لَيلاكَ وَطَنْ / شِعر - إباء اسماعيل

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • إباء اسماعيل
    شاعرة و مُتَرجِمة
    • 25-08-2014
    • 199

    لَيلاكَ وَطَنْ / شِعر - إباء اسماعيل

    لَيْلاكَ وطَن..
    ________________________________
    أقولُ: سلاماً
    يتفيّأُ تحتَ شموسِكْ ..
    وأقولُ: سلاماً لبراعمِ رؤاكْ
    حين تحفُّها جمراتُ الغربةْ
    وحرائقُ هذيانِ الحربِ المجنونةْ ..
    قلْ لها: كيف تصافحُ أحلامَها باسْمِها؟.
    لقصائدكَ تغْريدُ النّاي
    على جمرِ حديقتِها..
    و كطعمِ اللوزِ
    على حروفِ اسمِها..
    لقصائدكَ اشتعالُ المجنونِ
    الشاعرِ على ليلاهْ ..

    وتقولُ:

    شفاءُ الحبِّ حين
    يلتصقُ الحَشا بأحشاءِ مَنْ تَهوى!..
    **
    كَمْ تصْفعها باسمِها هذا
    قبلَ أنْ تجْلدَها سياطُ القبيلةْ؟
    كم تُسَوِّرها بالوردِ
    قبلَ أنْ يُسَوِّروها بالنارْ؟!
    يا قيسُ .. ابتعدْ قليلاً عن مَجرّاتها الملتهِبةْ
    ابتعدْ عن خيوطِ أهازيجِها
    الملوثةِ بغبارِ الحروبْ..
    قضاها الله لغيركَ
    وابتلاكَ بحبِّها...
    تعِدُّ ليالي الفراقْ
    وأنتَ تتوجّهُ نحوَ وجْهِها
    ونجمُ الصُّبْحِ عاد ليهيّج ذكْراها
    في قلبِكْ ..
    **
    منذُ ألفِ ربيعٍ يا قيسُ
    هي ليستْ لكَ .. ليستْ لكَ
    هي ابنةُ هذا الندى,
    ابنةُ الريحِ... تتوهّج كالشمسِ
    وتورقُ كالأشجارِ في دَمِها ..
    اسمُها مُعلَّقٌ كأيقونةٍ على أدراجِ السماءْ
    والحبُّ أيقونتكَ الوحيدةْ ..
    لكنَّ أيقوناتِ الوطنِ السارحةَ
    في الهذيانِ تكبرُ, وتكبرُ, وتضيءُ
    على الرُّغْمِ ممّا أصابها من الجماجمِ
    قبل مَوتِها من الخَرابْ...
    **
    وأنتَ تتغنّى باسْمها ،
    ويبكي من الهجرانِ
    بعضُك على بعضِكَ ،
    ونيرانُ حُبِّكَ تلظّى
    وقلبُكَ وَقودُها ،
    وكلّما احترقَتْ تَعودُ ،
    يموتُ ألف طفلٍ
    وتُهَجَّرُ ألفُ عائلةٍ
    وتفقدُ الطفولةُ معناها
    وأنتَ تكتبُها حديقةً في براعمِ الروحِ ،
    يُغادر بلادَها النسيمُ النظيفُ
    وتسقطُ الأشجارْ..
    تسقط الأحلامُ .. لا ..!!
    واسْمها وطنٌ
    اكتبْهُ يا قيسُ
