منعش. وما هي إلا لحظات حتى اجتمع الورد في باقة عظيمة الحضور، وصارت بأجنحة تحلق في أجواء المنزل قبل أن تغادر من النافذة المفتوحة باندهاش. سرت خلفها بلهفة أحاول استرجاعها إلى أن حطت على شفتي الفتاة التي مدتني بالوردة الغريبة، لتخرج منه كلمة عذبة الروح، منشطة للدورة الدموية والحياة: شكرا لك. خرجت من فيها ما يخرج الماء من باطن الأرض..
            قالتها بصوت خفيض، وعيناها إلى الأرض تعبران عن خفر لذيذ.
            شكرا لك، لم يسبق لي أن سمعتها، مموسقة برنة كالسنا هزت فؤادي وأطربته. حينئذ فهمت سر جرح سهري المزمن، وأدركت سر بلسمه.
            ...........................
            الـعزيز عبد الرحيم ،

            مـا شدني في ها النص تلازم الأريج بـطبيعته المثلى...الأرص،بيـئته،
            التي لا تمنح إلا الخصب في كل شيء.
            أيضا ، هذا التراشق الجميل المتورط في علم اللون .وقد انتهى العلماء بأن الألوان تفرز
            أمزجة وتأثير في علاقة عضوية بالجسم. التناغم في الموضوع بين ما تقدم في النص يفتح شهية لتتبع مفاصل القصة وأنت تسوق علم البيئة والتوازنات .
            صحيح أن عبير الوردة الحمراء له دلالاته الخاصة ،وما يتولد من تفاعلات تهيج العاطفة وتبتليها بسحر إلاهي. وقد تركت هذا التأثير كالمسك عند استنشاقه. ، فيفـيض شعور وتوقظ فتنة.
            سعدت بقراءة هذا النص الفواح.
            تقديري ،مـحبتي.[/read]
            التعديل الأخير تم بواسطة السعيد مرابطي; الساعة 20-01-2021, 18:26.
            [read]أنـزوة غرور هي أن يـكون لي مفتـاح تـصور؟ ![/read]

            تعليق

            • عبدالرحيم التدلاوي
              أديب وكاتب
              • 18-09-2010
              • 8473

              #7
              المشاركة الأصلية بواسطة السعيد مرابطي مشاهدة المشاركة
              [read]عـبيـر.
              عبد الرحيم التدلاوي.


              استلقيت على فراشي وكنت بكامل لباسي لا بكامل قواي البدينية التي استنزفتها في عملي. رنوت إلى السقف أمسحه كسماء بدت لي مليئة بالنجوم، صرت أعدها وأحصيها مراودا نوما يعيد لي نشاطي حتى أكمل درسي في أهمية البيئة على صحة الإنسان، فالتلوث مضر بالصحة البدنية والفكرية كما أقرت بذلك الأبحاث العلمية.
              كان التلاميذ متنبهين ومهتمين، والأكيد أنهم سينجزون عروضا مهمة في هذا الباب.
              تذكرت أني خرجت من مقر عملي سريع الخطو قبلتي المنزل لأنام، لحظتها تنبهت إلى يد مدت لي بوردة حمراء قانية، لم أعر صاحبتها اهتماما بل منحتها ما في جيبي، وانصرفت حاملا تلك الوردة...
              نهضت من سريري بسرعة وتوجهت إلى الباب حيث تركتها، وضعتها بكل حنان في مزهرية بها ماء نقي، ثم عدت متمددا، سرقني النوم، هذه المرة، سريعا. راودني حلم جميل رأيت خلاله الوردة تتناسل وتتكاثر حتى صيرت منزلي حديقة ورد فائح، ورأيتني أنقل خطوي وئيدا أستمتع بالشذى، وأنهل من معين المنابع التي كانت تتفجر مياها عذبة.
              لم أشعر إلا والشمس تطرق غرفتي تنهضني، فنهضت بهمة ونشاط لأجد غرفتي، فعلا، قد صارت حديقة ورد بعطر منعش. وما هي إلا لحظات حتى اجتمع الورد في باقة عظيمة الحضور، وصارت بأجنحة تحلق في أجواء المنزل قبل أن تغادر من النافذة المفتوحة باندهاش. سرت خلفها بلهفة أحاول استرجاعها إلى أن حطت على شفتي الفتاة التي مدتني بالوردة الغريبة، لتخرج منه كلمة عذبة الروح، منشطة للدورة الدموية والحياة: شكرا لك. خرجت من فيها ما يخرج الماء من باطن الأرض..
              قالتها بصوت خفيض، وعيناها إلى الأرض تعبران عن خفر لذيذ.
              شكرا لك، لم يسبق لي أن سمعتها، مموسقة برنة كالسنا هزت فؤادي وأطربته. حينئذ فهمت سر جرح سهري المزمن، وأدركت سر بلسمه.
              ...........................
              الـعزيز عبد الرحيم ،

              مـا شدني في ها النص تلازم الأريج بـطبيعته المثلى...الأرص،بيـئته،
              التي لا تمنح إلا الخصب في كل شيء.
              أيضا ، هذا التراشق الجميل المتورط في علم اللون .وقد انتهى العلماء بأن الألوان تفرز
              أمزجة وتأثير في علاقة عضوية بالجسم. التناغم في الموضوع بين ما تقدم في النص يفتح شهية لتتبع مفاصل القصة وأنت تسوق علم البيئة والتوازنات .
              صحيح أن عبير الوردة الحمراء له دلالاته الخاصة ،وما يتولد من تفاعلات تهيج العاطفة وتبتليها بسحر إلاهي. وقد تركت هذا التأثير كالمسك عند استنشاقه. ، فيفـيض شعور وتوقظ فتنة.
              سعدت بقراءة هذا النص الفواح.
              تقديري ،مـحبتي.[/read]

              صديقي السعيد
              سعيد بتقبلك الحسن، وإثرائك.
              شكرا لك.
              مودتي.

              تعليق

              يعمل...
              X