    فاسْمُها لم يَعُد اسمَ امرأةِ الغزلِ
    والحبّ والأمنياتْ.
    هي اسمُها وطنٌ يسكنُكَ ..
    واسمُها جبلٌ
    علِّقْ عليه كلَّ أمانيكَ الملوّنةِ
    كقوسِ قزحْ..
    واسْمها مَقبرةُ الغزاةِ الجددِ
    يحْفرونَ قبورَهمْ بأيديهمْ ..
    حين يقرؤونَ اسمَها
    يُشعُّ في وطنٍ من لآلئ الغربةْ
    واسمُها تضيعُ منه قافيةُ الحُبِّ!!
    **
    يا قيسُ ..
    ليلى مُعَمّدةٌ بأحزانها
    يأتيها الراهِبُ النبيلُ
    يُقرِئُها صلواتِ السلامْ
    وشيخ المحبّة المباركةِ،
    يُضيء نجْواها ..
    **
    ليلاكَ يا قيسُ أسْرَفَتْ
    في حضورِ البنفسَجِ
    فسربلتْها الدماءْ..
    ليلاك علَتْ في حدائقِ الموتِ
    كلَّ يومٍ
    ألف مرةٍ و مرّةْ..
    وتُصَليّ في محراب الوطنْ ..
    لم يَعُد يا قيسُ
    في روح ليلى أيُّ ندى
    سوى ندى الدمِ الممزوجِ
    بصخبِ الحرائقْ!...
    علِّمْها يا قيسُ
    كيفَ تلفظُ حروفَ اسمِها
    مرةً ثانيةً
    فثالثةً ... فعاشرةْ
    علِّمْها كيف يصيرُ الوطنُ هو الإباءْ ..
    هو الهوى العذريُّ
    هو النجمةُ المضيئةُ
    في سماءٍ تسحقُ غربانَ الموتْ...
    علِّمْها
    أن تلتقطَ ذرّاتِ الوجَعِ
    مِنْ حواسِّها الممزوجةِ بالدموعْ،
    علِّمْها كيف ترى بعينَيِّ عاشِقَةٍ
    شمسَ البياضِ
    في وطنٍ تتخاطفُهُ الأفاعي!!
    **
    ليلاكَ يا قيسُ لم تَعُدْ
    جنِّيةَ عشْقٍ زرقاء..
    لم تَعُد تتحالَفُ مع عشْتار
    وقدْ أضْحَتْ
    عروسَ الحروبِ العمياءْ ..
    أضْحَت قصيدةَ عشْقٍ
    من أحمرِ شِفاهِها المخضَّبةِ بدَمِ الأرضْ!! ..
    وحين تخرُجُ من سَوادِ خَيمَتِها المسحورة ،
    ستعود وتُعانق فيكَ براءةَ سمائِكَ الملونةْ ..
    احفرْ اسمَها بماء الوردِ
    احفرْ اسمَها باستعاراتِ الطيورِ المُهاجرةِ
    إلى ذرى أوطانِها ..
    وأنتَ تعرفُ كيف تنْسكِبُ الأحلامُ في الغربةِ
    فوق صقيعِ اللحظاتِ أو لَظاها
    حيثُ لا طبيبٌ إنسيٌّ يداويكْ
    ولا أحدَ منَ الجنِّ يُشفيكْ!!
    حيث اللحظاتُ تتجمَّدُ كالصدى
    في صحراءِ وطنٍ
    يبحثُ عن أحلامهِ ..
    يا اسْمَها!... كمْ يعذِبُها اسمُها
    فاخرجْ من عباءتهِ يا قيسُ ..

    ليلاكَ لم تَعُدْ تحْصي عددَ النجومِ
    التي لفظْتَ بها اسمَها ؟؟
    يا اسمَها الذي ينهارُ في عشقهِ!
    حين تتزودُ الآمالُ السمراءُ
    بأشجارِ الخيبةِ الصفراءْ..
    ثمّةَ رجوعٌ إليها ..
    ثمةَ كلماتٌ
    لم تتحرَّكْ في آفاقِ الذاكرةْ.
    ليلاكَ لن تكونَ اسماً ولا خبراً ..
    هي قصيدتكَ التي تتنفّسُها ..
    تَعلمُ
    ولكنْ ، كم من هواكَ يتبعثَر
    على حجرِ اللغةْ
    وأنت تستحضِرُ اسمَها بلا وطنٍ ..
    لا تستحضر اسمَها بلا وطنٍ يا قيس ..
    اسمُها .. ازرعْهُ في دروبِ العاشقينَ
    الراحلينَ إلى أبدِ الوطنِ المعمَّدِ بالإباءْ...
    لعلَّ السماءَ والأرضَ تباركانِ اسمكَ
    أيها المسربلُ بنقاء العشق ،
    المشحون بليلاهُ إلى آخِرِ صلاةْ...
    لا تخنقْ أحلامكَ باسمِها
    أيها المعجونُ بماء الشعرِ
    واللهفةِ المتلألئةِ بحُمّى المعاني ..
    **
    أقولُ: سلاماً من قلبي
    حين طفلةٌ تلفظُ أحلامَها الأخيرةَ
    من قذيفةِ مدفع هاون
    ربما كانتْ " إباءً" جديدةْ..
    ستنزفُ في الغد القريب شِعراً
    يفوحُ من ورودِ قبرها
    لحظاتِ قصيدةٍ جديدةْ..
    ربما كانت قصيدةَ عشقٍ للأرض
    بلَّلتْها بدمائها لتقولَ لأمّها: هُنا يا أمّي!
    وطنٌ استنزفتْ يدُ الغدر حِماهُ
    ولكنّي في ترابهِ أطير مثل الملائكةْ
    لأحمي باقي الأطفال ..
    أقول سلاماً عليكَ
    وعلى فراشاتِ الشعرِ
    تحفر بأجنحتِها الخضراءِ
    روحَينِ من جُلَّنارْ ....
    **
    ليلاكَ وطنٌ لا يموتُ...
    شَكَوْتَ إلى اللهِ حبَّ ليلى بفَقْدِها
    وأضحَيتَ كما يتيمُ الوالدَينْ ..
    أمَا كان يكْفيكَ ليلى والسنينُ الخَواليا ؟!..
    وهَلْ على غَيرِ ليلى يقْتلُ قيسٌ نفسَهُ ؟!..
    إنْ كانتْ ليلاكَ وطَناً سيعودُ،
    لا بأسَ أن تعودَ يا قيسُ إليها
    شهيداً بنَعْشٍ وكفَنْ !!...
    ______________________________
  • فوزي سليم بيترو
    مستشار أدبي
    • 03-06-2009
    • 10949

    #2
    اكتبْهُ يا قيسُ
    فاسْمُها لم يَعُد اسمَ امرأةِ الغزلِ
    والحبّ والأمنياتْ.
    هي اسمُها وطنٌ يسكنُكَ ..
    واسمُها جبلٌ
    علِّقْ عليه كلَّ أمانيكَ الملوّنةِ
    كقوسِ قزحْ..


    ما أجمل وأصدق هذه الفقرة
    استمتعت هنا
    أحسنتِ أخت إباء
    تحياتي
    فوزي بيترو

    تعليق

    • إباء اسماعيل
      شاعرة و مُتَرجِمة
      • 25-08-2014
      • 199

      #3
      المشاركة الأصلية بواسطة فوزي سليم بيترو مشاهدة المشاركة
      اكتبْهُ يا قيسُ
      فاسْمُها لم يَعُد اسمَ امرأةِ الغزلِ
      والحبّ والأمنياتْ.
      هي اسمُها وطنٌ يسكنُكَ ..
      واسمُها جبلٌ
      علِّقْ عليه كلَّ أمانيكَ الملوّنةِ
      كقوسِ قزحْ..


      ما أجمل وأصدق هذه الفقرة
      استمتعت هنا
      أحسنتِ أخت إباء
      تحياتي
      فوزي بيترو
      مستشارنا الأدبي المبدع القدير الأستاذ
      فوزي بيترو

      شكراً لحضورك ومداخلتك الجميلة
      نحن ننحتُ في القصيدة كما لو أننا ننحتُ وجودنا في الوطن ... الوجود الأعمق من المكاني!
      يقول أدونيس:

      " أيها الوطن إرفع سقفك كي أستطيع أن أرفع تحته رأسي!"

      تعليق

      • فاطمة الزهراء العلوي
        نورسة حرة
        • 13-06-2009
        • 4206

        #4
        نص حداثي رائع
        يفتح شهية القراءة فتتمدد فيه طواعية
        همسة
        لمَ جاءت بعض المفردات في أواخر السطور بالسكون ونحن في باحة النثر؟
        هل النص على تفعيلة ما؟
        تحيتي سيدتي وتشرفت بقراءة نصك عالي الكعب
        تقديري
        لا خير في هاموشة تقتات على ما تبقى من فاكهة

        تعليق

        • إباء اسماعيل
          شاعرة و مُتَرجِمة
          • 25-08-2014
          • 199

          #5
          المشاركة الأصلية بواسطة فاطمة الزهراء العلوي مشاهدة المشاركة
          نص حداثي رائع
          يفتح شهية القراءة فتتمدد فيه طواعية
          همسة
          لمَ جاءت بعض المفردات في أواخر السطور بالسكون ونحن في باحة النثر؟
          هل النص على تفعيلة ما؟
          تحيتي سيدتي وتشرفت بقراءة نصك عالي الكعب
          تقديري

          أيتها الزهراءُ الشِّعرية الفوّاحةُ بعطر الإبداعْ ..
          شكراً لمرورك العذب على أجنحة القصيدة
          وشكراً لسؤالك

          أجيب:

          إنّ القاعدة الأولى البديهيّة في اللغة العربية
          ومن أهم القواعد في اللغة العربية التي تختص بالمتحرك والساكن قاعدة "العربية لا تبدأ بساكن ولا تقف على متحرك" أي أن الكلام يجب أن يبدأ بحرف متحرك وينتهي على حرف ساكن. ولهذا تلاحظين تسكين نهايات الجمَل الشعرية والنثرية سواءً كانت قصائد نثر أو تفعيلة. دائماً أقف على ساكِن في نهاية الجملة وليس السطر الشِّعري.

          تحياتي المعطّرة بياسمين الشّام
          التعديل الأخير تم بواسطة إباء اسماعيل; الساعة 19-02-2021, 17:07.

          تعليق

          • م.سليمان
            مستشار في الترجمة
            • 18-12-2010
            • 2080

            #6
            يا نار كوني بردا
            ويا حرب سلاما
            على الوطن الحبيب البعيد
            ويا شفق الشروق والغروب المفقودين
            عودا ولونا بشذرات الغزل والحب والأمنيات
            براري وسواحل وسفوح الوطن الحبيب البعيد


            رائعة جدا هذه الرؤية الذاتية نحو ما نحب ومن نحب والمشحونة بطاقة عالية من التعبيرية والفنية


            تحيتي الجميلة، شاعرتنا الكبيرة
            الأستاذة إباء اسماعيل
            sigpic

            تعليق

            • منيره الفهري
              مدير عام. رئيس ملتقى الترجمة
              • 21-12-2010
              • 9870

              #7
              الأستاذة إباءاسماعيل
              جميل منك هذا القصيد الفياض حبا و وطنا..
              استمعت جداااا بصدق.
              تحياتي و كل الاحترام الشاعرة و المترجمة القديرة

              تعليق

              • رجب عيسى
                مشرف
                • 02-10-2011
                • 1904

                #8
                ونقول سلاما لقصيدة تغص بالجمال وتغرف من الابداع بعض البساطة والاتقان في الحرفة والاحتراف
                تحيتي لشاعرتنا اباء اسماعيل والتقدير

                تعليق

                • رجب عيسى
                  مشرف
                  • 02-10-2011
                  • 1904

                  #9
                  نص عالي الكعب هذا ليس من مفردات اللغة... اقتضى التوضيح

                  تعليق

                  يعمل...
                  X